الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاللَّحْمُ بِالْحَيَوَانِ) أَيْ وَصَحَّ
بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ اللَّحْمُ الْمُفْرَزُ أَكْثَرَ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي فِي الْحَيَوَانِ لِيَكُونَ اللَّحْمُ بِمُقَابَلَةِ مَا فِيهِ، وَالْبَاقِي مِنْ اللَّحْمِ بِمُقَابِلِهِ السَّقَطُ، وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ مَا لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّحْمِ كَالْجِلْدِ، وَالْكِرْشِ، وَالْأَمْعَاءِ، وَالطِّحَالِ، وَصَارَ كَالْحَلِّ، وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ دُهْنُ السِّمْسِمِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ بَاعَ الْمَوْزُونَ بِمَا لَيْسَ بِمَوْزُونٍ فَصَارَ كَبَيْعِ السَّيْفِ بِالْحَدِيدِ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُوزَنُ عَادَةً، وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ثِقَلِهِ بِالْوَزْنِ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِي الْحَلِّ يُعَرِّفُ قَدْرَ الدُّهْنِ إذَا مِيزَ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ، وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ نَسِيئَةً لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْهُمَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ لَا لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا بِيعَ بِغَيْرِهِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ أَيْضًا. اهـ.
وَلَوْ بَاعَ شَاةً مَذْبُوحَةً بِشَاةٍ حَيَّةٍ يَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَعَلَى هَذَا شَاتَانِ مَذْبُوحَتَانِ غَيْرُ مَسْلُوخَتَيْنِ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ لَمْ تُسْلَخْ يَجُوزُ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ كَانَتْ الشَّاةُ مَذْبُوحَةً غَيْرَ مَسْلُوخَةٍ فَاشْتَرَاهَا بِلَحْمِ الشَّاةِ فَالْجَوَابُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ، وَأَرَادَ بِغَيْرِ الْمَسْلُوخَةِ غَيْرَ الْمَفْصُولَةِ عَنْ السَّقَطِ، وَفِي الْحَاوِي لَوْ بَاعَ شَاةً فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِجِنْسِ لَبَنِهَا فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي اللَّحْمِ.
قَوْلُهُ (وَالْكِرْبَاسُ بِالْقُطْنِ، وَكَذَا بِالْغَزْلِ كَيْفَمَا كَانَ) أَيْ صَحَّ لِاخْتِلَافِهِمَا جِنْسًا لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يُنْقَضُ لِيَعُودَ غَزْلًا أَوْ قُطْنًا، وَالْكِرْبَاسُ الثِّيَابُ مِنْ اللَّحْمِ، وَالْجَمْعُ كَرَابِيسُ، وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ بِاعْتِبَارِ بَيْعِهَا.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْقُطْنَ الْمَحْلُوجَ بِغَزْلٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَجُوزُ إلَّا مُتَسَاوِيًا، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَظْهَرُ، وَفِي الْحَاوِي وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ بَاعَ الْمَحْلُوجَ بِغَيْرِ الْمَحْلُوجِ جَازَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْخَالِصَ أَكْثَرُ مِمَّا فِي الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْقُطْنَ غَيْرَ الْمَحْلُوجِ بِحَبِّ الْقُطْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِنْ الْحَبِّ الَّذِي فِي الْقُطْنِ حَتَّى يَكُونَ قَدْرُهُ مُقَابِلًا بِهِ، وَالزَّائِدُ بِالْقُطْنِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى ظَهْرِهَا صُوفٌ أَوْ فِي ضَرْعُهَا لَبَنٌ بِصُوفٍ أَوْ لَبَنٍ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصُّوفُ أَوْ اللَّبَنُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الشَّاةِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى، وَهُوَ نَظِيرُ بَيْعِ الزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ.
قَوْلُهُ (وَالرُّطَبُ بِالرُّطَبِ أَوْ بِالتَّمْرِ مُتَمَاثِلًا، وَالْعِنَبُ بِالزَّبِيبِ) أَيْ مُتَمَاثِلًا أَيْضًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ الْبَاقُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ، وَدَلِيلُ الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «حِين سُئِلَ عَنْهُ أَيَنْقُصُ إذَا جَفَّ فَقِيلَ نَعَمْ فَقَالَ لَا إذَنْ» رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَالْأَرْبَعَةُ فِي السُّنَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَلَهُ أَنَّ الرُّطَبَ تَمْرٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ رُطَبٌ أَوَ كُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا سَمَّاهُ تَمْرًا، وَتَعَقَّبَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْهَدِيَّةَ كَانَتْ تَمْرًا، وَتَبِعَهُ فِي الْبِنَايَةِ بِأَنَّ الثَّابِتَ فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهَا تَمْرٌ، وَلِأَنَّ الرُّطَبَ لَوْ كَانَ تَمْرًا جَازَ الْبَيْعُ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ تَمْرٍ فَبِآخِرِهِ، وَهُوَ «إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» هَكَذَا اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ حِينَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ بَغْدَادَ، وَكَانُوا أَشِدَّاءَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْخَبَرَ، وَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِهِمْ بِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ، وَفِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ النَّقَلَةِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الْبِنَايَةِ بِأَنَّهُ ثِقَةٌ عِنْدَ النَّقَلَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَيَّاشٍ مَجْهُولٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ ابْنَ عَيَّاشٍ هَذَا مَوْلًى لِبَنِي زُهْرَةَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَأَخْرَجَ حَدِيثَهُ مَعَ شِدَّةِ تَحَرِّيهِ فِي الرِّجَالِ، وَنَقَدَهُ، وَتَتَبُّعِهِ لِأَحْوَالِهِمْ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ النَّقْلِ عَلَى أَمَانَةِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَنَّهُ مُحْكِمٌ لِمَا يَرْوِيهِ اهـ.
