الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه
هُوَ أول من دعِي أَمِير الْمُؤمنِينَ وَكَانَ أَبُو بكر قبله يدعى خَليفَة رَسُول الله وَهُوَ أَبُو حَفْص عمر بن الْخطاب بن نفَيْل مُصَغرًا بن عبد الْعُزَّى بن ريَاح بِكَسْر الرَّاء وَفتح الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة بن عبد الله بن قرط بِضَم الْقَاف ابْن رزاح بِفَتْح الرَّاء بن عدي بن كَعْب بن لؤَي يجْتَمع مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي كَعْب بن لؤَي ولي الْخلَافَة بعد أبي بكر رضي الله عنه بِعَهْد مِنْهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْن خلدون لما احْتضرَ أَبُو بكر عهد إِلَى عمر رضي الله عنهما الْأَمر من بعده بعد أَن شاور عَلَيْهِ طَلْحَة وَعُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَغَيرهم وَأخْبرهمْ بِمَا يُرِيد فِيهِ فَأَثْنوا على رَأْيه فَأَشْرَف على النَّاس وَقَالَ إِنِّي قد اسْتخْلفت عمر وَلم آل لكم نصحا فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوا ودعا عُثْمَان فَأمره فَكتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا عهد بِهِ أَبُو بكرخليفة مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد آخر عَهده بالدنيا وَأول عَهده بِالآخِرَة فِي الْحَال الَّتِي يُؤمن فِيهَا الْكَافِر وينيب فِيهَا الْفَاجِر إِنِّي اسْتعْملت عَلَيْكُم عمر بن الْخطاب وَلم آلكم خيرا فَإِن صَبر وَعدل فَذَلِك علمي بِهِ ورأيي فِيهِ وَإِن جَار وَبدل فَلَا علم لي بِالْغَيْبِ وَالْخَيْر أردْت وَلكُل امْرِئ مَا اكْتسب {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} فَكَانَ أول مَا أنفذه من الْأُمُور عزل خَالِد بن الْوَلِيد عَن إِمَارَة الجيوش بِالشَّام وتولية أبي عُبَيْدَة وَجَاء الْخَبَر بذلك والمسلمون مواقفون عدوهم باليرموك فكتم أَبُو عُبَيْدَة الْأَمر كُله حَتَّى انْقَضى أَمر اليرموك وَكَانَ فتح دمشق بعْدهَا فَحِينَئِذٍ أظهر أَبُو عُبَيْدَة إمارته وعزل خَالِد فَسمع خَالِد وأطاع وَقيل فِي هَذَا الْخَبَر غير هَذَا مِمَّا هُوَ مَبْسُوط فِي كتب الْفَتْح ثمَّ إِن عمر رضي الله عنه سدد عزمه وأرهف حَده لغزو فَارس وَالروم فتابع عَلَيْهِم الْجنُود وَعين لكل أَمِير عمله وَعقد لأبي عبيد بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ على جَيش من الْمُسلمين وَبَعثه نَحْو الْعرَاق فاستشهد أَبُو عبيد بِموضع يُقَال لَهُ قس الناطف على الْفُرَات فولى مَكَانَهُ الْمثنى بن حَارِثَة
الشَّيْبَانِيّ وَكَانَ بطلا من الْأَبْطَال نَظِير خَالِد بن الْوَلِيد فِي يمن النقيبة والجراءة على الْأَعْدَاء فأوقع بِأَهْل فَارس عدَّة وقعات مِنْهَا وقْعَة البويب قتل فِيهَا من الْفرس مائَة ألف أَو يزِيدُونَ ثمَّ إِن عمر رضي الله عنه اسْتَأْنف الْجد لجهاد فَارس وَقَالَ وَالله لَأَضرِبَن مُلُوك الْعَجم بملوك الْعَرَب فَلم يدع رَئِيسا وَلَا ذَا رَأْي وَلَا خَطِيبًا وَلَا شَاعِرًا إِلَّا رماهم بِهِ فَرَمَاهُمْ بِوُجُوه النَّاس وَكتب إِلَى الْمثنى يَأْمُرهُ أَن يخرج بِالْمُسْلِمين من بَين الْعَجم ويتفرق بهم على الْمِيَاه بحيالهم وَأَن يَدْعُو الفرسان وَأهل النجدات من ربيعَة وَمُضر ويحضرهم طَوْعًا وَكرها
