الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ يُقَالُ الطُّسُوتُ ذَكَرَهُ فِي الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقُمْقُمَةُ بِالضَّمِّ مَعْرُوفَةٌ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ هُوَ رُومِيٌّ وَالْجَمْعُ قَمَاقِمُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ) هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الزَّيْلَعِيِّ وَفِي نُسْخَةِ الْعَيْنِيِّ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهَا فِي الْهِدَايَةِ بِمَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي تَشِذُّ عَنْ الْأَبْوَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَمْ تُذْكَرْ فِيهَا إذَا اُسْتُدْرِكَتْ سُمِّيَتْ بِهَا أَيْ مُتَفَرِّقَةً مِنْ أَبْوَابٍ أَوْ مَنْثُورَةً عَنْ أَبْوَابِهَا قَوْلُهُ (صَحَّ بَيْعُ الْكَلْبِ وَالْفَهْدِ وَالسِّبَاعِ وَالطُّيُورِ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي ثَمَنِ كَلْبِ الصَّيْدِ» وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ آلَةُ الِاصْطِيَادِ فَصَحَّ بَيْعُهُ كَالْبَازِي بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّارِعَ أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ بِهِ حِرَاسَةً وَاصْطِيَادًا فَكَذَا بَيْعًا وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ طَهَارَةِ عَيْنِهِ بِخِلَافِ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ فَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ سُلِّمَ نَجَاسَةُ عَيْنِهِ فَهِيَ تُوجِبُ حُرْمَةَ أَكْلِهِ لَا مُنِعَ بَيْعِهِ بَلْ مُنِعَ الْبَيْعُ بِمَنْعِ الِانْتِفَاعِ شَرْعًا وَلِهَذَا أَجَزْنَا بَيْعَ السِّرْقِينَ وَالْبَعْرِ مَعَ نَجَاسَةِ عَيْنِهِمَا لِإِطْلَاقِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا عِنْدَنَا بِخِلَافِ الْعَذِرَةِ لَمْ يُطْلَقْ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَمُنِعَ بَيْعُهَا فَإِنْ ثَبَتَ شَرْعًا إطْلَاقُ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَخْلُوطَةً بِالتُّرَابِ، وَلَوْ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَالِاسْتِصْبَاحِ بِالزَّيْتِ النَّجِسِ كَمَا قِيلَ جَازَ بَيْعُ ذَلِكَ التُّرَابِ الَّتِي هِيَ فِي ضِمْنِهِ وَبِهِ قَالَ مَشَايِخُنَا وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُ الْخَمْرِ لِنَصٍّ خَاصٍّ فِي مَنْعِ بَيْعِهَا وَهُوَ الْحَدِيثُ أَنَّ «الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا» . اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى ثَوْرًا أَوْ فَرَسًا مِنْ خَزَفٍ لِاسْتِئْنَاسِ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ (طب) صَحَّ وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهُ يَجُوزُ بَيْعُ خُرْءِ الْحَمَامِ إنْ كَانَ كَثِيرًا وَهِبَتُهُ أَدْنَى الْقِيمَةِ الَّتِي تُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فَلَسًا، وَلَوْ كَانَتْ كِسْرَةَ خُبْزٍ لَا يَجُوزُ. اهـ.
أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمُعَلَّمَ وَغَيْرَهُ الْعَقُورَ وَغَيْرَهُ هَكَذَا أُطْلِقَ فِي الْأَصْلِ فَمَشَى الْقُدُورِيُّ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ وَنَصَّ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْعَقُورِ وَتَضْمِينِ مَنْ قَتَلَهُ قِيمَتَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَنَعَ بَيْعَ الْعَقُورِ وَذَلِكَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، وَقَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْأَسَدِ إذَا كَانَ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَيُصْطَادُ بِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَالِاصْطِيَادَ بِهِ لَا يَجُوزُ قَالَ وَالْفَهْدُ وَالْبَازِي يَقْبَلَانِ التَّعْلِيمَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّمِرِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لِشَرَاسَتِهِ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، وَفِي بَيْعِ الْقِرْدِ رِوَايَتَانِ وَجْهُ رِوَايَةٍ الْجَوَازُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ إطْلَاقِ رِوَايَةِ بَيْعِ الْكَلْبِ وَالسِّبَاعِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَصَحَّحَ فِي الْبَدَائِعِ عَدَمَ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَى لِلِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ عَادَةً بَلْ لِلتَّلَهِي بِهِ وَهُوَ حَرَامٌ. اهـ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْهِرَّةِ لِأَنَّهَا تَصْطَادُ الْفَأْرَةَ وَالْهَوَامَّ الْمُؤْذِيَةَ فَهِيَ مُنْتَفَعٌ بِهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ هَوَامِّ الْأَرْضِ كَالْخَنَافِسِ وَالْعَقَارِبِ وَالْفَأْرَةِ وَالنَّمْلِ وَالْوَزَغِ وَالْقَنَافِذِ وَالضَّبِّ وَلَا هَوَامِّ الْبَحْرِ كَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ فِي الْبَحْرِ إلَّا السَّمَكَ وَمَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْقُنْيَةِ وَبَيْعُ غَيْرِ السَّمَكِ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَالسَّقَنْقُورِ وَجُلُودِ الْخَزِّ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، وَجَمَلُ الْمَاءِ قِيلَ يَجُوزُ حَيًّا لَا مَيِّتًا وَالْحَسَنُ أَطْلَقَ الْجَوَازَ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَّاتِ إذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الْأَدْوِيَةِ فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا لَا يَجُوزُ وَرَدَّهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ شَرْعًا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلتَّدَاوِي كَالْخَمْرِ فَلَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى شَرْعِ الْبَيْعِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الدُّهْنِ النَّجِسِ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِلِاسْتِصْبَاحِ فَهُوَ كَالسِّرْقِينِ، أَمَّا الْعَذِرَةُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا مَخْلُوطَةً
ــ
[منحة الخالق]
ابْنُ كَمَالِ بَاشَا فِي رِسَالَةِ الْمُغْرِبِ وَوَهِمَ فِيهِ الْإِمَامُ الْمُطَرِّزِيُّ حَيْثُ قَالَ الطَّسْتُ مُؤَنَّثَةٌ وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ وَالطَّسُّ تَعْرِيبُهَا لِأَنَّ الطَّسَّ مُرَخَّمٌ مِنْ الطَّسْتِ كَمَا أَنَّ الطَّشَّ مُرَخَّمٌ مِنْ الطَّشْتِ وَكَذَا الْجَوْهَرِيُّ أَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الطَّسْتَ عَرَبِيٌّ أَصْلُهُ الطَّسُّ بِلُغَةِ طَيِّئٍ أَبْدَلَ مِنْ إحْدَى السِّينَيْنِ تَاءً لِلِاسْتِثْقَالِ، فَإِذَا جَمَعْت أَوْ صَغَّرْت رَدَدْت السِّينَ لِأَنَّك فَصَلْت بَيْنَهُمَا بِأَلِفٍ أَوْ يَاءٍ فَقُلْتُ: طِسَاسٌ وَطَسِيسٌ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ حَيْثُ قَالَ الطَّسْتُ الطَّسُّ أُبْدِلَ مِنْ إحْدَى السِّينَيْنِ تَاءً وَصَاحِبُ الْمُجْمَلِ أَيْضًا غَافِلٌ عَنْ تَعْرِيبِهَا حَيْثُ قَالَ وَالطَّسُّ لُغَةً فِي طَسْتٍ اهـ.
[بَابُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْبَيْع]
(بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ)
بِالتُّرَابِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا تَبَعًا وَيُجْمَعُ الْفَهْدُ عَلَى فُهُودٍ وَفَهِدَ الرَّجُلُ إذَا أَشْبَهَ الْفَهْدَ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِ وَتَمَرُّدِهِ وَفِي الْحَدِيثِ «إنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ» وَالسَّبُعُ وَاحِدُ السِّبَاعِ كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالِانْتِفَاعُ بِالْكَلْبِ لِلْحِرَاسَةِ وَالِاصْطِيَادِ جَائِزٌ إجْمَاعًا لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَّخَذَ فِي دَارِهِ إلَّا إنْ خَافَ اللُّصُوصَ أَوْ عَدُوًّا وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» وَفِي الْبَدَائِعِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْفِيلِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً مُبَاحُ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَكَانَ مَالًا.
