المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيع الفضولي] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٦

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ]

- ‌[تَعْلِيقُ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ]

- ‌خِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ)

- ‌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْمَبِيعَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ

- ‌ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ

- ‌[أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ]

- ‌[شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ]

- ‌ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ]

- ‌[اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا]

- ‌(بَابٌ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ)

- ‌[يَبْطُلُ خِيَار الرُّؤْيَة بِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ]

- ‌ عَقْدُ الْأَعْمَى) أَيْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ

- ‌[لَا يُورَثُ خِيَار الرُّؤْيَة كَخِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا

- ‌[مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ]

- ‌[السَّرِقَةُ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ]

- ‌ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌ اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ جَوْزًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ

- ‌ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ بِقَضَاءٍ

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَادَّعَى عَيْبًا]

- ‌[اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا]

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[شَرَائِطُ صِحَّة الْإِقَالَة]

- ‌[صِفَة الْإِقَالَة]

- ‌[حُكْمُ الْإِقَالَة]

- ‌[رُكْنُ الْإِقَالَة]

- ‌[مَنْ يَمْلِكُ الْإِقَالَة وَمَنْ لَا يَمْلِكُهَا]

- ‌[إقَالَةُ الْإِقَالَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ)

- ‌[شَرْطُ الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[عِلَّةُ الرِّبَا]

- ‌ بَيْعُ الْمَكِيلِ كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ، وَالْمَوْزُونِ كَالنَّقْدَيْنِ

- ‌ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ)

- ‌(بَابُ الْحُقُوقِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الْمَذْرُوعَاتِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي السَّمَكِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ]

- ‌[أَقَلُّ أَجَلِ السِّلْم]

- ‌ أَسْلَمَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَمِائَةً نَقْدًا

- ‌[اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً]

- ‌[أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ وَقُبِضَتْ الْأَمَةُ فَتَقَايَلَا وَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِقَالَةِ]

- ‌ السَّلَمُ وَالِاسْتِصْنَاعُ فِي نَحْوِ خُفٍّ وَطَسْتٍ)

- ‌[بَابُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْبَيْع]

- ‌(فُرُوعٌ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَائِبِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ بَاعَ أَمَةً مَعَ طَوْقٍ قِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا

- ‌[بَاعَ سَيْفًا حِلْيَتُهُ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ وَنَقَدَ خَمْسِينَ]

- ‌ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا

- ‌ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا)

- ‌ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا فَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفَ دِرْهَمِ فُلُوسٍ وَنِصْفًا إلَّا حَبَّةً]

- ‌[تَبْطُلُ الْكَفَالَة بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ لَا الطَّالِبِ]

- ‌ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ

- ‌[الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ]

- ‌ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ عَلَى أَلْفٍ

- ‌ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

- ‌لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ)

- ‌[يَبْرَأ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ]

- ‌ صَالَحَ الْأَصِيلُ أَوْ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى نِصْفِ الدَّيْنِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِحَمْلِ دَابَّةٍ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْعُهْدَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْخَلَاصِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌[كَفَالَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ)

- ‌(كِتَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌ أَحَالَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَدِيعَةً

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌ أَهْلُ الْقَضَاءِ

- ‌[تَقْلِيد الْفَاسِقُ الْقَضَاءِ]

- ‌[كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَفَسَقَ]

- ‌[أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ]

- ‌الْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُفْتِي أَنْ يُغَلِّظَ لِلزَّجْرِ مُتَأَوِّلًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لِلْإِفْتَاءِ]

- ‌ طَلَبَ الْقَضَاءَ

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي إذَا تَقَلَّدَ الْقَضَاء]

- ‌[تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ وَمِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

الفصل: ‌[فصل في بيع الفضولي]

الثَّمَنِ إلَى آخِرِهِ، وَثَبَتَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا شَرَحَ عَلَيْهِ الْعَيْنِيُّ.

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ]

وَلَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً عِنْدَ الزَّيْلَعِيِّ فَتَرَكَهُ، وَهُوَ نِسْبَةٌ إلَى الْفُضُولِيِّ جَمْعِ الْفَضْلِ أَيْ الزِّيَادَةِ، وَفِي الْمُغْرِبِ، وَقَدْ عَلِمْت جَمْعَهُ عَلَى مَا لَا خَيْرَ فِيهِ حَتَّى قِيلَ

فُضُولٌ بِلَا فَضْلٍ

وَسِنٌّ بِلَا سِنٍّ

وَطُولٌ بِلَا طُولٍ

وَعَرْضٌ بِلَا عَرْضٍ

ثُمَّ قِيلَ لِمَنْ يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فُضُولِيٌّ، وَهُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ مَنْ لَيْسَ بِوَكِيلٍ، وَبِفَتْحِ الْفَاءِ خَطَأٌ. اهـ.

وَقِيلَ الْفُضُولِيُّ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ شَرْعِيٍّ كَالْأَجْنَبِيِّ يُزَوِّجُ أَوْ يَبِيعُ، وَلَمْ يَرِدْ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسَ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْغَلَبَةِ كَالْعِلْمِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَصَارَ كَالْأَنْصَارِيِّ وَالْأَعْرَابِيِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ غَلَبَ فِي الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ، وَمَا لَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ فَقَوْلُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ لِمَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ فُضُولِيٌّ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ اهـ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَفْسَخَهُ، وَيُجِيزَهُ إنْ بَقِيَ الْعَاقِدَانِ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَلَهُ، وَبِهِ لَوْ عَرَضًا) يَعْنِي أَنَّهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ بِالشَّرَائِطِ الْأَرْبَعَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْعَقِد لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَيَلْغُو لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ بِالْمِلْكِ أَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَقَدْ فُقِدَا وَلَا انْعِقَادَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَنَا أَنَّهُ تَصَرُّفُ تَمْلِيكٍ، وَقَدْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ فِي مَحِلِّهِ، وَهُوَ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ مَعَ تَخَيُّرِهِ بَلْ فِيهِ نَفْعُهُ حَيْثُ يُكْفَى مُؤْنَةَ طَلَبِ الْمُشْتَرِي، وَحُقُوقَ الْعَقْدِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَى الْمَالِكِ، وَفِيهِ نَفْعُ الْعَاقِدِ بِصَوْنِ كَلَامِهِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَفِيهِ نَفْعُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ أَقْدَمَ عَلَيْهِ طَائِعًا، وَلَوْلَا النَّفْعُ لَمَا أَقْدَمَ فَتَثْبُتُ الْقُدْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ تَحْصِيلًا لِهَذِهِ الْوُجُوهِ كَيْفَ، وَأَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ دَلَالَةً لِأَنَّ الْعَاقِلَ يَأْذَنُ فِي التَّصَرُّفِ النَّافِعِ، وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِهِمْ بِحَدِيثِ «عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَ بِالشَّاةِ، وَالدِّينَارِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ عليه السلام بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَتِك» ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُرْوَةَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي النِّهَايَةِ.

