الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضريسة أَيْضا زناتة كلهَا ومبن زناتة جرواة قوم الكاهنة داهيا صَاحِبَة جبل أوراس الَّتِي أوقعت بِحسان بن النُّعْمَان عَامل الْخَلِيفَة عبد الْملك بن مَرْوَان وَمن زناتة أَيْضا بَنو خزر المغراويون مُلُوك تلمسان وَالْمغْرب الْأَوْسَط وَمِنْهُم مغرواة مُلُوك فاس وَبَنُو يفرن مُلُوك سلا وتادلا وَمِنْهُم بَنو زيان مُلُوك تلمسان وَبَنُو مرين مُلُوك فاس أَيْضا فَهَؤُلَاءِ كلهم من زناتة وزناتة هُوَ زانا بن يحيى بن ضرى بن زجيك بن مادغيس الأبتر
وَأما نفوسة وأداسة ولواتة فَلم يكن لَهُم ملك يذكر
وَأعلم أَن كل قَبيلَة من هَذِه الْقَبَائِل الْأَرْبَع عشرَة تشْتَمل على عمائر وبطون وأفخاذ وفصائل لَا حصر لَهَا وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كِفَايَة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
الْخَبَر عَن حَال البربر قبل الْإِسْلَام وَذكر بعض أَمْصَار الْمغرب الْقَدِيمَة وَمَا قيل فِي ذَلِك
قد تقدم لنا أَن البربر أمة قديمَة سكنوا أَرض الْمغرب فِي قديم الزَّمَان وَأَنَّهُمْ لما عمروا بِلَاده وملؤوا أكنافه انْحَازَتْ الفرنج عَنْهُم إِلَى السواحل والثغور وَبَقِي البربر فِيمَا سوى ذَلِك من الضواحي وَالْجِبَال والكهوف وهم مَعَ ذَلِك على أَدْيَان مُخْتَلفَة يدين كل وَاحِد مِنْهُم بِمَا شَاءَ من الْأَدْيَان الْفَاسِدَة إِلَى آخر مَا مر فَهَذَا كَانَ حَالهم على الْجُمْلَة
وَقَالَ ابْن خلدون لم تزل بِلَاد الْمغرب إِلَى طرابلس بل وَإِلَى الْإسْكَنْدَريَّة عامرة بِهَذَا الجيل مَا بَين الْبَحْر الرُّومِي وبلاد السودَان مُنْذُ أزمنة لَا يعرف أَولهَا وَلَا مَا قبلهَا وَكَانَ دينهم دين الْمَجُوسِيَّة شَأْن الْأَعَاجِم كلهَا بالمشرق وَالْمغْرب إِلَّا فِي بعض الْأَحَايِين يدينون بدين من غلب عَلَيْهِم من الْأُمَم فَإِن الْأُمَم أهل الدول الْعَظِيمَة كَانُوا يتغلبون عَلَيْهِم فقد غزتهم مُلُوك الْيمن من قراهم مرَارًا على مَا ذكر مؤرخوهم فاستكانوا لغلبهم ودانوا بدينهم ذكر ابْن الْكَلْبِيّ أَن حميرا أَبَا الْقَبَائِل اليمانية ملك الْمغرب مائَة سنة
وانه الَّذِي ابتنى مدائنه مثل إفريقية وصقلية وَاتفقَ المؤرخون من الْعَرَب على غَزْو إفريقش الْحِمْيَرِي من التبابعة أَرض الْمغرب اه وَمَا نَقله عَن ابْن الْكَلْبِيّ من غَزْو حمير أَرض الْمغرب قد نقل أَيْضا إِنْكَاره عَن الحافظين أبي عمر بن عبد الْبر وَأبي مُحَمَّد بن حزم وأنهما قَالَا مَا كَانَ لحمير طَرِيق إِلَى بِلَاد البربر إِلَّا فِي تكاذيب مؤرخي الْيمن ثمَّ ذكر أَن الْبَعْض من البربر كَانُوا قد دانوا بدين الْيَهُودِيَّة وأخذوه عَن بني إِسْرَائِيل عِنْد استفحال ملكهم لقرب الشَّام وسلطانه مِنْهُم كَمَا كَانَ جراوة أهل جبل أوراس قَبيلَة الكاهنة وكما كَانَت نفوسة من برابرة إفريقية وفندلاوة ومديونة وبهلولة وغياثة وَبَنُو فازاز من برابرة الْمغرب الْأَقْصَى حَتَّى محا إِدْرِيس الْأَكْبَر جَمِيع مَا كَانَ فِي نواحيه من بقايا الْأَدْيَان والملل
