المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فروع مهمة في الحوالة] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٦

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ]

- ‌[تَعْلِيقُ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ]

- ‌خِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ)

- ‌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْمَبِيعَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ

- ‌ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ

- ‌[أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ]

- ‌[شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ]

- ‌ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ]

- ‌[اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا]

- ‌(بَابٌ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ)

- ‌[يَبْطُلُ خِيَار الرُّؤْيَة بِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ]

- ‌ عَقْدُ الْأَعْمَى) أَيْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ

- ‌[لَا يُورَثُ خِيَار الرُّؤْيَة كَخِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا

- ‌[مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ]

- ‌[السَّرِقَةُ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ]

- ‌ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌ اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ جَوْزًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ

- ‌ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ بِقَضَاءٍ

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَادَّعَى عَيْبًا]

- ‌[اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا]

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[شَرَائِطُ صِحَّة الْإِقَالَة]

- ‌[صِفَة الْإِقَالَة]

- ‌[حُكْمُ الْإِقَالَة]

- ‌[رُكْنُ الْإِقَالَة]

- ‌[مَنْ يَمْلِكُ الْإِقَالَة وَمَنْ لَا يَمْلِكُهَا]

- ‌[إقَالَةُ الْإِقَالَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ)

- ‌[شَرْطُ الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[عِلَّةُ الرِّبَا]

- ‌ بَيْعُ الْمَكِيلِ كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ، وَالْمَوْزُونِ كَالنَّقْدَيْنِ

- ‌ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ)

- ‌(بَابُ الْحُقُوقِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الْمَذْرُوعَاتِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي السَّمَكِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ]

- ‌[أَقَلُّ أَجَلِ السِّلْم]

- ‌ أَسْلَمَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَمِائَةً نَقْدًا

- ‌[اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً]

- ‌[أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ وَقُبِضَتْ الْأَمَةُ فَتَقَايَلَا وَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِقَالَةِ]

- ‌ السَّلَمُ وَالِاسْتِصْنَاعُ فِي نَحْوِ خُفٍّ وَطَسْتٍ)

- ‌[بَابُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْبَيْع]

- ‌(فُرُوعٌ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَائِبِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ بَاعَ أَمَةً مَعَ طَوْقٍ قِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا

- ‌[بَاعَ سَيْفًا حِلْيَتُهُ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ وَنَقَدَ خَمْسِينَ]

- ‌ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا

- ‌ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا)

- ‌ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا فَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفَ دِرْهَمِ فُلُوسٍ وَنِصْفًا إلَّا حَبَّةً]

- ‌[تَبْطُلُ الْكَفَالَة بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ لَا الطَّالِبِ]

- ‌ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ

- ‌[الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ]

- ‌ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ عَلَى أَلْفٍ

- ‌ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

- ‌لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ)

- ‌[يَبْرَأ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ]

- ‌ صَالَحَ الْأَصِيلُ أَوْ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى نِصْفِ الدَّيْنِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِحَمْلِ دَابَّةٍ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْعُهْدَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْخَلَاصِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌[كَفَالَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ)

- ‌(كِتَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌ أَحَالَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَدِيعَةً

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌ أَهْلُ الْقَضَاءِ

- ‌[تَقْلِيد الْفَاسِقُ الْقَضَاءِ]

- ‌[كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَفَسَقَ]

- ‌[أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ]

- ‌الْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُفْتِي أَنْ يُغَلِّظَ لِلزَّجْرِ مُتَأَوِّلًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لِلْإِفْتَاءِ]

- ‌ طَلَبَ الْقَضَاءَ

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي إذَا تَقَلَّدَ الْقَضَاء]

- ‌[تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ وَمِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

الفصل: ‌[فروع مهمة في الحوالة]

عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيمَا رَأَيْت حُكْمَ إحَالَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِمَعْلُومِهِ عَلَى الْمُتَوَلِّي، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً إذَا كَانَ مَالُ الْوَقْفِ تَحْتَ يَدِهِ كَالْإِحَالَةِ عَلَى الْمُودِعِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمِينٌ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالُ الْوَقْفِ فَلَا؛ لِأَنَّهَا لِثُبُوتِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَبِلَ الْحَوَالَةَ بِالْمَالِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ثُمَّ مَرِضَ الْمُحِيلُ فَقَضَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ سَلَّمَ لِلْمُحْتَالِ مَا أَخَذَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَا عُلِمَ وَيُقْسَمُ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْمُحِيلِ بِالْحِصَصِ وَيُشَارِكُهُمْ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِوَدِيعَةٍ فَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا سَبِيلَ لِغُرَمَاء الْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَحَالَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحْتَالَ عَلَى آخَرَ جَازَ وَبَرِئَ الْأَوَّلُ وَالْمَالُ عَلَى الْآخَرِ كَالْكَفَالَةِ مِنْ الْكَفِيلِ، وَلَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك مَا عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحِيلَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَرَضِيَ الطَّالِبُ إنْ أَحَالَهُ وَقَبِلَهُ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فُلَانٌ الْحَوَالَةَ فَالْكَفِيلُ ضَامِنٌ عَلَى حَالِهِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أُحِيلَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ انْصَرَفَ التَّأْجِيلُ إلَى الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ عَقْدِ الْحَوَالَةِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُحِيلَهُ عَلَى فُلَانٍ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ الْحَوَالَةَ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الضَّمَانِ وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ لَمْ يَكُنْ الطَّالِبُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمَالِ حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ، وَالْكُلُّ فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَدَّى الْمَالَ فِي الْحَوَالَةِ الْفَاسِدَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَهُوَ الْمُحْتَالُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ، وَأَحَالَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْمُحِيلِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْقَابِضِ وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَرَدَ فِيهِ الِاسْتِحْقَاقُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ السَّفَاتِجُ) جَمْعُ سَفْتَجَةٍ قِيلَ بِضَمِّ السِّينِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا، وَأَمَّا التَّاءُ مَفْتُوحَةٌ فِيهِمَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَفَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ هِيَ كِتَابُ صَاحِبِ الْمَالِ لِوَكِيلِهِ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا قَرْضًا يَأْمَنُ بِهِ خَطَرَ الطَّرِيقِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَفِي الْقَامُوسِ السَّفْتَجَةُ كَقُرْطَقَةٍ أَنْ يُعْطِيَ مَالًا لِآخَرَ وَلِلْآخِذِ مَالٌ فِي بَلَدِ الْمُعْطِي فَيُوَفِّيَهُ إيَّاهَا، ثَمَّ فَيَسْتَفِيدُ أَمْنَ الطَّرِيقِ وَفِعْلُهُ السَّفْتَجَةُ بِالْفَتْحِ اهـ.