ثمَّ حج عمر سنة ثَلَاث عشرَة وَرجع إِلَى الْمَدِينَة فوافته أَمْدَاد الْعَرَب بهَا فعقد عَلَيْهِم لسعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه وولاه حَرْب الْعرَاق وأوصاه وَقَالَ يَا سعد بن أم سعد لَا يغرنك من الله أَن يُقَال خَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِن الله لَا يمحو السىء بالسىء وَلكنه يمحو السىء بالْحسنِ وَلَيْسَ بَين الله وَبَين أحد نسب إِلَّا بِطَاعَتِهِ فَالنَّاس فِي دين الله سَوَاء الله رَبهم وهم عباده يتفاضلون بالعافية ويدركون مَا عِنْده بِالطَّاعَةِ فَانْظُر الْأَمر الَّذِي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يلْزمه فالزمه وَعَلَيْك بِالصبرِ ثمَّ سرحه فِي أَرْبَعَة آلَاف مِمَّن اجْتمع إِلَيْهِ فيهم وُجُوه الْعَرَب وأشرافها وانضاف إِلَيْهِ فِي طَريقَة جموع أخر فَكَانَت لَهُ فِي هَذَا الْوَجْه وقْعَة الْقَادِسِيَّة الْمَشْهُورَة دَامَت فِيهَا الْحَرْب بَين الْمُسلمين وَالْفرس أَرْبَعَة أَيَّام بلياليها وَقتل فِيهَا رستم زعيم الْفرس وَصَاحب حربها واستلحمت جُنُوده وَكَانَ الْفَتْح الَّذِي لم يكن لَهُ فِي الْإِسْلَام نَظِير وَذَلِكَ فِي الْمحرم سنة أَربع عشرَة وَقيل خمس عشرَة ثمَّ كَانَ بعْدهَا فتح الْمَدَائِن وجلولاء وَسَائِر بِلَاد الْعرَاق وَغَيرهَا من بِلَاد فَارس الْجَبَل وأرمينية وأذربيجان وسجستان وكرمان ومكران وخراسان وَغير ذَلِك مِمَّا يطول ذكره وَكَذَا استولى جيوش الْمُسلمين الَّذين بِالشَّام على بِلَاد الشَّام والجزيرة وأنطاكية
وَغَيرهَا من بِلَاد الرّوم ومصر والإسكندرية وبرقة وطرابلس الغرب وَغير ذَلِك
وَفِي سنة أَربع عشرَة أَمر عمر رضي الله عنه باختطاط الْبَصْرَة والكوفة بعراق الْعَرَب لما بلغه من وخامة الْبِلَاد وَأَن الْعَرَب قد تَغَيَّرت ألوانهم بالعراق فَأذن لَهُم فِي اختطاط المصرين وَأَن لَا يتجاوزوا فِي بنائهما السّنة وَيُقَال إِن اختطاط الْكُوفَة كَانَ فِي سنة سبع عشرَة
وَفِي سنة خمس عشرَة وضع عمر الدِّيوَان وَفرض الْعَطاء للْمُسلمين وَلم يكن قبل ذَلِك وروى الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب أَن ذَلِك كَانَ فِي الْمحرم سنة عشْرين
قَالَ ابْن خلدون يُقَال وضع عمر الدِّيوَان لسَبَب مَال أَتَى بِهِ أَبُو هُرَيْرَة من الْبَحْرين فاستكثروه وتعبوا فِي قسْمَة فسموا إِلَى إحصاء الْأَمْوَال وَضبط الْعَطاء والحقوق فَأَشَارَ خَالِد بن الْوَلِيد بالديوان وَقَالَ رَأَيْت مُلُوك الشَّام يدونون فَقبل مِنْهُ عمر وَقيل بل أَشَارَ عَلَيْهِ بِهِ الهرمزان لما رَآهُ يبْعَث الْبعُوث بِغَيْر ديوَان فَقَالَ لَهُ وَمن يعلم بغيبة من يغيب مِنْهُم فَإِن من تخلف أخل بمكانه وَإِنَّمَا يضْبط ذَلِك الْكتاب فَأثْبت لَهُم ديوانا فَأمر عمر رضي الله عنه عقيل بن أبي طَالب ومخزمة بن نَوْفَل وَجبير بن مطعم وَكَانُوا من كتاب قُرَيْش فَكَتَبُوا ديوَان العساكر الإسلامية مُرَتبا على الْأَنْسَاب مُبْتَدأ فِيهِ بِقرَابَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب بعد أَن قَالَ عَليّ وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف لعمر ابدأ بِنَفْسِك فَقَالَ لَا بل بعم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبَدَأَ بِالْعَبَّاسِ ثمَّ بالأقرب فَالْأَقْرَب من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفرض لأهل بدر خَمْسَة آلَاف خَمْسَة آلَاف وَفرض لمن بعدهمْ إِلَى الْحُدَيْبِيَة أَرْبَعَة آلَاف أَرْبَعَة آلَاف ثمَّ لمن بعدهمْ ثَلَاثَة آلَاف ثَلَاثَة آلَاف ثمَّ أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة ثمَّ لأهل الْقَادِسِيَّة وَأهل الشَّام أَلفَيْنِ أَلفَيْنِ وَفرض لمن بعد الْقَادِسِيَّة واليرموك ألفا ألفا ولروادفهم خَمْسمِائَة خَمْسمِائَة ثمَّ ثَلَاثمِائَة ثمَّ مِائَتَيْنِ وَخمسين ثمَّ مِائَتَيْنِ وَأعْطى نسَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم لكل وَاحِدَة عشرَة آلَاف وَفضل عَائِشَة بِأَلفَيْنِ وَجعل النِّسَاء على مَرَاتِب فلأهل بدر خَمْسمِائَة ثمَّ أَرْبَعمِائَة ثمَّ ثَلَاثمِائَة ثمَّ مِائَتَيْنِ وَالصبيان مائَة مائَة
وَالْمَسَاكِين جريبين فِي الشَّهْر وَلم يتْرك فِي بَيت المَال شَيْئا وَسُئِلَ فِي ذَلِك فَأبى وَقَالَ هِيَ فتْنَة لمن بعدِي ثمَّ سَأَلَ رضي الله عنه الصَّحَابَة فِي قوته هُوَ من بَيت المَال فأذنوا لَهُ وسألوه فِي الزِّيَادَة على لِسَان ابْنَته حَفْصَة متكتمين عَنهُ فَغَضب وَامْتنع
وَفِي سنة سِتّ عشرَة قدم جبلة بن الْأَيْهَم ملك غَسَّان على عمر رضي الله عنه فِي جمَاعَة من أَصْحَابه مُسلمين فَتَلقاهُ الْمُسلمُونَ وَدخل فِي زِيّ حسن وَبَين يَدَيْهِ جنائب مقادة وعَلى أَصْحَابه الديباج حَتَّى تطاول النِّسَاء من خُدُورهنَّ لرُؤْيَته وَأكْرم عمر وفادته وَأحسن نزله وأجله بأرفع رتب الْمُهَاجِرين ثمَّ خرج عمر لِلْحَجِّ فِي هَذِه السّنة فحج مَعَه جبلة فَبَيْنَمَا جبلة يطوف بِالْبَيْتِ إِذا وطئ رجل من فَزَارَة فضل إزَاره فَلَطَمَهُ جبلة فهشم أَنفه فَأقبل الْفَزارِيّ إِلَى عمر وشكاه فَأحْضرهُ عمر وَقَالَ لَهُ افتد نَفسك وَإِلَّا أَمرته بلطمك فَقَالَ جبلة كَيفَ ذَلِك وَأَنا ملك وَهُوَ سوقة فَقَالَ عمر إِن الْإِسْلَام جمعكما وَسوى بَين الْملك والسوقة فِي الْحَد فَقَالَ جبلة كنت أَظن أَنِّي بِالْإِسْلَامِ أعز مني فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ عمر دع عَنْك هَذَا فَقَالَ جبلة إِنِّي أتنصر فَقَالَ عمر إِن تنصرت ضربت عُنُقك فَقَالَ لَهُ أَنْظرنِي لَيْلَتي هَذِه فأنظره فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْل سَار جبلة بخيلة وَرجله إِلَى الشَّام ثمَّ مِنْهَا إِلَى القسطنطينة وَتَبعهُ خَمْسمِائَة رجل من قومه فتنصروا عَن آخِرهم وَفَرح هِرقل بِهِ وأكرمه ثمَّ نَدم جبلة على فعلته تِلْكَ وَقَالَ
(تنصرت الْأَشْرَاف من عَار لطمة
…
وَمَا كَانَ فِيهَا لَو صبرت لَهَا ضَرَر)
(تكنفني فِيهَا لجاج ونخوة
…
وبعت لَهَا الْعين الصَّحِيحَة بالعور)
(وَيَا لَيْتَني أرعى الْمَخَاض بقفرة
…
وَكنت أَسِيرًا فِي ربيعَة أَو مُضر)
