المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ) وَهُوَ طَلَبُ الْحَقِّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ اسْتَحَقَّ فُلَانٌ الْأَمْرَ - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٦

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ]

- ‌[تَعْلِيقُ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ]

- ‌خِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ)

- ‌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْمَبِيعَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ

- ‌ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ

- ‌[أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ]

- ‌[شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ]

- ‌ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ]

- ‌[اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا]

- ‌(بَابٌ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ)

- ‌[يَبْطُلُ خِيَار الرُّؤْيَة بِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ]

- ‌ عَقْدُ الْأَعْمَى) أَيْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ

- ‌[لَا يُورَثُ خِيَار الرُّؤْيَة كَخِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا

- ‌[مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ]

- ‌[السَّرِقَةُ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ]

- ‌ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌ اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ جَوْزًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ

- ‌ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ بِقَضَاءٍ

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَادَّعَى عَيْبًا]

- ‌[اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا]

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[شَرَائِطُ صِحَّة الْإِقَالَة]

- ‌[صِفَة الْإِقَالَة]

- ‌[حُكْمُ الْإِقَالَة]

- ‌[رُكْنُ الْإِقَالَة]

- ‌[مَنْ يَمْلِكُ الْإِقَالَة وَمَنْ لَا يَمْلِكُهَا]

- ‌[إقَالَةُ الْإِقَالَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ)

- ‌[شَرْطُ الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[عِلَّةُ الرِّبَا]

- ‌ بَيْعُ الْمَكِيلِ كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ، وَالْمَوْزُونِ كَالنَّقْدَيْنِ

- ‌ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ)

- ‌(بَابُ الْحُقُوقِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الْمَذْرُوعَاتِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي السَّمَكِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ]

- ‌[أَقَلُّ أَجَلِ السِّلْم]

- ‌ أَسْلَمَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَمِائَةً نَقْدًا

- ‌[اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً]

- ‌[أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ وَقُبِضَتْ الْأَمَةُ فَتَقَايَلَا وَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِقَالَةِ]

- ‌ السَّلَمُ وَالِاسْتِصْنَاعُ فِي نَحْوِ خُفٍّ وَطَسْتٍ)

- ‌[بَابُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْبَيْع]

- ‌(فُرُوعٌ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَائِبِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ بَاعَ أَمَةً مَعَ طَوْقٍ قِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا

- ‌[بَاعَ سَيْفًا حِلْيَتُهُ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ وَنَقَدَ خَمْسِينَ]

- ‌ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا

- ‌ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا)

- ‌ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا فَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفَ دِرْهَمِ فُلُوسٍ وَنِصْفًا إلَّا حَبَّةً]

- ‌[تَبْطُلُ الْكَفَالَة بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ لَا الطَّالِبِ]

- ‌ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ

- ‌[الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ]

- ‌ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ عَلَى أَلْفٍ

- ‌ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

- ‌لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ)

- ‌[يَبْرَأ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ]

- ‌ صَالَحَ الْأَصِيلُ أَوْ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى نِصْفِ الدَّيْنِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِحَمْلِ دَابَّةٍ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْعُهْدَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْخَلَاصِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌[كَفَالَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ)

- ‌(كِتَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌ أَحَالَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَدِيعَةً

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌ أَهْلُ الْقَضَاءِ

- ‌[تَقْلِيد الْفَاسِقُ الْقَضَاءِ]

- ‌[كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَفَسَقَ]

- ‌[أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ]

- ‌الْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُفْتِي أَنْ يُغَلِّظَ لِلزَّجْرِ مُتَأَوِّلًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لِلْإِفْتَاءِ]

- ‌ طَلَبَ الْقَضَاءَ

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي إذَا تَقَلَّدَ الْقَضَاء]

- ‌[تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ وَمِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

الفصل: ‌ ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ) وَهُوَ طَلَبُ الْحَقِّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ اسْتَحَقَّ فُلَانٌ الْأَمْرَ

(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

وَهُوَ طَلَبُ الْحَقِّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ اسْتَحَقَّ فُلَانٌ الْأَمْرَ اسْتَوْجَبَهُ قَالَهُ الْفَارَابِيُّ، وَجَمَاعَةٌ فَالْأَمْرُ مُسْتَحَقٌّ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَمِنْهُ خَرَجَ الْبَيْعُ مُسْتَحَقًّا. اهـ.

وَذَكَرَهُ عَقِيبَ الْحُقُوقِ لِلْمُنَاسِبَةِ بَيْنَهُمَا لَفْظًا وَمَعْنًى قَوْلُهُ (الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ لَا الْإِقْرَارُ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَصِيرُ حُجَّةً إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَلَهُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ، وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَلِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَعْنَى التَّعَدِّي أَنَّهُ يَكُونُ الْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءً عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فِي كُلِّ شَيْءٍ قُضِيَ بِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَى الْكَافَّةِ فِي الْعِتْقِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ الْقَضَاءُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ قَضَاءٌ فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً. اهـ.

وَفِي الصُّغْرَى مِنْ دَعْوَى النِّكَاحِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى إذَا قَضَى الْقَاضِي لِإِنْسَانِ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ أَوْ بِنَسَبٍ أَوْ بِوَلَاءٍ عَتَاقَةً ثُمَّ ادَّعَاهُ الْآخَرُ لَا تُسْمَعُ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْبَابِ الرَّابِعِ وَالْمِائَةِ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي اهـ.

وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ فَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ بِوَقْفِيَّةِ مَوْضِعٍ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ كَافَّةً اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَفِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَرْضٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ عَلَى جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَأَنَّهُ مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ، وَذَكَرَ الشَّرَائِطَ، وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالْوَقْفِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ تُسْمَعُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا ادَّعَى الْعِتْقَ عَلَى إنْسَانٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْعِتْقِ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِتْقِ قَضَاءٌ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ كَافَّةً بِخِلَافِ الْوَقْفِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لَمْ نَرَ لِهَذَا رِوَايَةً، وَلَكِنْ سَمِعْت أَنَّ فَتْوَى السَّيِّدِ أَبِي شُجَاعٍ عَلَى هَذَا.

وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحُلْوَانِيِّ وَرُكْنِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ أَنَّ الْوَقْفَ كَالْعِتْقِ فِي عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْوَقْفِيَّةِ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَمَا صَحَّ بِشَرَائِطِهِ لَا يَبْطُلُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ، وَكَذَا فِي النَّوَازِلِ اهـ.