وَحَاصِلُهُ عِنْدَنَا قَرْضٌ اسْتَفَادَ بِهِ الْمُقْرِضُ أَمْنَ خَطَرِ الطَّرِيقِ لِلنَّهْيِ عَنْ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَقِيلَ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ مَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي، قَالَ وَلَا بَأْسَ بِقَبُولِ هَدِيَّةِ الْغَرِيمِ وَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ بِلَا شَرْطٍ وَكَذَا إذَا قَضَى أَجْوَدَ مِمَّا قَبَضَ يَحِلُّ بِلَا شَرْطٍ، وَكَذَا لَوْ قَضَى أَدْوَنَ، وَلَوْ أَرْجَحَ فِي الْوَزْنِ أَنَّ كَثِيرًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ قَلَّ جَازَ وَمَا لَا يَدْخُلُ فِي تَفَاوُتِ الْمَوَازِينِ وَلَا يَجْرِي بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَلْ يَرُدُّهُ وَالدِّرْهَمُ فِي مِائَةٍ يَرُدُّهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتَلَفَا فِي نِصْفِهِ قِيلَ كَثِيرٌ وَقِيلَ قَلِيلٌ وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مَشَاعٌ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

لَمَّا كَانَ أَكْثَرُ الْمُنَازَعَاتِ فِي الدُّيُونِ وَالْبِيَاعَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ مُحْتَاجَةً إلَى قَطْعِهَا أَعْقَبَهَا بِمَا هُوَ الْقَاطِعُ لَهَا وَهُوَ الْقَضَاءُ وَالْكَلَامُ فِيهِ عَشْرَةُ مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ فِي مَعْنَاهُ لُغَةً وَهُوَ بِالْمَدِّ كَكِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ فَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ مَصْدَرُ قَضَيْت بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَعَلَيْهِمَا حَكَمْت اهـ.

وَفِي الصِّحَاحِ الْقَضَاءُ الْحُكْمُ وَأَصْلُهُ قَضَايَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَضَيْت إلَّا أَنَّ الْيَاءَ لَمَّا جَاءَتْ بَعْدَ الْأَلْفِ قُلِبَتْ هَمْزَةً، وَالْجَمْعُ الْأَقْضِيَةُ وَقَضَى أَيْ حَكَمَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَرَاغِ تَقُولُ قَضَيْت حَاجَتِي وَضَرَبَهُ فَقَضَى عَلَيْهِ أَيْ قَتَلَهُ كَأَنَّهُ فَرَغَ مِنْهُ، وَسُمَّ قَاضٍ أَيْ قَاتِلٌ وَقَضَى نَحْبَهُ قَضَاءً أَيْ

ــ

[منحة الخالق]

[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ فِي الْحَوَالَةِ]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً) أَيْ لَوْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً أَمَّا الْمُطْلَقَةُ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِتَصْرِيحِهِمْ بِاخْتِصَاصِهَا بِالدُّيُونِ لِابْتِنَائِهَا عَلَى النَّقْلِ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ فَلَا تَصِحُّ بِالْحُقُوقِ كَذَا فِي النَّهْرِ، وَقَدْ مَرَّ قَالَ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْبَحْرِ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ بِحَقِّ الْغَنِيمَةِ الْمُحَرَّزَةِ تَحْتَ يَدِ الْإِمَامِ مِنْ أَحَدِ الْغَانِمِينَ وَعِنْدِي فِيهِ تَرَدُّدٌ فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ) وَيَكُونُ الْمَدْفُوعُ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْمُحِيلِ وَبَيْنَ الْمُحْتَالِ بِالْحِصَصِ فِيهِ نَظِيرٌ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجَرَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَأَحَالَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) كَذَا رَأَيْته فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَلَّذِي فِي الْخُلَاصَةِ وَأَحَالَ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَدْ أَدَّى الثَّمَنَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِهَا مَسْأَلَةٌ مِنْ صُوَرِ فَسَادِ الْحَوَالَةِ فَرَاجِعْهَا.

(قَوْلُهُ وَفَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ إلَخْ) هِيَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ مَا يُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْبُولِصَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ مَا يَقْضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي) قَالَ فِي النَّهْرِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الصُّغْرَى وَالْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ وَالْكِفَايَةِ لِلشَّهِيدِ نَعَمْ قَالُوا إنَّمَا يَحِلُّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ أَنَّ ذَلِكَ يُفْعَلُ لِذَلِكَ فَلَا.

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

ص: 276

مَاتَ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ وَالْإِنْهَاءِ تَقُولُ قَضَيْت دَيْنِي وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء: 4] وقَوْله تَعَالَى {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ} [الحجر: 66] أَيْ أَنْهَيْنَاهُ إلَيْهِ وَأَبْلَغْنَاهُ ذَلِكَ قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: 71] أَيْ امْضُوا إلَيَّ كَمَا يُقَالُ قَضَى فُلَانٌ أَيْ مَاتَ وَمَضَى، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الصُّنْعِ وَالتَّقْدِيرِ قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ

وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا

دَاوُد أَوْ صَنَعَ السَّوَابِغَ تُبَّعٌ

يُقَالُ قَضَاهُ أَيْ صَنَعَهُ وَقَدَّرَهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] وَمِنْهُ الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ، وَيُقَالُ اُسْتُقْضِيَ فُلَانٌ أَيْ صُيِّرَ قَاضِيًا. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لُغَةً بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْفَرَاغِ وَالْهَلَاكِ وَالْأَدَاءِ وَالْإِنْهَاءِ وَالْمُضِيِّ وَالصُّنْعِ وَالتَّقْدِيرِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْقَضَاءُ يُمَدُّ أَوْ يُقْصَرُ الْحُكْمُ قَضَى عَلَيْهِ يَقْضِي قَضْيًا وَقَضَاءً وَقَضِيَّةً وَهِيَ الِاسْمُ أَيْضًا إلَى آخِرِ مَا فِيهِ الثَّانِي فِي مَعْنَاهُ شَرْعًا فَعَرَّفَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِالْإِلْزَامِ، وَفِي الْمُحِيطِ بِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَقَطْعِ الْمُنَازَعَاتِ وَفِي الْبَدَائِعِ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَهُوَ الثَّابِتُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حُكْمِ الْحَادِثَةِ إمَّا قَطْعًا بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ وَهُوَ النَّصُّ الْمُفَسَّرُ مِنْ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَوْ الْمَشْهُورَةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ، وَإِمَّا ظَاهِرًا بِأَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ظَاهِرًا يُوجِبُ عِلْمَ غَالِبِ الرَّأْيِ، وَأَكْثَرُ الظَّنِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَوْ خَبَرَ وَاحِدٍ وَالْقِيَاسُ وَذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ أَوْ الَّتِي لَا رِوَايَةَ فِيهَا عَنْ السَّلَفِ فَلَوْ قَضَى بِمَا قَامَ الدَّلِيلُ الْقَطْعِيُّ عَلَى خِلَافِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ قَضَى بِالْبَاطِلِ قَطْعًا، وَكَذَا لَوْ قَضَى فِي مَوْضِعِ الِاخْتِلَافِ بِمَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ أَقَاوِيلِ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَعْدُوهُمْ، وَلِذَا لَوْ قَضَى بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا فِيهِ نَصٌّ ظَاهِرٌ بِخِلَافِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ بَاطِلٌ وَلَوْ ظَاهِرًا.

وَأَمَّا مَا لَا نَصَّ فِيهِ فَإِنَّ مُجْتَهِدًا قَضَى بِرَأْيِهِ لَا بِرَأْيِ غَيْرِهِ وَإِذَا قَلَّدَ الْأَفْقَهَ وَسِعَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الِاجْتِهَادُ خِلَافًا لَهُمَا، وَقِيلَ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ وَإِنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ اسْتَعْمَلَ رَأْيَهُ، وَالْأَفْضَلُ مُشَاوَرَةُ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا أَخَذَ بِمَا يُؤَدِّي إلَى الْحَقِّ ظَاهِرًا وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى خِلَافِ رَأْيِهِ عَمِلَ بِرَأْيِ نَفْسِهِ لَكِنْ لَا يُعَجِّلُ بِالْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ قَضَى مُجَازِفًا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا كَانَ مُجْتَهِدًا أَوْ لَا يُدْرَى حَالُهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَضَى بِرَأْيِهِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الصَّلَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ حَفِظَ أَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ عَمِلَ بِمَنْ يَعْتَقِدُ قَوْلَهُ حَقًّا عَلَى التَّقْلِيدِ، وَإِلَّا عَمِلَ بِفَتْوَى أَهْلِ الْفِقْهِ فِي بَلَدِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا وَاحِدٌ وَسِعَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَضَى بِمَذْهَبِ خَصْمِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ، وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ صَحَّ قَضَاؤُهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ.

وَعَرَّفَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّهُ إنْشَاءُ إلْزَامٍ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الْمُتَقَارِبَةِ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ النِّزَاعُ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا فَخَرَجَ الْقَضَاءُ عَلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ وَخَرَجَ مَا لَيْسَ بِحَادِثَةٍ وَمَا كَانَ مِنْ الْعِبَادَاتِ اهـ.

وَوَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَكَثِيرٌ التَّعْبِيرُ بِبَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فَفِي الْعِنَايَةِ الْأَدَبُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى كُلِّ رِيَاضَةٍ مَحْمُودَةٍ يَتَخَرَّجُ بِهَا الْإِنْسَانُ فِي فَضِيلَةٍ مِنْ الْفَضَائِلِ قَالَ أَبُو زَيْدٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَرَّفَ بِأَنَّهُ مَلَكَةٌ تَعْصِمُ مَنْ قَامَتْ بِهِ عَمَّا يَشِينُهُ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْأَدَبُ الْخِصَالُ الْحَمِيدَةُ فَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَهُ وَمَا عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَهِيَ عَنْهُ، وَالْأَوْلَى التَّفْسِيرُ بِالْمَلَكَةِ؛ لِأَنَّهَا الصِّفَةُ الرَّاسِخَةُ لِلنَّفْسِ فَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ أَدَبًا كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْقَامُوسِ الْأَدَبُ مُحَرَّكَةً الظَّرْفُ وَحُسْنُ التَّنَاوُلِ أَدُبَ كَحَسُنَ أَدَبًا فَهُوَ أَدِيبٌ وَالْجَمْعُ أُدَبَاءُ اهـ.

الثَّالِثُ: فِي رُكْنِهِ وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَالْأَوَّلُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ قَوْلُ الْقَاضِي حَكَمْتُ أَوْ قَضَيْت لَيْسَ بِشَرْطٍ.

وَقَوْلُهُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْمُعْتَمَدِ أُقِمْهُ وَاطْلُبْ الذَّهَبَ مِنْهُ حُكْمٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ عِنْدِي يَكْفِي وَكَذَا إذَا قَالَ ظَهَرَ عِنْدِي أَوْ صَحَّ عِنْدِي أَوْ عَلِمْت فَهَذَا كُلُّهُ حُكْمٌ فِي الْمُخْتَارِ زَادَ فِي الْخِزَانَةِ أَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 277

وَحُكِيَ فِي التَّتِمَّةِ الْخِلَافُ فِي الثُّبُوتِ وَصُحِّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ حُكْمٌ، وَذَكَرَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ مَعْزِيًّا إلَى الْكُبْرَى لِلْخَاصِّيِّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ، وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فَمَنْ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ أَرَادَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ حُكْمٌ أَرَادَ إذَا كَانَ بَعْدَ الدَّعْوَى ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ اتِّفَاقًا فِي مَوَاضِعَ ظَفِرْت بِهَا مِنْهَا ثُبُوتُ مِلْكِ الْبَائِعِ لِلْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِبَيِّنَةِ الْجَرَيَانِ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمَنْظُومَةِ وَيَدْخُلُ شُرْبُ الْأَرْضِ مِنْ دُونِ ذِكْرِهِ قَالَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِمِلْكِيَّةِ الْأَرْضِ لِإِنْسَانٍ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي كُتُبِ التَّبَايُعِ فِي بِلَادِنَا أَنَّهُ يُقِيمُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَزَلْ حَائِزًا مَالِكًا لِجَمِيعِ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ فِي الْوَقْفِ مَنْ أَحَلَّ صِحَّةَ الْبَيْعِ أَوْ الْمَوْقُوفِ أَوْ غَيْرِهِمَا. اهـ.

وَفَائِدَةُ بَيِّنَةِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ أَوْ الْوَاقِفِ التَّوَصُّلُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ، وَإِلَّا لَمْ يَقْضِ بِالصِّحَّةِ وَإِنَّمَا يَقْضِي بِمُوجِبِ مَا أَقَرَّ بِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْغَرْسِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الثُّبُوتُ لَيْسَ بِحُكْمٍ قَطْعًا اهـ.

