الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقيل إِن أَصْحَاب الْأَغْلَب قَتَلُوهُ فِي الْوَقْت الَّذِي قتل فِيهِ الْأَغْلَب وَكَانَ مقتل الْأَغْلَب فِي شعْبَان سنة خمسين وَمِائَة
وَقَامَ بِأَمْر إفريقية الْمخَارِق بن غفار إِلَى أَن كَانَ مَا نذكرهُ
ولَايَة عمر بن حَفْص هزارمرد على الْمغرب
لما بلغ الْخَلِيفَة الْمَنْصُور مقتل الْأَغْلَب بن سَالم وَجه مَكَانَهُ عمر بن حَفْص من ولد قبيصَة بن أبي صفرَة أخي الْمُهلب بن أبي صفرَة فَقدم القيروان فِي خَمْسمِائَة فَارس سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة فاستقامت أُمُوره ثَلَاث سِنِين ثمَّ خرج إِلَى طبنة لإدارة السُّور عَلَيْهَا واستخلف على القيروان حبيب بن حبيب المهلبي فثار البربر بإفريقية لما علمُوا من بعد الحامية عَنْهَا وغلبوا على من كَانَ بهَا وزحفوا إِلَى القيروان فَخرج إِلَيْهِم حبيب فهزموه وقتلوه وثار البربر الإباضية بطرابلس وولوا عَلَيْهِم أَبَا حَاتِم يَعْقُوب بن لَبِيب المغيلي مولى كِنْدَة
وتسامعت بِهِ خوارج الْمغرب فانقضوا من كل نَاحيَة ونبغت رُؤُوس الْفِتْنَة من كل وَجه وعادت هيف إِلَى أديانها وَكَانَت هَذِه الْفِتْنَة هِيَ زبدة الْفِتَن الَّتِي مخضتها الْخَوَارِج بالمغرب من لدن ميسرَة الخفير إِلَى الْآن فَإِنَّهُم زحفوا إِلَى عمر بن حَفْص وَهُوَ بطبنة من أَرض الزاب فِي اثْنَي عشر عسكرا فَكَانَ مِنْهُم أَبُو قُرَّة اليفرني من أَرْبَعِينَ ألفا من الصفرية وَعبد الرَّحْمَن بن رستم صَاحب تاهرت فِي خَمْسَة عشر ألفا من الإباضية والمسور بن هَانِئ الزناتي فِي عشرَة آلَاف من الإباضية أَيْضا وَعبد الْملك بن سكرديد الصنهاجي فِي الفين من صنهاجة الصفرية وَجَرِير بن مَسْعُود المديوني فِيمَن تبعه من مديونة وانضم إِلَيْهِم غير هَؤُلَاءِ من خوارج هوارة وزناتة مِمَّن لَا يُحْصى كَثْرَة
وَلما اشْتَدَّ الْحصار على عمر بن حَفْص أعمل الْحِيلَة فِي إِيقَاع الْخلاف
بَينهم ودافعهم بالأموال وَأرْسل إِلَى أبي قُرَّة على يَد ابْنه أبي نور أَن يُعْطِيهِ أَرْبَعِينَ ألفا ولابنه أَرْبَعَة آلَاف على أَن يرتحل عَنهُ فَقبل وارتحل بقَوْمه وانفض البربر عَن طبنه
ثمَّ سَار أَبُو حَاتِم يَعْقُوب بن لَبِيب إِلَى القيروان وحاصرها ثَمَانِيَة أشهر حَتَّى أكل أَهلهَا الْميتَة وَلما اشْتَدَّ الْحصار على أهل القيروان خرج عمر بن حَفْص من طبنة يُرِيد أَبَا حَاتِم الإباضية الَّذين مَعَه وَبلغ أَبَا حَاتِم وَأَصْحَابه وهم محاصرون للقيروان مسير عمر بن حَفْص إِلَيْهِم فَسَارُوا للقائه فَمَال هُوَ من الأربس إِلَى تونس ثمَّ جَاءَ إِلَى القيروان فَدَخلَهَا واستعد للحصار وشحنها بالأقوات وَالرِّجَال وَأتبعهُ أَبُو حَاتِم والبربر وَأَبُو قُرَّة مَعَهم فِي قومه وَكَانُوا فِي ثَلَاثمِائَة وَخمسين ألفا الْخَيل مِنْهُم خَمْسَة وَثَمَانُونَ ألفا وَالْبَاقِي رجالة وَأَحَاطُوا بالقيروان وَعمر بن حَفْص داخلها وَطَالَ الْحصار ثمَّ بلغه الْخَبَر أَن الْمَنْصُور وَجه لاستنقاذه ابْن عَمه يزِيد بن حَاتِم المهلبي فَأَنف من ذَلِك وَقَالَ لَا خير فِي الْحَيَاة بعد أَن يُقَال يزِيد أخرجه من الْحصار إِنَّمَا هِيَ رقدة ثمَّ ابْعَثْ إِلَى الْحساب وَخرج عمر فقاتل حَتَّى قتل أواسط حجَّة سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة
وَكَانَ عمر هَذَا بطلا سَمحا يلقب هزارمرد وَهُوَ لفظ فَارسي مَعْنَاهُ ألف رجل
ثمَّ ولى النَّاس عَلَيْهِم أَخَاهُ لأمه حميد بن صَخْر وانقضى الْحصار وأحرق أَبُو حَاتِم أَبْوَاب القيروان وثلم سورها وَخرج أَكثر الْجند إِلَى طبنة وَدخل أَبُو حَاتِم القيروان فاستولى عَلَيْهَا وَيُقَال إِن ابْن صَخْر وادعه على مَا أحب وَالله تَعَالَى أعلم