المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الكفالة بالنفس في حد وقود) - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٦

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ]

- ‌[تَعْلِيقُ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ]

- ‌خِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ)

- ‌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْمَبِيعَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ

- ‌ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ

- ‌[أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ]

- ‌[شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ]

- ‌ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ]

- ‌[اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا]

- ‌(بَابٌ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ)

- ‌[يَبْطُلُ خِيَار الرُّؤْيَة بِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ]

- ‌ عَقْدُ الْأَعْمَى) أَيْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ

- ‌[لَا يُورَثُ خِيَار الرُّؤْيَة كَخِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا

- ‌[مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ]

- ‌[السَّرِقَةُ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ]

- ‌ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌ اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ جَوْزًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ

- ‌ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ بِقَضَاءٍ

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَادَّعَى عَيْبًا]

- ‌[اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا]

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[شَرَائِطُ صِحَّة الْإِقَالَة]

- ‌[صِفَة الْإِقَالَة]

- ‌[حُكْمُ الْإِقَالَة]

- ‌[رُكْنُ الْإِقَالَة]

- ‌[مَنْ يَمْلِكُ الْإِقَالَة وَمَنْ لَا يَمْلِكُهَا]

- ‌[إقَالَةُ الْإِقَالَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ)

- ‌[شَرْطُ الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[عِلَّةُ الرِّبَا]

- ‌ بَيْعُ الْمَكِيلِ كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ، وَالْمَوْزُونِ كَالنَّقْدَيْنِ

- ‌ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ)

- ‌(بَابُ الْحُقُوقِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الْمَذْرُوعَاتِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي السَّمَكِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ]

- ‌[أَقَلُّ أَجَلِ السِّلْم]

- ‌ أَسْلَمَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَمِائَةً نَقْدًا

- ‌[اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً]

- ‌[أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ وَقُبِضَتْ الْأَمَةُ فَتَقَايَلَا وَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِقَالَةِ]

- ‌ السَّلَمُ وَالِاسْتِصْنَاعُ فِي نَحْوِ خُفٍّ وَطَسْتٍ)

- ‌[بَابُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْبَيْع]

- ‌(فُرُوعٌ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَائِبِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ بَاعَ أَمَةً مَعَ طَوْقٍ قِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا

- ‌[بَاعَ سَيْفًا حِلْيَتُهُ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ وَنَقَدَ خَمْسِينَ]

- ‌ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا

- ‌ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا)

- ‌ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا فَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفَ دِرْهَمِ فُلُوسٍ وَنِصْفًا إلَّا حَبَّةً]

- ‌[تَبْطُلُ الْكَفَالَة بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ لَا الطَّالِبِ]

- ‌ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ

- ‌[الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ]

- ‌ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ عَلَى أَلْفٍ

- ‌ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

- ‌لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ)

- ‌[يَبْرَأ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ]

- ‌ صَالَحَ الْأَصِيلُ أَوْ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى نِصْفِ الدَّيْنِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِحَمْلِ دَابَّةٍ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْعُهْدَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْخَلَاصِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌[كَفَالَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ)

- ‌(كِتَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌ أَحَالَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَدِيعَةً

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌ أَهْلُ الْقَضَاءِ

- ‌[تَقْلِيد الْفَاسِقُ الْقَضَاءِ]

- ‌[كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَفَسَقَ]

- ‌[أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ]

- ‌الْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُفْتِي أَنْ يُغَلِّظَ لِلزَّجْرِ مُتَأَوِّلًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لِلْإِفْتَاءِ]

- ‌ طَلَبَ الْقَضَاءَ

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي إذَا تَقَلَّدَ الْقَضَاء]

- ‌[تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ وَمِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

الفصل: ‌ الكفالة بالنفس في حد وقود)

ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا فَأَنْكَرَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَهُوَ عَلَيَّ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِوُجُودِ الْمَالِ وَلَا اعْتَرَفَ الْكَفِيلُ بِهَا أَيْضًا فَصَارَ هَذَا مَالًا مُتَعَلِّقَا بِخَطَرٍ فَلَا يَجُوزُ. اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا إذَا عَلَّقَ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ بَرَاءَتَهُ بِمُوَافَاتِهِ غَدًا بِأَنْ قَالَ كَفَلْت لَك مِمَّا عَلَيْهِ عَلَى أَنِّي إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ فَوَافَاهُ بِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ، فَإِنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ فِي رِوَايَةٍ يَبْرَأُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى تَعْلِيقِ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بِالشَّرْطِ وَسَتَأْتِي فِي الْكِتَابِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُجْبَرُ عَلَى‌

‌ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ)

وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَا بِالْجَبْرِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ دُونَ غَيْرِهِمَا قَيَّدَ بِالْجَبْرِ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ بِرِضَاهُ بِلَا طَلَبٍ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا لَهُمَا أَنَّهَا شُرِعَتْ لِتَسْلِيمِ النَّفْسِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَصِيلِ فَصَحَّتْ بِهِ كَمَا فِي دَعْوَى الْمَالِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَهُ إطْلَاقُ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ» وَلِأَنَّهَا لِلِاسْتِيثَاقِ وَمَبْنَاهُمَا عَلَى الدَّرْءِ وَأَلْحَقَ التُّمُرْتَاشِيُّ حَدَّ السَّرِقَةِ بِهِمَا فِي جَوَازِ التَّكْفِيلِ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ إجْمَاعًا وَفِي الْإِجْبَارِ عَلَيْهَا عِنْدَ هُمَا وَجَعَلَهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ لِكَوْنِ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وَلَا يَجِبُ الْحُضُورُ بِسَبَبِهَا، فَإِذَا لَمْ يَكْفُلْ عِنْدَهُ يُلَازِمُهُ إلَى قِيَامِ الْقَاضِي مِنْ مَجْلِسِهِ فَإِنْ بَرْهَنَ وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَيْسَ تَفْسِيرُ الْجَبْرِ عِنْدَهُمَا الْجَبْرُ بِالْحَبْسِ وَإِنَّمَا هُوَ الْأَمْرُ بِالْمُلَازَمَةِ. قَوْلُهُ (وَلَا يُحْبَسُ فِيهِمَا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ مَسْتُورَانِ أَوَعَدْلٌ) أَيْ فِي الْحُدُودِ وَالْقَوَدِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لِتُهْمَةِ الْفَسَادِ وَشَهَادَةِ الْمَسْتُورَيْنِ أَوْ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ تَكْفِي لِإِثْبَاتِهَا؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ فِي الدِّيَانَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ فَتُثْبِتُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ التُّهْمَةَ وَإِنْ لَمْ تُثْبِتْ أَصْلَ الْحَقِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِخَبَرِ مَسْتُورٍ وَاحِدٍ وَالْحَبْسُ بِتُهْمَةِ الْفَسَادِ مَشْرُوعٌ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام حَبَسَ رَجُلًا بِتُهْمَةٍ بِخِلَافِ دَعْوَى الْأَمْوَالِ حَيْثُ لَا يُحْبَسُ فِيهَا قَبْلَ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّهُ نِهَايَةُ عُقُوبَتِهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ كَالْحَدِّ نَفْسِهِ وَكَلَامُهُمْ هُنَا يَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُعَزِّرُ الْمُتَّهَمَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَتَبْت فِيهَا رِسَالَةً وَحَاصِلُهَا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ التَّعْزِيرِ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى وَلَا عَلَى الثُّبُوتِ بَلْ إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي عَدْلٌ بِمَا يَقْتَضِيه أَحْضَرَهُ الْقَاضِي وَعَزَّرَهُ لِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا بِحَبْسِ الْمُتَّهَمِ بِشَهَادَةِ مَسْتُورَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ عَدْلٍ وَالْحَبْسُ تَعْزِيرٌ وَصَرَّحْنَا بِجَوَازِ الْهَجْمِ عَلَى بَيْتِ الْمُفْسِدِ وَجَوَازِ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبَيْتِ وَجَوَازِ نَفْيِهِ عَنْ الْبَلَدِ وَتَخْلِيدِ حَبْسِهِ إلَى أَنْ يَتُوبَ، وَإِنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا سُمِعَ صَوْتُ غِنَاءٍ فِي بَيْتِهِ أَوْ أُخْبِرَ الْقَاضِي بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الشَّرَابِ أَوْ كَانَ يُؤْذِي النَّاسَ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَازُ التَّعْزِيرِ بِالْقَتْلِ وَجَوَازُهُ بِأَخْذِ الْمَالِ وَمَعْنَاهُ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إمْسَاكُهُ عَنْهُ إلَى أَنْ يَتُوبَ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَمَّا التَّعْزِيرُ فَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي الِابْتِدَاءُ بِطَلَبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَالدُّيُونِ اهـ فَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ بِهِ كَالْحُدُودِ.

(قَوْلُهُ:

ــ

[منحة الخالق]

الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَزِمَتْهُ إذَا ادَّعَاهَا الْمُدَّعِي وَلَمْ يَقُولُوا وَأَثْبَتَهَا بِالْبُرْهَانِ وَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ قَوْلِهِ فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ أَيْ الَّتِي بَيَّنَهَا الْمُدَّعِي إمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي مَبْنِيٌّ عَلَى عَلَى مَا فِي السِّرَاجِ وَزَادَ الْبَيِّنَةَ إذْ لَا فَرْقَ، وَقَدْ عَلِمْت مُخَالَفَتَهُ لِلشُّرُوحِ وَلِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ كَالْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالْمَجْمَعِ وَغَيْرِهَا وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ الَّذِي تَحَرَّرَ لِي أَنَّ هَذَا أَيْ مَا فِي السِّرَاجِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ الثَّانِي ثَانِيًا يُعْلَمُ هَذَا بِمُرَاجَعَةِ الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالْخُلَاصَةِ اهـ

[الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ]

(قَوْلُهُ: بَلْ إذَا أَخْبَرَ الْقَاضِي عَدْلٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فَإِنْ قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى رَأْيِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ جَوَازِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ أَمَّا عَلَى رَأْيِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي زَمَانِنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَى الثُّبُوتِ قُلْتُ: يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الْخِلَافُ عَلَى مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَيَقْضِي فِيهَا بِعِلْمِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ الرَّجُلُ إذَا كَانَ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَضُرُّ النَّاسَ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ وَذَكَرَ بِمَا فِيهِ لَا يَكُونُ غِيبَةً وَإِنْ أَخْبَرَ السُّلْطَانَ بِذَلِكَ لِيَزْجُرَهُ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ اهـ.

قُلْت: مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرُوهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ وَالْمُخْتَارُ الْآنَ عَدَمُ حُكْمِهِ بِعِلْمِهِ مُطْلَقًا لِفَسَادِ أَحْوَالِ الْقُضَاةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ مُطْلَقًا يَعْنِي سَوَاءٌ عَلِمَهُ بَعْدَ تَوْلِيَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ مَنْ بِهِ أَثَرُ السُّكْرِ لِلتُّهْمَةِ اهـ.

وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ ابْنُ الْهُمَامِ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُسَاوِي الْقَاضِي فِيهِ وَغَيْرُ الْقَاضِي إذَا عَلِمَ لَا يُمْكِنُهُ إقَامَةَ الْحَدِّ فَكَذَا هُوَ ثُمَّ قَالَ إلَّا فِي السَّكْرَانِ أَوْ مَنْ بِهِ أَمَارَةُ

ص: 234