الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَمَا يُقْطَعُ فِيهِ يَدُهُ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [الْمَائِدَة: 38] وَالسَّارِقُ: مَنْ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ مُسْتَسِرًّا مِنْ حِرْزٍ، فَإِنْ أَخَذَ ظَاهِرًا، فَهُوَ مُخْتَلِسٌ، ومُنْتهِبٌ.
2595 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَغَيْرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ
2596 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا، عَنْ مَالِكٍ
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا تُقْطَعُ فِيهِ يَدُ السَّارِقِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ نِصَابَ السَّرِقَةِ رُبْعُ دِينَارٍ، وَإِذَا سَرَقَ دَرَاهِمَ، أَوْ مَتَاعًا يُقَوَّمُ بِالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا رُبْعَ دِينَارٍ، قُطِعَتْ يَدُهُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَلا قَطْعَ عَلَيْهِ» ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ مَالِكٌ: نِصَابُ السَّرِقَةِ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ، فَإِنْ سَرَقَ ذَهَبًا أَوْ مَتَاعًا، يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ، قُطِعَتْ يَدُهُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَلا قَطْعَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ سَرَقَ ذَهَبًا، فَبَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ، قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَ فِضَّةً، وَكَانَ مَبْلَغُهَا ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ، قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَ مَتَاعًا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ دِينَارًا، قُطِعَ قَوْلا بِالْخَبَرَيْنِ مَعًا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَذْهَبُ الأَوَّلُ فِي رَدِّ الْقِيمَةِ إِلَى رُبْعِ دِينَارٍ أَصَحُّ، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ النَّقْدِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الدَّنَانِيرُ، فَجَازَ أَنْ يُقَوَّمَ بِهَا الدَّرَاهِمُ، وَلِهَذَا كُتِبَتْ فِي الصُّكُوكِ قَدِيمًا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَزْنُ سَبْعَةٍ، فَعُرِفَتِ الدَّرَاهِمُ بِالدَّنَانِيرِ، وَحُصِرَتْ بِهَا.
وَأَمَّا تَقْوِيمُ الْمِجَنِّ بِالدَّرَاهِمِ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّيْءَ التَّافِهَ قَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَقْوِيمِهِ بِالدَّرَاهِمِ، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ الأَشْيَاءُ النَّفِيسَةُ بِالدَّنَانِيرِ، لأَنَّهَا أَنْفَسُ النُّقُودِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ الثَّلاثَةُ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ يَبْلُغُ قِيمَتُهَا رُبْعُ دِينَارٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَطَعَ سَارِقًا فِي أُتْرُجَّةٍ قُوِّمَتْ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالذَّهَبِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ رُدَّتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ إِلَيْهِ بَعْدَ مَا قُوِّمَتِ الأُتْرُجَّةُ بِالدَّرَاهِمِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ، أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يُقْطَعُ إِلا فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ.
2597 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، نَا أَبِي، نَا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ» .
قَالَ الأَعْمَشُ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ، وَالْحَبْلُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْهَا مَا يُسَاوِي دَرَاهِمَ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ
2598 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحُنَيْفِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَاشِمِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَقِيلَ: كَانَ هَذَا فِي الابْتِدَاءِ، وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ:«الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ» .
2599 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَانْتَحَرُوهَا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَمَرَ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ:«إِنِّي أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ، وَاللَّهِ لأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ، كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ؟» ، فَقَالَ: أَرْبعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ عُمَرُ:«أَعْطِهِ ثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ»
قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ.
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اجْتِمَاعِ الْقَطْعِ وَالْغُرْمِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَى الْعَبْدِ إِذَا سَرَقَ، آبِقًا كَانَ أَوْ غَيْرَ آبِقٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدًا لَهُ سَرَقَ وَكَانَ آبِقًا، فَأَرْسَلَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لِيَقْطَعَ يَدَهُ، فَأَبَى سَعِيدٌ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ،