الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مغراوة وَصَاحب الْمغرب الْأَوْسَط وبثوا دَعْوَة الأموية فِي أَعمالهَا وَالله أعلم
بَقِيَّة أَخْبَار آل أبي الْعَافِيَة بالمغرب
قَالَ ابْن أبي زرع لما هلك مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة ولي بعده ابْنه ابراهيم إِلَى أَن توفّي سنة خمسين وثلاثمائة فولي بعده ابْنه عبد الله وَيُقَال عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن ابي الْعَافِيَة إِلَى أَن توفّي سنة سِتِّينَ وثلاثمائة فولي عمله من بعده ابْنه مُحَمَّد وَعَلِيهِ انقرضت دولة آل أبي الْعَافِيَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَذكر بعض المؤرخين لأيامهم أَنه لما توفّي مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة ولي بعده ابْنه الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْمُحَارب للمتونة فَكَانَت بَينه وَبينهمْ حروب إِلَى أَن غلب عَلَيْهِ يُوسُف بن تاشفين فَقتله واستأصل شافة ذُرِّيَّة مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة بالمغرب وَكَانَت دولتهم مائَة وَأَرْبَعين سنة من سنة خمس وَثَلَاثِينَ إِلَى سنة خمس وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة اه وَلَكِن دولتهم بفاس انْتَهَت إِلَى قدوم ميسور الْخصي كَمَا مر وَبقيت رياستهم بالأطراف إِلَى دولة اللمتونيين وَالله أعلم وَكَانَ فِي هَذِه الْمدَّة من الْأَحْدَاث مَا نذكرهُ
فَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء التَّاسِع وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ كسفت الشَّمْس كسوفا كليا وَكَانَ ذَلِك بعد صَلَاة الْعَصْر فَغَاب القرص كُله وَظَهَرت النُّجُوم وَأذن أَكثر النَّاس بالمساجد للمغرب ثمَّ تجلت مضيئة بعد ذَلِك وَمَكَثت مِقْدَار ثلث سَاعَة ثمَّ غربت
وَفِي سنة ثَلَاث وثلاثمائة كَانَ بإفريقية وَالْمغْرب والأندلس فتن كَثِيرَة ومجاعة عَظِيمَة أشبهت مجاعَة سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ثمَّ وَقع الْمَوْت فِي النَّاس حَتَّى عجزوا عَن دفن موتاهم
وَفِي سنة خمس وثلاثمائة أحرقت النَّار أسواق مَدِينَة فاس وأسواق
تاهرت قَاعِدَة زناتة وأحرقت أسواق قرطبة وأرباض مكناسة من بِلَاد جَوف الأندلس وَكَانَ ذَلِك فِي شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة فسميت سنة النَّار
وَفِي سنة سبع وثلاثمائة كَانَ بإفريقية وَالْمغْرب والأندلس رخاء مفرط وطاعون ووباء كثير وفيهَا كَانَت الرّيح السَّوْدَاء الشَّدِيدَة الهبوب الَّتِي قلعت الْأَشْجَار وهدمت الدّور بفاس فَتَابَ النَّاس ولزموا الْمَسَاجِد وارتدعوا عَن كثير من الْفَوَاحِش
وَفِي سنة ثَلَاث عشرَة وثلاثمائة ظهر حَامِيم المتنبئ بجبال غمارة قَالَ ابْن خلدون كَانَت غمارة غريقة فِي الْجَهَالَة والبعد عَن الشَّرَائِع بِسَبَب البداوة والانتباذ عَن مَوَاطِن الْخَيْر وتنبأ فيهم من قَبيلَة يُقَال لَهَا محسكة حَامِيم بن من الله يكنى أَبَا مُحَمَّد ويكنى أَبوهُ من الله أَبَا يخلف وَكَانَ ظُهُوره بجبل حَامِيم المشتهر بِهِ قَرِيبا من تطوان وَاجْتمعَ إِلَيْهِ كثير من غمارة وأقروا بنبوته وَشرع لَهُم شرائع وعبادات وصنع لَهُم قُرْآنًا كَانَ يتلوه عَلَيْهِم بِلِسَانِهِ فمما شرع لَهُم صلاتان فِي كل يَوْم وَاحِدَة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَالْأُخْرَى عِنْد غُرُوبهَا ثَلَاث رَكْعَات فِي كل