(وَيَا لَيْت لي بِالشَّام أدنى معيشة
…
أجالس قومِي ذَاهِب السّمع وَالْبَصَر)
(أدين بِمَا دانوا بِهِ من شَرِيعَة
…
وَقد يحبس العير الدجون على الدبر) وَكَانَ قد مضى رَسُول عمر إِلَى هِرقل وَشَاهد مَا هُوَ فِيهِ جبلة من النِّعْمَة
فَأرْسل جباة بِخَمْسِمِائَة دِينَار إِلَى حسان بن ثَابت وأمضاها لَهُ عمر فمدحه حسان بن ثَابت بِأَبْيَات مِنْهَا
(إِن ابْن جَفْنَة من بَقِيَّة معشر
…
لم يغذهم آباؤهم باللوم)
(لم ينسني بِالشَّام إِذْ هُوَ رَبهَا
…
كلا وَلَا متنصرا بالروم)
(يُعْطي الجزيل وَلَا يرَاهُ عِنْده
…
إِلَّا كبعض عَطِيَّة المذموم)
وَفِي سنة سبع عشرَة جِيءَ إِلَى عمر بالهرمزان ملك الأهواز أَسِيرًا وَمَعَهُ وَفد فيهم أنس بن مَالك والأحنف بن قيس فَلَمَّا وصلوا بِهِ إِلَى الْمَدِينَة ألبسوه كسوته من الديباج الْمَذْهَب وَوَضَعُوا على رَأسه تاجه وَهُوَ مكلل بالياقوت ليراه عمر والمسلمون على هَيئته الَّتِي يكون عَلَيْهَا فِي ملكه فطلبوا عمر فَلم يجدوه فسألوا عَنهُ فَقيل هُوَ فِي الْمَسْجِد فَأتوهُ فَإِذا هُوَ نَائِم فجلسوا دونه فَقَالَ الهرمزان أَيْن هُوَ عمر قَالُوا هُوَ ذَا قَالَ فَأَيْنَ حرسه وحجابه قَالُوا لَيْسَ لَهُ حارس وَلَا حَاجِب فَنظر الهرمزان إِلَى عمر وَقَالَ عدلت فأمنت فَنمت واستيقظ عمر لجلبة النَّاس فَقَالَ الهرمزان قَالُوا نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أذلّ بِالْإِسْلَامِ هَذَا وأشباهه وَأمر بِنَزْع مَا عَلَيْهِ فَنَزَعُوهُ وألبسوه ثوبا ضيقا فَقَالَ عمر كَيفَ رَأَيْت عَاقِبَة أَمر الله فِيك فَقَالَ الهرمزان لما خلى الله بَيْننَا وَبَيْنكُم فِي الْجَاهِلِيَّة غلبناكم وَلما كَانَ الله الْآن مَعكُمْ غلبتمونا
وَفِي سنة ثَمَان عشرَة كَانَت مجاعَة الرَّمَادَة وطاعون عمواس وَحلف عمر لَا يَذُوق السّمن وَاللَّبن حَتَّى يحيى النَّاس واستسقى عمر بِالْعَبَّاسِ عَم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فسقوا وَهلك بالطاعون أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح ومعاذ بن جبل وَيزِيد ابْن أبي سُفْيَان والْحَارث بن هِشَام وَسُهيْل بن عَمْرو وَابْنه عتبَة فِي آخَرين أمثالهم وتفانى النَّاس بِالشَّام وبالبصرة أَيْضا وَلما فحش أثر الطَّاعُون بِالشَّام أجمع عمر الْمسير إِلَيْهِ ليقسم مَوَارِيث الْمُسلمين ويتطوف على الثغور فَفعل وَرجع وَكَانَت لَهُ خرجَة أُخْرَى قبل هَذَا لفتح بَيت الْمُقَدّس
وَفِي سنة عشْرين فتح عَمْرو بن الْعَاصِ مصر والإسكندرية وَشهد الْفَتْح
مَعَه الزبير بن الْعَوام وَجَمَاعَة من كبار الصَّحَابَة
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين سَار عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى برقة فَصَالحه أَهلهَا على الْجِزْيَة ثمَّ سَار إِلَى طرابلس الغرب فحاصرها وَفتحهَا عنْوَة