وَصَحَّحَ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِهِ لَيْسَ قَضَاءً عَلَى الْكَافَّةِ فَتُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْمِلْكِ فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ عَلَى الْكَافَّةِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ خَاصَّةً، وَفِي الْوَقْفِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ فَقَضَاءٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِيهَا قَبْلَهُ: الْمُشْتَرِي إذَا صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ هَلْ يَصِيرُ الْبَائِعُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ حَتَّى لَا تُسْمَعَ إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي فِي جَوَابِ دَعْوَى الْمُدَّعِي مِلْكِي لِأَنِّي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ يَعْنِي مِنْ الْبَائِعِ صَارَ الْبَائِعُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَى الْبَائِعِ هَذَا الْمَحْدُودَ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَمَّا إذَا قَالَ فِي الْجَوَابِ مِلْكِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ لَا يَصِيرُ الْبَائِعُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ حَتَّى تُسْمَعَ دَعْوَاهُ هَذَا الْمَحْدُودَ، وَالْإِرْثُ كَالشِّرَاءِ، وَهُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَصُورَتُهَا دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ عَلَيْهِ بِهَا ثُمَّ جَاءَ أَخُو الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، وَادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ، وَتَرَكَهَا

ــ

[منحة الخالق]

وَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا قَالَ فِي النَّهْرِ، وَالْمَذْكُورُ فِي نَظْمِ ابْنِ وَهْبَانَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ فَتْحُ بَابٍ، وَقَدْ عَلِمَ ذَلِكَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ صَحَّتْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَسَدَتْ، وَفِي الْفَتْحِ، وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ فِيهَا إلَّا بِرِضًا صَرِيحٍ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ ذِكْرُ الْحُقُوقِ، وَالْمَرَافِقِ اهـ.

قُلْتُ: الَّذِي فِي الْفَتْحِ مِثْلُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْكِفَايَةِ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النَّهْرِ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ فِيمَا إذَا ذَكَرَ الْحُقُوق، وَأَمْكَنَهُ إحْدَاثُهَا، وَمَعْنَاهُ أَنَّ دَلِيلَ الرِّضَا، وَهُوَ ذِكْرُ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ لَا يَكْفِي كَمَا يَكْفِي فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِحْدَاثُ بَلْ لَا بُدَّ فِي دُخُولِهَا مِنْ صَرِيحِ رِضَا شَرِيكِهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ.

[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]

(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)(قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ إلَخْ) نَقَلَ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْغَزِّيِّ عِبَارَةَ الْفُصُولِ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ فِي دَعْوَى الْوَقْفِ، وَلَيْسَ فِيهَا تَصْحِيحٌ أَصْلًا بَلْ مُجَرَّدُ حِكَايَةِ أَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْكَافَّةِ عَنْ الْإِمَامِ الْحَلْوَانِيِّ وَالسِّنْدِيِّ، وَعَدَمِهِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَالصَّدْرِ الشَّهِيدِ قَالَ وَفِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ لِمَوْلَانَا بَدْرِ الدِّينِ بْنِ الْغَرْسِ إنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَقْفِ لَا يَكُونُ قَضَاءً كُلِّيًّا حَتَّى تُسْمَعَ فِيهِ دَعْوَى مِلْكِ وَقْفٍ آخَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

قُلْتُ: وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْقَضَاءُ بِالْوَقْفِيَّةِ قِيلَ يَكُونُ عَلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَقِيلَ لَا (قَوْلُهُ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالنِّكَاحِ، وَالنَّسَبِ، وَالْوَلَاءِ) أَرَادَ بِالْحُرِّيَّةِ بِالْعِتْقِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ سَابِقًا، وَسَيَأْتِي عَنْ الدُّرَرِ ذِكْرُ الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَتَقْيِيدُ الْعِتْقِ بِمَا إذَا كَانَ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ لَا مُؤَرَّخٍ لِيَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ فِي كَوْنِهِ قَضَاءً عَلَى الْكَافَّةِ مُطْلَقًا، وَأَلَّا يَكُونَ قَضَاءً عَلَى الْكَافَّةِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ.

وَزَادَ فِي الْحَوَاشِي الْحَمَوِيَّةِ عَلَى مَا هُنَا مَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ لَوْ أَحْضَرَ رَجُلًا، وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لِمُوَكِّلِهِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ، وَالْخُصُومَةِ قُبِلَتْ، وَيُقْضَى بِالْوَكَالَةِ، وَيَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا بِسَبَبِ الْوَكَالَةِ فَكَانَ إثْبَاتُ

ص: 151

مِيرَاثًا لَهُ بَيْنَ الْأَخِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَبَيْنَهُ يُقْضَى لِلْأَخِ الْمُدَّعِي بِنِصْفِ الدَّارِ لِأَنَّ الْأَخَ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَمْ يَقُلْ فِي الْجَوَابِ مِلْكِي لِأَنِّي وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي فَلَمْ يَصِرْ الْأَخُ الْآخَرُ حِينَئِذٍ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ، وَهُوَ الْأَخُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ بَعْدَمَا أَنْكَرَ، وَبَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَخِ. اهـ.

وَذَكَرَ قَبْلَهُ الْمُوَرِّثُ إذَا صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي مَحْدُودٍ فَمَاتَ فَادَّعَى وَارِثُهُ ذَلِكَ الْمَحْدُودَ إنْ ادَّعَى الْإِرْثَ مِنْ هَذَا الْمُوَرِّثِ لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ ادَّعَى مُطْلَقًا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ كَانَ الْمُوَرِّثُ مُدَّعِيًا، وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَجْنَبِيًّا فَلَمَّا مَاتَ الْمُوَرِّثُ ادَّعَى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ هَذَا الْمَحْدُودَ مُطْلَقًا عَلَى وَارِثِهِ لَا تُسْمَعُ، وَذَكَرَ فِيهَا مَعْزِيًّا إلَى الصُّغْرَى فِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى إحْدَى الْوَرَثَةِ، وَقَدْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا الْقَضَاءَ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى الْمَيِّتِ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَضَاءٌ عَلَى الْبَائِعِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي قَضَاءٌ عَلَى الْكُلِّ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمْ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَعَلَى الْوَارِثِ قَضَاءٌ عَلَى الْمُوَرِّث بِشَرْطِهِ، وَعَلَى الْمُوَرِّثِ قَضَاءٌ عَلَى الْوَارِثِ بِشَرْطِهِ، وَعَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ قَضَاءٌ عَلَى الْبَاقِي بِشَرْطِهِ، وَذَكَرَ مُلَّا خُسْرو مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ حُكْمٌ عَلَى الْكَافَّةِ حَتَّى لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْ أَحَدٍ، وَكَذَا الْعِتْقُ وَفُرُوعُهُ، وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ فَعَلَى الْكَافَّةِ مِنْ التَّارِيخِ لَا قَبْلَهُ يَعْنِي إذَا قَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ فَقَالَ بَكْرٌ إنِّي كُنْت عَبْدَ بِشْرٍ مَلَكَنِي مُنْذُ سِتَّةِ أَعْوَامٍ فَأَعْتَقَنِي فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ انْدَفَعَ دَعْوَى زَيْدٍ ثُمَّ إذَا قَالَ عَمْرٌو لِبَكْرٍ إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ، وَأَنْتَ مِلْكِي الْآنَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ، وَيُفْسَخُ الْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَيُجْعَلُ مِلْكًا لِعَمْرٍو.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ فَصَارَتْ مَسَائِلُ الْبَابِ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا عِتْقٌ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، وَالْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ، وَالثَّانِي الْقَضَاءُ بِالْعِتْقِ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ، وَلَا يَكُونَ قَضَاءً قَبْلَهُ فَلْيَكُنْ هَذَا عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّ الْكُتُبَ الْمَشْهُورَةَ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْفَائِدَةِ. اهـ.