صَلَاة ويسجدون وبطون أَيْديهم تَحت وُجُوههم وَمن قرآنهم الَّذِي كَانُوا يقرؤونه بعد تهليل يهللون بِهِ بلسانهم خَلِّنِي من الذُّنُوب يَا من خلى النّظر ينظر فِي الدُّنْيَا أخرجني من الذُّنُوب يَا من أخرج يُونُس من بطن الْحُوت ومُوسَى من الْبَحْر ثمَّ يَقُول فِي رُكُوعه آمَنت بحاميم وبأبيه أبي يخلف من الله وآمن رَأْسِي وعقلي وَمَا يكنه صَدْرِي وَمَا أحَاط بِهِ دمي ولحمي وَآمَنت بتالية عمَّة حَامِيم أُخْت أبي يخلف من الله ثمَّ يسْجد وَكَانَت تالية هَذِه امْرَأَة كاهنة سَاحِرَة وَكَانَ حَامِيم يلقب المفتري وَكَانَت أُخْته دبو كاهنة سَاحِرَة أَيْضا وَكَانُوا يستغيثون بهَا فِي الْحُوب والقحوط وَفرض عَلَيْهِم صَوْم الِاثْنَيْنِ وَصَوْم الْخَمِيس إِلَى الظّهْر وَصَوْم الْجُمُعَة وَصَوْم عشرَة أَيَّام من رَمَضَان ويومين من شَوَّال وَمن أفطر فِي يَوْم الْخَمِيس عمدا فكفارته أَن يتَصَدَّق بِثَلَاثَة أثوار وَمن أفطر فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ فكفارته أَن يتَصَدَّق بثورين وَفرض عَلَيْهِم فِي الزَّكَاة الْعشْر فِي كل
شَيْء وَأسْقط عَنْهُم الْحَج وَالْوُضُوء وَالْغسْل من الْجَنَابَة وَأحل لَهُم أكل الْأُنْثَى من الْخِنْزِير وَقَالَ إِنَّمَا حرم قُرْآن مُحَمَّد الْخِنْزِير الذّكر وَأمر أَن لَا يُؤْكَل الْحُوت إِلَّا بِذَكَاة وَحرم عَلَيْهِم أكل الْبيض وَأكل الرَّأْس من كل حَيَوَان فَبعث إِلَيْهِ عبد الرَّحْمَن النَّاصِر صَاحب الأندلس عسكرا فَالْتَقوا بقصر مصمودة من أحواز طنجة فَقَتَلُوهُ وَقتلُوا أَتْبَاعه وصلبوا شلوه بِالْقصرِ الْمَذْكُور وبعثوا بِرَأْسِهِ إِلَى النَّاصِر بقرطبة وَرجع من بَقِي من أَتْبَاعه إِلَى الْإِسْلَام وَذَلِكَ سنة خمس عشر وثلاثمائة قَالَ ابْن خلدون وَكَانَ لِابْنِهِ عِيسَى بن حَامِيم من بعده قدر جليل فِي غمارة
وَفِي سنة سبع وَعشْرين وثلاثمائة ظهر بِبِلَاد الْمغرب غمام كثيف دَامَ خَمْسَة أَيَّام لم ير النَّاس فِيهَا شمسا وَكَانَ الشَّخْص لَا يرى من الأَرْض فِيهِ إِلَّا مَوضِع قَدَمَيْهِ فَتَابَ النَّاس وأخرجوا الصَّدقَات فكشف الله عَنْهُم مَا بهم وَسميت سنة الْغَمَام
وَفِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة نزل برد عَظِيم الْوَاحِدَة مِنْهُ تزن رطلا وَأكْثر قتل الطير والوحش والبهائم وَكَثِيرًا من النَّاس وَكسر الْأَشْجَار وأفسد الثِّمَار كَانَ ذَلِك بأثر قحط شَدِيد وَغَلَاء عَام
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وثلاثمائة نزل أَيْضا برد كثير لم يعْهَد مثله كَثْرَة قتل الْمَوَاشِي وأفسد الثِّمَار وَجَاءَت السُّيُول الْعَظِيمَة بِجَمِيعِ بِلَاد الْمغرب وَكَانَ بهَا رعود قاصفة وبروق خاطفة ودام ذَلِك أَيَّامًا واستسقى النَّاس واستصحوا فِي هَذِه السّنة وفيهَا أَيْضا كَانَت ريح شَدِيدَة هدمت المباني
وَفِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة كَانَ الوباء الْعَظِيم بالمغرب والأندلس هلك فِيهِ أَكثر الْخلق
وَفِي هَذِه الْمدَّة كَانَ الشَّيْخ أَبُو سعيد الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِأبي سلهامة مَوْجُودا وَهُوَ من كبار صلحاء الْمغرب وقبره شهير قرب مشرع الْحَضَر على سَاحل الْبَحْر وَعَلِيهِ قبَّة عَجِيبَة الصَّنْعَة محكمَة الْعَمَل بالنقش والأصباغ والزليج الملون قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ الفاسي فِي مرْآة المحاسن كَانَ على