وَفِي سنة ثَلَاث وَعشْرين كَانَت وَفَاة عمر رضي الله عنه على مَا سَيَأْتِي وَفِي الصَّحِيح عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ مَا زلنا أعزة مُنْذُ أسلم عمر وَعنهُ أَيْضا قَالَ لما أسلم عمر كَانَ الْإِسْلَام كَالرّجلِ الْمقبل لَا يزْدَاد إِلَّا قُوَّة وَلما مَاتَ عمر كَانَ الْإِسْلَام كَالرّجلِ الْمُدبر لَا يزْدَاد إِلَّا ضعفا وَعند ابْن أبي شيبَة رضي الله عنه قَالَ كَانَ إِسْلَام عمر عزا وهجرته نصرا وإمارته رَحْمَة وَفِي الصَّحِيح أَيْضا عَن ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (بَينا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي على قليب وَعَلَيْهَا دلو فنزعت مِنْهَا مَا شَاءَ الله ثمَّ أَخذهَا ابْن أبي قُحَافَة فَنزع مِنْهَا ذنوبا أَو ذنوبين وَفِي نَزعه ضعف وَالله يغْفر لَهُ ثمَّ استحالت غربا فَأَخذهَا عمر بن الْخطاب فَلم أر عبقريا من النَّاس ينْزع نزع عمر وَفِي رِوَايَة فَلم أر عبقريا من النَّاس يفري فريه حَتَّى ضرب النَّاس بِعَطَن) قَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله قَالُوا هَذَا الْمَنَام مِثَال لما جرى للخليفتين من ظُهُور آثارهما الصَّالِحَة وانتفاع النَّاس بهما وكل ذَلِك مَأْخُوذ من النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ صَاحب الْأَمر فَقَامَ بِهِ أكمل قيام وَقرر قَوَاعِد الدّين ثمَّ خَلفه أَبُو بكر فقاتل أهل الرِّدَّة وَقطع دابرهم ثمَّ خَلفه عمر فطالت مُدَّة خِلَافَته عشر سِنِين وَزِيَادَة واتسع الْإِسْلَام فِي زَمَانه فَشبه أَمر الْمُسلمين بقليب فِيهِ المَاء الَّذِي فِيهِ حياتهم وصلاحهم وأميرهم بالمستقي لَهُم مِنْهَا وسعته هِيَ قِيَامه بمصالحهم اه
قلت من تَأمل أَمر عمر رضي الله عنه علم أَنه كَانَ عجبا من الْعجب فَإِنَّهُ عمد إِلَى ثَلَاث دوَل هِيَ أعظم دوَل الْعَالم فِي ذَلِك الْوَقْت دولة الْفرس ودولة الرّوم ودولة القبط فحاربهم فِي نفس وَاحِد وَفرق جيوشه عَلَيْهِم مَعَ قلَّة الْمُسلمين إِذْ ذَاك وشظف عيشهم فَغَلَبَهُمْ على ممالكهم وأزال عزهم وَكسر كراسيهم وأمات نخوتهم بِحَيْثُ ضرب الْجِزْيَة على رقابهم طول أحقابهم
فَلم يطالبوا بعْدهَا بثأر وَلَا عَادوا إِلَى جماح ونفار بل أعْطوا القادة وَأَسْلمُوا أنفسهم للصغار ثمَّ لم يكتف بذلك حَتَّى أغزى خيل الْمُسلمين أَطْرَاف الْمَعْمُور من خُرَاسَان وَالتّرْك وبلاد النّوبَة وبلاد البربر ولعمري مَا أَمر الْإِسْكَنْدَر الَّذِي تضرب الْأُمَم بِهِ الْمثل فِي الْغَلَبَة والتمكن فِي الأَرْض إِلَّا دون أَمر عمر بِكَثِير فَإِن الْإِسْكَنْدَر كَانَ غازيا بِجَمِيعِ جَيْشه مُتَوَلِّيًا ذَلِك بِنَفسِهِ جوالا فِي الأَرْض غير مُقيم ووجهته فِي حروبه وجهة وَاحِدَة كلما فرغ من مملكة انْتقل إِلَى غَيرهَا تَارِكًا للَّتِي خلف وَرَاءه غير ملتفت إِلَيْهَا وَكَأَنَّهُ كَانَ لَا عرض لَهُ إِلَّا فِي إِظْهَار الْقُوَّة والبطش وَالْغَلَبَة على الْأُمَم دون مَا سوى ذَلِك من تصريف الممالك طوع الْأَمر وَالنَّهْي وَلذَا قَالَ حَمْزَة الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه تواريخ الْأُمَم وَمَا رَوَاهُ الْقصاص من إِن الْإِسْكَنْدَر بنى بِأَرْض إيران عدَّة مدن مِنْهَا أَصْبَهَان ومرو وهراة وسمرقند فَحَدِيث لَا أصل لَهُ لِأَن الرجل كَانَ مخربا لَا عَامِرًا اه فَأَما عمر رضي الله عنه فَإِنَّهُ لما استولت جيوشه على أَكثر الْمَعْمُور صرف ممالكها طوع أمره حَتَّى جبي إِلَيْهِ خراجها وَثبتت استقامتها وَزَالَ اعوجاجها أقوى مَا كَانُوا شَوْكَة وَأَشد قُوَّة واكثر حامية وَلم يمت رحمه الله حَتَّى انْتَهَت خيله فِي جِهَة الشرق إِلَى نهر بَلخ وَفِي جِهَة الشمَال إِلَى الْبَيْضَاء على مِائَتي فَرسَخ من بلنجر وَفِي جِهَة الْمغرب إِلَى تخوم الرّوم وبلاد برقة وطرابلس الغرب كل ذَلِك فِي مُدَّة يسيرَة لم يُجَاوز معظمها الثَّلَاث سِنِين وَهُوَ مَعَ ذَلِك فِي جَوف بَيته مُتَرَدّد فِيمَا بَين منزله ومسجده لم يسْتَعْمل لذَلِك كثير أَسبَاب وَلَا أجلب بِنَفسِهِ بخيل وَلَا ركاب إِنَّمَا هُوَ الرَّأْي الميمون والنصر الْمَضْمُون وَالْأَمر الْجَارِي بَين الْكَاف وَالنُّون والوعد الْمُنجز بقوله تَعَالَى {لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ} فَأَما وَفَاة عمر رضي الله عنه فروى ابْن سعد بِإِسْنَاد صَحِيح أَن عمر كَانَ لَا يَأْذَن لمن احْتَلَمَ من أَوْلَاد الْعَجم فِي دُخُول الْمَدِينَة حَتَّى كتب إِلَيْهِ الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَهُوَ على الْكُوفَة فَذكر لَهُ أَن عِنْده غُلَاما صنعا وَهُوَ يَسْتَأْذِنهُ أَن يدْخلهُ الْمَدِينَة وَيَقُول إِن لَهُ أعمالا تَنْفَع
النَّاس إِنَّه حداد نقاش نجار فَأذن لَهُ عمر وَضرب عَلَيْهِ مَوْلَاهُ كل شهر مائَة فَشكى إِلَى عمر شدَّة الْخراج فَقَالَ لَهُ مَا خراجك بِكَثِير فِي جنب مَا تعْمل فَانْصَرف ساخطا فَلبث عمر ليَالِي فَمر بِهِ العَبْد فَقَالَ عمر ألم أحدث أَنَّك تَقول لَو شِئْت لصنعت رحى تطحن بِالرِّيحِ فَالْتَفت إِلَيْهِ عَابِسا فَقَالَ لأصنعن لَك رحى يتحدث النَّاس بهَا فَأقبل عمر على من مَعَه فَقَالَ توعدني العَبْد فَلبث ليَالِي ثمَّ اشْتَمَل على خنجر ذِي رَأْسَيْنِ نصابه فِي وَسطه فكمن فِي زَاوِيَة من زَوَايَا الْمَسْجِد فِي الْغَلَس حَتَّى خرج عمر يوقظ النَّاس للصَّلَاة وَكَانَ عمر يفعل ذَلِك فَلَمَّا دنا عمر وثب عَلَيْهِ فطعنه ثَلَاث طعنات إِحْدَاهُنَّ تَحت السُّرَّة قد خرقت الصفاق وَهِي الَّتِي قتلته
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ رَأَيْت عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قبل أَن يصاب بأيام بِالْمَدِينَةِ وقف على حُذَيْفَة بن الْيَمَان وَعُثْمَان بن حنيف قَالَ كَيفَ فعلتما فِي أَرض السوَاد أتخافان أَن تَكُونَا قد حملتما الأَرْض مَا لَا تطِيق يَعْنِي من الْخراج قَالَا حملناها أمرا هِيَ لَهُ مطيقة مَا فِيهَا كَبِير فضل قَالَ انظرا أَن تَكُونَا حملتما الأَرْض مَا لَا تطِيق قَالَا لَا فَقَالَ عمر لَئِن سلمني الله تَعَالَى لأدعن أرامل أهل الْعرَاق لَا يحتجن إِلَى رجل بعدِي أبدا قَالَ فَمَا أَتَت عَلَيْهِ رَابِعَة حَتَّى أُصِيب قَالَ عَمْرو بن مَيْمُون إِنِّي لقائم مَا بيني وَبَينه إِلَّا عبد الله بن عَبَّاس غَدَاة أُصِيب وَكَانَ إِذا مر بَين الصفين قَالَ اسْتَووا حَتَّى إِذا لم ير فِيهِنَّ خللا تقدم فَكبر وَرُبمَا قَرَأَ سُورَة يُوسُف أَو النَّحْل أَو نَحْو ذَلِك فِي الرَّكْعَة الأولى حَتَّى