وَمِنْ فُرُوعِ التَّعَدِّي إذَا قُضِيَ بِهَا دُونَ الْإِقْرَارِ مَسْأَلَةٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ بِبَيِّنَةٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، وَبِالْإِقْرَارِ لَا، وَمِنْ مَسَائِلِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ اسْتَحَقَّ بِالْبَيِّنَةِ فَطَلَبَ ثَمَنَهُ مِنْ بَائِعِهِ فَقَالَ الْمَبِيعُ لِي، وَشَهِدَا بِزُورٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَشْهَدُ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُمَا شَهِدَا بِزُورٍ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ هَذَا الْإِقْرَارِ إذْ الْمَبِيعُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ فَلَا يَحِلُّ ثَمَنُهُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ قَالَ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَمَعَ ذَلِكَ بَرْهَنَ الرَّاجِعُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ إذْ الْحُكْمُ وَقَعَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ لِيُمْكِنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ، وَفِيهِ لَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ يُقْضَى لَهُ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا تُقْبَلُ عَلَى الْمُنْكِرِ لَا عَلَى الْمُقِرِّ، وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَقِيلَ يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ، وَقِيلَ بِالْبَيِّنَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ اهـ.

وَأَوْرَدَ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ قَاصِرٌ عَلَى الْمُقِرِّ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِامْرَأَتِهِ فَأَقَرَّتْ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ السَّفَرِ الثَّانِيَةُ إذَا أَقَرَّ الْآجِرُ بِدَيْنٍ يَصِحُّ، وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ الْإِقْرَارُ عَلَى الْمُقِرِّ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْغَيْرِ لَكِنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ صَادَفَ خَالِصَ حَقِّ الْمُقِرِّ، وَهُوَ الذِّمَّةُ ثُمَّ لَزِمَ مِنْهُ إتْلَافُ حَقِّ الْغَيْرِ بِالضَّرُورَةِ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ، وَالْآجِرَ

ــ

[منحة الخالق]

السَّبَبِ عَلَيْهِ إثْبَاتًا عَلَى الْكَافَّةِ حَتَّى لَوْ أَحْضَرَ آخَرَ، وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ إلَخْ) قَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٌ اسْتَنْبَطَ شَيْخُنَا مِنْ كَلَامِ مُنْلَا خُسْرو أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنِّكَاحِ لِمَنْ ادَّعَاهُ، وَأَثْبَتَهُ يَكُونُ قَضَاءً فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ نِكَاحَهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا بَقِيَ النِّكَاحُ الْمَقْضِيِّ بِهِ، وَقَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي أَرَّخَهُ تُقْبَلُ، وَيَبْطُلُ بِهِ الْحُكْمُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَضَاءً عَلَى الْكَافَّةِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ لَا قَبْلَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدَّيْنِ أَنَّهُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَفِي آخِرِ الْبَابِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ تُخَصَّ تِلْكَ بِعَارِضِ الْحَاجَةِ إلَى الرُّجُوعِ، فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا يَنْبَغِي عَلَى مَا جَعَلَهُ الْأَظْهَرُ أَنْ يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ وَإِنْ سَبَقَتْهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَمَكَّنُ مِنْ اعْتِبَارِ قَضَائِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَعِنْدَ تَحَقُّقِ حَاجَةِ الْخَصْمِ إلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ قَضَاءً بِهَا لِيَنْدَفِعَ الضَّرَرُ عَنْهُ بِالرُّجُوعِ. اهـ.

وَلَخَصَّهُ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِهِ، وَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ عِنْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِهِمَا يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ عَلَى الْأَظْهَرِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ فَبِالْبَيِّنَةِ، وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ عِبَارَتَهُ بِتَمَامِهَا فِي التَّتِمَّةِ آخِرَ هَذَا الْفَصْلِ

ص: 152

يَقْدِرَانِ عَلَى الْإِنْشَاءِ بِالِاسْتِقْرَاضِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُصَدَّقُ الْمُؤَجَّرُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا تُنْتَقَضُ الْإِجَارَةُ، وَلَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ حَتَّى لَا يَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ حَبْسُهَا وَمُلَازَمَتُهَا، وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الزَّوْجِ فِي نَقْلِهَا كَذَا ذَكَرَهُ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَصْلًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ أَصْلُ الْبَابِ أَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَضَمَّنَ إقْرَارُهُ بُطْلَانَ حَقِّ الْغَيْرِ بِحَيْثُ يُضَافُ الْبُطْلَانُ إلَى إقْرَارِهِ فَفِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ إنَّمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ بِالْتِزَامِ الدَّيْنِ ثُمَّ تَعَدَّى إلَى حَقِّ الْغَيْرِ، وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَحَقُّهُ إنَّمَا يَبْطُلُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ وَالتَّنْفِيذِ فَلَا يُضَافُ الْبُطْلَانُ إلَى إقْرَارِ الْآجِرِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا عَلَى الْغَيْرِ، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ اهـ.

وَمِنْ مَسَائِلِ اقْتِصَارِ الْإِقْرَارِ مَسْأَلَةٌ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْمُتَفَرِّقَاتِ قَبِيلَ الصَّرْفِ ذَكَرَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ شَهَادَاتِ الْجَامِعِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِعِتْقِ عَبْدٍ فَرُدَّتْ لِتُهْمَةٍ فَوَكَّلَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ مِنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ صَحَّ الْبَيْعُ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا لَمْ يَنْفُذْ فِي حَقِّ الْمَالِكِ، وَالْمُتَعَاقِدَانِ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ لَكِنْ قَوْلُهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِمَا، وَعَتَقَ الْعَبْدُ لِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِحُرِّيَّتِهِ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ، وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِمَا، وَلَا يَبْرَأُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى إبْرَاءِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ عَنْ الثَّمَنِ، وَضَمِنَهُ الْوَكِيلُ عِنْدَهُمَا، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ حَقُّ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنَّمَا يَسْتَوْفِيهِ الْمُوَكِّلُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا أَبْرَأ عَنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ عِنْدَهُ فَلِلْوَكِيلِ اسْتِيفَاؤُهُ، وَإِنْ بَاعَ الْوَكِيلُ الْعَبْدَ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ جَازَ، وَلَا عِتْقَ وَلَا بَرَاءَةَ، وَتَمَامُهَا فِيهَا.

قَوْلُهُ (وَالتَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ إذْ أَحَدُهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَسَقَطَا، وَهَذَا أَصْلٌ لِفُرُوعٍ كَثِيرَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الدَّعْوَى، وَلَا بَأْسَ بِإِيرَادِ نُبْذَةٍ مِنْهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ عِنْدَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فِي كَلَامِهِ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ تُسْمَعُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ لِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا بِالْجُحُودِ، وَالدَّيْنُ لَا يَصِيرُ مَالَ الشَّرِكَةِ، وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخُوهُ، وَادَّعَى عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ بِأَخِي ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعِي، وَخَلَفَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَجَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَطْلُبُ مِيرَاثَهُ، وَقَالَ هُوَ أَخِي لَا تُقْبَلُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ، وَلَوْ كَانَ مَكَان دَعْوَى الْأُخُوَّةِ دَعْوَى الْبُنُوَّةِ أَوْ الْأُبُوَّةِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَيُقْضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ، وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِيهَا ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ فِيهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَلَا يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا اهـ.

وَمِنْهَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى شِرَاءَ دَارٍ مِنْ أَبِيهِ فَقَبْلَ أَنْ يُزَكِّيَ شُهُودُهُ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ تُقْبَلُ لِوُضُوحِ التَّوْفِيقِ لِأَنَّهُ يَقُولُ جَحَدَنِي الشِّرَاءَ فَمَلَكْت بِالْإِرْثِ، وَعَلَى الْعَكْسِ لَا، وَمِنْهَا مَا فِيهَا أَيْضًا ادَّعَى الصَّدَقَةَ مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ، وَبَرْهَنَ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا وَفَّقَ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا مَا فِيهَا لَوْ ادَّعَى أَوَّلًا الْوَقْفَ ثُمَّ لِنَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ تُسْمَعُ لِصِحَّةِ الْإِضَافَةِ بِالْأَخَصِّيَّةِ انْتِفَاعًا كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِغَيْرِهِ، وَمِنْهَا مَا فِيهَا أَيْضًا ادَّعَى أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لِفُلَانٍ آخَرَ، وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ لَا تُقْبَلُ إذْ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي عَيْنٍ مِنْ جِهَةِ زَيْدٍ مَثَلًا لَا يَلِي إضَافَتَهُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا إذَا وَفَّقَ، وَقَالَ كَانَ لِفُلَانٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الثَّانِي، وَوَكَّلَنِي الثَّانِي أَيْضًا، وَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ بِأَنْ غَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ) لِأَنَّ الْمَوْلَى مَعَ الْمُشْتَرِي كُلٌّ مِنْهُمَا يَنْفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ ذَخِيرَةٌ.

(قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) أَيْ ثَمَّ مَاتَ الْمُدَّعِي عَنْ مَالٍ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبُنُوَّةَ أَوْ الْأُبُوَّةَ وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قَرِيبًا فِي الْقَوْلَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُضِيفُ مَالَ نَفْسِهِ إلَى غَيْرِهِ قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفَصْلِ أَقُولُ: يُمْكِنُ أَيْضًا فِي هَذَا أَنَّهُ أَضَافَ مَالَ الْغَيْرِ إلَى نَفْسِهِ فَلَا تَنَاقُضَ حِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا

ص: 153

عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَصِيرِيُّ فِي الْجَامِعِ دَلَّنَا بِهِ أَنَّ الْإِمْكَانَ لَا يَكْفِي، وَمِنْهَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ فُلَانٍ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ مَا هُوَ لَهُ لَا يُضِيفُهُ إلَى غَيْرِهِ فِي الْخُصُومَةِ، وَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْمِلْكِ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَوَّلًا لِمُوَكِّلِهِ لِعَدَمِ الشَّهَادَةِ بِهِ لَهُ إلَّا إذَا وَفَّقَ، وَقَالَ كَانَ لِفُلَانٍ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ ثُمَّ اشْتَرَيْته مِنْهُ، وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُمْكِنِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ لِفُلَانٍ بِالْخُصُومَةِ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ قَدْ يُضِيفُ إلَى نَفْسِهِ بِكَوْنِ الْمُطَالَبَةِ لَهُ.

وَمِنْهَا مَا فِي الْأَجْنَاسِ الصُّغْرَى ادَّعَى مَحْدُودًا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ مِلْكًا مُطْلَقًا لَا تُسْمَعُ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى الْأُولَى عِنْدَ الْقَاضِي فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْقَاضِيَ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرُوا أَنَّ التَّنَاقُضَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ كِلَا الدَّعْوَتَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي فَأَمَّا مَنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي عِنْدَ الْقَاضِي يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ التَّنَاقُضِ كَوْنُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَفِيهَا أَيْضًا، وَالتَّنَاقُضُ كَمَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى لِنَفْسِهِ يَمْنَعُ الدَّعْوَى لِغَيْرِهِ، وَالتَّنَاقُضُ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ، وَبِتَكْذِيبِ الْحَاكِمِ أَيْضًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بَطَلَ إقْرَارُهُ، وَفِيهَا الْإِيدَاعُ وَالِاسْتِعَارَةُ، وَالِاسْتِئْجَارُ، وَالِاسْتِيهَابُ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْعَيْنَ لِذِي الْيَدِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِأَنَّهَا لَهُ وَطَلَبُ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَانِعٌ مِنْ دَعْوَى تَمَلُّكِهَا وَطَلَبُ نِكَاحِ الْحُرَّةِ مَانِعٌ مِنْ دَعْوَى نِكَاحِهَا. اهـ.

وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّ إمْكَانَ التَّوْفِيقِ يَكْفِي لَدَفَعَ التَّنَاقُضِ أَوْ التَّوْفِيقِ بِالْفِعْلِ ذَكَرَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْخُجَنْدِيِّ أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّ التَّنَاقُضَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُدَّعِي لَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ بِالْفِعْلِ، وَلَا يَكْفِي الْإِمْكَانُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكْفِي الْإِمْكَانُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وُجُودُهُ وَوُقُوعُهُ، وَالظَّاهِرُ حُجَّةٌ فِي الدَّفْعِ لَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْمُدَّعِي مُسْتَحِقٌّ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَافِعٌ، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي فِي الدَّفْعِ لَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَيُقَالُ أَيْضًا إنَّ تَعَدُّدَ الْوُجُوهِ لَا يَكْفِي الْإِمْكَانَ، وَإِنْ اتَّحَدَ يَكْفِي الْإِمْكَانُ. اهـ.

وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ ثُمَّ ادَّعَى الْإِيفَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ، وَفِي كِتَابِ الدَّعْوَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالتَّنَاقُضُ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ التَّدَافُعُ يُقَالُ تَنَاقَضَ الْكَلَامَانِ تَدَافَعَا كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ نَقَضَ الْآخَرَ، وَفِي كَلَامِهِ تَنَاقُضٌ إذَا كَانَ بَعْضُهُ يَقْتَضِي إبْطَالَ بَعْضٍ. اهـ.

وَفِي الصِّحَاحِ، وَالْمُنَاقَضَةُ فِي الْقَوْلِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا يَتَنَاقَضُ مَعْنَاهُ. اهـ.

وَأَمَّا فِي الْمَنْطِقِ فَقَالَ فِي الشَّمْسِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي أَحْكَامِ الْقَضَايَا، وَحَّدُوا التَّنَاقُضَ بِأَنَّهُ اخْتِلَافُ قَضِيَّتَيْنِ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ بِحَيْثُ يَقْتَضِي لِذَاتِهِ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا صَادِقَةً وَالْأُخْرَى كَاذِبَةً فَلَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَخْصُوصَتَيْنِ إلَّا عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَوْضُوعِ، وَيَنْدَرِجُ فِيهِ وَحْدَةُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ لِكُلٍّ، وَعِنْدَ اتِّحَادِ الْمَحْمُولِ، وَيَنْدَرِجُ فِيهِ وَحْدَةُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْإِضَافَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْفِعْلِ وَالْمَحْصُورَتَيْنِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ بِالْكَمِّيَّةِ لِصِدْقِ الْجُزْئِيَّيْنِ وَكَذِبِ الْكُلِّيَّتَيْنِ فِي كُلِّ مَادَّةٍ يَكُونُ الْمَوْضُوعُ فِيهَا أَعَمَّ، وَلَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِلَافِ بِالْجِهَةِ فِي الْكُلِّ لِصِدْقِ الْمُمْكِنَتَيْنِ وَكَذِبِ الضَّرُورِيَّتَيْنِ فِي مَادَّةِ الْإِمْكَانِ. اهـ.