وَقَالَ غير وَاحِد من المؤرخين كَانَ أهل الْمغرب الْأَقْصَى يضرون بِأَهْل الأندلس لاتصال الأَرْض بَينهم ويلقون مِنْهُم الْجهد الجهيد فِي كل وَقت إِلَى أَن أجتاز بهم الْإِسْكَنْدَر فشكوا حَالهم إِلَيْهِ فأحضر المهندسين وأتى إِلَى الزقاق يَعْنِي زقاق سبتة فَأَمرهمْ بِوَزْن سطح المَاء من الْبَحْر الْمُحِيط وَالْبَحْر الرُّومِي فوجدوا الْمُحِيط يَعْلُو الرُّومِي بِشَيْء يسير فَأمر بِرَفْع الْبِلَاد الَّتِي على سَاحل الْبَحْر الرُّومِي ونقلها من الحضيض إِلَى الْأَعْلَى ثمَّ أَمر بِحَفر مَا بَين طنجة وبلاد الأندلس من الأَرْض فحفرت حَتَّى ظَهرت الْجبَال السفلية وَبنى عَلَيْهَا رصيفا بِالْحجرِ والجيار بِنَاء محكما وَجعل طوله اثنى عشر ميلًا وَهِي الْمسَافَة الَّتِي كَانَت بَين الْبَحْرين وَبنى رصيفا آخر يُقَابله من نَاحيَة طنجة وَجعل بَين الرصيفين سَعَة سِتَّة أَمْيَال فَلَمَّا كمل الرصيفان حفر
من جِهَة الْبَحْر الْأَعْظَم وَأطلق فَم المَاء بَين الرصيفين فَدخل فِي الْبَحْر الرُّومِي ثمَّ ارْتَفع المَاء فأغرق مدنا كَثِيرَة وَأهْلك أمما عَظِيمَة كَانَت على الشطين وطما المَاء على الرصيفين بِإِحْدَى عشرَة قامة فَأَما الرصيف الَّذِي يَلِي بِلَاد الأندلس فَإِنَّهُ يظْهر فِي بعض الْأَوْقَات إِذا نقص المَاء ظهورا بَينا مُسْتَقِيمًا على خطّ وَاحِد وَأهل الجزيرة يسمونه القنظرة وَأما الرصيف الَّذِي يَلِي جِهَة العدوة فَإِن المَاء حمله فِي صَدره واحتفر مَا خَلفه من الأَرْض بِنَحْوِ اثْنَي عشر ميلًا وعَلى طرفه من جِهَة الْمغرب قصر الْمجَاز وسبتة وطنجة وعَلى طرفه من النَّاحِيَة الْأُخْرَى جبل طَارق بن زِيَاد وجزيرة طريف بن مَالك والجزيرة الخضراء وَمَا يين سبتة والخضراء هُوَ عرض الْبَحْر الْمُسَمّى بالزقاق والبوغاز أَيْضا اه
وَمَا ذَكرُوهُ من أَن أَرض الْمغرب كَانَت مُتَّصِلَة بِأَرْض الأندلس نَحوه فِي تواريخ الفرنج الْقَدِيمَة غير أَنهم يسمون الْملك الَّذِي فتح الباغاز هِرقل الْجَبَّار وَعند ابْن سعيد أَنه كَانَ فِيمَا بَين قصر الْمجَاز وطريف قنطرة عَظِيمَة قد وصلت مَا بَين البرين يزْعم النَّاس أَن الْإِسْكَنْدَر بناها ليعبر عَلَيْهَا من بر الأندلس إِلَى بر العدوة وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْأَمر
وَفِي تواريخ الفرنج الْمَقْطُوع بِصِحَّتِهَا عِنْدهم أَن مُلُوك الرّوم الأولى حَاربُوا القرطاجنيين من أهل إفريقية وَالْمغْرب وغلبوهم على الْبِلَاد وهدموا فِي بعض تِلْكَ الحروب مَدِينَة قرطاجنة الشهيرة الذّكر قَالَ الشَّيْخ رِفَاعَة فِي بداية القدماء مَا نَصه قرطاجنة مَدِينَة بِأَرْض إفريقية هِيَ إِحْدَى مدن الدُّنْيَا الشهيرة وَقد هدمها الرّوم قبل مِيلَاد الْمَسِيح عليه السلام بِمِائَة وست وَأَرْبَعين سنة ثمَّ أسست ثَانِيَة وخربها الْعَرَب حَتَّى إِنَّه لَا يرى الْآن شَيْء من آثارها إِلَّا بغاية الْجهد وبقرب موضعهَا مَدِينَة تونس اه
وَقَالَ ابْن خلدون فِي كتاب طبيعة الْعمرَان حِين تكلم على قيادة الأساطيل مَا نَصه وَقد كَانَت الرّوم والإفرنجية والقوط بالعدوة الشمالية من هَذَا الْبَحْر الرُّومِي وَكَانَ أَكثر حروبهم ومتاجرهم فِي السفن فَكَانُوا مهرَة