وَإِنَّمَا شَرْطُ قِيَامِ الْمَبِيعِ، وَالْمُتَعَاقِدَيْنِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُصْرَفُ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ، وَذَلِكَ بِقِيَامِهَا كَمَا فِي الْإِنْشَاءِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا أَيْ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مَبِيعًا، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ قِيَامُ الْمَعْقُودِ لَهُ، وَهُوَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَلَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ غَيْرِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ لَمْ يَنْفُذْ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهَا تَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ عِنْدَ الثَّانِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ مِنْ بَقَاءٍ، وَعَدَمِهِ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَعْلَمْ قِيَامَهُ عِنْدَهَا لِأَنَّ الشَّكَّ وَقَعَ فِي شَرْطِ الْإِجَازَةِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ، وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ إذَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَكَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الْمَالِكُ وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ سَوَاءٌ هَلَكَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا كَانَ مَمْلُوكًا لِلْفُضُولِيِّ، وَإِجَازَةُ الْمَالِكِ إجَازَةُ نَقْدٍ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعِوَضُ مُتَعَيِّنًا كَانَ شِرَاءً مِنْ وَجْهٍ، وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْمُبَاشِرِ إنْ وَجَدَ نَفَاذًا فَيَكُونُ مِلْكًا لَهُ، وَبِإِجَازَةِ الْمَالِكِ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَلْ تَأْثِيرُ إجَازَتِهِ فِي النَّقْدِ لَا فِي

ــ

[منحة الخالق]

(فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ)

(قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ إذَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْوَارِثُ ابْنَ الْمَيِّتِ، وَقَدْ وَطِئَهَا أَبُوهُ أَوْ كَانَتْ أُخْتَهُ رَضَاعًا أَوْ وَرِثَهَا جَمَاعَةٌ قَدْ أَجَازُوا كُلُّهُمْ فَلَوْ بَعْضَهُمْ لَمْ يَجُزْ أَمَّا لَوْ وَرِثَهَا مَنْ تَحِلُّ لَهُ يَبْطُلُ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ نِكَاحِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ طَرَأَ حِلٌّ بَاتٌّ عَلَى مَوْقُوفٍ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ) قَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ لَكِنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الْقُنْيَةِ اعْتَمَدَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَبْدُ الْبَرِّ فِي شَرْحِهِ لِلنَّظْمِ الوهباني (قَوْلُهُ وَإِجَازَةُ الْمَالِكِ إجَازَةُ نَقْدٍ لَا عَقْدٍ) أَيْ إجَازَةُ أَنْ يَنْقُدَ الْبَائِعُ مَا بَاعَ ثَمَنًا لِمَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ عَلَى الْفُضُولِيِّ هِدَايَةٌ

ص: 160

الْعَقْدِ ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْفُضُولِيِّ مِثْلُ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْبَدَلُ لَهُ صَارَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْغَيْرِ مُسْتَقْرِضًا لَهُ فِي ضِمْنِ الشِّرَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ، وَاسْتِقْرَاضُ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ جَائِزٌ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ قَصْدًا أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ صَحَّ، وَيَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْفُضُولِيِّ مَذْكُورَةً فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ اللُّقَطَةِ قَالَ -: الْمُلْتَقِطُ إذَا بَاعَ اللُّقَطَةَ بِغَيْرِ أَمْر الْقَاضِي ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا بَعْدَمَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. اهـ.

وَهَكَذَا قَالُوا فِي الْمُلْتَقِطِ إذَا تَصَدَّقَ فَهَلَكَتْ الْعَيْنُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ بَعْدَ الْهَلَاكِ صَحَّتْ، وَقَيَّدَ بِالْمَالِكِ فِي قَوْلِهِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَفْسَخَهُ أَوْ يُجِيزَهُ لِأَنَّ لِلْفُضُولِيِّ فَسْخَهُ فَقَطْ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ لَا يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ، وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِيَدْفَعَ الْحُقُوقَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ يَصِيرُ كَالْوَكِيلِ فَتَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِالتَّسْلِيمِ، وَيُخَاصَمُ بِالْعَيْبِ، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِهِ فَلَهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ تَحَرُّزًا عَنْ لُزُومِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ بِالْقَوْلِ، وَلَا بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ مَحْضٌ فَبِالْإِجَازَةِ تَنْتَقِلُ الْعِبَارَةُ إلَى الْمَالِكِ فَتَصِيرُ الْحُقُوقُ مَنُوطَةً بِهِ لَا بِالْفُضُولِيِّ.

وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْفُضُولِيَّ فِي النِّكَاحِ يَمْلِكُ فَسْخَهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ زَوَّجَ فُضُولِيٌّ رَجُلًا امْرَأَةً بِرِضَاهَا، وَقَبْلَ إجَازَتِهٍ زَوَّجَهُ بِأُخْتِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَا يَكُونُ فَسْخًا، وَيَتَوَقَّفُ الثَّانِي أَيْضًا ثُمَّ الْإِجَازَةُ لِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ تَكُونُ بِالْفِعْلِ وَبِالْقَوْلِ فَمِنْ الْأَوَّلِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إجَازَةً، وَكَذَا أَخْذُهُ الثَّمَنَ، وَمِنْ الثَّانِي طَلَبُ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ أَحْسَنْت أَوْ وُفِّقْت أَوْ أَصَبْت لَيْسَ بِإِجَازَةٍ، وَكَذَا كَفَيْتنِي مُؤْنَةَ الْبَيْعِ أَوْ أَحْسَنْت فَجَزَاك اللَّهُ خَيْرًا، وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ بِئْسَ مَا صَنَعْت كَانَ إجَازَةً كَقَبْضِ الثَّمَنِ، وَلَوْ وَهَبَ الْمَالِكُ الثَّمَنَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَانَ إجَازَةً إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَالسُّكُوتُ بَعْدَ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ إجَازَةً، وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ أَنَا رَاضٍ مَا دُمْت حَيًّا كَانَ إجَازَةً بِالْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ أَمْسِكْهَا مَا دُمْت حَيًّا لَا لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ أَسَأْت إجَازَةٌ، وَلَوْ قَالَ لَا أُجِيزُ يَكُونُ رَدًّا لِلْبَيْعِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا قَالَ لَا أُجِيزَ بَيْعَ الْآخَرِ ثُمَّ أَجَازَهُ جَازَ.