يجْتَمع النَّاس فَمَا هُوَ إِلَّا أَن كبر فَسَمعته يَقُول قتلني أَو أكلني الْكَلْب حِين طعنه أَبُو لؤلؤة واسْمه فَيْرُوز فطار العلج بسكين ذَات طرفين لَا يمر على أحد يَمِينا وَلَا شمالا إِلَّا طعنه حَتَّى طعن ثَلَاثَة عشر رجلا مَاتَ مِنْهُم سَبْعَة فَلَمَّا رأى ذَلِك رجل من الْمُسلمين واسْمه حطاب التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي طرح عَلَيْهِ برنوسا فَلَمَّا ظن العلج أَنه مَأْخُوذ نحر نَفسه وَتَنَاول عمر يَد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فقدمه فَمن يَلِي عمر فقد رأى الَّذِي أرى وَأما نواحي الْمَسْجِد فَإِنَّهُم لَا
يَدْرُونَ غير أَنهم قد فقدوا صَوت عمر وهم يَقُولُونَ سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ الله فصلى بهم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف صَلَاة خَفِيفَة فَلَمَّا انصرفوا قَالَ يَا ابْن عَبَّاس انْظُر من قتلني فجال سَاعَة ثمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلَام الْمُغيرَة قَالَ الصنع قَالَ نعم قَالَ قَاتله الله لقد أمرت بِهِ مَعْرُوفا الْحَمد لله الَّذِي لم يَجْعَل ميتتي بيد رجل يَدعِي الْإِسْلَام قد كنت أَنْت وَأَبُوك تحبان أَن تكْثر العلوج بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْعَبَّاس أَكْثَرهم رَقِيقا قَالَ إِن شِئْت فعلنَا أَي إِن شِئْت قتلنَا قَالَ كذبت بَعْدَمَا تكلمُوا بلسانكم وصلوا إِلَى قبلتكم وحجوا حَجكُمْ فَاحْتمل إِلَى بَيته فَانْطَلَقْنَا مَعَه وَكَانَ النَّاس لم تصبهم مُصِيبَة قبل يَوْمئِذٍ فَقَائِل يَقُول لَا بَأْس وَقَائِل يَقُول أَخَاف عَلَيْهِ فَأتي بنبيذ فشربه فَخرج من جرحه ثمَّ أُتِي بِلَبن فشربه فَخرج من جرحه فَعَلمُوا أَنه ميت فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَجَاء النَّاس يثنون عَلَيْهِ وَجَاء رجل شَاب فَقَالَ أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ببشرى الله لَك بِصُحْبَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت ثمَّ وليت فعدلت ثمَّ شَهَادَة قَالَ وددت أَن ذَلِك كفاف لَا عَليّ وَلَا لي فَلَمَّا أدبر الشَّاب إِذا إزَاره يمس الأَرْض قَالَ ردوا عَليّ الْغُلَام قَالَ يَا ابْن أخي ارْفَعْ ثَوْبك فَإِنَّهُ أنقى لثوبك وَأتقى لِرَبِّك يَا عبد الله بن عمر انْظُر مَاذَا عَليّ من الدّين فحسبوه فوجدوه سِتَّة وَثَمَانِينَ ألفا أَو نَحوه قَالَ إِن وفى لَهُ مَال آل عمر فأده من أَمْوَالهم وَإِلَّا فاسأل فِي بني عدي بن كَعْب فَإِن لم تف أَمْوَالهم فاسأل فِي قُرَيْش وَلَا تعدهم إِلَى غَيرهم فأد عني هَذَا المَال انْطلق إِلَى عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ فَقل يقْرَأ عَلَيْك عمر السَّلَام وَلَا تقل أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي لست الْيَوْم للْمُؤْمِنين أَمِيرا وَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَسلم وَاسْتَأْذَنَ ثمَّ دخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَة تبْكي فَقَالَ يقْرَأ عَلَيْك عمر بن الْخطاب السَّلَام ويستأذن أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ فَقَالَت كنت أريده لنَفْسي ولأوثرنه بِهِ الْيَوْم على نَفسِي فَلَمَّا أقبل قيل هَذَا عبد الله بن عمر قد جَاءَ قَالَ ارفعوني فأسنده رجل إِلَيْهِ فَقَالَ مَا لديك قَالَ الَّذِي تحب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَذِنت قَالَ الْحَمد لله مَا كَانَ من شَيْء
