الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذكر الرشاطي أَن وَفَاته كَانَت سنة سبع وَخمسين وثلاثمائة وَلَعَلَّه أصح وَفِي سنة سبع وَسبعين وثلاثمائة عَم الْجَرَاد بِلَاد الْمغرب كلهَا
وَفِي سنة ثَمَان وَسبعين بعْدهَا كَانَ الْفَيْض الَّذِي فاضت مِنْهُ جَمِيع أَوديَة الْمغرب
وَفِي سنة تسع وَسبعين بعْدهَا كَانَت الرّيح الشرقية بالمغرب ودامت سِتَّة أشهر فأعقبت وباء عَظِيما وأمراضا كَثِيرَة
وَفِي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة تدارك الله عباده وَكَانَ الرخَاء المفرط بالمغرب فَكَانَ الزَّرْع لَا يُوجد من يَشْتَرِيهِ لكثرته وَكَانَ الفلاحون وَأَصْحَاب الْحَرْث يتركونه قَائِما فِي محاقلهم لَا يحصدونه لرخصه
الْخَبَر عَن دولة زناتة من مغراوة وَبني يفرن بفاس وَالْمغْرب
يَنْبَغِي أَن نقدم هُنَا كلَاما يكون كالتوطئة لأخبار هَذِه الدولة المغراوية فَنَقُول إِن هَذِه الدولة لم يكن لَهَا اسْتِقْلَال بالمغرب وفاس وَإِنَّمَا كَانَت رياستها تَحت نظر الأمويين بالأندلس ثمَّ إِن مغراوة وَبني يفرن قبيلتان من أَعْيَان قبائل زناتة وَكَانَ مغراو ويفرن أَخَوَيْنِ شقيقين وهما ابْنا يصليتن بن مسري بن زاكيا بن ورسيك بن الدبديت بن زانا وَهُوَ أَبُو زناتة
وَقد تقدم لنا فِي أَخْبَار الْفَتْح أَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم أَسرُّوا صولات بن وزمارا كَبِير مغراوة لذَلِك الْعَهْد وبعثوا بِهِ إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه فَأسلم على يَده وولاه على قومه وَقيل إِن صولات هَاجر إِلَى عُثْمَان رضي الله عنه طَائِعا من غير أسر فَأكْرمه وولاه فَكَانَ بَيت صولات بِسَبَب هَذِه المزية نبيها فِي قومه مغراوة وَسَائِر زناتة
وَلما مَاتَ صولات ورث رياسته من بعده ابْنه حَفْص بن صولات ثمَّ من بعده خزر بن حَفْص بن صولات ثمَّ ابْنه مُحَمَّد بن خزر وَهُوَ الَّذِي غزاه إِدْرِيس بن عبد الله بِمَدِينَة تلمسان وانقاد لَهُ وَأجَاب دَعوته وَدخل إِدْرِيس مَعَه تلمسان وَأصْلح شَأْنهَا وَبنى مَسْجِدهَا حَسْبَمَا تقدم الْخَبَر عَن ذَلِك مُسْتَوفى ثمَّ
لم تزل ذُرِّيَّة مُحَمَّد بن خزر هَذَا تتوارث رياسة سلفهم من بعدهمْ إِلَى أَن كَانَ مِنْهُم فِي صدر الْمِائَة الرَّابِعَة أَرْبَعَة اخوة وهم مُحَمَّد بن خزر وَعبد الله بن خزر ومعبد بن خزر وفلفل بن خزر وَكلهمْ رَئِيس شرِيف فِي قومه وَلَهُم أَخْبَار مَعَ خلفاء الشِّيعَة بإفريقية والمروانيين بالأندلس يطول ذكرهَا مَعَ أَنَّهَا لَيست من موضوعنا
وَلما كَانَت سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة زحف بلكين بن زيري بن مُنَاد الصنهاجي صَاحب إفريقية بعد العبيديين إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى وأناخ على مدينتي فاس وَقتل عامليها مُحَمَّد بن أبي عَليّ بن قشوش صَاحب عدوة الْقرَوِيين وَعبد الْكَرِيم بن ثَعْلَبَة صَاحب عدوة الأندلس وَاسْتعْمل عَلَيْهَا مُحَمَّد بن عَامر المكناسي وأجفلت مُلُوك زناتة من بني خزر المغراويين وَبني مُحَمَّد بن صَالح اليفرنيين أَمَامه وانحازوا جَمِيعًا إِلَى سبتة