وَتَوْضِيحُهُ فِي شَرْحِهَا لِلْقُطْبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْفُقَهَاءِ بِهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لَا الْمَنْطِقِيُّ كَمَا لَا يَخْفَى.

قَوْلُهُ (لَا الْحُرِّيَّةُ، وَالنَّسَبُ وَالطَّلَاقُ) لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ لِأَنَّ النَّسَبَ يُبْتَنَى عَلَى الْعُلُوقِ وَالطَّلَاقُ وَالْحُرِّيَّةُ يَنْفَرِدُ بِهَا الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى فَتَفَرَّعَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ فَبَاعَهَا الْمُقَرُّ لَهُ جَازَ فَإِنْ ادَّعَتْ عِتْقًا بَعْدَ الْبَيْعِ، وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى عِتْقٍ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ مِنْ الْأَصْلِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهَا اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا، وَدَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَقَبَضَ ثَمَنَهُ، وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي، وَذَهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ، وَالْعَبْدُ سَاكِتٌ، وَهُوَ مِمَّنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهَذَا إقْرَارٌ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرُوا إلَخْ) سَيَأْتِي عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الثَّانِيَةِ، وَاخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَعَنْ النَّهْرِ اخْتِيَارُ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَالتَّنَاقُضُ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ وَبِتَكْذِيبِ الْحَاكِمِ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ كَفَلَ لَهُ عَنْ مَدْيُونِهِ بِأَلْفٍ فَأَنْكَرَ الْكَفَالَةَ فَبَرْهَنَ الدَّائِنُ، وَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ، وَأَخَذَ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْهُ الْمَالَ ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ ادَّعَى عَلَى الْمَدْيُونِ أَنَّهُ كَانَ كَفِيلًا عَنْهُ بِأَمْرِهِ، وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ يُقْبَلُ عِنْدَنَا، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ بِمَا كَفَلَ لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بِالْقَضَاءِ اهـ.

ص: 154

مِنْهُ بِالرِّقِّ لِأَنَّهُ إنْقَادٌ لِلْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ شَرْعًا إلَّا فِي الرَّقِيقِ فَلَا يَصْدُقُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ، وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ رَهَنَهُ أَوْ دَفَعَهُ بِجِنَايَةٍ كَانَ إقْرَارًا لَهُ بِالرِّقِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَرَهُ ثُمَّ قَالَ أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُصْرَفُ فِي مَنَافِعِهِ لَا فِي عَيْنِهِ، وَمَنَافِعُ الْحُرِّ تُمْلَكُ بِالْإِجَارَةِ كَالْعَبْدِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لَهُ بِالرِّقِّ، وَالْإِجَارَةُ لَيْسَتْ بِإِقْرَارٍ مِنْ الْخَادِمِ بِالرِّقِّ، وَهُوَ إقْرَارٌ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ حَتَّى لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَمَا اسْتَأْجَرَهُ لِنَفْسِهِ لَا يُصَدَّقُ اهـ.

وَأَطْلَقَ الْحُرِّيَّةَ فَشَمِلَ الْأَصْلِيَّةَ وَالْعَارِضَةَ لِخَفَاءِ حَالِ الْعُلُوقِ فَإِنَّ الْوَلَدَ انْجَلَبَ صَغِيرًا مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ، وَيَنْفَرِدُ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ.

وَلِهَذَا قُلْنَا الْمُكَاتَبُ إذَا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ ادَّعَى تَقَدُّمَ إعْتَاقِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ تُقْبَلُ، وَيُؤَدَّى بَدَلُ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَأَمَّا التَّنَاقُضُ الْمَعْفُوُّ فِي النَّسَبِ فَصُورَتُهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا وُلِدَ عِنْدَهُ، وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَيَبْطُلُ الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي لِأَنَّ النَّسَبَ يَنْبَنِي عَلَى الْعُلُوقِ فَيَخْفَى فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ هَكَذَا صَوَّرَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ النَّسَبَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَأَمَّا تَنَاقُضُ مَا عَدَاهُمْ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ أُخُوَّتَهُ عِنْدَ طَلَبِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَمَاتَ فَادَّعَى بَعْدَهُ أَنَّهُ أَخُوهُ طَالِبًا مِيرَاثَهُ لَمْ تُسْمَعْ، وَرُجُوعُهُ إلَى التَّنَاقُضِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ لِكَوْنِهِ لَا يَصِحُّ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ أَخُوهُ إلَّا إذَا ادَّعَى حَقًّا، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ فِي النَّسَبِ وَالْإِرْثِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبَوَيْهِ إنْ ادَّعَى إرْثًا أَوْ نَفَقَةً، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ، وَيَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْأَبُ، وَأَنْكَرَ لَا تُقْبَلُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ مَالًا بَلْ ادَّعَى الْأُخُوَّةَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ إثْبَاتُ الْبُنُوَّةِ عَلَى أَبِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْخَصْمُ فِيهِ هُوَ الْأَبُ لَا الْأَخُ.

وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ أَوْ أَبُو أَبِيهِ، وَالِابْنُ، وَالْأَبُ غَائِبٌ أَوْ مَيِّتٌ لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَدَّعِ مَالًا فَإِنْ ادَّعَى مَالًا فَالْحُكْمُ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ جَمِيعًا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَوْجُهَا أَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى عَرَبِيٍّ أَنَّهُ مَوْلَاهُ عَتَاقَةً أَوْ ادَّعَى عَرَبِيٌّ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ مُعْتَقُهُ أَوْ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَوْ كَانَ الدَّعْوَى فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ، وَأَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى مَا قَالَ تُقْبَلُ ادَّعَى بِهِ حَقًّا أَوْ لَا بِخِلَافِ دَعْوَى الْأُخُوَّةِ لِأَنَّهُ دَعْوَى الْغَيْرِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ زَوْجُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ صَحَّ أَوْ بِأَنَّهُ أَخُوهُ لَا لِكَوْنِهِ حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ، وَتَمَامُهُ فِيهَا، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ تَلَاعَنَا ثُمَّ قَالَ مِنِّي يُصَدَّقُ لِخَفَاءِ الْعُلُوقِ فَانْدَفَعَ مَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ لِي ثُمَّ ادَّعَاهَا كَمَا مَرَّ كَذَا فِيهَا أَيْضًا، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ لَسْت وَارِثًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ وَبَيَّنَ الْجِهَةَ تُسْمَعُ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي النَّسَبِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. اهـ.

وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت فِيمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَ فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ أَمَّا الطَّلَاقُ فَصَوَّرَهُ الْعَيْنِيُّ بِمَا إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا، وَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ بَدَلَ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَاقِضَةً لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا عِلْمٌ بِذَلِكَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَأَنْكَرَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَمْلِكُ مُطَالَبَةَ الْمِيرَاثِ اهـ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ مَا يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخَفَاءِ فَإِنَّهُ يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا فَكَبِرَ الِابْنُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ثُمَّ إنَّ الْأَبَ بَاعَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنَ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَالَ إنَّ أَبِي اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ لِي مِنْ نَفْسِهِ فِي صِغَرِي، وَهِيَ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 155

مَلْكِي، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي إنَّك مُتَنَاقِضٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ اسْتِئْجَارَك هَذِهِ الدَّارَ مِنِّي اعْتِرَافٌ مِنْك أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَك فَدَعَوَاك الدَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْك تَنَاقُضًا قَالَ الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ هَذَا تَنَاقُضًا لِأَنَّ هَذَا التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ فَإِنَّ الْأَبَ يَسْتَقِلُّ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ، وَمِنْ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ، وَالِابْنُ لَا عِلْمَ لَهُ بِذَلِكَ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الصُّغْرَى اشْتَرَى ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ قَالَ تُقْبَلُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ قِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَفِي الْعُيُونِ قَدِمَ بَلْدَةً وَاشْتَرَى أَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَاهَا قَائِلًا بِأَنَّهَا دَارُ أَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَكَانَ لَمْ يَعْرِفْهَا وَقْتَ الِاسْتِلَامِ لَا تُقْبَلُ قَالَ وَالْقَبُولُ أَصَحُّ، وَفِي الْمُنْيَةِ اثْنَانِ اقْتَسَمَا التَّرِكَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ جَعَلَ لَهُ هَذَا الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ مِنْ الَّذِي كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الْقِسْمَةِ إنْ قَالَ إنَّهُ كَانَ فِي صِغَرِي تُقْبَلُ، وَإِنْ مُطْلَقًا لَا ذَكَرَ الْوَتَّارُ تَوَلَّى وِلَايَةَ وَقْفٍ أَوْ تَوَلَّى وِصَايَةَ تَرِكَةٍ بَعْدَ تَبَيُّنِ كَوْنِهَا تَرِكَةً أَوْ قَسَمَ تَرِكَةً بَيْنَ وَرَثَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ اشْتَرَى جَارِيَةً فِي نِقَابٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ لَا يُقْبَلُ قَالَ مُحَمَّدٌ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَفَ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ كَالْجَارِيَةِ الْقَائِمَةِ الْمُتَنَقِّبَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا فَتُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ كَثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَاعِدَةٍ عَلَى رَأْسِهَا غِطَاءٌ لَا يَرَى مِنْهَا شَيْئًا يُقْبَلُ، وَلِأَجْلِ هَذَا الِاخْتِلَافِ اخْتَلَفَتْ أَقَاوِيلُ الْعُلَمَاءِ فِي الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ فِي الْمَسَائِلِ اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ اشْتَرَاهَا لَهُ أَبُوهُ فِي صِغَرِهِ، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ يُعْفَى فِيمَا يَجْرِي فِيهِ الْخَفَاءُ فَإِنَّ الْأَبَ يَنْفَرِدُ بِالشِّرَاءِ لِلِابْنِ، وَمِنْ الِابْنِ. اهـ.

وَمِمَّا يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى - الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَةَ الْعَيْنِ لِهَلَاكِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْخَفَاءِ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَاقِضَ الَّذِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا قَالَ تَرَكْت أَحَدَ الْكَلَامَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيَّا إلَى الذَّخِيرَةِ ادَّعَاهُ مُطْلَقًا فَدَفَعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّك كُنْت ادَّعَيْته قَبْلَ هَذَا مُقَيَّدًا، وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي ادَّعَيْته الْآنَ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَتَرَكْت الْمُطْلَقَ يُقْبَلُ، وَيَبْطُلُ الدَّفْعُ. اهـ.

وَفِيهَا مَعْزِيَّا إلَى الْمُحِيطِ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ بِالشِّرَاءِ أَوْ الْإِرْثِ ثُمَّ ادَّعَاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِلْكًا مُطْلَقًا إنْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ مَعْرُوفٍ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ ادَّعَاهُ مِنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ أَوْ قَالَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ الْمُطْلَقُ عِنْدَ الْحَاكِمِ يُقْبَلُ دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّنَاقُضِ كَوْنُ الْمُتَدَافِعَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَلْ يُكْتَفَى بِكَوْنِ الثَّانِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ اهـ.

قَوْلُهُ (مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَا) أَيْ لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأُولَى، وَهِيَ التَّعَدِّي، وَعَدَمُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ مَوْلَاهَا، وَفِي الْكَافِي وَلَدَتْ لَا بِاسْتِيلَادِهِ ثُمَّ قِيلَ يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي الْقَضَاءِ بِالْأُمِّ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَيَكْتَفِي بِهَا، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ بِالْوَلَدِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي النِّهَايَةِ إنَّمَا لَا يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ فِي الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُقَرُّ لَهُ أَمَّا إذَا ادَّعَاهُ كَانَ لَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْوَلَدِ بَلْ زَوَائِدُ الْمَبِيعِ كُلُّهَا عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَتَى يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إذَا ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ قِيلَ بِقَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ، وَقِيلَ بِنَفْسِ الْقَضَاءِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ حَتَّى لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَمَا قُضِيَ لَهُ أَوْ بَعْدَمَا قَبَضَهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ يَصِحُّ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقَضَاء لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يَكُونُ فَسْخًا لِلْبِيَاعَاتِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَاقِضَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَفِي هَذَا الِاسْتِخْرَاجِ تَأَمُّلٌ فَتَدَبَّرْهُ اهـ.

لِأَنَّ ادِّعَاءَ الْمُطْلَقِ لَا يُنَاقِضُ دَعْوَى الْمُقَيَّدِ أَوَّلًا فَتَأَمَّلْ، وَانْظُرْ مَا نَذْكُرُهُ عَنْ الرَّمْلِيُّ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ لَكِنْ ذَكَرَ هُنَاكَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهِ مِلْكًا مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ بِسَبَبٍ يُقْبَلُ وَيُسْمَعُ بُرْهَانُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْعَاكِسُ أَرَادَ بِالْمُطْلَقِ الثَّانِي الْمُقَيَّدَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ الْمُطْلَقِ أَزْيَدَ مِنْ الْمُقَيَّدِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُطْلَقُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَيْ ثُمَّ ادَّعَى الْمُطْلَقَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّنَاقُضِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي اشْتِرَاطُهُمَا عِنْدَ الْحَاكِمِ إذْ مِنْ شَرَائِطِ الدَّعْوَى كَوْنُهَا لَدَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ

ص: 156

مَا لَمْ يَرْجِعْ كُلٌّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْقَضَاءِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يُفْسَخْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتِحْقَاقُ الْجَارِيَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ لَا يُوجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْئًا كَزَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ. اهـ.