وَفِي نَوَادِرِ هِشَامِ، وَلَوْ قَالَ أَجَزْت إنْ بَاعَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَجُوزُ إنْ بَاعَ بِأَكْثَرَ، وَإِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ بَاعَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى النَّوْعِ الَّذِي وَصَفَهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهَا وَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ صَارَ الْفُضُولِيُّ كَالْوَكِيلِ حَتَّى صَحَّ حَطُّهُ عَنْ الثَّمَنِ عَلِمَ الْمَالِكُ بِالثَّمَنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَأَجَابَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالْحَطِّ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ. اهـ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ قِيَامِ الْمَبِيعِ أَيْ بِاسْمِهِ، وَحَالِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ صَبْغِ الثَّوْبِ الْمُشْتَرَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ فِي مَسْأَلَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَسَائِلِ الْفُضُولِيِّ بَلْ هِيَ بَيْعُ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ بِالضَّمَانِ اسْتَنَدَ الْمِلْكُ، وَنَفَذَ الْبَيْعُ مِنْ جِهَتِهِ كَبَيْعِ الْغَاصِبِ إذَا ضَمِنَهُ الْمَالِكُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي غَالِبِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ كَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ النَّهْرِ تَكَلَّمَ بِمِثْلِ مَا تَكَلَّمَهُ. اهـ.

وَعِبَارَةُ النَّهْرِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فِي شَيْءٍ بَلْ إنَّمَا نَفَذَ بَيْعُهُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ ضَرُورَةً فَلَا اسْتِثْنَاءَ حِينَئِذٍ فَتَدَبَّرْهُ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ إلَخْ) إنْ قُلْتُ: يَأْبَاهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ، وَأَرَادَ رَدَّ الْبَيْعِ لَمْ يُقْبَلْ قُلْتُ: لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ، وَالْمُشْتَرِي فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ، وَجَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا تَصَادَقَا عَلَى الْبَيْعِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَالِكِ فَاخْتَلَفَ الْمَوْضُوعُ فَافْهَمْ حَاشِيَةَ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَخْذُهُ الثَّمَنَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ حُكْمَ مَا إذَا قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ هَلْ يَكُونُ إجَازَةً أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إجَازَةً لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا، وَلِتَصْرِيحِهِمْ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ بِأَنْ قَبَضَ بَعْضَ الْمَهْرِ يَكُونُ إجَازَةً، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الثَّمَنِ لِإِفَادَةِ الْجِنْسِ لِمُحَرَّرِهِ الْغَزِّيِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِاشْتِرَاطِ قِيَامِ الْمَبِيعِ إلَى قَوْلِهِ لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ صَبْغِ الثَّوْبِ الْمُشْتَرَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِي مِنَحِ الْغَفَّارِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ قَائِمًا أَنْ لَا يَكُونَ مُتَغَيِّرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ شَيْئًا آخَرَ فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَصَبَغَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ رَبُّ الثَّوْبِ الْبَيْعَ جَازَ، وَلَوْ قَطَعَهُ وَخَاطَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَارَ شَيْئًا آخَرَ. اهـ.

وَالْمَسْأَلَةُ بِهَذَا اللَّفْظِ دُونَ التَّعْلِيلِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ

ص: 161

وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ يَكُونُ الْوَلَدُ مَعَ الْأَمَة لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ انْهَدَمَ الدَّارُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ يَصِحُّ لِبَقَاءِ الْعَرْصَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مِنْ الْفُضُولِيِّ فَلَوْ سَلَّمَهُ فَهَلَكَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ فَأَيَّهمَا اخْتَارَ ضَمَانَهُ بَرِئَ الْآخَرُ لِأَنَّ فِي التَّضْمِينِ تَمْلِيكًا مِنْهُ فَإِذَا مَلَّكَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ كَأَخْذِ الْعَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَا بِمَا ضَمِنَ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَبْضُ الْبَائِعِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ نَفَذَ بَيْعُهُ بِالضَّمَانِ لِأَنَّ سَبَبَ مِلْكِهِ قَدْ تَمَّ عَقْدُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْضُهُ أَمَانَةً فَإِنَّمَا صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ بِالضَّمَانِ لِتَأَخُّرِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَنْ الْعَقْدِ.

وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِتَضْمِينِ الْبَائِعِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ سَلَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ فَصَارَ كَالْمَغْصُوبِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى لِغَيْرِهِ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَجَازَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي لَهُ كَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ يَشْتَرِي شَيْئًا لِغَيْرِهِ فَيَتَوَقَّفُ هَذَا إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَمَّا إذَا أَضَافَهُ إلَى غَيْرِهِ بِأَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْته لِفُلَانٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك بِكَذَا لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت أَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُخَاطَبِ لَا لِفُلَانٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ الْعَقْدُ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ إلَى فُلَانٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ فُلَانٍ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِفُلَانٍ، وَقَالَ فُلَانٌ رَضِيت فَالْعَقْدُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ وَقَعَ الْمِلْكُ لَهُ فَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهِيَ تَلْحَقُ الْعَقْدَ الْمَوْقُوفَ لَا النَّافِذَ فَإِنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ الْعَبْدَ، وَأَخَذَ الثَّمَنَ كَانَ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي بَيْنَهُمَا، وَلَوْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرَى لَهُ أَنَّ الْمِلْكَ وَقَعَ لِلْمُشْتَرَى لَهُ فَسَلَّمَهُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ لَا يُسْتَرَدُّ بِلَا رِضَا الْمُشْتَرَى لَهُ، وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ وَلَّاهُ، وَإِنْ عَلِمَا أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَهُ، وَإِنْ زَعَمَ الْمُشْتَرَى لَهُ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِأَمْرِهِ، وَوَقَعَ الْمِلْكُ لَهُ، وَالْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ بِلَا أَمْرِهِ، وَوَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرَى لَهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِإِقْرَارِهِ وَقَعَ لَهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْت هَذَا لِفُلَانٍ بِكَذَا، وَالْفُضُولِيُّ يَقُولُ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا أَوْ قَبِلْت، وَلَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ فَهَذَا يَتَوَقَّفُ، الثَّانِي أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا، وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ اشْتَرَيْته لِأَجْلِهِ أَوْ قَبِلْت يَتَوَقَّفُ، الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْت هَذَا مِنْك بِكَذَا فَقَالَ اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت، وَنَوَى أَنْ يَكُونَ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُشْتَرِي، الرَّابِعُ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا، وَالْبَائِعُ يَقُولُ بِعْت مِنْك بَطَلَ الْعَقْدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ خَاطَبَ الْمُشْتَرِيَ، وَالْمُشْتَرِي يُسْتَرَدُّ لِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ جَوَابًا فَكَانَ شَطْرَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْفَصْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إذْ الْعَقْدُ أُضِيفَ إلَى فُلَانٍ فِي الْكَلَامَيْنِ، وَبِخِلَافِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ، وَقَدْ أُضِيفَ الْعَقْدُ إلَيْهِ. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِثُبُوتِ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِلْمَالِكِ إلَى أَنَّ الْفُضُولِيَّ لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمَالِكِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَهُ بِدُونِ الشَّرْطِ فَيَكُونُ الشَّرْطُ لَهُ مُبْطِلًا كَذَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ، وَقَيَّدَ بِبَيْعِ مِلْكِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ مَشْغُولًا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ الْعَقْدُ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ إلَى فُلَانٍ يَتَوَقَّفُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ، وَإِنْ أُضِيفَ فِي الْكَلَامِ الْآخَرِ إلَى الْفُضُولِيِّ، وَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ أَصَحَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ بِعْت لِفُلَانٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت لِفُلَانٍ أَوْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ الْفُضُولِيُّ بِعْ لِفُلَانٍ فَقَالَ بِعْت، وَقَالَ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ تَوَقَّفَ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك فَقَالَ الْفُضُولِيُّ اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت، وَنَوَى بِقَلْبِهِ لِفُلَانٍ لَا يَتَوَقَّفُ أَوْ قَالَ الْفُضُولِيُّ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك الْأَصَحُّ عَدَمُ التَّوَقُّفِ، وَلَوْ قَالَ بِعْت هَذَا مِنْك لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت لِأَجْلِ فُلَانٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت لَا يَتَوَقَّفُ، وَيَنْفُذُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ الْفُضُولِيُّ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا لَا يَتَوَقَّفُ بِخِلَافِ شِرَائِهِ لِفُلَانٍ بِلَا خِيَارٍ اهـ.