قَوْلُهُ (وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِي بَيْعِ غَيْرِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُحْتَاجٌ فَشَرَعَ فِي حَقِّهِمْ أَسْبَابَ الْمُعَامَلَاتِ فَكُلُّ مَا جَازَ لَنَا مِنْ الْبِيَاعَاتِ مِنْ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَغَيْرِهِمَا جَازَ لَهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الرِّبَا وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ فَإِنَّ عَقْدَهُمْ فِيهَا كَعَقْدِنَا عَلَى الْعَصِيرِ وَالشَّاةِ فَيَجُوزُ لَهُ السَّلَمُ فِي الْخَمْرِ دُونَ الْخِنْزِيرِ، وَفِي الْبَدَائِعِ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا فَلِأَنَّهُ مُبَاحُ الِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا لَهُمْ فَكَانَ مَالًا فِي حَقِّهِمْ عَنْ الْبَعْضِ حُرْمَتُهُمَا ثَابِتَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِشَرَائِعَ هِيَ مُحَرَّمَاتٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا فَكَانَتْ الْحُرْمَةُ ثَابِتَةً فِي حَقِّهِمْ لَكِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ عَنْ بَيْعِهَا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهَا ويتمولونها، وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ. اهـ.
قَيَّدَ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لِأَنَّا لَا نُجِيزُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بَيْعَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَأَمَّا الْمُنْخَنِقَةُ وَاَلَّتِي قَدْ جُرِحَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الذَّبْحِ وَذَبَائِحُ الْمَجُوسِ كَالْخِنْزِيرِ قَالَ فِي الْإِصْلَاحِ فَالْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْهِدَايَةِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبَيْعُ الْمَجُوسِيِّ ذَبِيحَتَهُ أَوْ مَا هُوَ ذَبِيحَةٌ عِنْدَهُ كَالْخَنْقِ مِنْ كَافِرٍ جَائِزٌ عِنْدَ الثَّانِي. اهـ.
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُسْتَثْنَى مُخْتَصٌّ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لَا كَمَا زَعَمَ صَاحِبُ الْإِصْلَاحِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بَيْعُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مِنْ كَافِرٍ يَجُوزُ. اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ تَأْخِيرُ الْيَهُودِيِّ فِي السَّبْتِ لِاشْتِغَالِهِ بِالسَّبْتِ مُبْطِلٌ لِلشُّفْعَةِ وَفِيهَا مِنْ الْحُدُودِ وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ عَمَّا يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ إلَّا شُرْبَ الْخَمْرِ فَإِنْ غَنَّوْا وَضَرَبُوا الْعِيدَانَ يُمْنَعُوا كَالْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَثْنَ عَنْهُمْ. اهـ.
وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ وَلَوْ بَاعَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَالْمُرَادُ بِلَفْظَةِ الِانْتِقَاضِ إثْبَاتُ حَقِّ الْفَسْخِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ بِالْإِسْلَامِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَبَقَ الْمَبِيعُ فَإِنْ صَارَ خَلًّا قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ نَقَضَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ فِي قَوْلِهِمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْعَقْدُ بَاطِلٌ وَكَذَا الْمُسْلِمُ إذَا اشْتَرَى عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ، وَلَوْ قَبَضَ الْخَمْرَ، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ الْبَيْعُ قَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ لَا، وَلَوْ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا جَازَ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى مُصْحَفًا، وَلَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ مِنْ كَافِرٍ عَبْدًا مُسْلِمًا شِرَاءً فَاسِدًا أُجْبِرَ عَلَى رَدِّهِ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْفَسَادِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْخَمْرِ دُونَ الْخِنْزِيرَ) لِأَنَّ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ) قَالَ فِي مَتْنِ الْمَنَارِ وَالْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِالْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ بِالْمَشْرُوعِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ وَبِالْمُعَامَلَاتِ وَبِالشَّرَائِعِ فِي حَقِّ الْمُؤَاخَذَةِ فِي الْآخِرَةِ بِلَا خِلَافٍ أَيْ الْمَشْرُوعَاتُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَأَمَّا فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ لَا يُخَاطَبُونَ بِأَدَاءِ مَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ مِنْ الْعِبَادَاتِ. اهـ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَلَا يُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِهَا، ثُمَّ قَالَ وَالرَّاجِحُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى التَّكْلِيفِ لِمُوَافَقَتِهِ لِظَاهِرِ النُّصُوصِ فَلْيَكُنْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمَا) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: وَلَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَوْ اشْتَرَى مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا أَوْ شِقْصًا مِنْهُمَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي صَغِيرًا أُجْبِرَ وَلِيُّهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَقَامَ الْقَاضِي لَهُ وَلِيًّا، كَذَا فِي السِّرَاجِ وَيَنْبَغِي أَنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ فِي هَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ. اهـ. أَيْ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَجَازَهُ وَلِيُّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّهُ قَدْ يُسْلِمُ قَبْلَ إجْبَارِ وَلِيِّهِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ تَأَمَّلْ وَأَقُولُ: أَيْضًا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ فَمَا زَادَهُ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَلَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَا هُوَ ذَبْحٌ عِنْدَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ذَبِيحَتُهُ وَقَوْلِهِ كَالْخَنْقِ تَمْثِيلٌ لِمَا هُوَ ذَبْحٌ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ مِنْ كَافِرٍ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِ الَّذِي هُوَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ جَائِزٌ خَبَرٌ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ نَسَبَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَرِّجُ لَهُ وَلَا قَوْلَ لَهُمَا فِيهِ، وَقَدْ الْتَزَمَ مِثْلَهُ فِي طَلَاقِ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمَعْنَى يَشْهَدُ لَهُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَنْزِلُ عَنْ مَرْتَبَةِ الْخِنْزِيرِ إذَا ذَبَحَهُ الذِّمِّيُّ. اهـ.
أَقُولُ: تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِالْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمَيْتَةِ حَيْثُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ عَنْ التَّجْنِيسِ وَلَوْ بَاعُوا ذَبِيحَتَهُمْ وَذَبْحُهُمْ أَنْ يَخْنُقُوا الشَّاةَ وَيَضْرِبُوهَا حَتَّى تَمُوتَ جَازَ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الذَّبِيحَةِ عِنْدَنَا وَفِي جَامِعِ الْكَرْخِيِّ يَجُوزُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ
وَاجِبٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ فَيُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ لِيَنْعَدِمَ الْفَسَادُ، ثُمَّ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الذِّمِّيُّ جَازَ وَإِنْ دَبَّرَهُ جَازَ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا وَيَوْجَعُ الذِّمِّيُّ ضَرْبًا؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ مُسْلِمَةً وَذَلِكَ حَرَامٌ فَإِنْ كَاتَبَهُ جَازَ وَلَا يَفْتَرِضُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ، وَكَذَا الذِّمِّيُّ إذَا مَلَكَ شِقْصًا مِنْ مُسْلِمٍ فَهُوَ كَالْكُلِّ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا لَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا إلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ أَقْرَضَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيًّا خَمْرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُقْرِضُ سَقَطَ الْخَمْرُ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهَا فَصَارَ كَهَلَاكِهَا مُسْتَنِدًا إلَى مَعْنًى فِيهَا وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُسْتَقْرِضُ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ سُقُوطُهَا وَعَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِتَعَذُّرِهِ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ. اهـ. وَلَمْ أَرَ حُكْمَ وَقْفِ الْكَافِرِ مُصْحَفًا.