وَفِيهَا مِنْ التَّنَاقُضِ بَرْهَنَ عَلَى جَارِيَةٍ أَنَّهَا لَهُ فَقُضِيَ لَهُ بِهَا، وَوَلَدُهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَاكِمُ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَلَدُهَا يُقْضَى بِهِ لَهُ أَيْضًا فَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأُمِّ بَعْدَ ذَلِكَ يَضْمَنُونَ قِيمَةَ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَلَدِ لَهُ بِوَاسِطَةِ شُهُودِ الْأُمِّ فَإِنَّهُمْ لَوْ رَجَعُوا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْأُمِّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْوَلَدِ أَوْ ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ أَوْ فَسَقَوْا لَا يُحْكَمُ بِالْوَلَدِ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَلَدَتْهُ عَلَى مِلْكِهِ جَارِيَتُهُ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ أَنَّهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي ثُمَّ غَابُوا أَوْ مَاتُوا وَلَهَا وَلَدٌ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَهُ، وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ لَا يَلْتَفِتُ الْحَاكِمُ إلَى كَلَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبُرْهَانِهِ، وَيُقْضَى بِالْوَلَدِ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ حَضَرَ الشُّهُودُ، وَقَالُوا الْوَلَدُ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقْضَى بِضَمَانِ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الشُّهُودِ كَأَنَّهُمْ رَجَعُوا فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ حَضَرُوا سَأَلَهُمْ عَنْ الْوَلَدِ فَإِنْ قَالُوا إنَّهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ لَا نَدْرِي لِمَنْ الْوَلَدُ يُقْضَى بِالْأُمِّ لِلْمُدَّعِي، وَلَا يُقْضَى بِالْوَلَدِ فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا اهـ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ عَبْدٌ لِمُشْتَرٍ اشْتَرِنِي فَإِنِّي عَبْدٌ فَاشْتَرَاهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ) تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ التَّنَاقُضَ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَإِنَّ هَذَا الشَّخْصَ أَقَرَّ أَوَّلًا بِالْعُبُودِيَّةِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ حُرٌّ بِدَعْوَاهُ فَكَانَ مُتَنَاقِضًا لَكِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدُلُّ وَضْعُهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدَّعْوَى فِي الْحُرِّيَّةِ الْعَارِضَةِ بَلْ الْعَارِضَةُ وَالْأَصْلِيَّةُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهَا حَقُّ الْعَبْدِ، وَلَا يَمْنَعُهَا التَّنَاقُضُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ شَيْءٌ لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ الْقَابِضِ قَوْلُهُ (وَإِلَّا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا غَيْبَةً غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ مَكَانَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ بِمَا دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ بَاعَهُ بِمَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَلَيْهِ إنْ قَدَرَ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ بَاعَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَدَّى دَيْنَهُ، وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِي أَدَائِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَدَّى عَنْ آخَرَ دَيْنًا أَوْ حَقًّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَيْسَ مُضْطَرًّا فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْقَيْدَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا عَبْدٌ وَقْتَ الْمَبِيعِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشِرَائِهِ أَوْ قَالَ اشْتَرِنِي، وَلَمْ يَقُلْ أَنَا عَبْدٌ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُنْظَرْ ثَمَّةَ.

قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الرَّهْنِ) أَيْ لَوْ قَالَ ارْتَهِنِي فَأَنَا عَبْدٌ فَظَهَرَ حُرًّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالْمُعَاوَضَةِ، وَهِيَ الْمُبَايَعَةُ أَوْ بِالْكَفَالَةِ وَلَمْ يُوجَدَا، وَالْمَوْجُودُ هُنَا مُجَرَّدُ الْإِخْبَارِ كَاذِبًا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ، وَكَمَا لَوْ قَالَ ارْتَهِنِي فَأَنَا عَبْدٌ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَعَ فِي الشِّرَاءِ مُعْتَمَدًا عَلَى أَمْرِهِ وَإِقْرَارِهِ فَكَانَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ، وَالتَّغْرِيرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ يُجْعَلُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ دَفْعًا لِلْغَرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَكَانَ بِتَغْرِيرِهِ ضَامِنًا لِدَرْكِ الثَّمَنِ لَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ كَالْمَوْلَى إذَا قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ فَفَعَلُوا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيُجْعَلُ الْمَوْلَى بِذَلِكَ ضَامِنًا لِدَرْكِ مَا ذَابَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ بَلْ عَقْدَ وَثِيقَةٍ لِلِاسْتِيفَاءِ فَلَا يُجْعَلُ الْآمِرُ بِهِ ضَامِنًا لِأَنَّهُ لَيْسَ تَغْرِيرًا فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِسَائِلٍ عَنْ أَمْنِ الطَّرِيقِ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَنُهِبَ مَالُهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ

ــ

[منحة الخالق]

اهـ.

وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ اعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْكَلَامَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ كَوْنَ الثَّانِي عِنْدَ الْقَاضِي فَقَطْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي. اهـ.، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ هُنَاكَ.

(قَوْلُهُ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يُفْسَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَمَعْنَى هَذَا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا إذَا اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي نَقْضَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَا الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَلَدِ مَحِلُّهُ مَا إذَا سَكَتَا أَمَّا إذَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي لَا يُقْضَى بِهِ.

ص: 157

فَمَاتَ غَيْرَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ اعْتِمَادِهِ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ لَهُ الْغُرُورُ، وَفِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَفَلَ بِثَمَنِ نَفْسِهِ عَنْ الْبَائِعِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ، وَفِي الْخَانِيَّةِ الْمَغْرُورُ يَرْجِعُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ بِقَبْضٍ يَكُونُ لِلدَّافِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ، وَاسْتَحَقَّ الْعَيْنَ، وَضَمَّنَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَأْجِرَ فَإِنَّ الْمُودَعَ وَالْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمَا، وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا ضَمِنَ اهـ

(تَتِمَّةٌ) فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ، أَوْ ادَّعَاهُ فُلَانٌ وَصَدَّقَهُ هُوَ أَوْ أَنْكَرَ فَحَلَفَ، فَنَكَلَ لَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَحَلَفَ، فَنَكَلَ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ لِأَنَّ النُّكُولَ مِنْ الْمُضْطَرِّ كَالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِي النُّكُولِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ وَلَا سَلَامَتَهُ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ لَا تُقْبَلُ لِتَنَاقُضِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ لِعَدَمِهِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ، وَهِيَ تَدَّعِي ذَلِكَ أَوْ أَنَّهَا مِلْكُ فُلَانٍ، وَهُوَ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ شِرَائِهَا حَيْثُ يُقْبَلُ، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ وَفُرُوعِهَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَلَوْ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ بَرْهَنَ أَنَّهُ، وَقْفٌ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ مَحْكُومٌ بِلُزُومِهِ قُبِلَ، وَلَوْ بَرْهَنَتْ أَمَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا مُعْتَقَةٌ لِفُلَانٍ أَوْ مُدَبَّرَتُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ يَرْجِعُ الْكُلُّ إلَّا مَنْ كَانَ قَبْلَ فُلَانٍ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا، وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ لَهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي وَالْيَدَ لِلْبَائِعِ، وَالْمُدَّعِي يَدَّعِيهِمَا فَشَرْطُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا حُضُورُهُمَا، وَلَوْ قُضِيَ لَهُ بِحَضْرَتِهِمَا ثُمَّ بَرْهَنَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهَا مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ هُوَ بَاعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي قُبِلَ، وَلَزِمَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ يُقَرِّرُ الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ، وَلَا يَنْقُضُهُ.

وَلَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بِطَلَبِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ بَرْهَنَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهَا مِنْهُ يَأْخُذُهَا، وَتَبْقَى لَهُ، وَلَا يَعُودُ الْبَيْعُ الْمُنْتَقَضُ، وَلَوْ قُضِيَ لَلْمُسْتَحِقّ بَعْدَ إثْبَاتِهِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ بَعْدَ الْفَسْخِ تَبْقَى الْأَمَةُ لِلْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهَا الْمُشْتَرِيَ لِنُفُوذِ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَهُ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ مُشْتَرٍ فَبَرْهَنَ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى بَيْعِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ بَائِعِ بَائِعِهِ قُبِلَ لِأَنَّهُ خَصْمٌ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ، وَهَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ تُقْبَلُ، وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ أَوْ رَدَّهُ لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَمَعَ ذَلِكَ أَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ، وَأَثْبَتَ عَلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَثْبُتَ بِهَا لِيُمْكِنهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ، وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْإِقْرَارِ لَا بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقْبَلُ عَلَى الْمُنْكِرِ لَا الْمُقِرِّ.

وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ قَالَ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ أَنَّهُ يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ، وَهُوَ يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنْ يَخُصَّ تِلْكَ بِعَارِضِ الْحَاجَةِ إلَى الرُّجُوعِ، وَقَصْدِ الْقَاضِي إلَى الْقَضَايَا بِإِحْدَى الْحُجَّتَيْنِ بِعَيْنِهَا، وَلَوْ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بَعْدَ الْقَضَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الْقَضَاءِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ الْبَائِعِ لِثُبُوتِ التَّقَايُلِ، وَلَوْ لَمْ يَتَرَادَّا، وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لِلْمُسْتَحِقِّ، وَفَسَخَ الْبَيْعَ ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الْقَضَاءِ يَظْهَرُ فَسَادُ الْفَسْخِ، وَلَوْ أَحَبَّ الْبَائِعُ أَنْ يَأْمَنَ غَائِلَةَ الرَّدِّ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَأَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ بِلَا أَرْجِعُ بِالثَّمَنِ إنْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فَظَهَرَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلَا يُعْمَلُ مَا قَالَهُ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ قَالُوا وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ بَائِعِي قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنِّي اشْتَرَاهُ مِنِّي فَإِذَا أَقَرَّ عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَفَلَ بِثَمَنِ نَفْسِهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فَإِنْ أُرِيدَ بِالْعَبْدِ الَّذِي ظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ فَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ، وَقَدْ ضَمِنْت لَك الثَّمَنَ فَظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الَّذِي يَظْهَرُ حُرِّيَّتُهُ، وَقَدْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَسَيَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يُطَالَبُ بِالْكَفَالَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَا كَلَامَ فِي الصِّحَّةِ.

ص: 158

هَذَا الْوَجْهِ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ فَهُوَ أَيْضًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ بَائِعُهُ مِنْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِتَمَامِهِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُشْتَرِي إذَا زَكَّى شُهُودَ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ اسْأَلْ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ عَدْلًا رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِلَّا يُقْتَصَرُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ كَالْإِقْرَارِ ثُمَّ لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي اسْتِحْقَاقَ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ لِيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ الِاسْتِحْقَاقَ وَيُبَيِّنَ سَبَبَهُ فَلَوْ بَيَّنَهُ فَأَنْكَرَ بَائِعُهُ الْبَيْعَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ يُقْبَلُ، وَرَجَعَ بِثَمَنِهِ.

وَقِيلَ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَبِيعِ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، وَقِيلَ لَا، وَبِهِ أَفْتَى (ظ) بَلْ لَوْ ذَكَرَ شَبَهَ الْعَبْدِ وَصِفَتَهُ، وَقَدْرَ ثَمَنِهِ كَفَى، شَرَاهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَيْسَ لِبَائِعِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَلِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ تَحْلِيفُ الْمُسْتَحَقِّ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ، وَلَا وَهَبَهُ، وَلَا تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَلَوْ شَرَى أَرْضًا فَبَنَى أَوْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ فَاسْتُحِقَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ، وَيُسَلِّمُ بِنَاءَهُ، وَزَرْعَهُ، وَشَجَرَهُ إلَيْهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا مَبْنِيًّا قَائِمًا يَوْمَ سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ مَثَلًا، وَسَكَنَ فِيهِ زَمَانًا حَتَّى خَلَفَ الْبِنَاءَ، وَتَغَيَّرَ، وَانْهَدَمَ بَعْضُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ تَسْلِيمِهِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا كَانَ أَنْفَقَ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِن نَقْضُهُ، وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ حَتَّى لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ جِصٍّ وَطِينٍ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا، وَالْمُسْتَحِقُّ أَخَذَ الْمُشْتَرِيَ بِهَدْمِ بِنَائِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي غَرَّنِي بَائِعِي، وَهُوَ غَائِبٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي فَيُؤْمَرُ بِهَدْمِهِ، وَتُدْفَعُ الدَّارُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَلَوْ حَضَرَ الْبَائِعُ بَعْدَ هَدْمِهِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَهَدَمَهُ، وَأَخَذَ النَّقْضَ، وَأَمَّا لَوْ هَدَمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي شَجَرٍ وَجِصٍّ عَلَى الْبَائِعِ قِيمَةُ الشَّجَرِ نَابِتًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى وَكِيلِ الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا، وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ لِلْغُرُورِ، وَإِنْ عَرَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ لِغَيْرِ الْبَائِعِ، وَلَمْ يَدَّعِ الْبَائِعُ وَكَالَةً فَبَنَى فَاسْتُحِقَّ لَمْ يَكُنْ مَغْرُورًا، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبِنَاءَ لَهُ، وَقَالَ الْبَائِعُ لِي فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِثَمَنِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِهِمَا اهـ.

وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ ظَهَرَتْ الْمُشْتَرَاةُ حُرَّةً، وَمَاتَ الْبَائِعُ لَا عَنْ وَارِثٍ، وَتَرِكَةٍ، وَبَائِعُ الْبَائِعِ قَائِمٌ نَصَبَ الْحَاكِمُ عَنْ الْبَائِعِ الثَّانِي وَصِيًّا فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَهُوَ يُخَاصِمُ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ اهـ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ) أَيْ مَجْهُولًا (فَصُولِحَ عَلَى مِائَةٍ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ قَلَّ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَمْ يَرْجِعْ قَيَّدَ بِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهَا لِأَنَّهَا لَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّهَا رَجَعَ بِمَا دَفَعَ لِلتَّيَقُّنِ بِأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضًا عَمَّا لَا يَمْلِكُهُ فَيَرُدُّهُ وَدَلَّ، وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْمَجْهُولِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، الثَّانِي أَنَّ صِحَّةَ الصُّلْحِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّتِهِ هُنَا دُونَهَا حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا إذَا ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ قَيَّدَ بِالْمَجْهُولِ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى قَدْرًا مَعْلُومًا كَرُبْعِهَا لَمْ يَرْجِعْ مَا دَامَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ، وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْهُ رَجَعَ بِحِسَابِ مَا اُسْتُحِقَّ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَاهُ فَبَنَى فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ، وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ فِي النِّصْفِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ الْمُعَيَّنِ فَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ خَاصَّةً رَجَعَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبِنَاءَ، وَلَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَهُ مَتَاعًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَالْمَبِيعُ نِصْفُهُ الْبَاقِي، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَالْمَبِيعُ نِصْفُ الْبَاقِي، وَهُوَ الرُّبُعُ سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَمَّنْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ حَتَّى دَخَلَتْ بِلَا ذِكْرٍ فَاسْتُحِقَّ الْأَشْجَارُ هَلْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ لَا كَمَا فِي ثَوْبِ قِنٍّ وَقِنَّةٍ وَبَرْذَعَةِ حِمَارٍ فَإِنَّ مَا يَدْخُلُ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 159