الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إفريقية ثمَّ زحف سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة إِلَى جموع من البربر وَكَانُوا قد تجمعُوا بنواحي تلمسان فظفر بهم وفل جمعهم وَرجع ثمَّ أغزى جَيْشًا فِي الْبَحْر إِلَى صقلية وَآخر إِلَى سردانية فأثخنوا فِي أُمَم الفرنج حَتَّى أذعنوا للجزية ودوخ عبد الرَّحْمَن أَرض الْمغرب وأذل المعاندين إِلَى أَن كَانَ مَا نذكرهُ
وَأما أهل الأندلس فَإِنَّهُم كَانُوا قد خلعوا أَبَا الخطار وولوا عَلَيْهِم ثوبة بن سَلامَة الجذامي قَالَ ابْن بشكوال لما اتَّفقُوا عَلَيْهِ خاطبوا بذلك عبد الرَّحْمَن بن حبيب فَكتب إِلَيْهِ بعهده وَذَلِكَ سلخ رَجَب سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة فضبط الْبِلَاد وَاسْتمرّ واليا سنتَيْن أَو نَحْوهمَا ثمَّ هلك وَولى أهل الأندلس عَلَيْهِم يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن بن حبيب وَهُوَ ابْن صَاحب التَّرْجَمَة ذكر الرَّازِيّ أَن مولده كَانَ بالقيروان وَأَنه لما استولى أَبوهُ على الْمغرب خرج يُوسُف هَذَا مغاضبا لَهُ لأمر اقْتضى ذَلِك فَقدم الأندلس واستوطنها وساد بهَا فأقامه أَهلهَا واليا عَلَيْهِم بعد أَمِيرهمْ ثوابة وَقد مَكَثُوا فوضى أَرْبَعَة أشهر وَكَانَ اجْتِمَاعهم عَلَيْهِ بِإِشَارَة الصميل بن حَاتِم الْكلابِي فاستبد يُوسُف بالأندلس وضبطها إِلَى أَن دخل عَلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الْأمَوِي الْمَعْرُوف بالداخل فانتزعها مِنْهُ وأورثها بنيه كَمَا سَيَأْتِي
دُخُول عبد الرَّحْمَن الْأمَوِي إِلَى إفريقية وجوازه إِلَى الأندلس وتأسيسه للدولة الأموية بهَا
وَلما اسْتَقر قدم الدولة العباسية بالمشرق وانقرض أَمر بني أُميَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وذهبوا فِي كل وَجه أفلت عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة هَذَا وَقصد
الْمغرب فاجتاز بالقيروان وَبهَا عبد الرَّحْمَن بن حبيب صَاحب التَّرْجَمَة فارتاب بِهِ وعزم على قَتله فنجا الْأمَوِي إِلَى الأندلس وَكَانَ من أمره مَا كَانَ
ذكر ابْن حَيَّان أَن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة الْأمَوِي سَار حَتَّى أَتَى إفريقية فنزلها وَقد سبقه إِلَيْهَا جمَاعَة من فل بني أُميَّة وَكَانَ عِنْد صَاحبهَا عبد الرَّحْمَن بن حبيب يَهُودِيّ حدثاني قد صحب مسلمة بن عبد الْملك فَكَانَ يتكهن لَهُ ويخبره بتغلب الْقرشِي وَملكه الأندلس ويرثها عقبه من بعده وَأَن اسْمه عبد الرَّحْمَن وَهُوَ ذُو ضفيرتين وَمن بَيت الْملك فَاتخذ الفِهري ضفيرتين أرسلهما رَجَاء أَن تناله الرِّوَايَة فَلَمَّا جِيءَ إِلَيْهِ بِعَبْد الرَّحْمَن الْأمَوِي وَرَأى ضفيرتيه قَالَ لِلْيَهُودِيِّ هُوَ هَذَا وَأَنا قَاتله فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ إِن قتلته فَمَا هُوَ بِهِ وَإِن غلبت عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَهو
وَثقل فل بني أُميَّة على ابْن حبيب فطرد كثيرا مِنْهُم خوفًا على ملكه ثمَّ تجنى على ابْنَيْنِ للوليد بن يزِيد كَانَ قد استجار بِهِ فَقَتَلَهُمَا وَأخذ مَالا كَانَ مَعَ إِسْمَاعِيل بن أبان بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان وغلبه على أُخْته فَتَزَوجهَا غصبا وَطلب عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل فاختفى كَذَا لِابْنِ حَيَّان
وَعند ابْن خلدون أَن الْأُخْت الْمَذْكُورَة زَوجهَا عبد الرَّحْمَن من أَخِيه إلْيَاس بن حبيب وَلما قتل ابْني عَمها امتعضت لذَلِك وأغرت زَوجهَا واستفسدته على أَخِيه حَتَّى قَتله كَمَا نذْكر وَذَلِكَ أَنه لما انتظم أَمر الدولة العباسية بالمشرق وبويع السفاح ثمَّ الْمَنْصُور بعده كتب إِلَى عبد الرَّحْمَن بن حبيب يَدعُوهُ إِلَى الطَّاعَة والبيعة فَأَجَابَهُ ودعا لَهُ وَبعث إِلَيْهِ بهدية فِيهَا بزاة وكلاب وَذهب قَلِيل وَذكر أَن إفريقية الْيَوْم إسلامية وَقد انْقَطع السَّبي فَغَضب الْمَنْصُور وَكتب إِلَيْهِ يتوعده وَبعث إِلَيْهِ مَعَ ذَلِك بخلعه الْإِمَارَة فَنزع عبد الرَّحْمَن يَده من الطَّاعَة ومزق الخلعة على الْمِنْبَر فَوجدَ أَخُوهُ إلْيَاس بذلك السَّبِيل إِلَى مَا كَانَ يحاوله عَلَيْهِ وداخل وُجُوه الْجند فِي الفتك بِهِ وإعادة الدعْوَة للخليفة الْمَنْصُور ومالأه على ذَلِك أَخُوهُ عبد الْوَارِث بن حبيب وأحس عبد الرَّحْمَن مِنْهُمَا بِالشَّرِّ فَأمر إلْيَاس بِالْمَسِيرِ إِلَى تونس