الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالسَّبَبُ، وَالْعَلَامَةُ، وَعِلَّةُ الْعِلَّةِ لِأَنَّهَا بِالْوَاسِطَةِ، وَهَذَا التَّعْرِيفُ شَامِلٌ لِلْعِلَلِ الْمَوْضُوعَةِ كَالْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ. اهـ.
وَلِلْمُسْتَنْبِطَةِ كَالْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْقِيَاسَاتِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَدْرِ الْكَيْلُ فِي الْمَكِيلِ، وَالْوَزْنُ فِي الْمَوْزُونِ فَانْحَصَرَ الْمُعَرَّفُ لِلْحُكْمِ فِيهِمَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالْقَدْرِ أَخْصَرُ لَكِنَّهُ يَشْمَلُ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ يَشْمَلُ الذَّرْعَ وَالْعَدَّ، وَلَيْسَا مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَكِنْ بَعْدَمَا وَضَعُوا الْقَدْرَ بِإِزَاءِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ كَيْفَ يَشْمَلُ غَيْرَهُمَا.
وَالْجِنْسُ فِي اللُّغَةِ الضَّرْبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ أَجْنَاسٌ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّوْعِ فَالْحَيَوَانُ جِنْسٌ، وَالْإِنْسَانُ نَوْعٌ، وَحُكِيَ عَنْ الْخَلِيلِ هَذَا يُجَانِسُ هَذَا أَيْ يُشَاكِلُهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّهْذِيبِ أَيْضًا، وَعَنْ بَعْضِهِمْ فُلَانٌ لَا يُجَانِسُ النَّاسَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ وَلَا عَقْلٌ، وَالْأَصْمَعِيُّ يُنْكِرُ هَذَيْنِ الِاسْتِعْمَالَيْنِ، وَيَقُولُ هُوَ كَلَامُ الْمُوَلَّدِينَ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ يُعْرَفُ بِاخْتِلَافِ الِاسْمِ الْخَاصِّ وَاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ فَالْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ جِنْسَانِ عِنْدَنَا لِأَنَّ إفْرَادَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَالثَّوْبُ الْهَرَوِيُّ وَالْمَرْوِيُّ بِسُكُونِ الرَّاءِ جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ وَقِيَامِ الثَّوْبِ بِهَا، وَكَذَا الْمَرْوِيُّ الْمَنْسُوجُ بِبَغْدَادَ، وَخُرَاسَانَ، وَاللَّبَدُ اللامتي وَالطَّالَقَانِيُّ، وَالتَّمْرُ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَالْحَدِيدُ، وَالرَّصَاصُ، وَالشَّبَهُ أَجْنَاسٌ، وَكَذَا غَزْلُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ، وَاللَّحْمُ الضَّانِي وَالْمَعْزِيِّ، وَالْبَقَرِيُّ، وَالْأَلْيَةُ، وَاللَّحْمُ، وَشَحْمُ الْبَطْنِ أَجْنَاسٌ، وَدُهْنُ الْبَنَفْسَجِ، وَالْخَيْرِيُّ جِنْسَانِ، وَالْأَدْهَانُ الْمُخْتَلِفَةُ أُصُولُهَا أَجْنَاسٌ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رِطْلِ زَيْتٍ غَيْرِ مَطْبُوخٍ بِرِطْلٍ مَطْبُوخٍ مُطَيَّبٍ لِأَنَّ الطِّيبَ زِيَادَةٌ. اهـ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ الْقَدْرُ عِبَارَةٌ عَنْ الْعِيَارِ، وَالْجِنْسُ عِبَارَةٌ عَنْ مُشَاكَلَةِ الْمَعَانِي. اهـ.
