الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا حَقِيقَةً فَلَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَإِذَا صَحَّتْ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا قَائِمَةً رُدَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً رُدَّ الْمِثْلُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا رُدَّ مِثْلُهُ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، وَكَذَا إقَالَتُهُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَرُدُّ رَبُّ السَّلَمِ عَيْنَ الْمَقْبُوضِ لِكَوْنِهِ مُتَعَيَّنًا كَذَا فِي الْبَائِعِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ)
شُرُوعٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالرِّبَا وَالصَّرْفِ وَالْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ بَعْدَ بَيَانِ أَحْكَامِ الْمَبِيعِ، وَقَدَّمَ الْمَبِيعَ لِأَصَالَتِهِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ أَنْوَاعَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّمَنِ أَرْبَعَةٌ هُمَا وَالْمُسَاوَمَةُ لَا الْتِفَاتَ فِيهَا إلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَالرَّابِعُ الْوَضِيعَةُ بِأَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا لِظُهُورِهِمَا، وَهُمَا جَائِزَانِ لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْجَوَازِ، وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْغَبِيَّ الَّذِي لَا يَهْتَدِي إلَى التِّجَارَةِ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَعْتَمِدَ فِعْلَ الذَّكِيِّ الْمُهْتَدِي، وَيُطَيِّبَ نَفْسَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى، وَبِزِيَادَةِ رِبْحٍ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِمَا، وَلِذَا كَانَ مَبْنَاهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ شُبْهَةِ الْخِيَانَةِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ ابْتَاعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بَعِيرَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلِّنِي أَحَدَهُمَا فَقَالَ هُوَ لَك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَالَ أَمَّا بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَلَا» قَالَ السُّهَيْلِيُّ سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَمْ لَمْ يَقْبَلْهَا إلَّا بِالثَّمَنِ، وَقَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ أَضْعَافَ ذَلِكَ، وَقَدْ دَفَعَ إلَيْهِ حِينَ بَنَى بِعَائِشَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً حِينَ قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ أَلَا تَبْنِي بِأَهْلِك فَقَالَ لَوْلَا الصَّدَاقُ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَشَيْئًا وَهُوَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَقَالَ لِتَكُونَ هِجْرَتُهُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ رَغْبَةً مِنْهُ فِي اسْتِكْمَالِ فَضْلِهَا إلَى اللَّهِ، وَأَنْ تَكُونَ عَلَى أَتَمِّ الْأَحْوَالِ، وَالْمُرَابَحَةُ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ يُقَالُ بِعْته الْمَتَاعَ، وَاشْتَرَيْته مِنْهُ مُرَابَحَةً إذَا سَمَّيْت لِكُلِّ قَدْرٍ مِنْ الثَّمَنِ رِبْحًا اهـ.
وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ فِي اللُّغَةِ فَقَالَ الشَّارِحُونَ إنَّهَا مَصْدَرُ وَلِيَ غَيْرَهُ إذَا جَعَلَهُ، وَالِيًا، وَفِي الْقَامُوسِ التَّوْلِيَةُ فِي الْبَيْعِ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَبِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَأَمَّا شَرْعًا فَقَالَ (هِيَ) أَيْ التَّوْلِيَةُ (بَيْعٌ بِثَمَنٍ سَابِقٍ، وَالْمُرَابَحَةُ بِهِ، وَبِزِيَادَةٍ) وَأُورِدَ عَلَيْهِ الْغَصْبُ، وَهُوَ مَا إذَا ضَاعَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً، وَتَوْلِيَةً عَلَى مَا ضَمِنَ، وَقَدْ غَفَلَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ فَأَوْرَدَهُ عَلَى عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ، وَهِيَ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ رِبْحٍ أَوْ لَا، وَادَّعَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُؤَلِّفِ أَحْسَنُ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْغَصْبِ كَمَا تَرِدُ عَلَى الْهِدَايَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا عَقْدَ فِيهَا كَذَلِكَ تَرِدُ عَلَى الْكَنْزِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا ثَمَنَ فِيهَا فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْقِيمَةَ كَالثَّمَنِ فَكَذَلِكَ يُقَالُ إنَّ الْغَصْبَ مُلْحَقٌ بِعُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَقَدْ أَجَابَ الشَّارِحُونَ عَنْ الْهِدَايَةِ بِهَذَا قَالُوا، وَلِذَا صَحَّ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِهِ لَمَّا كَانَ إقْرَارُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ جَائِزًا.
وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى بِأَنَّهُ يُقَالُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا، وَيَرِدُ عَلَى كِلَا التَّعْرِيفَيْنِ مَا مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إذَا قَوَّمَهُ فَلَهُ الْمُرَابَحَةُ عَلَى الْقِيمَةِ إذَا كَانَ صَادِقًا فِي التَّقْوِيمِ مَعَ أَنَّهُ لَا ثَمَنَ وَلَا عَقْدَ، وَلَمْ أَرَ كَيْفَ يَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ قِيمَتُهُ كَذَا، وَيَرِدُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا مَنْ اشْتَرَى دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ مُرَابَحَةً مَعَ صِدْقِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهَا، وَيَرِدُ أَيْضًا عَلَيْهِمَا مَا فِيهِ مِنْ الْإِبْهَامِ لِأَنَّ الثَّمَنَ السَّابِقَ إمَّا أَنْ يُرَادَ عَيْنُهُ أَوْ مِثْلُهُ لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَا يُرَادُ فِي الثَّانِي، وَلَا إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُرَادَ الْمِثْلُ جِنْسًا أَوْ مِقْدَارًا، وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِمَا فِي الْإِيضَاحِ وَالْمُحِيطِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ مُرَابَحَةً فَإِنْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ لَهُ مِثْلٌ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ الرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ مِنْ الدَّنَانِيرِ إذَا كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ الشِّرَاءُ بِهِ لِأَنَّ الْكُلَّ ثَمَنٌ، وَالثَّانِي
ــ
[منحة الخالق]
إلَيْهِ) كَذَا فِي الْفَسْخِ، وَالصَّوَابُ الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ.
[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]
(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ كَيْفَ يَقُولُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ قِيمَتُهُ كَذَا أَوْ رَقْمُهُ كَذَا فَأُرَابِحُك عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ رَقْمِهِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ أَوْ رَقْمِهِ كَذَا أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بِالرَّقْمِ، وَسَيَذْكُرُهَا الْمُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الرِّبْحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنَحِ سَوَاءٌ كَانَ الرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ الدَّرَاهِمُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ إذَا كَانَ مَعْلُومًا إلَخْ
وَهُوَ الْمِقْدَارُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَضُمَّ أُجْرَةَ الْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِثَمَنٍ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا أُرِيدَ الْمِثْلُ قَدْرًا، وَادَّعَى أَنَّ الْأُجْرَةَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ عَادَةً كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُونَ وَرَدَّ عَلَيْهِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ بِعَيْنِهِ إذَا كَانَ قَدْ وَصَلَ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَمَا أَوْرَدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الشِّرَاءِ بِثَمَنٍ نَسِيئَةً فَإِنَّ الْمُرَابَحَةَ لَا تَجُوزُ عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ لَيْسَ بِوَارِدٍ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ نَسِيئَةً كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ.
وَقَدْ وَضَعْت لِكُلِّ مِنْهُمَا تَعْرِيفًا لَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقُلْتُ: التَّوْلِيَةُ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ عَقْدِ الصُّلْحِ وَالْهِبَةِ بِشَرْطِ عِوَضٍ بِمَا يَتَعَيَّنُ بِعَيْنِ مَا قَامَ عَلَيْهِ أَوْ بِمِثْلِهِ أَوْ بِرَقْمِهِ أَوْ بِمَا قَوَّمَهُ بِهِ فِي غَيْرِ شِرَاءِ الْقِيَمِيِّ أَوْ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى بِهِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ أَوْ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى بِهِ مُضَارِبُهُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ مَعَ ضَمِّ حِصَّةٍ مِنْ الرِّبْحِ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَبِلَا رِبْحٍ فِي التَّوْلِيَةِ فَخَرَجَ مَا مَلَكَهُ فِي الصُّلْحِ لِابْتِنَائِهِ عَلَى الْحَطِّ وَالْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَدْيُونِهِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ يَشْتَرِي بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَمَا مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ أَيْضًا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَخَرَجَ بِمَا يَتَعَيَّنُ مَا لَا يَتَعَيَّنُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقُلْنَا بِعَيْنِ مَا قَامَ عَلَيْهِ، وَلَمْ نَذْكُرْ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ وَلَا الثَّمَنَ السَّابِقَ لِيَدْخُلَ الْغَصْبُ، وَمَا تَكَلَّفَهُ عَلَى الْعَيْنِ، وَلِيَخْرُجَ مَا إذَا اشْتَرَى دَجَاجَةً فَبَاضَتْ عِنْدَهُ عَشْرَ بَيْضَاتٍ، وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا قَدْرَ الْبَيْضِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُرَابَحَةُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
