الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَازَ إبْرَاؤُهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ قَبْلَهَا وَفِي الْإِيضَاحِ لِلْكَرْمَانِيِّ أَنَّ الْإِقَالَةَ فِيهِ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ وَهُوَ الشَّرْعُ، وَفِي الْبَدَائِعِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ حَالَ بَقَاءِ الْعَقْدِ فَأَمَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِهِ بِطَرِيقِ الْإِقَالَةِ أَوْ بِطَرِيقٍ آخَرَ فَقَبْضُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ بِخِلَافِ الْقَبْضِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَقَبْضُ بَدَلِ الصَّرْفِ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْإِقَالَةِ كَقَبْضِهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْقَبْضَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فِي الْبَدَلَيْنِ مَا شُرِطَ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا شُرِطَ لِلتَّعْيِينِ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ الْبَدَلُ مُعَيَّنًا بِالْقَبْضِ صِيَانَةً عَنْ الِافْتِرَاقِ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْيِينِ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُهُ فَيَعُودُ إلَيْهِ عَيْنُهُ فَلَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى التَّعْيِينِ بِالْقَبْضِ فَكَانَ الْوَاجِبُ نَفْسَ الْقَبْضِ فَلَا يُرَاعَى لَهُ الْمَجْلِسُ بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَبْضِ لِأَنَّ اسْتِبْدَالَهُ جَائِزٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ لِلتَّعْيِينِ. اهـ.
وَذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ بَعْدَ نَفَاذِهَا لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ أَلَا يَرَى أَنَّهُمَا قَالَا نَقَضْنَا الْإِقَالَةَ لَا تُنْتَقَضُ وَكَذَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا فَقَبَضَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ، ثُمَّ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ لَا يَعُودُ السَّلَمُ وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ سَقَطَ بِالْإِقَالَةِ، فَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِقَالَةُ لَكَانَ حُكْمُ انْفِسَاخِهَا عَوْدَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالسَّاقِطُ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ فَأَمْكَنَ عَوْدُهُ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي. اهـ.
وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ فَسْخَ الْإِبْرَاءِ لَا يَصِحُّ بِالْأَوْلَى وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ بَابِ السَّلَمِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، ثُمَّ قَالَ لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَيْسَ بِدَيْنٍ فَالْإِقَالَةُ هُنَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ قَصْدًا. اهـ.
قَيَّدَ بِالسَّلَمِ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ إذَا تَقَايَلَاهُ جَازَ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ وَيَجِبُ قَبْضُهُ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَبَيَانُ الْفَرْقِ فِي الْإِيضَاحِ لِلْكَرْمَانِيِّ.
[اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً]
قَوْلُهُ (وَلَوْ اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً لَمْ يَصِحَّ وَصَحَّ لَوْ قَرْضًا أَوْ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ لَهُ، ثُمَّ لِنَفْسِهِ فَفَعَلَ) مَعْنَاهُ أَنْ يَكِيلَهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ هُنَا صَفْقَتَانِ صَفْقَةٌ بَيْنَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَصَفْقَةٌ بَيْنَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَبَيْنَ رَبِّ السَّلَمِ كِلَاهُمَا بِشَرْطِ الْكَيْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْكَيْلِ مَرَّتَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا أَمَرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ قَضَاءً لِحَقِّهِ فَلَمْ يَصِحَّ وَوُجِدَ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا أَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ لَهُ بِأَنْ يَكِيلَهُ، ثُمَّ يَقْبِضَهُ بِنَفْسِهِ بِالْكَيْلِ ثَانِيًا وَالْأَصْلُ فِيهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ صَاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» وَمَحْمَلُهُ عَلَى مَا إذَا اجْتَمَعَتْ الصَّفْقَتَانِ فِيهِ، وَأَمَّا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَكْتَفِي بِالْكَيْلِ فِيهِ مَرَّةً فِي الصَّحِيحِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ عِنْدَ الْقَبْضِ مَا قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ أَسْلَمَ مِائَةَ كُرٍّ، ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ كُرَّ حِنْطَةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ فَقَبَضَهُ فَلَمَّا حَلَّ السَّلَمُ أَعْطَاهُ ذَلِكَ الْكُرَّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَيَّدَ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَوْ مَلَكَ كُرًّا بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَأَوْفَاهُ رَبُّ السَّلَمِ وَاكْتَالَهُ مَرَّةً جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ بِشَرْطِ الْكَيْلِ وَقَيَّدَ بِالْكُرِّ وَهُوَ سِتُّونَ قَفِيزًا أَوْ أَرْبَعُونَ عَلَى الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً مُجَازَفَةً فَأَوْفَاهَا رَبُّ السَّلَمِ فَاكْتَالَهَا مَرَّةً جَازَ لِمَا ذَكَرْنَا وَأَشَارَ بِالْكُرِّ الْمَكِيلِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي مَوْزُونٍ مُعَيَّنٍ وَاشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَوْزُونًا كَذَلِكَ إلَى آخِرِهِ لَا يَجُوزُ قَبْضُ رَبِّ السَّلَمِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فِي هَذَا الْحُكْمِ.
وَكَذَا الْمَعْدُودُ إذَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعَدِّ فَإِنَّهُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَذَكَرَ فِي الْبِنَايَةِ أَنَّ فِي الْمَعْدُودِ رِوَايَتَيْنِ وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا تَكْرَارَ الْأَمْرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِتَكْرَارِ الْكَيْلِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكِيلَهُ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ لَمْ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَتَعَدَّدْ الْأَمْرُ حَتَّى لَوْ قَالَ اقْبِضْ الْكُرَّ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ عَنْ حَقِّك فَذَهَبَ فَاكْتَالَهُ، ثُمَّ أَعَادَ كَيْلَهُ صَارَ قَابِضًا وَلَفْظُ الْجَامِعِ يُفِيدُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ فَاكْتَالَهُ لَهُ، ثُمَّ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ لَوْ قَرْضًا فَصُورَتُهُ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ كُرًّا فَاشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ كُرًّا فَأَمَرَ الْمُقْرِضُ بِقَبْضِهِ قَضَاءً لِحَقِّهِ، وَإِنَّمَا جَازَ بِلَا إعَادَةِ الْكَيْلِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إعَارَةٌ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِلَفْظِهَا فَكَانَ الْمَقْبُوضُ عَيْنَ حَقٍّ تَقْدِيرًا فَلَمْ يَكُنْ اسْتِبْدَالًا، وَلَوْ كَانَ اسْتِبْدَالًا لَلَزِمَ مُبَادَلَةُ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ نَسِيئَةً فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الصَّفْقَتَانِ فَيَكْتَفِي بِكَيْلٍ وَاحِدٍ لِلْمُشْتَرِي فَيَقْبِضُهُ لَهُ، ثُمَّ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْكَيْلِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ رَبِّ السَّلَمِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْبِنَايَةِ وَلِلْقَرْضِ صُورَةٌ أُخْرَى هِيَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ سَلَمًا فَلَمَّا حَلَّ اقْتَرَضَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ كُرًّا وَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ مِنْ الْمُقْرِضِ فَفَعَلَ جَازَ لِمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْقَرْضِ عَقْدُ مُسَاهَلَةٍ لَا يُوجِبُ الْكَيْلَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً، وَلِهَذَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ أَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ أَنْ يَكِيلَهُ فِي ظَرْفِهِ فَفَعَلَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً بِخِلَافِ الْمَبِيعِ) أَيْ لَوْ اشْتَرَى مَكِيلًا مُعَيَّنًا وَدَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ ظَرْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِي ظَرْفِهِ فَفَعَلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي غَائِبٌ صَحَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ رَبَّ السَّلَمِ حَقُّهُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَلَمْ يُصَادِفْ أَمْرُهُ مِلْكَهُ فَلَا يَصِحُّ فَيَكُونُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُسْتَعِيرًا لِلظَّرْفِ جَاعِلًا فِيهِ مِلْكَ نَفْسِهِ كَالدَّائِنِ إذَا دَفَعَ كِيسًا إلَى الْمَدِينِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِنَ دَيْنَهُ وَيَجْعَلَهُ فِيهِ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا بِوَزْنِهِ فِيهِ وَصَحَّ الْأَمْرُ فِي الْبَيْعِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ لِكَوْنِهِ صَارَ مَالِكًا لِلْعَيْنِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَصَارَ الْبَائِعُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي إمْسَاكِ الْغَرَائِرِ فَصَارَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حُكْمًا وَصَارَ الْوَاقِعُ فِيهَا وَاقِعًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْفَرْقِ إلَى مَسَائِلَ الْأُولَى لَوْ أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِطَحْنِ الطَّعَامِ كَانَ الطَّحِينُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ كَانَ الطَّحِينُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَلَوْ أَخَذَ رَبُّ السَّلَمِ الدَّقِيقَ كَانَ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْدَالٌ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
الثَّانِيَةُ لَوْ أَمَرَهُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَفِي السَّلَمِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا بِاعْتِبَارِ صِحَّةِ الْأَمْرِ وَعَدَمِهَا الثَّالِثَةُ يَكْتَفِي بِكَيْلِ الْبَائِعِ فِي الشِّرَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ السَّلَمِ قَيَّدْنَا بِكَوْنِ الظَّرْفِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَأَمَرَهُ الْمُشْتَرِي بِالْكَيْلِ فِيهِ فَفَعَلَ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي اسْتَعَارَ ظَرْفَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا فَلَا يَصِيرُ فِي يَدِهِ فَكَذَا مَا يَقَعُ فِيهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ بَيْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَكُونُ قَابِضًا فَإِنَّ الْبَيْتَ بِنَوَاحِيهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ اسْتَعَارَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ غَرَائِرَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِيهَا فَفَعَلَ صَارَ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ إجْمَاعًا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا وَإِلَّا لَا مَا لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْغَرَائِرُ بِعَيْنِهَا أَوْ لَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا صَارَ قَابِضًا وَإِلَّا لَا. اهـ.
وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ غَائِبٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا صَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَابِضًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْغَرَائِرُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةً وَبِهِ صَرَّحَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِظَرْفِ الْآمِرِ لِيُفْهَمَ مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ أَمَرَهُ بِكَيْلِهِ فِي ظَرْفِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّف بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا إلَى أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ بِأَنْ اشْتَرَى كُرًّا مُعَيَّنًا وَلَهُ عَلَى الْبَائِعِ كُرُّ دَيْنٍ وَالظَّرْفُ لِلْمُشْتَرِي فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِيهِ فَإِنْ بَدَأَ الْمَأْمُورُ بِوَضْعِ الْعَيْنِ صَارَ الْآمِرُ قَابِضًا لِلْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَمَّا الْعَيْنُ فَلِصِحَّةِ الْقَبْضِ بِصِحَّةِ الْآمِرِ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَلِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ لِكَوْنِ الْعَيْنِ صَارَتْ فِي يَدِهِ حُكْمًا وَبِمِثْلِهِ يَصِيرُ قَابِضًا كَمَنْ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا فِي أَرْضِهِ صَحَّ الْأَمْرُ وَصَارَ الْمُسْتَقْرِضُ قَابِضًا لَهُ وَكَمَنْ دَفَعَ إلَى صَانِعٍ خَاتَمًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَهُ مِنْ عِنْدِهِ نِصْفَ دِينَارٍ صَحَّ وَصَارَ قَرْضًا وَفِي الْإِيضَاحِ وَلَيْسَ فِيهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ) صَوَابُهُ قَبْلَ الْكَيْلِ كَمَا فِي عِبَارَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَا يُمْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