وَعبر مُحَمَّد بن الْخَيْر من آل خزر الْبَحْر إِلَى الْمَنْصُور بن أبي عَامر صريخا فَخرج الْمَنْصُور فِي عساكره إِلَى الجزيرة الخضراء مُمِدًّا لَهُم بِنَفسِهِ وَعقد لجَعْفَر بن عَليّ بن حمدون على حَرْب بلكين الصنهاجي وَأَجَازَهُ الْبَحْر وأمده بِمِائَة حمل من المَال فاجتمعت إِلَيْك مُلُوك زناتة وضربوا مَصَافهمْ بِسَاحَة سبتة وَجَاء بلكين الصنهاجي حَتَّى صعد جبال تطوان وتنسم هضابها وأطل على عَسَاكِر زناتة وَأهل الأندلس بِسَاحَة سبتة فَرَأى مَا لَا قبل لَهُ بِهِ وَيُقَال إِنَّه لما عاين ذَلِك قَالَ هَذِه أَفْعَى فغرت إِلَيْنَا فاها وكر رَاجعا على عقبَة فاجتاز على مَدِينَة الْبَصْرَة وَكَانَ بهَا حامية أهل الأندلس وَبهَا يَوْمئِذٍ عمَارَة عَظِيمَة فَهَدمهَا ثمَّ صَمد إِلَى برغواطة بِبِلَاد تامسنا فجاهدهم وَقتل ملكهم عِيسَى بن أبي الْأَنْصَار وَاسْتولى على الْمغرب
أجمع ومحى دَعْوَة بني أُميَّة من نواحيه
ثمَّ لما كَانَت سنة ثَلَاث وَسبعين وثلاثمائة وَقدم الْحسن بن كنون الإدريسي من مصر إِلَى الْمغرب يطْلب ملك سلفة انْضَمَّ إِلَيْهِ يدو بن يعلى بن مُحَمَّد بن صَالح اليفرني فِي قومه وشايعه على مُرَاده وسرح الْمَنْصُور بن أبي عَامر صَاحب الأندلس إِلَيْهِ ابْن عَمه أَبَا الحكم الملقب بعسكلاجة وانضم إِلَيْهِ آل خزر المغراويون وهم مُحَمَّد بن الْخَيْر الْأَصْغَر وخزرون بن فلفل بن خزر وَمُقَاتِل وزيري ابْنا عَطِيَّة بن عبد الله بن خزر وانضم إِلَيْهِم سَائِر مغراوة وظاهروا أَبَا الحكم عسكلاجة على شَأْنه فِي حِصَار الْحسن بن كنون حَتَّى طلب الْأمان لنَفسِهِ حَسْبَمَا اسْتَوْفَيْنَا خَبره آنِفا ثمَّ تقدم عسكلاجة إِلَى فاس فَدَخلَهَا وَاسْتولى على عدوة الأندلس سنة خمس وَسبعين وثلاثمائة وخطب بهَا لبني أُميَّة وَبَقِي مُحَمَّد بن عَامر المكناسي عَامل الشِّيعَة بعدوة الْقرَوِيين إِلَى سنة سِتّ وَسبعين وثلاثمائة فَأتى أَبُو بياش فَدخل عدوة الْقرَوِيين بِالسَّيْفِ وَقبض على مُحَمَّد بن عَامر المكناسي فَقتله وخطب بهَا لبني أُميَّة أَيْضا هَكَذَا فِي القرطاس
وَقَالَ ابْن خلدون إِن الْمَنْصُور بن أبي عَامر عقد على الْمغرب بعد انصراف عسكلاجة عَنهُ للوزير حسن بن أَحْمد بن عبد الْوَدُود السّلمِيّ وَأطلق يَده فِي الْأَمْوَال وَالرِّجَال وأرسله إِلَيْهِ سنة سِتّ وَسبعين وثلاثمائة وأوصاه بِالْإِحْسَانِ إِلَى مغراوة وَلَا سِيمَا مقَاتل وزيري ابْنا عَطِيَّة لحسن انحياشهم إِلَى المروانيين وَصدق طاعتهم لَهُم وأغراه بيدو بن يعلى اليفرني لتمريضه فِي الطَّاعَة وقيامه مَعَ الْحسن بن كنون فنفذ الْوَزير حسن بن أَحْمد بن عبد الْوَدُود لعمله وَنزل بفاس وَضبط الْمغرب أحسن ضبط وَاجْتمعت عَلَيْهِ مغراوة
ثمَّ هلك مقَاتل بن عَطِيَّة سنة ثَمَان وَسبعين وَورث رياسته على بادية قومه أَخُوهُ زيري بن عَطِيَّة وَحسنت صحبته للوزير حسن بن أَحْمد بن عبد الْوَدُود ومعاملته لَهُ