قَالَ وَمِنْهَا قَوْلُ الْمُوَثَّقِ وَثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الْعَيْنَ بِصِفَةِ الِاسْتِبْدَالِ شَرْعًا وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ لَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ الْمُشْتَرِي قِيَامَ الْعَيْبِ لِلْحَالِ لِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ إلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ ثُبُوتٌ مُجَرَّدٌ لَا حُكْمٌ، وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ إنَّهُ ثَبَتَ أَنْ لَا مَالَ لِلصَّغِيرِ سِوَى الْعَقَارِ عِنْدَ بَيْعِ عَقَارِهِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَوْلُهُ لَا أَرَى لَك حَقًّا فِي هَذِهِ الدَّارِ بِهَذِهِ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ قَضَاءً مَا لَمْ يَقُلْ أَمْضَيْتُ أَوْ أَنَفَذْتُ عَلَيْكَ الْقَضَاءَ بِكَذَا، وَكَذَا قَوْلُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَلِّمْ هَذِهِ الدَّارَ إلَيْهِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبُرْهَانِ، قَالَ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَضَائِهِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ حُكْمٌ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ إلْزَامٌ وَحُكْمٌ وَإِذَا قَالَ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي وَقُلْنَا إنَّهُ حُكْمٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الثُّبُوتَ بِمَاذَا بِالْإِقْرَارِ أَمْ بِالْبَيِّنَةِ لِمُخَالَفَةِ الْحُكْمِ بَيْنَ طَرِيقَيْ الْحُكْمَيْنِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَمَا شَهِدَ الْعُدُولُ أَرَى أَنَّ الْحَقَّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَرَى أَوْ رَأَى بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَظُنُّ، وَلَوْ قَالَ أَظُنُّ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً ثُمَّ قَالَ الْبَزَّازِيُّ أَمْرُ الْقَاضِي لَيْسَ كَقَضَائِهِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ الظَّهِيرِيُّ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاحْتَاجَ بَعْضُ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِأَنْ يُصْرَفَ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ إلَيْهِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْفَتْوَى حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ صَحَّ وَلَوْ حُكِمَ بِأَنْ لَا يَصْرِفَ إلَّا إلَى أَقْرِبَائِهِ نَفَذَ حُكْمُهُ دَلَّ هَذَا أَنَّ أَمْرَهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ سَلِّمْ الدَّارَ هَلْ هُوَ حُكْمٌ أَوْ لَا وَلَمْ يَحْكُوا خِلَافًا فِي أَنَّ أَمْرَهُ بِإِعْطَاءِ بَعْضِ قَرَابَتِهِ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي أَنْ لَا يُعْطِيَ غَيْرَ هَذَا الرَّجُلِ نَفَذَ حُكْمُهُ فَقَدْ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْوَقْفِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْخَصَّافِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِأَقَارِبِ الْوَاقِفِ، وَقَدْ اسْتَبْعَدْتُ صِحَّةَ هَذَا الْحُكْمِ وَكَيْفَ سَاغَ بِلَا شَرْطٍ حَتَّى ظَفِرْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِقُوَيْلَةِ إنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ اهـ.

وَيُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ لَهُ حَادِثَةٌ هِيَ إعْطَاءُ الْمُتَوَلِّي فَقِيرًا شَيْئًا مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ سَنَةً، ثُمَّ جَاءَ لَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَمَنَعَهُ وَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرِهِ فَتَرَافَعَا إلَى الْقَاضِي فَرَأَى الْقَاضِي أَنَّ الدَّفْعَ إلَيْهِ أَصْلَحُ لِعِلْمِهِ وَصَلَاحِهِ فَحَكَمَ عَلَى الْمُتَوَلِّي بِأَنْ لَا يُعْطِيَ غَيْرَهُ نَفَذَ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُوَافَقَةً لِلشَّرْطِ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ، وَكَذَا عُلِّلَ فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ بَعْدَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي مَا إذَا أَعْطَاهُ الْقَاضِي بِلَا حُكْمٍ، وَأَمَّا إذَا حُكِمَ بِأَنْ لَا يُعْطِيَ غَيْرَهُ بِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَنْفِيذَ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَمْ يَحْكُوا خِلَافًا فِي أَنَّ أَمْرَهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَحُكِيَ فِي التَّتِمَّةِ الْخِلَافُ فِي الثُّبُوتِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَبَتَ عِنْدِي فَمَوْضِعُ الْحُكْمِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ وَأَمَّا الثُّبُوتُ فَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا قَوْلُ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي حُكْمٌ وَعُرْفُ الْمُتَشَرِّعِينَ وَالْمُوَثِّقِينَ الْآنَ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ بِدَلِيلِ تَقْسِيمِ الثُّبُوتِ إلَى مَا اقْتَرَنَ بِهِ الْحُكْمُ وَمَا كَانَ مُجَرَّدًا وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي التَّسْجِيلِ، وَلَمَّا ثَبَتَ عِنْدَهُ حُكْمٌ وَالْمُتَعَارَفُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَذْهَبٍ بَلْ نِسْبَتُهُ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِعْمَالُ إلَى جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ وَاحِدَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ فَصَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الثُّبُوتَ إنْ وَقَعَ عَلَى السَّبَبِ لَا يَكُونُ حُكْمًا كَمَا إذَا قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي جَرَيَانُ الْعَقْدِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدِينَ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْمُسَبَّبِ كَانَ حُكْمًا كَمَا إذَا قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي مِلْكُهُ لِكَذَا وَهُوَ قَوْلٌ مُتَّجَهٌ لَوْ تَمَّ وَجْهُهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتِمُّ ثُمَّ ذَكَرَ بَيَانَهُ فَرَاجِعْهُ ثُمَّ قَالَ وَفِي مَعْنَى قَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي صَحَّ عِنْدِي. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ بَعِيدٌ جِدًّا بَلْ لَا يُقَالُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى الْغَيْرَ الصَّحِيحَةِ لَا يُفِيدُ فِيهَا لَفْظُ حَكَمْت الْمَجْمَعُ عَلَيْهِ خِلْفَةً عَنْ لَفْظِ ثَبَتَ عِنْدِي تَأَمَّلْ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي حُكْمٌ مِنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ بِحُكْمٍ اتِّفَاقًا فِي مَوَاضِعَ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالثُّبُوتِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِيمَا مَرَّ قَوْلُ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالثُّبُوتِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْإِخْبَارَ بِذَلِكَ بَلْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَرَى أَنَّ الْحَقَّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِمَعْنَى اعْلَمْ فَقَدْ مَرَّ إنَّ عَلِمْت

ص: 278

بِحَبْسِ الْخَصْمِ حُكْمٌ كَأَمْرِهِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ.

قَالَ فِي الْقُنْيَةِ وَأَمْرُ الْقَاضِي بِحَبْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءٌ بِالْحَقِّ اهـ.

وَفَائِدَتُهُ لَوْ حَبَسَهُ حَنَفِيٌّ فِي مُعَامَلَةٍ بِفَائِدَةٍ لَيْسَ لِلْمَالِكِيِّ إبْطَالُهَا، كَذَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَأَمَّا فِعْلُهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ فَمَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لِلْحُكْمِ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ قَطْعًا، وَمِنْهُ مَا إذَا أَذِنَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ فِي تَزْوِيجِ نَفْسِهَا فَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهَا فَفِعْلُهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا فِي الْقَاسِمِيَّةِ وَمَا كَانَ مِنْهَا مَوْضِعًا لَهُ أَيْ مَحَلًّا فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَلَهُ صُوَرٌ مِنْهَا تَزْوِيجُ الصِّغَارِ الَّذِينَ لَا وَلِيَّ لَهُمْ، وَمِنْهَا شِرَاؤُهُ وَبَيْعُهُ مَالَ الْيَتِيمِ وَمِنْهَا قِسْمَةُ الْقَاضِي الْعَقَارَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَجَزَمَ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ وَلِذَا لَوْ زَوَّجَ الْيَتِيمَةَ مِنْ ابْنِهِ لَمْ يَجُزْ، وَرَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ قَالَ وَالْإِلْحَاقُ بِالْوَكِيلِ يَكْفِي لِلْمَنْعِ يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ بِالنِّكَاحِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُزَوِّجَ مِنْ ابْنِهِ فَكَذَا الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ، أَقُولُ: وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي التَّتِمَّةِ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ، وَحُكْمُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ اهـ.