أهم عَليّ من ذَلِك فَإِذا أَنا قضيت فاحملوني ثمَّ سلم فَقل يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب فَإِن أَذِنت لي فادخلوني وَإِن ردتني ردوني إِلَى مَقَابِر الْمُسلمين وَجَاءَت أم الْمُؤمنِينَ حَفْصَة وَالنِّسَاء تسير مَعهَا فَلَمَّا رأيناها قمنا فولجت عَلَيْهِ فَبَكَتْ عِنْده سَاعَة وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَال فولجت دَاخِلا لَهُم فسمعنا بكاءها من الدَّاخِل فَقَالُوا أوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْتخْلف قَالَ مَا أجد أحدا أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ النَّفر أَو الرَّهْط الَّذين توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُم رَاض فَسمى عليا وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وسعدا وَعبد الرَّحْمَن وَقَالَ يشهدكم عبد الله بن عمر وَلَيْسَ لَهُ من الْأَمر شَيْء كهينة التَّعْزِيَة لَهُ فَإِن أَصَابَت الْإِمَارَة سَعْدا فَهُوَ ذَاك وَإِلَّا فليستعن بِهِ أَيّكُم مَا أَمر فَإِنِّي لم أعزله عَن عجز وَلَا خِيَانَة وَقَالَ أوصِي الْخَلِيفَة من بعدِي بالمهاجرين الْأَوَّلين أَن يعرف لَهُم حَقهم ويحفظ لَهُم حرمتهم وأوصيه بالأنصار الَّذين تبوءوا الدَّار وَالْإِيمَان من قبلهم أَن يقبل من محسنهم وَأَن يعفي عَن مسيئهم وأوصيه بالأنصار خيرا فَإِنَّهُم ردء الْإِسْلَام وجباة المَال وغيظ الْعَدو وَأَن لَا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا فَضلهمْ عَن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فَإِنَّهُم أصل الْعَرَب ومادة الْإِسْلَام أَن يُؤْخَذ من حَوَاشِي أَمْوَالهم وَترد على فقرائهم وأوصيه بِذِمَّة الله وَذمَّة رَسُوله أَن يُوفي لَهُم بعدهمْ وَأَن يُقَاتل من ورائهم وَلَا يكلفوا إِلَّا طاقتهم فَلَمَّا قبض خرجنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نمشي فَسلم عبد الله بن عمر وَقَالَ يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب قَالَت أدخلوه فَأدْخل فَوضع هُنَالك مَعَ صَاحِبيهِ فَلَمَّا فرغ من دَفنه اجْتمع هَؤُلَاءِ الرَّهْط فَقَالَ عبد الرَّحْمَن اجعلوا أَمركُم إِلَى ثَلَاثَة مِنْكُم فَقَالَ الزبير قد جعلت أَمْرِي إِلَى عَليّ فَقَالَ طَلْحَة قد جعلت أَمْرِي إِلَى عُثْمَان وَقَالَ سعد قد جعلت أَمْرِي إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أيكما يتبرأ من هَذَا الْأَمر فنجعله إِلَيْهِ وَالله عَلَيْهِ وَالْإِسْلَام لينظرن أفضلهم فِي نَفسه فأسكت الشَّيْخَانِ فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أفتجعلونه إِلَيّ وَالله على أَن لَا آلو عَن أفضلكم قَالَا نعم فَأخذ بيد أَحدهمَا فَقَالَ لَك