قَالَ الْحَاكِمُ قَالَ الْأَكْمَلُ سَلَّمْنَا قُوَّتَهُ فِي الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ خَبَرُ وَاحِدٍ لَا يُعَارَضُ
ــ
[منحة الخالق]
[بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ]
(قَوْلُهُ وَفِي الْحَاوِي لَوْ بَاعَ شَاةً إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى ظَهْرِهَا صُوفٌ أَوْ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِصُوفٍ أَوْ لَبَنٍ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصُّوفُ وَاللَّبَنُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الشَّاةِ، وَفِي السِّرَاجِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ إلَّا عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ فَمَا فِي الْحَاوِي ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الْمَحْلُوجَ بِغَيْرِ الْمَحْلُوجِ جَازَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ بَيْعُ قُطْنِ الْمَحْلُوجِ بِالْقُطْنِ الَّذِي فِيهِ حَبٌّ لَا يَجُوزُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْحَبِّ، وَكَذَا بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ الْمَشْقُوقِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ» الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. اهـ. وَهُوَ كَمَا تَرَاهُ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا فَتَأَمَّلْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا هُنَا أَظْهَرُ.
بِهِ الْمَشْهُورُ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَوْلُهُ وَمَدَارُ مَا رَوَيَاهُ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَالْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ زَيْدٌ أَبُو عَيَّاشٍ وَرَدَّهُ فِي الْبِنَايَةِ بِأَنَّهُ، وَهَمَ فِيهِ لِأَنَّهُ ابْنُ عَيَّاشٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَيَّاشٍ، وَكَذَلِكَ، وَهَمَ فِيهِ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ التُّرْكُمَانِيُّ هَكَذَا، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ زَيْدُ بْنُ عَيَّاشٍ أَبُو عَيَّاشٍ الزَّلَّانِيُّ، وَيُقَالُ الْمَخْزُومِيُّ، وَيُقَالُ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ، وَالْمَدَنِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. اهـ.
، وَفِي الْعِنَايَةِ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ التَّرْدِيدَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْلِيَّةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ حِنْطَةً فَيَجُوزُ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ أَوْ لَا فَيَجُوزُ بِآخِرِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ كَلَامٌ حَسَنٌ فِي الْمُنَاظَرَةِ لِدَفْعِ شَغَبِ الْخَصْمِ، وَالْحُجَّةُ لَا تَتِمُّ بِهِ بَلْ بِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ التَّمْرِ عَلَيْهِ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ التَّمْرَ اسْمٌ لِثَمَرَةٍ خَارِجَةٍ مِنْ النَّخْلَةِ مِنْ حَيْثُ تَنْعَقِدُ صُورَتُهَا إلَى أَنْ تُدْرِكَ، وَالرُّطَبُ اسْمٌ لِنَوْعٍ مِنْهُ كَالْبَرْنِيِّ، وَغَيْرِهِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ رَدَّ تَرْدِيدَهُ بَيْنَ كَوْنِهِ تَمْرًا أَوْ لَا بِأَنَّ هُنَا قِسْمًا ثَالِثًا، وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْجِنْسِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْآخَرِ كَالْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ لِعَدَمِ تَسْوِيَةِ الْكَيْلِ بَيْنَهُمَا فَكَذَا الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ لَا يُسَوِّيهِمَا الْكَيْلُ، وَإِنَّمَا يُسَوِّي فِي حَالِ اعْتِدَالِ الْبَدَلَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَجِفَّ الْآخَرُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُهُ، وَيَعْتَبِرُ التَّسَاوِي فِي حَالِ الْعَقْدِ وَعُرُوضِ النَّقْصِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مَعَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْحَالِ إذَا كَانَ مُوجِبُهُ أَمْرًا خِلْقِيَّا، وَهُوَ زِيَادَةُ الرُّطُوبَةِ بِخِلَافِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِهَا فَإِنَّا فِي الْحَالِ نَحْكُمُ بِعَدَمِ التَّسَاوِي لِاكْتِنَازِ أَحَدِهِمَا فِي الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْآخَرِ لِتَخَلُّلِ كَثِيرٍ، وَأُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْهُ نَسِيئَةً فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ هَذَا زِيَادَةٌ نَسِيئَةً كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً» ، وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بَعْدَ صِحَّتِهَا يَجِبُ قَبُولُهَا لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ قَبُولُهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ لَمْ يَرَوْهَا إلَّا فِي زِيَادَةٍ تَفَرَّدَ بِهَا بَعْضُ الْحَاضِرِينَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَمِثْلُهُمْ لَا يَغْفُلُ عَنْ مِثْلِهَا فَإِنَّهَا مَرْدُودَةٌ لَكِنْ يَبْقَى قَوْلُهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ عَرِيًّا عَنْ الْفَائِدَةِ إذَا كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ نَسِيئَةً، وَمَا ذَكَرُوا أَنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّ الرُّطَبَ يَنْقُصُ إلَى أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَكُونُ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ مَنْفَعَةٌ لِلْيَتِيمِ بِاعْتِبَارِ النُّقْصَانِ عِنْدَ الْجَفَافِ فَمَنْعُهُ شَفَقَةً مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ كَانَ وَلِيَّ يَتِيمٍ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ اهـ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَوْ بَاعَ الثِّمَارَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ مُجَازَفَةً لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا كَانَ كَيْلًا وَعَرَفَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْكَيْلِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ ثَمَرٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ اقْتَسَمَاهُ مُجَازَفَةً لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ إلَّا إذَا عُلِمَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْكَيْلِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَلَوْ بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَزْنًا مُتَسَاوِيًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ جَوَازِ التَّسْوِيَةِ الْكَيْلُ، وَلَا يُدْرَى ذَلِكَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُ النَّاسِ بِالْوَزْنِ يَصِيرُ وَزْنِيًّا، وَيَجُوزُ، وَيُعْتَبَرُ التَّسَاوِي وَزْنًا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ كَيْلِيًّا، وَأَمَّا بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ فَلِمَا رَوَيْنَا أَنَّ اسْمَ التَّمْرِ يَتَنَاوَلُهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَوْ بَاعَ الْبُسْرَ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ لِأَنَّهُ تَمْرٌ بِخِلَافِ الْكُفُرَّى حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا شَاءَ مِنْ التَّمْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْرٍ، وَلِذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَالْكُفَرَّى بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَقْصُورًا اسْمٌ لِوِعَاءِ الطَّلْعِ، وَهُوَ كُمُّ النَّخْلِ أَوَّلَ مَا يَنْشَقُّ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ، وَهِيَ بَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَالْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِهَا، وَالْمَطْبُوخَةِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخَةِ، وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً رَطْبَةً أَوْ مَبْلُولَةً أَوْ يَابِسَةً جَازَ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ تَمْرًا مُنْقَعًا أَوْ زَبِيبًا مُنْقَعًا بِتَمْرٍ مِثْلِهِ أَوْ زَبِيبٍ مِثْلِهِ أَوْ بِالْيَابِسِ مِنْهُمَا جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بَعْدَ صِحَّتِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ بَعْدَ صِحَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يَجِبُ قَبُولُهَا لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُخْتَارَ عِنْدَ الْمُحْدَثِينَ قَبُولُ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ لَمْ يَرْوُوهَا إلَّا فِي زِيَادَةٍ تَفَرَّدَ بِهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ الْحَاضِرِينَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدِ، وَمِثْلُهُمْ لَا يَغْفُلُ عَنْ مِثْلِهَا فَإِنَّهَا مَرْدُودَةٌ عَلَى مَا كَتَبْنَاهُ فِي تَحْرِيرِ الْأُصُولِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ زِيَادَةٌ لِمَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ اجْتَمَعُوا فِيهِ فَسَمِعَ هَذَا مَا لَمْ يَسْمَعْ الْمُشَارِكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِالسَّمَاعِ فَمَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْحَالَ كَذَلِكَ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ قَالَ فِي مَجَالِسَ ذَكَرَ فِي بَعْضِهَا مَا تَرَكَهُ فِي آخَرَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا) وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ وَرَدَ بِإِطْلَاقِ اسْمِ التَّمْرِ عَلَى الرُّطَبِ، وَلَمْ يَرِدْ مِثْلُ هَذَا فِي الزَّبِيبِ فَافْتَرَقَا ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ أَُخْرَيَيْنِ فَقَالَ وَنَقَلَ الْقُدُورِيُّ فِي التَّقْرِيبِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ جَوَازَ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَن أَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ الزَّبِيبَ مَوْجُودٌ فِي الْعِنَبِ فَصَارَ كَالزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ فَصَارَ فِي بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ اهـ. مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً رَطْبَةً أَوْ مَبْلُولَةً أَوْ يَابِسَةً جَازَ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ، وَكَذَا بَيْعُ الْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ أَوْ الْمَبْلُولَةِ بِمِثْلِهَا أَوْ بِالْيَابِسَةِ