خِلَافُ الْأَوْجَهِ وَالْإِلْحَاقُ بِالْوَكِيلِ لِلْمَنْعِ مُغْنٍ عَنْ كَوْنِهِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ بَاطِلٌ.

وَكَذَا مَا ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ لِلْغَانِمِينَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَبِيعُ الْغَنَائِمَ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِهَذَا لَا تَلْزَمُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ فَلَوْ جَازَ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْ نَفْسِهِ، وَحُكْمُ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ اهـ خِلَافُ الْأَوْجَهِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحُكْمَ الْقَوْلِيَّ يَحْتَاجُ إلَى الدَّعْوَى وَالْفِعْلِيَّ لَا كَالْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ لَا يَحْتَاجُ إلَى الدَّعْوَى لَهُ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ الْقَصْدِيُّ فَيَدْخُلُ الضِّمْنِيُّ تَبَعًا تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِمْ فَمَنْ نَقَلَ أَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي حُكْمٌ صَاحِبُ التَّجْنِيسِ وَالتَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي بُيُوعِ الْمُحِيطِ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَفِي بُيُوعِ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَصَرَّحَ بِهِ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ قَالَ إذَا حَضَرَ الْوَرَثَةُ إلَى الْقَاضِي فَطَلَبُوا الْقِسْمَةَ وَبَيْنَهُمْ وَارِثٌ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ، وَالتَّرِكَةُ عَقَارٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا أَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ حَتَّى يُقِيمُوا بَيِّنَةً عَلَى الْمَوْتِ وَالْمَوَارِيثِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: أُقَسِّمُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِمْ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا أُقَسِّمُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ وَلَا أَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ بِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْقَاضِي قَضَاءٌ مِنْهُ اهـ.

وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْقَاضِي قَضَاءٌ مِنْهُ قَاطِعٌ لِلشُّبْهَةِ كُلِّهَا فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ.

وَأَمَّا شَرَائِطُهُ وَهُوَ الرَّابِعُ فَفِي الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ مِنْ خَصْمٍ عَلَى خَصْمٍ فَإِنْ فُقِدَ هَذَا الشَّرْطُ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا، وَإِنَّمَا هُوَ إفْتَاءٌ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَالَ وَهَذَا شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ وَالْبَزَّازِيُّ فِي فَتَاوَاهُ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إنَّمَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ عِنْدَ شَرَائِطِ الْقَضَاءِ مِنْ الْخُصُومَةِ وَغَيْرِهَا فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَمْ يَنْفُذْ اهـ.

فَإِذَا حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ بَيْعِ عَقَارٍ

ــ

[منحة الخالق]

تَكُونُ حُكْمًا (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ) أَيْ شَرْطِ الْحُكْمِ، وَهُوَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ سَيُجِيبُ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) بَلْ قَالَ ابْنُ الْغَرْسِ إنَّهُ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ قَاطِعٌ لِلشُّبْهَةِ كُلِّهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْوَكِيلِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُ عِلَّةِ الْمَنْعِ هِيَ كَوْنُ فِعْلِهِ حُكْمًا. (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ وَذَكَرَهُ أَيْضًا الْعِمَادِيُّ إلَخْ فَإِسْقَاطُ لَفْظِ ذَكَرَهُ الثَّانِي مِنْ سَهْوِ الْكَاتِبِ (قَوْلُهُ فَإِذَا حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ بَيْعِ عَقَارٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجِبِ مِمَّا تُعُورِفَ بَيْنَ الْمُتَشَرِّعِينَ وَالْمُوَثِّقِينَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمُقْتَضَى؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الصِّحَّةَ وَالْبُطْلَانَ كَالْحُكْمِ بِمُوجِبِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ مَعْنَاهُ بُطْلَانُهُ لَوْ الْقَاضِي حَنَفِيًّا وَصِحَّتُهُ لَوْ شَافِعِيًّا، وَالْمُقْتَضِي لَا يَشْمَلُ الْبُطْلَانَ فَإِنَّ الشَّيْءَ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ نَفْسِهِ فَيَجْتَمِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَيَنْفَرِدُ الْمُوجِبُ فِي الْبُطْلَانِ، ثُمَّ إنَّ الْمُوجِبَ قَدْ يَكُونُ أَمْرًا وَاحِدًا أَوْ أُمُورًا يَسْتَلْزِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الثُّبُوتِ أَوْ لَا يَسْتَلْزِمُ فَالْأَوَّلُ كَالْقَضَاءِ بِالْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذْ لَا مُوجِبَ لِهَذَا سِوَى ثُبُوتِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لِلْعَيْنِ، وَالْحُرِّيَّةِ وَانْحِلَالِ قَيْدِ الْعِصْمَةِ، وَهَذَا الْقِسْمُ لَا كَلَامَ فِيهِ إذْ ذِكْرُ الْمُوجِبِ فِيهِ.

وَأَصَحُّ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ وَالثَّانِي كَمَا إذَا ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْكَفِيلِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَطَالَبَهُ بِهِ فَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْكَفَالَةِ، يُحْكَمُ بِمُوجِبِ ذَلِكَ فَالْمُوجِبُ هُنَا أَمْرَانِ لُزُومُ الدَّيْنِ لِلْغَائِبِ وَلُزُومُ أَدَائِهِ عَلَى الْكَفِيلِ، وَالثَّانِي يَسْتَلْزِمُ الْأَوَّلَ فِي الثُّبُوتِ فَإِذَا قَضَى بِالْمُوجِبِ فِي مِثْلِهِ فَقَدْ قَضَى بِجَمِيعِهِ، وَالثَّالِثُ كَمَا إذَا حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجِبِ بَيْعِ عَقَارٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فَالْمُوجِبُ هُنَا مُجْمَلٌ تُفَسِّرُهُ الطَّرِيقُ الْمُوصِلَةُ إلَى الْقَضَاءِ فَإِنْ أَدَّتْ إلَى جَمِيعِ تِلْكَ الْأُمُورِ بِأَنْ كَانَتْ مُدَّعَى بِهَا كُلِّهَا حُمِلَ الْمُوجِبُ عَلَيْهَا وَإِنْ إلَى بَعْضٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا تَعَيَّنَ أَنَّهُ الْمَقْضِيُّ بِهِ دُونَ الْآخَرِ فَلِلْمُخَالِفِ الْحُكْمُ بِهِ بِرَأْيِهِ، وَلَا يَكُونُ حُكْمُ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْفَرْدِ الْمُعَيَّنِ مَانِعًا عَنْ الْحُكْمِ بِالْآخِرِ، وَمُثُلُهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا مَا إذَا قَضَى الْحَنَفِيُّ بِمُوجِبِ التَّوَاجِرِ بَيْنَ أَصِيلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ حُكْمًا بَعْدَ انْفِسَاخِهَا ثُمَّ الِاسْتِلْزَامُ السَّابِقُ قَدْ