مِنْ التَّاسِعِ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ، وَفِيهِ الْفُضُولِيُّ، وَفِي الْخَانِيَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يَتَوَقَّفُ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ إذَا اشْتَرَى بِغَيْرِ خِيَارٍ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) وَعَلَى هَذَا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِضَافَةِ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ بِأَنْ لَا يُضَافَ إلَى الْآخَرِ نَهْرٌ أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِضَافَةِ إلَى فُلَانٍ عَلَى مَا مَرَّ تَصْحِيحٌ مُصَوَّرٌ بِأَنْ لَا يُضَافَ إلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْت، وَلَا يَقُولُ مِنْك فَإِذَا أُضِيفَ لَا يَتَوَقَّفُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لِفُلَانٍ لَا يَتَوَقَّفُ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَنْفُذُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الشَّرْطُ لَهُ مُبْطِلًا) قَالَ فِي النَّهْرِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ لَغْوًا فَقَطْ فَتَدَبَّرْهُ

ص: 162

بِحَقِّ الْغَيْرِ كَالرَّهْنِ إذَا بَاعَهُ الرَّاهِنُ، وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ إذَا بَاعَهَا الْمُؤَجِّرُ يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ فَيَمْلِكَانِهَا دُونَ الْفَسْخِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا سَيَأْتِي، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْكَرَابِيسِيُّ فَجَعَلَ لِلْمُرْتَهِنِ الْإِجَازَةَ وَالْفَسْخَ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَمْلِكُهُ فَارِقًا بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ حَقُّهُ فِي الْمَنْفَعَةِ.

وَلِذَا لَوْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ لَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ، وَفِي الرَّهْنِ يَسْقُطُ، وَهُوَ اسْتِيفَاءٌ حُكْمِيٌّ، وَتَفَرَّعَ عَلَى الْفَرْقِ مَا لَوْ تَعَدَّدَ بَيْعُ الْمُؤَجِّرِ فَأَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي نَفَذَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ بَيْعٌ الرَّهْنِ فَأَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِيَ نَفَذَ لَا الْأَوَّلُ. اهـ.

وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ لِمَالِكِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِيَكُونَ فُضُولِيًّا، وَلَوْ تَعَدَّدَ تُصْرَفُ الْفُضُولِيُّ كَأَمَةٍ بَاعَهَا فُضُولِيٌّ مِنْ رَجُلٍ، وَزَوَّجَهَا مِنْهُ آخَرَ فَأُجِيزَا مَعًا يَثْبُتُ الْأَقْوَى فَتَصِيرُ مَمْلُوكَةً لَا زَوْجَةً، وَلَوْ زَوَّجَاهَا كُلٌّ مِنْ رَجُلٍ فَأُجِيزَا بَطَلَا، وَلَوْ بَاعَهَا كُلٌّ مِنْ رَجُلٍ فَأُجِيزَا تَتَنَصَّفُ بَيْنَهُمَا، وَيُخَيَّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيْنَ أَخْذِ النِّصْفِ أَوْ التَّرْكِ، وَلَوْ بَاعَهُ فُضُولِيٌّ، وَأَجَرَهُ آخَرُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ زَوَّجَهُ فَأُجِيزَا مَعًا ثَبَتَ الْأَقْوَى فَيَجُوزُ الْبَيْعُ، وَيَبْطُلُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ أَقْوَى.

وَكَذَا تَثْبُتُ الْهِبَةُ إذَا وَهَبَهُ فُضُولِيٌّ، وَآجَرَهُ آخَرُ، وَكُلٌّ مِنْ الْعِتْقِ، وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَالْإِجَارَةُ أَحَقُّ مِنْ الرَّهْنِ لِإِفَادَتِهَا مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَالْبَيْعُ أَحَقُّ مِنْ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ بِالشُّيُوعِ فَفِيمَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّيُوعِ كَهِبَةِ فُضُولِيٍّ عَبْدًا، وَبَيْعً آخَرَ إيَّاهُ يَسْتَوِيَانِ لِأَنَّ الْهِبَةَ مَعَ الْقَبْضِ تُسَاوِي الْبَيْعَ فِي إفَادَةِ الْمِلْكِ، وَهِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يُقْسَمُ صَحِيحَةٌ فَيَأْخُذُ كُلٌّ النِّصْفَ، وَلَوْ تَبَايَعَ غَاصِبَا عَرَضِيًّ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَجَازَ الْمَالِكُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْكَرَابِيسِيُّ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ، وَفِي الْفَتْحِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْبَيْعِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا لِلرَّاهِنِ وَالْمُؤَجِّرِ، وَفِي الْمُرْتَهِنِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي خِيَارَ الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الْبَيْعِ بِالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ، وَإِنْ عَلِمَ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ قِيلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا، وَقِيلَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. اهـ.

وَفِي تَصْحِيحِ الشَّيْخِ قَاسِمٍ أَنَّ الْمَشَايِخَ أَخَذُوا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَفِي حَاشِيَتِهِ لِلرَّمْلِيِّ عَنْ الْغَزِّيِّ أَنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَنَقَلَ الرَّمْلِيُّ فِيهَا عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِيهَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ نَفَذَ الْبَيْعُ السَّابِقَ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ.

وَفِيهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ الْبَيْعُ بِلَا إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ نَفَذَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لَا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِر فَلَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَمِلَ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجْدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُسْتَأْجِرُ نَفَذَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ لِيَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ إذْ رِضَاهُ بِالْبَيْعِ يُعْتَبَرُ لِفَسْخِ الْإِجَارَة لَا لِلِانْتِزَاعِ مِنْ يَدِهِ وَعَنْ بَعْضِ بَعْضِنَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ وَسَلَّمَ وَأَجَازَهُمَا الْمُسْتَأْجِرُ بَطَلَ حَقُّ حَبْسِهِ وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا التَّسْلِيمَ لَا يَبْطُلُ حَقُّ حَبْسِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ) الثَّانِي مَفْعُولٌ أَجَازَ وَهُوَ أَجَازَ وَهُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ أَجَازَ الْبَيْعَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ لِمَالِكِهِ لَكَانَ أَوْلَى) أَيْ لِأَجْلِ مَالِكِهِ قَالَ الرَّمْلِيُّ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ الْوَاضِعِينَ لِلْمُتُونِ هَذَا الْقَيْدَ وَأَقُولُ: تَرْكُهُ مُتَعَيِّنٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَوَقُّفُ بَيْعُ الْغَاصِبِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ وَكَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَبِيعِ يُوجِبُ تَوَقُّفَ الْعَقْدِ عَلَى الْإِجَازَةِ لَا نَقْضَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ فِي الْبَدَائِعِ رِوَايَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَتَأَمَّلْ وَارْجِعْ إلَى فُرُوعٍ ذُكِرَتْ فِي الْمَحَلَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ يَظْهَرْ لَكَ مَا قُلْنَاهُ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ لِمُصَنِّفِهِ أَقُولُ: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا أَيْ عَلَى مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ الْبَدَائِعِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا اُسْتُحِقَّ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إِجَازَتُهُ، وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ لِنَفْسِهِ لَا لِلْمَالِكِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَحِقُّ مَعَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَالظَّاهِرُ ضَعْفُ مَا فِي الْبَدَائِعِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِفُرُوعِ الْمَذْهَبِ. اهـ.

وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَوَقْفُ بَيْعِ الْغَاصِبِ لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الْمَشَايِخِ التَّوَقُّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَالَهُ إلَّا أَنْ يُجْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا اهـ.

وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْحَمَلُ عَلَى أَنَّهُ بَاعَهُ لِمَالِكِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْحَمْلِ مِنْ الْبُعْدِ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

قُلْتُ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ لَا إشْكَالَ وَأَنَّ مَا فَهِمَهُ الْمُؤَلِّفُ غَيْرُ مُرَادِ الْبَدَائِعِ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْبَدَائِعِ لَوْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا مَعْنَاهُ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَائِعًا وَمُشْتَرِيًا فَاللَّامُ فِيهِ بِمَعْنَى مِنْ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِعْت لَهُ وَبِعْت مِنْهُ فَاللَّامُ فِي عِبَارَةِ الْبَدَائِعِ لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيلِ حَتَّى يَكُونَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِمَالِكِهِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ إلَخْ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ فِي النَّهْرِ قَالَ كَذَلِكَ وَنَصُّهُ وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ يَعْنِي لِغَيْرِهِ أَمَّا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

ص: 163

فَائِدَةَ الْبَيْعِ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الرَّقَبَةِ وَالتَّصَرُّفِ، وَهُمَا حَاصِلَانِ لِلْمَالِكِ فِي الْبَدَلَيْنِ بِدُونِ هَذَا الْعَقْدِ فَلَمْ يَنْعَقِدُ فَلَمْ يَلْحَقْهُ إجَازَةٌ، وَلَوْ غَصْبًا مِنْ رَجُلَيْنِ، وَتَبَايَعَا، وَأَجَازَ الْمَالِكُ جَازَ، وَلَوْ غَصْبًا النَّقْدَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ، وَعَقَدَا الصَّرْفَ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَجَازَ جَازَ لِأَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبَيْنِ مِثْلُ مَا غَصَبَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ آخِرِ الْبَابِ، وَأَمَّا وَصِيَّةُ الْفُضُولِيِّ كَمَا إذَا أَوْصَى بِأَلْفٍ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ سَلَّمَهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ كَالْهِبَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْوَصَايَا، وَبِهِ عُلِمَ حُكْمُ هِبَةِ الْفُضُولِيِّ، وَسَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ بَيَانُ صُلْحِ الْفُضُولِيِّ، وَالظَّاهِرُ مِنْ فُرُوعِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ التَّوْكِيلُ بِهِ فَإِنَّهُ إذَا بَاشَرَهُ الْفُضُولِيُّ يَتَوَقَّفُ إلَّا الشِّرَاءَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ.

قَوْلُهُ (وَصَحَّ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةُ بَيْعِهِ لَا بَيْعُهُ) وَهَذَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَفِي الْحَدِيثِ «لَا عِتْقَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» ، وَهَذَا لِأَنَّ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ، وَهُوَ لَا يُفِيدُهُ لِعَدَمِ النَّفَاذِ، وَثُبُوتُهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ اسْتِنَادًا فَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ زَائِلٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَصْلُحُ شَرْطًا لِلْإِعْتَاقِ، وَهُوَ الْمِلْكُ الْكَامِلُ لِإِطْلَاقِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ لِلْكَامِلِ، وَلِذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ لَمْ يَصِحَّ الْعِتْقُ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ لَهُ بِالضَّمَانِ أَقْوَى مِنْ الْمِلْكِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْفُذُ بَيْعُ الْغَاصِبِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَكَذَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ الْعِتْقِ حَتَّى صَحَّ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ دُونَ عِتْقِهِمَا وَلِذَا لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ نَفَذَ بَيْعُهُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ لَمْ يَنْفُذْ.

وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ ثُمَّ أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ صَحَّ بَيْعُ الْغَاصِبِ، وَبَطَلَ عِتْقُهُ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ الْإِعْتَاقُ مُرَتَّبًا عَلَيْهِ، وَيَنْفُذُ بِنَفَاذِهِ كَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الرَّاهِنِ يَتَوَقَّفُ، وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَارِثِ حَالَ اسْتِغْرَاقِ التَّرِكَةِ بِالدَّيْنِ فَأَجَازَ الْغُرَمَاءُ الْبَيْعَ، وَإِعْتَاقَ الْوَارِثِ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ، وَهِيَ مُسْتَغْرِقَةٌ بِهِ فَقَضَى الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأ الْغُرَمَاءَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ، وَالشَّيْءُ إذَا تَوَقَّفَ تَوَقَّفَ بِحُقُوقِهِ، وَإِذَا نَفَذَ نَفَذَ بِحُقُوقِهِ بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْغَاصِبِ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِلْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ ضَرُورَةً أَدَاءَ الضَّمَانِ فَلَمْ يَكُنْ مُثْبِتًا لَهُ لِلْحَالِ، وَلَا سَبَبًا لَهُ، وَلِذَا لَا يَتَعَدَّى إلَى الزَّوَائِدِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِيهِ خِيَارُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ، وَالْكَلَامُ فِيهِ، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ انْعِقَادِهِ فِي الْحُكْمِ أَصْلًا فَلَمْ يُوجَدْ الْمِلْكُ فِيهِ قَيَّدَ بِعِتْقِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ عِتْقَ الْغَاصِبِ لَا يَنْفُذُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ لِمَا بَيَّنَّاهُ، وَقَيَّدَ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَلَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ يَنْفُذُ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ مُطْلَقًا بِسَبَبٍ مُطْلَقٍ، وَهُوَ الشِّرَاءُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ ضَرُورِيٌّ فَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ نَاقِصًا هَكَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ أَدَاءِ الْغَاصِبِ الضَّمَانَ وَبَيْنَ أَدَاءِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ.

وَصَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ عِتْقَ الْمُشْتَرِي يَنْفُذُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَدَاءِ الضَّمَانِ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي الْبِنَايَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ أَوْ أَدَاءِ الضَّمَانِ لَكَانَ أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ قَالَ وَصَحَّ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ فُضُولِيٍّ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ الْبَيْعِ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَاسِدٌ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي جَرَتْ الْمُحَاوَرَةُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابُ فَقَالَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ فُرُوعِهِمْ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الْمُرَادُ بِمَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَالْإِسْقَاطَاتِ لِيَخْرُجَ قَبْضُ الدَّيْنِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَفِي (فش) مَنْ قَبَضَ دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرٍ ثُمَّ أَجَازَ الطَّالِبُ لَمْ يَجُزْ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا، وَقَالَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ كُلُّ تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْهُ، وَلَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ هِبَةٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا صَحَّ بِهِ التَّوْكِيلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ فِي شَرَحَ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ تَصَرُّفَاتُ الْفُضُولِيِّ تَتَوَقَّفُ عِنْدَنَا إذَا صَدَرَتْ، وَلِلتَّصَرُّفِ مُجِيزٌ أَيْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِجَازَةِ سَوَاءٌ كَانَ تَمْلِيكًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّزَوُّجِ أَوْ إسْقَاطًا حَتَّى لَوْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَةَ غَيْرِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَأَجَازَهُ طَلُقَتْ، وَعَتَقَ. اهـ. فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْغَاصِبِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْغَصْبُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ) أَيْ بِأَدَاءِ الْغَاصِبِ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي) يُوهِمُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِلْوُرُودِ مَعَ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْفَرْقِ

ص: 164

أَبُو يُوسُفَ مَا رَوَيْت لَك عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا رَوَيْت أَنَّ الْعِتْقَ بَاطِلٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ رَوَيْت لِي أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ، وَإِثْبَاتُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ بِهَذَا لَا يَجُوزُ لِتَكْذِيبِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ صَرِيحًا، وَأَقَلُّ مَا هُنَا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ هَذِهِ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَنَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُجَوِّزُ عِتْقَهُ. اهـ.

وَأَمَّا بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ لِبُطْلَانِ عَقْدِهِ بِالْإِجَازَةِ فَإِنَّ بِهَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي بَاتًّا، وَالْمِلْكُ الْبَاتُّ إذَا وَرَدَ عَلَى الْمَوْقُوفِ أَبْطَلَهُ.

وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ مَوْلَاهُ لِلْغَاصِبِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ فَوَرِثَهُ فَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ الْمِلْكَ الْمَوْقُوفَ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْبَاتِّ وَالْمَوْقُوفِ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ عَلَى وَجْهٍ يَطْرَأُ فِيهِ الْبَاتُّ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ مِلْكٌ بَاتٌّ، وَعَرَضَ مَعَهُ الْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَيَّدَ بِالْعِتْقِ لِأَنَّ فِي التَّفْوِيضِ مِنْ الْفُضُولِيِّ لِلْمَرْأَةِ إذَا جُعِلَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ أَجَازَ الزَّوْجُ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ التَّفْوِيضُ الْآنَ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا الْآنَ طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَصْلُ فِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ جُعِلَ شَرْعًا سَبَبًا لِحُكْمٍ إذَا وُجِدَ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَمْ يَسْتَعْقِبْ حُكْمُهُ، وَيَتَوَقَّفُ إنْ كَانَ مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ جُعِلَ مُعَلَّقًا، وَإِلَّا احْتَجْنَا أَنَّ نَجْعَلَهُ سَبَبًا لِلْحَالِ مُتَأَخِّرًا حُكْمُهُ إنْ أَمْكَنَ فَالْبَيْعُ لَيْسَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ فَيُجْعَلُ سَبَبًا فِي الْحَالِ فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِ الْإِجَازَةِ ظَهَرَ أَثَرُهُ مِنْ وَقْتِ وُجُودِهِ، وَلِذَا مَلَكَ الزَّوَائِدَ، وَأَمَّا التَّفْوِيضُ فَاحْتَمَلَ التَّعْلِيقَ فَجَعَلْنَا الْمَوْجُودَ مِنْ الْفُضُولِيِّ مُتَعَلِّقًا بِالْإِجَازَةِ فَعِنْدَهَا يَثْبُتُ التَّفْوِيضُ لِلْحَالِ لَا مُسْتَنِدًا فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ إلَّا مِنْ وَقْتِ الْإِجَازَةِ، وَأَمَّا النِّكَاحُ فَلَا يَتَعَلَّقُ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي حَالِ التَّوَقُّفِ سَبَبًا لِمُطْلَقِ الطَّلَاقِ بَلْ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ الْمُسْتَعْقِبِ لَهُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ إذَا طَرَأَ مِلْكٌ بَاتٌّ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ أَبْطَلَهُ أَنَّ بَيْعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِطُرُوِّ الْمِلْكِ الْبَاتِّ بِإِجَازَةِ بَيْعِ الْغَاصِبِ.

وَقَدْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا لِتَجَرُّدِهِ عُرْضَةً لِلِانْفِسَاخِ، وَقَدْ يُقَالُ فَائِدَتُهُ لَوْ أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَا بَيْعَ الْغَاصِبِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَازَ بَيْعَ الْغَاصِبِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْفُضُولِيَّ إذَا بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ إذَا بَاعَهُ لِمَالِكِهِ، وَهُنَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ مَا فِي النِّهَايَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ إنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا بَاعَ لَا يَتَوَقَّفُ مِلْكُهُ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّوَقُّفِ النَّفَاذُ فَفِي كُلِّ صُورَةٍ لَا يَتَحَقَّقُ النَّفَاذُ لَا يَتَوَقَّفُ كَبَيْعِ الْحُرِّ، وَأُورِدَ عَلَى الْأَصْلِ مَا إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بَيْعُهُ مَعَ أَنَّهُ طَرَأَ مِلْكٌ بَاتٌّ، وَهُوَ مِلْكُ الْغَاصِبِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ فِيهِ مِلْكٌ بَاتٌّ) أَيْ إنْ لَمْ تُقَيَّدْ بِهَذَا الْقَيْدِ يَرِدُ عَلَيْنَا أَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ الْوَاحِدِ مِلْكٌ بَاتٌّ لِمَالِكِهِ، وَمِلْكٌ مَوْقُوفٌ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ) إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِيرَادِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ فِيهِ تَأَمُّلٌ فَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَاصِبٍ ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي فَأَجَازَ مَالِكُهُ عَقْدًا مِنْ الْعُقُودِ جَازَ ذَلِكَ الْعَقْدُ خَاصَّةً لِتَوَقُّفِ كُلِّهَا عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِذَا أَجَازَ عَقْدًا مِنْهَا جَازَ ذَلِكَ خَاصَّةً، وَقَالَ قَبْلَهُ رَامِزًا، وَلَوْ فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ ثُمَّ أَجَازَ مَالِكُهُ بَيْعَ غَاصِبِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمُشْتَرِي وِفَاقًا، وَأَمَّا عِتْقُهُ فَلَمْ يَجُزْ قِيَاسًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَهُمَا نَفَذَ اسْتِحْسَانًا، وَقَالَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ رَامِزًا لَوْ ضَمَّنَ مَالِكُهُ غَاصِبَهُ نَفَذَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ، وَبَطَلَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي إذْ مِلْكُ الْأَوَّلِ بَاتٌّ، وَمِلْكُ الثَّانِي مَوْقُوفٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْفُذُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ مِلْكَهُ مِنْ وَقْتِ غَصْبِهِ فَكَأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ ثُمَّ وَثُمَّ فَجَازَ الْكُلُّ. اهـ.

فَتَحَرَّرَ أَنَّ بَيْعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ مَوْقُوفٌ، وَإِذَا أَجَازَهُ الْمَالِكُ جَازَ خَاصَّةً فَقَوْله ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِمْ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَ النَّقْلَ الصَّرِيحَ، وَقَوْلُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ يُخَالِفُ مَا عَلَّلَهُ بِهِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمِعْرَاجِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ غَايَتُهُ أَنَّ مَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) نَقْضٌ لِقَوْلِهِ لِتَجَرُّدِهِ عُرْضَةً لِلِانْفِسَاخِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِإِمْكَانِ بَقَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ (قَوْلِهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدْ كَتَبْنَا فِي الْحَاشِيَةِ قَرِيبًا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ النَّظَرِ اهـ.

أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِتَعْلِيلِ النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ، وَمِنْ أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَأَوْرَدَ عَلَى الْأَصْلِ مَا إذَا بَاعَ إلَخْ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٌ تَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ غَيْرُ وَارِدٍ إذْ قَوْلُهُمْ أَنَّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ إذَا طَرَأَ عَلَى مَوْقُوفٍ أَبْطَلَهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا طَرَأَ لِغَيْرِ مَنْ بَاشَرَ الْمَوْقُوفَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْقَاعِدِيِّ، وَنَصَّهُ الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ بَاشَرَ عَقْدًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ ثُمَّ مَلَكَهُ يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَالْغَاصِبِ بَاعَ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ مَلَكَهُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ ثُمَّ وَرِثَهُ نَفَذَ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرْنَا وَطُرُوُّ الْبَاتِّ إنَّمَا يُبْطِلُ الْمَوْقُوفَ إذَا حَدَثَ لِغَيْرِ مَنْ بَاشَرَ الْمَوْقُوفَ كَمَا إذَا بَاعَ الْمَالِكُ مَا بَاعَهُ الْفُضُولِيُّ مِنْ غَيْرِ الْفُضُولِيِّ وَلَوْ مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْ الْفُضُولِيِّ

ص: 165

بِأَدَاءِ الضَّمَانِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْمَوْقُوفِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِلْكَ الْغَاصِبِ ضَرُورِيٌّ ضَرُورَةَ أَدَاءِ الضَّمَانِ فَلَمْ يَظْهَرْ فِي إبْطَالِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي.

قَوْلُهُ (وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأُجِيزَ فَأَرْشُهُ لِمُشْتَرِيهِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَطْعَ وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ كَسْبٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ عُقْرٍ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّ الْمِلْكَ مِنْ وَجْهٍ يَكْفِي لِاسْتِحْقَاقِ الزَّوَائِدِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ الْأَرْشَ ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمَوْلَى، وَكَذَا إذَا قُطِعَتْ يَدُ الْمَبِيعِ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعٍ فَأَجَازَ الْبَيْعَ يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ لِافْتِقَارِهِ إلَى كَمَالِ الْمِلْكِ قَيَّدَ بِالْمُشْتَرِي لِأَنَّ يَدَهُ لَوْ قُطِعَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَيْسَ بِسَبَبٍ مَوْضُوعٍ لِلْمِلْكِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ أُجِيزَ الْبَيْعُ فَالْأَرْشُ لِلْعَبْدِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَطْعُ الْيَدِ مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ لِلْمُشْتَرِي قَوْلُهُ (وَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ) لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ عَدَمِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ حَقِيقَةً وَقْتَ الْقَطْعِ، وَأَرْشُ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ فِي الْحُرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْعَبْدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَاَلَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ هُوَ الَّذِي كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ فَفِيمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ، وَأَرَادَ وُجُوبَ التَّصَدُّقِ بِالزَّائِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَيَّدَ بِمَا زَادَ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا زَادَ، وَوُزِّعَ فِي الْكَافِي فَقَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَفِيمَا زَادَ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا فَفِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ.

قَوْلُهُ (وَلَوْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَبَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ، وَأَرَادَ الْمَبِيعَ لَمْ تُقْبَلْ) أَيْ بَيِّنَتُهُ لِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ بِالتَّنَاقُضِ إذْ إقْدَامُهُمَا عَلَى الْعَقْدِ، وَهُمَا عَاقِلَانِ اعْتِرَافٌ مِنْهُمَا بِصِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ، وَالْبَيِّنَةُ لَا تُبْتَنَى إلَّا عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَإِذَا بَطَلَتْ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ زَائِدٌ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَدَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُسْتَحِقِّ يُرِيدُ بِذَلِكَ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي هُنَا، وَهُنَاكَ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ، وَشَرْطُ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ أَنْ لَا تَكُونَ الْعَيْنُ سَالِمَةً لِلْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ هُنَا، وَرَجَعَ هُنَاكَ، وَقِيلَ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْوَضْعِ فَمَوْضُوعُ مَا ذَكَرَ هُنَا فِيمَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ قَبْلَ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِقْدَامُهُ عَلَى الشِّرَاءِ يَنْفِي ذَلِكَ فَيَكُونُ مُنَاقِضًا، وَمَوْضُوعُ مَا ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ فِيمَا إذَا بَرْهَنَ أَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَا تَنَاقُضَ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَدَمِ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ إلَى عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِبَيْعِهِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَمَرَك أَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْأَمْرِ فَادَّعَى الْبَائِعُ الْأَمْرَ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْأَمْرَ لِأَنَّ الْآخَرَ مُتَنَاقِضٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ لَا الْبَاطِلَةِ.

