الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وفراره ثَانِيَة إِلَى البربر
لما كَانَ شهر ربيع الأول من سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة وَألف شغب العبيد على السُّلْطَان الْمولى عبد الله وهموا بخلعه والإيقاع بِهِ فنذرت بذلك أمه الْحرَّة خناثى بنت بكار ففرت من مكناسة إِلَى فاس الْجَدِيد وَمن الْغَد تبعها ابْنهَا السُّلْطَان الْمولى عبد الله وَنزل بِرَأْس المَاء فَخرج إِلَيْهِ الودايا وَأهل فاس وأجلوا مقدمه واهتزوا لَهُ فاستعطفهم السُّلْطَان وَقَالَ لَهُم أَنْتُم جيشي وعدتي ويميني وشمالي وَأُرِيد مِنْكُم أَن تَكُونُوا معي على كلمة وَاحِدَة وعاهدهم وَعَاهَدُوهُ وَرَجَعُوا وَفِي أثْنَاء ذَلِك بلغه أَن أَحْمد بن عَليّ الريفي قد كَاتب عبيد مشرع الرملة وكاتبوه وَاتفقَ مَعَهم على خلع السُّلْطَان الْمولى عبد الله وبيعة أَخِيه الْمولى زين العابدين وَكَانَ يَوْمئِذٍ عِنْده بطنجة وَأَنَّهُمْ وافقوه فَوَجَمَ لَهَا السُّلْطَان الْمولى عبد الله ثمَّ استعجل أَمر الْمولى زين العابدين ففر الْمولى عبد الله إِلَى بِلَاد البربر كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله
الْخَبَر عَن دولة أَمِير الْمُؤمنِينَ زين العابدين بن إِسْمَاعِيل رحمه الله
كَانَ ابْتِدَاء أَمر السُّلْطَان الْمولى زين العابدين أَنه قدم مكناسة فِي أَيَّام أَخِيه الْمولى المستضيء فَلَمَّا سمع بِهِ أَمر بسجنه قبل أَن يجْتَمع بِهِ فسجن مُدَّة ثمَّ أَمر يَوْمًا بِإِخْرَاجِهِ وضربه فَضرب وَهُوَ فِي قَيده ضربا وجيعا أشرف مِنْهُ على الْمَوْت كَمَا مر وَمَعَ ذَلِك فَلم ينْطق بِكَلِمَة ثمَّ رده إِلَى السجْن ثمَّ أَمر ببعثه مُقَيّدا إِلَى سجلماسة كي يسجن بهَا مَعَ بعض الْأَشْرَاف المسجونين هُنَالك فَلَمَّا سمع بذلك قواد رؤوسهم من العبيد بعثوا من رده من صفرو إِلَى فاس وَمن هُنَالك بعثوا بِهِ إِلَى الْقَائِد أبي الْعَبَّاس أَحْمد الكعيدي ببني يازغة وأمروه أَن يحْتَفظ بِهِ مكرما مبجلا
ألفا فَالْتَقوا بفحص شريش فَهَزَمَهُ الله ونفلهم أَمْوَال أهل الْكفْر ورقابهم وَكتب طَارق إِلَى مُوسَى بِالْفَتْح والغنائم فحركته الْغيرَة وَكتب إِلَى طَارق يتوعده إِن توغل بِغَيْر إِذْنه ويأمره أَن لَا يتَجَاوَز مَكَانَهُ حَتَّى يلْحق بِهِ واستخلف على القيروان وَلَده عبد الله وَخرج مَعَه حبيب بن أبي عُبَيْدَة بن عقبَة بن نَافِع الفِهري ونهض من القيروان سنة ثَلَاث وَتِسْعين فِي عَسْكَر ضخم من وُجُوه الْعَرَب والموالي وعرفاء البربر فَوَافى خليج الزقاق مَا بَين طنجة والجزيرة الخضراء فَأجَاز إِلَى الأندلس وتلقاه طَارق فانقاد وَاتبع وَيُقَال إِن مُوسَى لما سَار إِلَى الأندلس عبر الْبَحْر إِلَيْهَا من نَاحيَة الْجَبَل الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الْمَعْرُوف الْيَوْم بجبل مُوسَى وتنكب النُّزُول على جبل طَارق وتمم الْفَتْح وتوغل فِي الأندلس إِلَى برشلونة فِي جِهَة الشرق وأربونة فِي الْجوف وَضم قادس فِي الغرب ودوخ أقطارها وَجمع غنائمها وَأجْمع أَن يَأْتِي الْمشرق من نَاحيَة الْقُسْطَنْطِينِيَّة ويتجاوز إِلَى الشَّام دروب الأندلس ودروبه ويخوض إِلَيْهِ مَا بَينهمَا من بِلَاد الْأَعَاجِم وأمم النَّصْرَانِيَّة مُجَاهدًا فيهم ومستلحما لَهُم إِلَى أَن يلْحق بدار الْخلَافَة من دمشق ونمى الْخَبَر إِلَى الْخَلِيفَة الْوَلِيد فَاشْتَدَّ قلقه بمَكَان الْمُسلمين من دَار الْحَرْب وَرَأى أَن مَا هم بِهِ مُوسَى تغرير بِالْمُسْلِمين فَبعث إِلَيْهِ بالتوبيخ والانصراف وَأسر إِلَى سفيره أَن يرجع بِالْمُسْلِمين إِن لم يرجع هُوَ وَكتب لَهُ بذلك عَهده ففت ذَلِك فِي عزم مُوسَى وقفل عَن الأندلس بعد أَن أنزل الرابطة والحامية بثغورها وَاسْتعْمل ابْنه عبد الْعَزِيز لسدها وَجِهَاد غدوها وأنزله بقرطبة فاتخذها دَار إِمَارَة واحتل مُوسَى بالقيروان سنة خمس وَتِسْعين وارتحل إِلَى الْمشرق سنة سِتّ بعْدهَا بِمَا كَانَ مَعَه من الْغَنَائِم والذخائر وَالْأَمْوَال على الْعجل وَالظّهْر يُقَال إِن من جُمْلَتهَا ثَلَاثِينَ ألف رَأس من السَّبي وَولى على إفريقية ابْنه عبد الله واندرجت ولَايَة الأندلس يَوْمئِذٍ فِي ولَايَة الْمغرب فَكَانَ صَاحب القيروان نَاظرا فِي الْجَمِيع وَقدم مُوسَى على سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَقد ولي الْخلَافَة بعد الْوَلِيد فسخطه ونكبه وثارت عَسَاكِر الأندلس بِابْنِهِ عبد الْعَزِيز