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ» ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ بِالرَّفْعِ الْحِنْطَةُ أَيْ بَيْعُ الْحِنْطَةِ مِثْلٌ، وَيُنْصَبُ عَلَى الْحَالِ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ فِي يَدًا بِيَدٍ فَالرَّفْعُ عَطْفٌ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ مِثْلٌ، وَمَقْبُوضَةٌ، وَالنَّصْبُ عَلَى الْحَالِ بِتَأْوِيلِهِ بِالْمُشْتَقِّ أَيْ مُتَنَاجِزَيْنِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ لِشُهْرَتِهِ ظَنَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّهُ، وَقَالَ الْجَصَّاصُ إنَّهُ يَقْرُبُ مِنْ الْمُتَوَاتِرِ لِكَثْرَةِ رُوَاتِهِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ سِتَّةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا عُمَرَ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَسَارِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَبِلَالٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ، وَهِشَامُ بْنُ عَامِرٍ، وَالْبَرَاءُ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِهِ فِي الْبِنَايَةِ ثُمَّ قَالَ آخِرًا، وَلَيْسَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ الْبُدَاءَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَذْكُورَةٌ فِي أَثْنَائِهِ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بَادِئًا بِالْحِنْطَةِ. اهـ.
وَالْحُكْمُ مَعْلُولٌ بِإِجْمَاعِ الْقَايِسِينَ لَكِنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الطَّعْمُ فِي الْمَطْعُومَاتِ، وَالثَّمَنِيَّةُ فِي الْأَثْمَانِ، وَالْجِنْسِيَّةُ شَرْطٌ، وَالْمُسَاوَاةُ مَخْلَصٌ.
وَالْأَصْلُ هُوَ الْحُرْمَةُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى شَرْطَيْنِ التَّقَابُضِ، وَالْمُمَاثَلَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِالْعِزَّةِ وَالْخَطَرِ كَاشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ فَيُعَلَّلُ بِعِلَّةٍ تُنَاسِبُ إظْهَارَ الْخَطَرِ وَالْعِزَّةِ، وَهُوَ الطُّعْمُ لِبَقَاءِ الْإِنْسَانِ، وَالثَّمَنِيَّةُ لِبَقَاءِ الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ مَنَاطُ الْمَصَالِحِ بِهَا، وَلَا أَثَرَ لِلْجِنْسِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَجَعَلْنَاهُ شَرْطًا، وَالْحُكْمُ قَدْ يَدُورُ مَعَ الشَّرْطِ، وَلَنَا أَنَّهُ أَوْجَبَ الْمُمَاثَلَةَ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِسَوْقِهِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الْبَيْعِ إذْ هُوَ يُنْبِئُ عَنْ التَّقَابُلِ وَذَلِكَ بِالتَّمَاثُلِ أَوْ صِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ عَنْ التَّوَى أَوْ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ بِاتِّصَالِ التَّسْلِيمِ بِهِ ثُمَّ يَلْزَمُ عِنْدَ فَوْتِهِ حُرْمَةُ الرِّبَا، وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى، وَالْمِعْيَارُ يُسَوِّي الذَّاتَ، وَالْجِنْسِيَّةُ تُسَوِّي الْمَعْنَى فَيَظْهَرُ الْفَضْلُ عَلَى ذَلِكَ فَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْمُسْتَحَقُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ
ــ
[منحة الخالق]
[عِلَّةُ الرِّبَا]
(قَوْلُهُ وَلَكِنْ بَعْدَمَا وَضَعُوا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا هَذَا الْمَعْنَى مِنْ اللَّفْظِ، وَهَذَا لَا يُفِيدُ عَدَمَ شُمُولِهِ لِغَيْرِهِ وَضْعًا نَعَمْ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْقَدْرِ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ.
لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَفَاوُتًا عُرْفًا أَوْ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ سَدَّ بَابِ الْبِيَاعَاتِ أَوْ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ» ، وَالطَّعْمُ، وَالثَّمَنِيَّةُ مِنْ أَعْظَمِ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ، وَالسَّبِيلُ فِي مِثْلِهَا الْإِطْلَاقُ بِأَبْلَغِ الْوُجُوهِ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا دُونَ التَّضْيِيقِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِمَا ذَكَرَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَحَرُمَ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ بِهِمَا) أَيْ بِالْقَدْرِ وَالْجِنْسِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ بِتَمَامِهَا، وَالْفَضْلُ الزِّيَادَةُ، وَالنَّسَاءُ بِالْمَدِّ التَّأْخِيرُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمِصْبَاح، وَإِنَّمَا ذَكَرَ النَّسِيءَ فَقَالَ وَالنَّسِيءُ مَهْمُوزٌ عَلَى فَعِيلٍ، وَيَجُوزُ الْإِدْغَامُ لِأَنَّهُ زَائِدٌ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ، وَالنَّسِيئَةُ عَلَى فَعَيْلَةٍ مِثْلُهُ، وَهُمَا اسْمَانِ مِنْ نَسَأَ اللَّهُ أَجَلَهُ مِنْ بَابِ نَفَعَ، وَأَنْسَاهُ اللَّهُ بِأَلْفٍ إذَا أَخَّرَهُ. اهـ.
وَفِي الْبِنَايَةِ النَّسَاءُ بِفَتْحِ النُّونِ، وَالْمَدِّ الْبَيْعُ إلَى أَجَلٍ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ بِالْمَدِّ لَا غَيْرُ قَوْلُهُ (وَالنَّسَاءُ فَقَطْ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ وَحَرُمَ التَّأْخِيرُ لَا الْفَضْلُ بِوُجُودِ الْقَدْرِ فَقَطْ، وَالْجِنْسِ فَقَطْ، وَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ مُتَفَاضِلًا صَحَّ لَا نَسِيئَةً، الثَّانِيَةُ بَاعَ ثَوْبًا مَرْوِيًّا بِمَرْوِيَّيْنِ جَازَ حَاضِرًا، وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدٍ إلَى أَجَلٍ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْجِنْسِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ لَا يُحَرِّمُ النَّسَاءَ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالتَّأْخِيرِ إلَّا شُبْهَةُ الْفَضْلِ، وَحَقِيقَةُ الْفَضْلِ جَائِزٌ فَالشُّبْهَةُ أَوْلَى، وَلَنَا أَنَّهُ مَالُ الرِّبَا مِنْ وَجْهٍ نَظَرًا إلَى الْقَدْرِ أَوْ إلَى الْجِنْسِ، وَالنَّقْدِيَّةُ أَوْجَبَتْ فَضْلًا فِي الْمَالِيَّةِ فَيَتَحَقَّقُ شُبْهَةُ الرِّبَا، وَهِيَ مَانِعَةٌ عَنْ الْجَوَازِ كَالْحَقِيقَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ مَوْلَانَا الْأَكْمَلُ فِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا قِيلَ إنَّ كَوْنَهُ مِنْ مَالِ الرِّبَا مِنْ وَجْهِ شُبْهَةٍ، وَكَوْنُ الشُّبْهَةِ أَوْجَبَتْ فَضْلًا شُبْهَةً فَصَارَتْ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ فَالشُّبْهَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ دُونَ النَّازِلِ عَنْهَا، وَالثَّانِي أَنَّ كَوْنَهَا شُبْهَةَ الرِّبَا كَالْحَقِيقَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا أَوْ فِي مَحِلِّ الْحَقِيقَةِ، وَالْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ، وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ لَكِنَّهَا كَانَتْ جَائِزَةً فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الشُّبْهَةُ كَذَلِكَ.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الشُّبْهَةَ الْأُولَى فِي الْمَحِلِّ، وَالثَّانِيَةَ فِي الْحُكْمِ، وَثَمَّةَ شُبْهَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ الَّتِي فِي الْعِلَّةِ، وَلِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ وَالْمَحِلِّ تَثْبُتُ شُبْهَةُ الْحُكْمِ لَا شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الْقِسْمَةَ غَيْرُ حَاصِرَةٍ بَلْ الشُّبْهَةُ مَانِعَةٌ فِي مَحِلِّ الشُّبْهَةِ إذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ بِكَمَالِهَا. اهـ.
وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ لِمَذْهَبِنَا «بِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ إنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبِنَايَةِ، وَأَوْرَدَ أَنَّهُ بَعْضُ الْعِلَّةِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِحُرْمَةِ النَّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضَ عِلَّةٍ لِحُرْمَةِ الْفَضْلِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى تَوْزِيعِ أَجْزَاءِ الْحُكْمِ عَلَى أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَأَوْرَدَ أَيْضًا أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالنَّسَاءُ فَقَطْ بِأَحَدِهِمَا يَمْنَعُ جَوَازَ إسْلَامِ النُّقُودِ فِي الزَّعْفَرَانِ أَوْ الْقُطْنِ لِوُجُودِ الْقَدْرِ، وَهُوَ الْوَزْنُ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ فَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَّفِقَانِ فِي صِفَةِ الْوَزْنِ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَعْنَى فَيَجُوزُ لِأَنَّ النُّقُودَ تُوزَنُ بِالصَّنَجَاتِ، وَالزَّعْفَرَانَ بِالْأَمْنَاءِ فَنَقُولُ الدَّرَاهِمُ مَعَ الزَّعْفَرَانِ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْوَزْنِ صُورَةً فَقَدْ اخْتَلَفَا فِيمَا يُوزَنُ بِهِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَحُكْمًا فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ أَمَّا الِاخْتِلَافُ الصُّورِيُّ فَمَا بَيَّنَّاهُ.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْمَعْنَى فَلِأَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَالزَّعْفَرَانُ، وَنَحْوُهُ يَتَعَيَّنُ، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْأَحْكَامِ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي النُّقُودِ قَبْلَ قَبْضِهَا بِخِلَافِ الْمُثَمَّنِ فَلَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقَدْرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَنَزَلَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ إلَى شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ الْمَوْزُونَيْنِ إذَا اتَّفَقَا كَانَ الْمَنْعُ لِلشُّبْهَةِ، وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقَا كَانَ ذَلِكَ شُبْهَةَ الْوَزْنِ، وَالْوَزْنُ وَحْدَهُ شُبْهَةٌ فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ، وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، وَالصَّنَجَاتُ بِتَحْرِيكِ النُّونِ جَمْعُ صَنْجَةٍ، وَعَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ لَا يُقَالُ بِالسِّينِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ بِالصَّادِ، وَفِي الْمُغْرِبِ الصَّنَجَاتُ بِالتَّحْرِيكِ جَمْعُ صَنْجَةٍ بِالتَّسْكِينِ، وَعَنْ الْفَرَّاءِ بِالسِّينِ أَفْصَحُ، وَأَنْكَرَ الْقُتَبِيُّ السِّينَ أَصْلًا، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْوَجْهُ أَنْ يُضَافَ تَحْرِيمُ الْجِنْسِ بِانْفِرَادِهِ إلَى السَّمْعِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُلْحَقُ بِهِ تَأْثِيرُ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ بِانْفِرَادِهِ ثُمَّ يُسْتَثْنَى إسْلَامُ النُّقُودِ فِي الْمَوْزُونَاتِ بِالْإِجْمَاعِ كَيْ لَا يَنْسَدَّ أَكْثَرُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدٍ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ عِلَّةَ الْحُكْمِ هُنَا عَدَمُ قَبُولِ الْعَبْدِ التَّأْجِيلَ لَا وُجُودُ الْجِنْسِيَّةِ فَلَوْ مَثَّلَ بِبَيْعِ هَرَوِيٌّ بِمِثْلِهِ لَكَانَ أَوْلَى. اهـ.
وَهُوَ مُنَاقَشَةٌ فِي الْمِثَالِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّوْضِيحُ عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ الْجِنْسِيَّةِ فِيهِ عِلَّةً أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَال لَهُ بِالْحَدِيثِ الْآتِي قَرِيبًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَحَقِيقَةُ الْفَضْلِ جَائِزٌ) كَمَا لَوْ بَاعَ مَرْوِيًّا بِمَرْوِيَّيْنِ حَاضِرًا