ص: 279

لَا يَكُونُ حُكْمًا بِأَنْ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ لِعَدَمِ حَادِثَةِ الشُّفْعَةِ وَقْتَ الْحُكْمِ بِهِ، وَهَكَذَا فِي نَظَائِرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ، وَالْمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْحُكْمُ، وَمِنْ شَرَائِطِ الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ كَالْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْيَمِينِ أَوْ النُّكُولِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي بِشَرْطِهِ أَوْ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي بِشَرْطِهِ وَبِإِخْبَارِ الْقَاضِي يَجُوزُ لِنَائِبِهِ الْقَضَاءُ وَعَكْسُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْمِصْرُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالْقَضَاءُ بِالسَّوَادِ صَحِيحٌ، وَبِهِ يُفْتَى وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ وَالدَّيْنِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي عَقَارٍ لَا فِي وِلَايَتِهِ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَلَطٌ فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ تَقْرِيرُ الْقَاضِي لِلنَّفَقَةِ حُكْمٌ مِنْهُ قُلْتُ: هُوَ حُكْمٌ، وَطَلَبُ الْمَرْأَةِ التَّقْرِيرَ بِشَرْطِهِ دَعْوَى فَقَدْ وُجِدَ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْحَادِثَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي نَفَقَاتِ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ النَّفَقَةَ يَقُولُ فَرَضْت عَلَيْك نَفَقَةَ امْرَأَتِك كَذَا وَكَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا، أَوْ يَقُولُ قَضَيْت عَلَيْك بِالنَّفَقَةِ مُدَّةَ كَذَا يَصِحُّ، وَتَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ حَتَّى لَا تَسْقُطَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ زَمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ تَصِيرُ وَاجِبَةً بِقَضَاءِ الْقَاضِي حَتَّى لَوْ أَبْرَأَتْ بَعْدَ الْفَرْضِ صَحَّ اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: إذَا فَرَضَ لَهَا نَفَقَةَ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَانَ قَضَاءً بِجَمِيعِهَا فَإِذَا فَرَضَ لَهَا نَفَقَةً كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً بِوَاحِدٍ أَوْ بِالْكُلِّ قُلْتُ: هُوَ قَضَاءٌ بِالْجَمِيعِ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ بِدَلِيلِ مَا فِي الْخِزَانَةِ فَرْضُ كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَبْرَأَتْ مِنْ نَفَقَتِهَا أَبَدًا بَرِئَ مِنْ نَفَقَةِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَإِذَا مَضَى أَشْهُرٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ مَا مَضَى وَمَا يُسْتَقْبَلُ بَرِئَ مِمَّا مَضَى وَمِنْ شَهْرٍ مِمَّا يُسْتَقْبَلُ، وَتَمَامُهُ فِيهَا وَفِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَلَهُ حَضْرَتُهُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ وَمُتَوَلٍّ عَلَى وَقْفٍ وَأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ يَكُونُ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ، فَالْقَضَاءُ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ الشَّارِحُونَ عِنْدَ قَوْلِهِمْ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ هُنَا أَنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الْقَضَاءِ.

وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ: إنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَاضِي شَافِعِيًّا، وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ كَالْقُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْحَنَفِيِّ أَيْضًا ضَعِيفٌ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ اخْتِلَافِ التَّصْحِيحِ وَفِي الْحَاكِمِ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالنُّطْقُ وَالسَّلَامَةُ

ــ

[منحة الخالق]

يَكُونُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَالْمِثَالِ الْمَارِّ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْهُمَا لِخُرُوجِ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْعَقْدِ هَذَا حَاصِلُ مَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبَقِيَ قِسْمٌ رَابِعٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَغَيْرِهَا فَقَالَ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي قَضَيْتُ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا صَحَّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَيْمَانٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَوْ لَمْ يُبْطِلْ الْقَاضِي حَتَّى أَجَازَ نِكَاحَ فُضُولِيٍّ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ عَلِمَ بِتَقَدُّمِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ، وَمَعَ ذَلِكَ قَضَاءٌ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا صَحَّ وَكَانَ قَضَاءً بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ وَبِبُطْلَانِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ وَبِبُطْلَانِ الثَّلَاثِ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَقَدُّمِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ حَتَّى يَقْصِدَ بِقَضَائِهِ مَوْضِعَيْ الِاجْتِهَادِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ، وَنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ. اهـ.

فَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي اسْتَلْزَمَهَا الْحُكْمُ بِالنِّكَاحِ تَوَقَّفَ إيقَاعُهَا عَلَى عِلْمِهِ بِهَا. اهـ.

قُلْتُ: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الرَّابِعَ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ لِلثَّالِثِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إذَا اسْتَلْزَمَ أُمُورًا اجْتِهَادِيَّةً يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهَا لِيَقْصِدَهَا بِقَضَائِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا، وَفِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ أَيْضًا وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ سُؤَالٌ صُورَتُهُ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ فِي عَبْدٍ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَبِعَدَمِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ ظَهَرَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْخِلَافِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَخَاصَمَا عَنْهُ فِي عَيْبٍ ظَهَرَ بَلْ فِي التَّبَايُعِ وَلِلْقَضَاءِ عَادَةً فِي ذَلِكَ فَلَوْ خَاصَمَ الْمُشْتَرِي فِي ظُهُورِ عَيْبٍ عِنْدَ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ هَلْ لَهُ الْحُكْمُ بِالرَّدِّ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا أَمْ يَكُونُ حُكْمُ الْحَنَفِيِّ مَانِعًا لَهُ مِنْهُ فَأَجَبْت لَيْسَ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِعَدَمِ الْخُصُومَةِ عِنْدَهُ فِيهِ فَلِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ فَإِنَّهُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ الْقَصْدِيِّ وَمِنْ صُورَةِ مَا مَرَّ مِنْ كَفَالَةِ الْغَائِبِ، وَهِيَ حِيلَةُ إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْحَاضِرِ قَصْدًا وَعَلَى الْغَائِبِ ضِمْنًا، وَإِذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ بَعْدَ الْقَضَاءِ يَبْرَأُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِيمَنْ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَتَرَكَهَا بِلَا نَفَقَةٍ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِالْفُرْقَةِ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ أَنَّهُ يَنْفُذُ ثُمَّ قَالَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي نَفَاذِ الْقَضَاءِ فَقَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ بِرَدِّ حَمْلِهِ هُنَا، وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ بِالْحَمْلِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْكُمْ وَفِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ مَزِيدُ تَقْرِيرٍ فِيهِ