وَقُلْنَا بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ اقْتِصَارٍ عَلَى أَحَدِهِمَا لِجَوَازِهَا عَلَى الْعَيْنِ فِي صُورَةٍ قَدَّمْنَاهَا، وَعَلَى الْمِثْلِ فِيمَا عَدَاهَا، وَيَدْخُلُ فِي الْمِثْلِ مِثْلُ الثَّمَنِ السَّابِقِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ فَاسِدًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَأَوْ فِي التَّعْرِيفِ لَيْسَتْ لِلْإِبْهَامِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّنْوِيعِ، وَقُلْنَا أَوْ بِرَقْمِهِ لِيَدْخُلَ مَا إذَا اشْتَرَى مَتَاعًا ثُمَّ رَقَمَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى رَقْمِهِ جَازَ، وَلَا يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا، وَلَا قِيمَتُهُ، وَلَا اشْتَرَيْته بِكَذَا تَحَرُّزًا عَنْ الْكَذِبِ، وَإِنَّمَا يَقُولُ رَقْمُهُ كَذَا فَأَنَا أُرَابِحُ عَلَى كَذَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ، وَقُلْنَا أَوْ بِمَا قَوَّمَهُ بِهِ لِيَدْخُلَ مَا مَلَكَهُ بِإِرْثٍ وَنَحْوِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَيَّدْنَا بِغَيْرِ شِرَاءِ الْقِيَمِيِّ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى قِيَمِيًّا وَقَوَّمَهُ لَمْ تَجُزْ الْمُرَابَحَةُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيَمِيَّيْنِ أَنَّ فِي الشِّرَاءِ الْقِيَمِيِّ لَهُ أَصْلٌ يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَهُوَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا قَوَّمَهُ بِهِ أَزْيَدَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَالْمُرَابَحَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ شُبْهَةِ الْخِيَانَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ بَدَلٍ لِعَدَمِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مَا قَوَّمَهُ بِهِ مُخَالِفًا لَهُ، وَاحْتِمَالُ الزِّيَادَةِ فِي تَقْوِيمِهِ لَا يُعَدُّ خِيَانَةً لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الْمَبِيعِ مُشْتَرًى، وَالْبَعْضُ غَيْرَ مُشْتَرًى فَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْبًا وَبِطَانَةً، وَجَعَلَهُمَا جُبَّةً، وَجَعَلَ حَشْوَهَا قُطْنًا وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ ثُمَّ حَسَبَ الثَّمَنَ وَأَجْرَ الْخَيَّاطِ ثُمَّ قَالَ لِغَيْرِهِ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا، وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ جَازَ، وَكَذَا الرَّجُلُ يَرِثُ الثَّوْبَ فَيَبْسُطُهُ بِالْقَزِّ الَّذِي اشْتَرَاهُ، وَحَسَبَ أَجْرَ الْخَيَّاطِ، وَثَمَنَ الْقَزِّ ثُمَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَمَا أَوْرَدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي النَّهْرِ الْجَوَابَ عَنْهُ، وَعَنْ مَسْأَلَةِ الصَّرْفِ السَّابِقَةِ فَقَالَ وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَسْتَلْزِمُ مَبِيعًا، وَكَوْنُ مُقَابِلِهِ ثَمَنًا مُطْلَقًا مُقَيَّدٌ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ عَقْدِ الصُّلْحِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَلَكَهُ، وَقَوْلُهُ بِشَرْطِ عِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْهِبَةِ، وَقَوْلُهُ بِمَا يَتَعَيَّنُ مُتَعَلِّقٌ بِمَلَكَهُ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ بِعَيْنٍ مُتَعَلِّقٌ بِنَقْلٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِمِثْلِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى بِعَيْنٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ بِرَقْمِهِ، وَلَكِنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ يَعُودُ عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ شِرَاءِ الْقِيَمِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ مَا فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمَا قَوَّمَهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِمِثْلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِعَيْنٍ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ بِعَيْنِ مَا قَامَ عَلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إلَخْ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ مَلَكَهُ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِالْغَصْبِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى بِهِ مُضَارِبُهُ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى بِعَيْنٍ أَيْضًا، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ كَانَ مُضَارِبًا بِالنِّصْفِ، وَقَوْلُهُ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الرَّكَاكَةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ التَّوْلِيَةُ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ إلَخْ مُقْتَرِنًا بِزِيَادَةِ رِبْحٍ، وَالتَّوْلِيَةُ لَا تَكُونُ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ، وَلَا يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَمُرَادُهُ أَنْ يُشِيرَ إلَى تَعْرِيفِ الْمُرَابَحَةِ أَيْضًا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ تَعْرِيفَ التَّوْلِيَةِ بِقَوْلِهِ بِلَا رِبْحٍ ثُمَّ يَقُولَ، وَالْمُرَابَحَةُ النَّقْلُ الْمَذْكُورُ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ، وَاعْتَرَضَ فِي النَّهْرِ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ أَطَالَ فِيهِ بِذِكْرِ الشُّرُوطِ، وَغَيْرُ خَافٍ عَلَيْك خُرُوجُهَا عَنْ الْمَاهِيَّاتِ، وَالْقَصْدُ مِنْ التَّعَارِيفِ إنَّمَا هُوَ بَيَانُ الْمَاهِيَّةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ فَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ فِي صُورَةٍ قَدَّمْنَاهَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ بِعَيْنِهِ إذَا كَانَ قَدْ وَصَلَ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي (قَوْله إذَا اشْتَرَى مَتَاعًا ثُمَّ رَقَمَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَخْ) سَيَذْكُرُ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ خَانَ إلَخْ تَقْيِيدُ ذَلِكَ عَنْ الْمُحِيطِ بِمَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْلَمُ أَنَّ الرَّقْمَ غَيْرُ الثَّمَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا، وَلَا قِيمَتُهُ) اُنْظُرْ مَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا فِي الْحَاشِيَةِ.