وَاعْتَرَضَ فِي الْبِنَايَةِ قَوْلَهُمْ أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ بِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي أَقْدَمَ عَلَى الشِّرَاءِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِعَدَمِ الْأَمْرِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ عُدُولٌ سَمِعْنَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَقَرَّ بِذَلِكَ، وَيَشْهَدُونَ بِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَانِعٍ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ. اهـ.

قُلْتُ: لَا اعْتِرَاضَ وَلَا تَأَمُّلَ لِأَنَّهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ لَمْ تُقْبَلْ لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ، وَكُلُّ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُمْ إنَّ إمْكَانَ التَّوْفِيقِ يَدْفَعُ التَّنَاقُضَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ

ــ

[منحة الخالق]

أَمَّا إنْ بَاعَهُ مِنْ الْفُضُولِيِّ فَلَا. اهـ.

قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَفِي مَسْأَلَةِ بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَوْ أَجَازَ بَيْعَ الْغَاصِبِ نَفَذَ، وَبَطَلَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ لِلْغَاصِبِ طَرَأَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ بَاشَرَهُ هُوَ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُشْتَرِي فَقَدْ طَرَأَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ لِغَيْرِ مَنْ بَاشَرَهُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ لِلْبَيْعِ الثَّانِي الْمَوْقُوفُ هُوَ الْمُشْتَرِي نَعَمْ لَوْ أَجَازَ عَقْدَ الْمُشْتَرِي يَكُونُ طُرُوُّ الْبَاتِّ لِمَنْ بَاشَرَ الْمَوْقُوفَ تَأَمَّلْ.

ص: 166

جِهَتِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِدَعْوَى الْمُشْتَرِي مِثَالٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يُقْبَلْ أَيْضًا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ عَبْدٌ مَعْرُوفٌ لِرَجُلٍ فِي يَدِ آخَرَ بَاعَهُ رَجُلٌ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت بِلَا أَمْر الْمَالِكِ، وَبَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْر الْمَالِكِ لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ، وَلَا يَمْلِكُ تَحْلِيفَ الْمَالِكِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا فَسَادَ الْعَقْدِ دُونَ الْبَائِعِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا، وَبَرْهَنَ يُقْبَلُ، الثَّانِي وَهَبَ جَارِيَتَهُ، وَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ، وَيَسْتَرِدُّهَا، وَالْعُقْرُ اهـ.

وَعَلَّلُوهُ فِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُ تَنَاقَضَ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْحُرِّيَّةِ كَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ فِي الْحُرِّيَّةِ لِلْخَفَاءِ، وَلَا خَفَاءَ فِي التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَاعِلِ فِعْلُ نَفْسِهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ تَنَاقُضُهُ، وَلَا يُحْكَمَ بِبَيِّنَتِهِ. اهـ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ، وَإِنْ كَانَ مُتَنَاقِضًا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ نَدِمَ وَتَابَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَقَرَّ بِتَدْبِيرِهِ أَوْ اسْتِيلَادِهَا أَوْ عِتْقِهِ فَقُبِلَ حَمْلًا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ التَّنَاقُضِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ أَعْتَقَهُ بَائِعُهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَانَ حُرَّ الْأَصْلِ مُقْتَصِرٌ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَتَعَدَّى إلَى بَائِعِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ بَرْهَنَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَاسْتَقَرَّ الْوَلَاءُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى تَحْرِيرِهِ إنْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ إنْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ أَخَذَ الْعَبْدَ لَا إنْ كَذَّبَهُ. اهـ.

وَمَنْ فَصَلَ الِاسْتِحْقَاقَ لَوْ أَقَرَّ بِعَبْدٍ أَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَاشْتَرَى مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ اهـ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنَّ رَبَّ الْعَبْدِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ بَطَلَ الْبَيْعُ إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ) لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُسَاعِدَهُ فِيهِ فَيَنْتَفِيَانِ فَيُنْتَقَضُ فِي حَقِّهِمَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي عِبَارَتِهِ لَا فِي حَقِّ رَبِّ الْعَبْدِ إنْ كَذَّبَهُمَا، وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَمَرَهُ فَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّهِ يُطَالَبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي لِبَرَاءَتِهِ بِالتَّصَادُقِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ فَإِذَا أَدَّى رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى إبْرَاءِ الْوَكِيلِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ بِأَنْ أَنْكَرَ الْمَالِكُ التَّوْكِيلَ، وَتَصَادَقَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَكِيلُ لَزِمَهُ، وَإِلَّا اسْتَحْلَفَ الْمَالِكَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ، وَلَوْ غَابَ الْمَالِكُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مَوْقُوفًا فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي تَأْخِيرَ الْفَسْخِ لِيَحْلِفَ الْمَالِكُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يُؤَخَّرْ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ قَدْ تَحَقَّقَ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِأَجْلِ الْيَمِينِ فَلَوْ حَضَرَ الْمَالِكُ، وَحَلَفَ أَخَذَ الْعَبْدَ، وَإِنْ نَكَلَ عَادَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا، وَغَابَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَأْخُذْ الْعَبْدَ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحَّ ظَاهِرًا فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ بِفَسْخِهِ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّفَ رَبَّ الْعَبْدِ أَنَّهُ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ أَمْرُهُ، وَإِنْ حَلَفَ ضَمِنَ الْبَائِعُ، وَنَفَذَ بَيْعُهُ كَالْغَاصِبِ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ قَبْلَ حُضُورِهِ فَوَرِثَهُ الْبَائِعُ.

وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمَالِكِ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يُقْبَلْ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ التَّنَاقُضِ، وَلَوْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ مُشْتَرِيهِ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ تُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَالَ حَيَاةِ الْمَالِكِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ أَصِيلٌ فِيهِ فَيَمْتَنِعُ بِالتَّنَاقُضِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ، وَالْمَيِّتُ لَوْ ادَّعَى حَالَ حَيَاتِهِ لَا يَكُونُ مُنَاقِضًا بِخِلَافِ شَرِيكِهِ الْبَائِعِ حَيْثُ يَكُونُ مُنَاقِضًا، وَلِمُشْتَرِيهِ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْلَى أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْأَمْرُ، وَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَخُيِّرَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُ الْآمِرِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 167