ص: 280

عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ وَأَنْ يَكُونَ مُوَلَّى لِلْحُكْمِ دُونَ سَمَاعِ الدَّعْوَى فَقَطْ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ لَا الذُّكُورَةِ وَالِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا فِي الْمَحْكُومِ بِهِ فَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعْوَى، وَأَمَّا فِي الْمَحْكُومِ لَهُ فَدَعْوَاهُ الصَّحِيحَةُ، وَأَمَّا طَلَبُهُ الْحُكْمَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ وُجُودِ الشَّرَائِطِ فَفِي الْخُلَاصَةِ طَلَبُ الْحُكْمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاضِي لَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَسَيَزْدَادُ الْأَمْرُ وُضُوحًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا صِفَتُهُ وَهُوَ الْخَامِسُ فَوَاجِبٌ عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ وَانْتِفَاءِ الرِّيبَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْقَاضِي بِتَأْخِيرِ الْحُكْمِ يَأْثَمُ وَيُعْزَلُ وَيُعَزَّرُ اهـ.

وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِرَجَاءِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ أَوْ لِاسْتِمْهَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي شَرْحِ بَاكِيرٍ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَخَّرَ الْقَضَاءَ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَفْسُقُ وَإِنْ أَنْكَرَهُ يَكْفُرُ اهـ.

وَأَمَّا صِفَةُ قَبُولِهِ لِلْقَضَاءِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ فَرْضٌ وَحَرَامٌ وَمُبَاحٌ وَمُسْتَحَبٌّ.

وَالسَّادِسُ فِي طَرِيقِ ثُبُوتِهِ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا اعْتِرَافُهُ حَيْثُ كَانَ مُتَوَلِّيًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا قَالَ قَاضٍ عَالِمٌ عَدْلٌ قَضَيْت عَلَى هَذَا بِالْقَطْعِ أَوْ بِالْقَتْلِ وَسِعَك فِعْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُعَايِنْ سَبَبَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعْزُولًا فَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْحَاكِمُ إذَا حَكَمَ بِحَقٍّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ كُنْتُ حَكَمْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ اهـ.

الثَّانِي: أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مُنْكِرًا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُثْبِتُوا حُكْمَ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ الْأَصْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ أَرَادُوا إثْبَاتَ قَضَاءِ قَاضٍ آخَرَ اهـ.

فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا شَهِدَا عَلَى الْقَاضِي أَنَّهُ قَضَى فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَوْ خَارِجَ الْمِصْرِ تُقْبَلُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ.

قَيَّدْنَا بِعَدَمِ إنْكَارِهِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا، وَقَالَ لَمْ أَقْضِ بِشَيْءٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ.

وَرَجَّحَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَحْوَالِ قُضَاةِ زَمَانِنَا ثُمَّ نَقَلَ أَنَّ مُحَمَّدًا اقَالَ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ عُيُونِ الْمَذَاهِبِ أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِهِ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهَا إفْتَاءً لَا حُكْمًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الِاتِّصَالَاتِ وَالتَّنَافُذَ الْوَاقِعَةَ فِي زَمَانِنَا الْمُجَرَّدَةَ عَنْ الدَّعَاوَى لَيْسَتْ حُكْمًا، وَإِنَّمَا فَائِدَتُهَا تَسْلِيمُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قَضَاءً.

السَّابِعُ فِي أَحْكَامِهِ فَمِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُكْمِ اللُّزُومُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ حَيْثُ كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ وَمُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ، وَهَلْ يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْهُ فَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ لِلْقَاضِي أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَضَائِهِ إنْ كَانَ خَطَأً رَجَعَ وَرَدَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَمْضَاهُ وَقَضَى فِيمَا يَأْتِي بِمَا هُوَ عِنْدَهُ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ نَصٌّ بِخِلَافِ قَضَائِهِ نَقَضَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْقِصَاصِ أَوْ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ إنْ قَالَ الْقَاضِي تَعَمَّدْت فَالضَّمَانُ فِي مَالِهِ، وَيُعَزَّرُ لِلْجِنَايَةِ وَإِنْ أَخْطَأَ يَضْمَنُ الدِّيَةَ وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ تُرَدُّ الْمَرْأَةُ إلَى الزَّوْجِ وَالرَّقِيقُ إلَى الْمَوْلَى وَفِي حُقُوقِهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ إذَا حُدَّ وَبَانَ الشُّهُودُ عَبِيدًا، وَقَالَ تَعَمَّدْت الْحُكْمَ يَضْمَنُ فِي مَالِهِ الدِّيَةَ وَفِي الْخَطَأِ يَضْمَنُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ هَذَا إذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْضِيِّ لَهُ، أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْقَاضِي بِذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْخَطَأُ كَمَا لَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ عَنْ الشَّهَادَةِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ اهـ.

وَإِذَا أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِبُطْلَانِهِ بَطَلَ إلَّا الْمَقْضِيُّ بِحُرِّيَّتِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى التَّوْلِيَةِ عَدَمُهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَعْزِلَ الْقَاضِيَ لِرِيبَةٍ أَوْ لِغَيْرِ رِيبَةٍ اهـ.

قُلْتُ: وَلِقَاضِي الْقُضَاةِ عَزْلُ نَائِبِهِ بِجُنْحَةٍ وَغَيْرِهَا وَمِنْهَا أَنَّ الْقَضَاءَ إذَا فُوِّضَ لِاثْنَيْنِ لَا يَلِي الْقَضَاءَ أَحَدُهُمَا

ــ

[منحة الخالق]

فَرَاجِعْ كُلًّا مِنْ الْمَحَلَّيْنِ وَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الِاتِّصَالَاتِ وَالتَّنَافُذَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَسَيَذْكُرُهُ أَيْضًا فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ حَاكِمٍ أَمْضَاهُ اهـ أَيْ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. (قَوْلُهُ لِلْقَاضِي أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَضَائِهِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْمَتْنِ إذَا قَضَى الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ قَالَ رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ بَدَا لِي غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ وَقَفْتُ عَلَى تَلْبِيسِ الشُّهُودِ وَأَبْطَلْتُ حُكْمِي وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ إنْ كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ وَيُفْهَمُ التَّقْيِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَضَى بِعِلْمِهِ يَجُوزُ الرُّجُوعُ كَأَنْ يَعْتَرِفَ عِنْدَهُ الْآخَرُ بِحَقٍّ ثُمَّ غَابَا ثُمَّ جَاءَ اثْنَانِ تَدَاعَيَا عِنْدَهُ فَحَكَمَ لِأَحَدِهِمَا ظَانًّا أَنَّهُ الْمُعْتَرِفُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُمْضِيَ حُكْمَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ قَضَى فِي حَادِثَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُضَ قَضَاءَهُ اهـ.

قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى فِي مُجْتَهِدٍ فِيهِ رَأَى خِلَافَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ حُكْمِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُضَهُ مَا لَمْ يُخَالِفْ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ أَوْ الْإِجْمَاعَ. (قَوْلُهُ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى التَّوْلِيَةِ عَدَمُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُكْمِ وَالضَّمِيرُ فِي عَدَمِهِ لِلُّزُومِ

ص: 281

فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَنْفَرِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْقَضَاءِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ السُّلْطَانِ حَتَّى لَا يَنْعَزِلَ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي، وَيَمْلِكُ التَّفَرُّدَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَمِنْهَا صِحَّةُ تَعْلِيقِهِ وَإِضَافَتِهِ وَتَقْيِيدِهِ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِبَلَدٍ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِيرُ قَاضِيًا بِبَلَدِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ لَا فِي كُلِّ بِلَادِ السُّلْطَانِ وَهَذَا فِي تَعْلِيقِ الْوِلَايَةِ، وَهَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ قَالَ فِي نَفَقَاتِ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ امْرَأَةٌ أَقَامَتْ عَلَى رَجُلٍ بَيِّنَةً بِالنِّكَاحِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ، وَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ لِمَا رَأَى مِنْ الْمَصْلَحَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهَا إنْ كُنْتِ امْرَأَتَهُ قَدْ فَرَضْتُ لَكِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ، وَقَدْ اسْتَدَانَتْ وَعَدَّلَتْ الْبَيِّنَةَ أَخَذَتْ نَفَقَتَهَا مُنْذُ فَرَضَ لَهَا اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْقَاضِي حَكَمْتُ بِكَذَا إنْ لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ صَحِيحٌ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى الْفُضُولِيُّ فَأَجَازَ الْقَاضِي قَضَاءَهُ جَازَ، وَلَوْ كَانَ مُوَلًّى فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمَيْنِ فَقَضَى فِي غَيْرِ الْيَوْمَيْنِ تَوَقَّفَ قَضَاؤُهُ فَإِنْ أَجَازَهُ فِي نَوْبَتِهِ جَازَ كَمَا فِي آخِرِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ اسْتَثْنَى حَوَادِثَ فُلَانٍ لَا يَقْضِي فِيهَا، وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا يَمْلِكُ الِاسْتِخْلَافَ إلَّا بِإِذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ دَلَالَةٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ جَعَلْتُكَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ وَمِنْهَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَبْقَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَيْ لَا يَنْسَى الْعِلْمَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ، وَيَتَعَدَّى فِي الْقَضَاءِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالنِّكَاحِ وَلَا يَتَعَدَّى فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْبُيُوعِ.

الثَّامِنُ فِيمَا يُخْرِجُ الْقَاضِيَ عَنْ الْقَضَاءِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَرْبَعُ خِصَالٍ إذَا حَلَّ بِالْقَاضِي انْعَزَلَ فَوَاتُ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ الْعَقْلِ أَوْ الدَّيْنِ، وَإِذَا عَزَلَ السُّلْطَانُ الْقَاضِيَ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْخَبَرُ كَالْوَكِيلِ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَأْتِ قَاضٍ آخَرُ صِيَانَةً لِلْمُسْلِمِينَ عَنْ تَعْطِيلِ قَضَايَاهُمْ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَلِّقْ عَزْلَهُ بِشَرْطٍ كَوُصُولِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ مُعَلَّقًا لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْكِتَابُ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْخَبَرُ وَإِذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ النَّائِبَ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ أَوْ الْعَامَّةِ وَبِعَزْلِ نَائِبِ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي، وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا الْقَاضِي إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ، وَبَلَغَ السُّلْطَانَ عَزْلُهُ يَنْعَزِلُ، وَكَذَا إذَا كَتَبَ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَبَلَغَ الْكِتَابُ إلَى السُّلْطَانِ، وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْعَامَّةِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّهِمْ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ الْخَصْمَ لَوْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ حَاكِمٍ بَاطِنًا، وَلَمْ أَرَهُ وَكَذَا لَمْ أَرَ مَا إذَا بَلَغَ النَّائِبَ عَزْلُ قَاضِي الْقُضَاةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ حَتَّى يَعْلَمَ أَصْلَهُ، وَكَذَا لَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا بَلَغَ الْأَصْلَ دُونَ النُّوَّابِ وَلَمْ يُعْلِمْهُمْ فَحَكَمُوا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ حُكْمُهُمْ وَأَنْ يَسْتَحِقَّ الْأَصْلَ مَا عُيِّنَ لَهُ عَلَى الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمُبَاشَرَةِ نُوَّابِهِ، وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُخْرَجُ عَنْ الْقَضَاءِ بِكُلِّ مَا يُخْرِجُ الْوَكِيلَ إلَّا إذَا مَاتَ الْخَلِيفَةُ أَوْ خُلِعَ فَإِنَّهُ لَا تَنْعَزِلُ قُضَاتُهُ وَوُلَاتُهُ، وَإِذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ انْعَزَلَ وَكِيلُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِأَخْذِ الرِّشْوَةِ وَالْفِسْقِ عِنْدَنَا اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا قَضَاءَ بَلْدَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ قَلَّدَ الْقَضَاءَ آخَرَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَزْلِ الْأَوَّلِ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا ارْتَدَّ الْقَاضِي أَوْ فَسَقَ ثُمَّ صَلُحَ فَهُوَ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَمْرُهُ مَوْقُوفٌ وَلِأَنَّ الِارْتِدَادَ فِسْقٌ وَبِنَفْسِ الْفِسْقِ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنَّ مَا قَضَى فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ الْحَكَمِ إذَا ارْتَدَّ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ، وَالْفَرْقُ مَذْكُورٌ فِيهَا وَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِفَوَاتِ الدِّينِ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالرِّدَّةِ يَنْعَزِلُ عَنْ نَفَاذِ قَضَائِهِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالرِّدَّةِ فَإِنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ حَتَّى لَوْ قُلِّدَ الْكَافِرُ، ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ آخَرَ فِيهِ رِوَايَتَانِ اهـ.

وَبِهِ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ أَوْ الدَّيْنُ) سَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ مَعَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْخَصْمَ لَوْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ إلَخْ) ظَاهِرُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْخَبَرُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَا بَحَثَهُ الْمُؤَلِّفُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ) الَّذِي تَقَدَّمَ عَزَوْهُ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ لَا إلَى الْخُلَاصَةِ

ص: 282