قَوْلُهُ (وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك مِائَةً سِوَى الْأَلْفِ فَبَاعَ صَحَّ بِأَلْفٍ وَبَطَلَ الضَّمَانُ وَإِنْ زَادَ مِنْ الثَّمَنِ فَالْأَلْفُ عَلَى زَيْدٍ وَالْمِائَةُ عَلَى الضَّامِنِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يَصِيرُ الْتِزَامًا لِلْمَالِ ابْتِدَاءً وَهُوَ رِشْوَةٌ وَفِي الثَّانِي يَصِيرُ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ وَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَالْمُرَابَحَةِ وَلَا يَحْبِسُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يَحْبِسُهُ عَلَى أَلْفٍ وَبِرَابِحٍ عَلَيْهَا وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِهَا، وَلَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ اسْتَرَدَّهَا الْأَجْنَبِيُّ، وَكَذَا إنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَبِهِ لَا يَسْتَرِدُّهَا لِكَوْنِهِ فَسْخًا إجْمَاعًا، وَلَوْ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي صَارَتْ كَزِيَادَتِهِ بِنَفْسِهِ فَتُلْتَحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَتَثْبُتُ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ الْبَائِعُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُطَالَبُ مَنْ زَادَ كَأَنَّهُ وَكِيلُهُ، وَلَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ تَقَايَلَا بِرَدِّ الزِّيَادَةِ عَلَى الضَّامِنِ فَقَطْ لِكَوْنِهِ أَخَذَهَا مِنْهُ دُونَ الْمُشْتَرِي، وَذُكِرَ فِي الْكَافِي أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِالْأَلْفِ وَمِائَةٍ فَجَعَلَهَا ظَاهِرَةً فِي حَقِّهِ وَإِنَّمَا ظَهَرَتْ فِي حَقِّهِ مَعَ أَنَّ زِيَادَةَ الْمُشْتَرِي لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهَا فِي الْعَقْدِ فَصَارَتْ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ سِوَى الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْهُ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك مِائَةً مِنْ الثَّمَنِ صَارَ كَفِيلًا بِمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ، فَإِنْ أَدَّى رَجَعَ بِهِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ وَإِلَّا فَلَا وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا زَادَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ يُعْطِي الزِّيَادَةَ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يَضْمَنُهَا أَوْ يُضِيفُهَا إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ زَادَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي جَازَ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْمَالُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى إضَافَتِهِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِالضَّمَانِ كَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ. وَقَوْلُهُ بِعْ عَبْدَك كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنَّ قَوْلَهُ بِعْ عَبْدَك أَمْرٌ وَالْأَمْرُ لَا يَكُونُ فِي الْبَيْعِ إيجَابًا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُشَارَ إلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْقَائِلُ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْمُشْتَرِي وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَبَاعَ أَيْ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ.
قَوْلُهُ (وَوَطْءُ زَوْجِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْضٌ لَا عَقْدُهُ) لِأَنَّ الْوَطْءَ مِنْ الزَّوْجِ حَصَلَ بِتَسْلِيطِ الْمُشْتَرِي فَصَارَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا لَا يَكُونُ قَبْضًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فِعْلٌ يُوجِبُ نَقْصًا فِي الذَّاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَيْبٌ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَدَلَّ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا جَائِزٌ بِخِلَافِ بَيْعِهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالْغَرَرِ وَالْبَيْعُ يَبْطُلُ بِهِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ الْآبِقِ دُونَ بَيْعِهِ، فَلَوْ اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ بَطَلَ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَتَى اُنْتُقِضَ قَبْلَ الْقَبْضِ اُنْتُقِضَ مِنْ الْأَصْلِ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَكَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا، وَقَيَّدَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ بُطْلَانَ النِّكَاحِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَوْتِ حَتَّى لَوْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَإِنْ بَطَلَ الْبَيْعُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَيَّدَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالتَّدْبِيرَ قَبْضٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلًا حِسِّيًّا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ وَالتَّدْبِيرُ مِنْ فُرُوعِهِ وَقَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ قُبَيْلَ خِيَارِ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ الْجَارِيَةِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا لَهَا وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ وَقْفِ الْكَافِرِ مُصْحَفًا) قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ السِّرَاجِ تَعْلِيلُ إجْبَارِهِ عَلَى بَيْعِ الْمُصْحَفِ بِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْهُ إتْلَافَهُ بِمَا لَا يَحِلُّ، أَقُولُ: فِي تَعْلِيلِهِ إيمَاءً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ قُرْبَةً عِنْدَهُمْ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَهَذَا لِأَنَّ مَا يُتَقَرَّبُ بِإِيقَافِهِ لَا يُخْشَى إتْلَافُهُ بِمَا لَا يَحِلُّ كَحَرْقٍ وَنَحْوِهِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالْغَرَرِ وَالْبَيْعُ يَبْطُلُ بِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَهُ وَفِي الْبَيْعِ قَبْلَ احْتِمَالِ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَعْنِي الْمَرْأَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ لَا يَصِحُّ وَتَزْوِيجَ الْآبِقَةِ يَجُوزُ اهـ.