الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْجَوْهَرَةِ، وَفِي الْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا إلَى الْكِفَايَةِ مُسْتَأْمِنٌ مِنَّا بَاشَرَ مَعَ رَجُلٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَرَاهِمِ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ هُنَاكَ شَيْئًا مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيمَا بَيْنَنَا كَالرِّبَوِيَّاتِ وَبَيْعِ الْمَيْتَةِ جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(بَابُ الْحُقُوقِ)
كَانَ مِنْ حَقِّ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ إنْ تُذْكَرَ فِي الْفَصْلِ الْمُتَّصِلِ بِأَوَّلِ الْبُيُوعِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ الْتَزَمَ تَرْتِيبَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ تَوَابِعُ فَيَلِيقُ ذِكْرُهَا بَعْدَ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَالْحُقُوقُ جَمْعُ حَقٍّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْحَقُّ خِلَافُ الْبَاطِلِ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَقَّ الشَّيْءُ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ، وَقَتَلَ إذَا وَجَبَ وَثَبَتَ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَرَافِق الدَّارِ حُقُوقُهَا. اهـ.
وَفِي الْبِنَايَةِ الْحَقُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الرَّجُلُ، وَلَهُ مَعَانٍ أُخَرُ مِنْهَا الْحَقُّ ضِدُّ الْبَاطِلِ. اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلسَّيِّدِ نكركار الْحَقُّ هُوَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا رَيْبَ فِي وُجُودِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عليه السلام «السِّحْرُ حَقٌّ، وَالْعَيْنُ حَقٌّ» . اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْكَرْمَانِيِّ الْحَقُّ حَقِيقَةً هُوَ اللَّهُ تَعَالَى بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ حَقِيقَةً بِمَعْنَى لَمْ يُسْبَقْ بِعَدَمٍ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ عَدَمٌ، وَإِطْلَاقُ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ مَجَازٌ، وَلِذَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «اللَّهُمَّ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُك الْحَقُّ، وَقَوْلُك الْحَقُّ» بِالتَّعْرِيفِ فِي الثَّلَاثَةِ ثُمَّ قَالَ وَلِقَاؤُك حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ بِالتَّنْكِيرِ. اهـ.
وَذَكَرَ الْأُصُولِيُّونَ أَنَّ الْأَحْكَامَ أَرْبَعَةٌ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى خَالِصَةً، وَحُقُوقُ الْعِبَادِ خَالِصَةً، وَمَا اجْتَمَعَا فِيهِ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى غَالِبٌ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَمَا اجْتَمَعَا فِيهِ وَحَقُّ الْعِبَادِ غَالِبٌ كَالْقِصَاصِ قَالُوا، وَالْمُرَادُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَا تَعَلَّقَ نَفْعُهُ بِالْعُمُومِ، وَإِنَّمَا نُسِبَ إلَى اللَّهِ تَعْظِيمًا لِأَنَّهُ مُتَعَالٍ عَنْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَهُ تَعَالَى بِجِهَةِ التَّخْلِيقِ لِأَنَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ الْعُلْوُ لَا يَدْخُلُ بِشِرَاءِ بَيْتٍ بِكُلِّ حَقٍّ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى بَيْتًا فَوْقَهُ بَيْتٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعُلْوُ، وَلَوْ قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ يَصْلُحُ لِلْبَيْتُوتَةِ، وَالْعُلْوُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ عُلْوُ الدَّارِ وَغَيْرِهَا خِلَافُ السُّفْلِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا. اهـ.
وَأُورِدَ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَا لَا يَخْتَلِفُ، وَالْمُكَاتَبُ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الِاسْتِتْبَاعِ بَلْ لَمَّا مَلَكَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَنْفَعَةَ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُمَلِّكَ مَا مَلَكَ كَذَلِكَ، وَالْمُكَاتَبُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ لَمَّا صَارَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ كِتَابَةَ عَبْدِهِ مِنْ أَكْسَابِهِ قَوْلُهُ (وَبِشِرَاءِ مَنْزِلٍ إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ) أَيْ لَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ بِشِرَاءِ مَنْزِلٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لَفْظًا مِنْ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ شَبَهٌ بِالدَّارِ، وَبِالْبَيْتِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَصَحْنٍ مُسَقَّفٍ وَمَطْبَخٍ يَسْكُنُ فِيهِ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ مَعَ ضَرْبِ قُصُورٍ فِيهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إصْطَبْلٌ فَلِشَبَهِ الدَّارِ يَدْخُلُ بِذِكْرِ التَّوَابِعِ، وَلِشَبَهِ الْبَيْتِ لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ تَوْفِيرًا عَلَيْهِمَا حَظَّهُمَا، وَفِي الْكَافِي أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفِ الْكُوفَةِ، وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ بَاعَ بِاسْمِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ الدَّارِ، وَالْأَحْكَامُ تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ، وَفِي كُلِّ عَصْرٍ عُرْفُ أَهْلِهِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ اعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَادَةِ يُذْكَرُ فِيمَا هُوَ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ، وَلَا بُدَّ لِلْمَبِيعِ مِنْهُ، وَلَا يُقْصَدُ إلَّا لِأَجْلِ الْمَبِيعِ كَالطَّرِيقِ وَالشِّرْبِ لِلْأَرْضِ، وَالْمَرَافِقُ عِبَارَةٌ عَمَّا يُرْتَفَقُ بِهِ، وَيَخْتَصُّ بِمَا هُوَ مِنْ التَّوَابِعِ كَالشِّرْبِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ كُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يُذْكَرُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ مِمَّا يَتَّصِلُ بِالْمَبِيعِ. اهـ. وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمَرَافِقُ جَمْعُ مِرْفَقٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ كَالْمَطْبَخِ وَالْكَنِيفِ، وَنَحْوِهِ عَلَى التَّشْبِيهِ بِاسْمِ الْآلَةِ بِخِلَافِ الْمَرْفِقِ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّ فِيهِ لُغَتَيْنِ فَتْحُ الْمِيمِ، وَكَسْرُ الْفَاءِ كَمَسْجِدٍ، وَبِالْعَكْسِ، وَكَذَا الْمَرْفِقُ بِمَعْنَى مَا ارْتَفَقَتْ بِهِ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْفِقَ مُطْلَقًا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ بَاشَرَ مَعَ رَجُلٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى مُسْتَأْمِنٌ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا فِي دَارِهِمْ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ هُنَاكَ بَاشَرَ مَعَهُمْ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَجُوزُ إلَخْ، وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا عَائِدًا إلَى قَوْلِهِ مُسْتَأْمِنٌ لَا إلَى رَجُلٍ.
[بَابُ الْحُقُوقِ]
فِيهِ لُغَتَانِ إلَّا مِرْفَقَ الدَّارِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ، وَمَا يُذْكَرُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ مِنْ قَوْلِهِ بِحُقُوقِهِ، وَمَرَافِقِهِ فَحُقُوقُهُ عِبَارَةٌ عَنْ مَسِيلِ الْمَاءِ وَطَرِيقٍ، وَغَيْرِهِ وِفَاقًا، وَمَرَافِقِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عِبَارَةٌ عَنْ مَنَافِعِ الدَّارِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَرَافِقُ هِيَ الْحُقُوقُ اهـ.
قَوْلُهُ (وَدَخَلَ بِشِرَاءِ دَارٍ) أَيْ الْعُلْوُ بِشِرَاءِ دَارٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ مِنْ الْحَائِطِ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَمَنَازِلِ وَصَحْنٍ غَيْرِ مُسَقَّفٍ، وَالْعُلْوُ مِنْ أَجْزَائِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَفِي الْبِنَايَةِ الدَّارُ لُغَةً اسْمٌ لِقِطْعَةِ أَرْضٍ ضُرِبَتْ لَهَا الْحُدُودُ، وَمُيِّزَتْ عَمَّا يُجَاوِرُهَا بِإِدَارَةِ خَطٍّ عَلَيْهَا فَبُنِيَ فِي بَعْضِهَا دُونَ الْبَعْضِ لِيَجْمَعَ فِيهَا مَرَافِقَ الصَّحْرَاءِ لِلِاسْتِرْوَاحِ، وَمَنَافِعَ الْأَبْنِيَةِ لِلْإِسْكَانِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَتْ الْأَبْنِيَةُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ أَوْ بِالْخِيَامِ، وَالْقِبَابِ. اهـ.
قَوْلُهُ (كَالْكَنِيفِ) أَيْ كَمَا يَدْخُلُ بِشِرَاءِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِأَنَّ الْكَنِيفَ مِنْهَا، وَكَذَا يَدْخُلُ بِئْرُ الْمَاءِ، وَالْأَشْجَارِ الَّتِي فِي صَحْنِهَا، وَالْبُسْتَانُ الدَّاخِلُ فَأَمَّا الْخَارِجُ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهَا أَوْ مِثْلَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ يُعَدَّ مِنْ الدَّارِ عُرْفًا، وَالْكَنِيفُ الْمُسْتَرَاحُ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْكَنِيفُ السَّاتِرُ، وَيُسَمَّى التُّرْسُ كَنِيفًا لِأَنَّهُ يَسْتُرُ صَاحِبَهُ، وَقِيلَ لِلْمِرْحَاضِ كَنِيفٌ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ قَاضِيَ الْحَاجَةِ، وَالْجَمْعُ كُنُفٌ مِثْلُ نَذِيرٍ وَنُذُرٍ اهـ.
أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْكَنِيفُ خَارِجًا مَبْنِيًّا عَلَى الظُّلَّةِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْهَا عَادَةً قَوْلُهُ (لَا الظُّلَّةُ إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ) أَيْ لَا تَدْخُلُ الظُّلَّةُ فِي بَيْعِ الدَّارِ إلَّا إذَا قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ، وَهِيَ السَّابَاطُ الَّذِي يَكُونُ أَحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى الدَّارِ، وَالْآخَرُ عَلَى الدَّارِ الْأُخْرَى أَوْ عَلَى أُسْطُوَانَاتٍ فِي السِّكَّةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الصِّحَاحِ، وَالظُّلَّةُ بِالضَّمِّ كَهَيْئَةِ الصِّفَةِ، وَقُرِئَ فِي ظُلَلٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئِينَ، وَالظُّلَّةُ أَيْضًا أَوَّلُ سَحَابَةٍ تُظِلُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، وَعَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ قَالُوا غَيْمٌ تَحْتَهُ سَمُومٌ، وَالْمِظَلَّةُ بِالْكَسْرِ الْبَيْتُ الْكَبِيرُ مِنْ الشَّعْرِ. اهـ.
وَفِي الْمُغْرِبِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ ظُلَّةُ الدَّارِ يُرِيدُونَ السُّدَّةَ الَّتِي تَكُونُ فَوْقَ الْبَابِ، وَإِنَّمَا لَا تَدْخُلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَتْ حُكْمَهُ، وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ تَدْخُلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهَا كَالْكَنِيفِ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ الْقَصْرَ عَلَى هَذَا بَلْ إنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ أَوْ بِنَحْوِهِ بِأَنْ يُقَالَ بِمَرَافِقِهَا أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَيَدْخُلُ الْبَابُ الْأَعْظَمُ فِيمَا إذَا بَاعَ بَيْتًا أَوْ دَارًا بِمَرَافِقِهِ لِأَنَّ الْبَابَ الْأَعْظَمَ مِنْ مَرَافِقِهَا اهـ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ، وَالشِّرْبُ إلَّا بِنَحْوِ كُلِّ حَقٍّ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ) أَيْ لَا تَدْخُلُ الثَّلَاثَةُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ أَوْ الْمَسْكَنِ إلَّا بِذِكْرِ كُلِّ حَقٍّ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَدْخُلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا خَارِجٌ عَنْ الْحُدُودِ فَكَانَتْ تَابِعَةً فَتَدْخُلُ بِذِكْرِ التَّوَابِعِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا الِانْتِفَاعُ، وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِهَا، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ شُرِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ لَا الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ شِرَاءِ جَحْشٍ وَمُهْرٍ صَغِيرٍ، وَأَرْضٍ سَبِخَةٍ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عُلْوًا، وَاسْتَثْنَى الطَّرِيقَ فَسَدَتْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَقَدْ يَتَّجِرُ فِي الْعَيْنِ فَيَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَحَصَلَتْ الْفَائِدَةُ الْمَطْلُوبَةُ، وَفِي الْمِعْرَاجِ أَرَادَ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ أَمَّا الطَّرِيقُ إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَوْ إلَى
ــ
[منحة الخالق]
بَابُ الْحُقُوقِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ وَالشِّرْبُ إلَّا بِنَحْوِ كُلِّ حَقٍّ) أَقُولُ: الْعُرْفُ فِي زَمَانِنَا دُخُولُهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِدُونِ قَوْلِهِ كُلُّ حَقٍّ، وَلَا يَفْهَمُ الْعَاقِدُ أَنَّ سِوَى ذَلِكَ فَمُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْعُلْوِ عَنْ الْكَافِي دُخُولُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِكُلِّ حَقٍّ لِأَنَّ عُرْفَ زَمَانِنَا دُخُولُ ذَلِكَ لَا سِيَّمَا الشُّرْبُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ قَالَ فَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، وَمَا لَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ إلَّا إذَا كَانَ شَيْئًا جَرَى الْعُرْفُ فِيهِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَيْعِ، وَالْمِفْتَاحُ يَدْخُلُ اسْتِحْسَانًا، وَلَا يَدْخُلُ قِيَاسًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْبِنَاءِ فَصَارَ كَثَوْبٍ مَوْضُوعٍ فِي الدَّارِ إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا، وَقُلْنَا بِالدُّخُولِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الْبَائِعَ لِلدَّارِ لَا يَمْنَعُ الْمِفْتَاحَ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَيُسَلِّمُونَ الدَّارَ بِتَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ، وَالْقُفْلُ وَمِفْتَاحُهُ لَا يَدْخُلَانِ، وَالسُّلَّمُ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ يَدْخُلُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ مَدَرٍ، وَالسُّرَرُ نَظِيرُ السَّلَالِمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي بَيْعُ الْأَرْضِ أَوْ الْمَسْكَنِ) فِي الْقَامُوسِ الْمَسْكَنُ الْمَنْزِلُ، وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ، وَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا فِي دَارٍ أَوْ مَنْزِلًا أَوْ مَسْكَنًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الطَّرِيقُ إلَخْ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْكَنِ الدَّارَ (قَوْلُهُ وَفِي الْمِعْرَاجِ أَرَادَ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ إلَخْ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَإِذَا كَانَ طَرِيقُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَوْ مَسِيلُ مَائِهَا فِي دَارٍ أُخْرَى لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ إلَّا أَنَّ تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ
طَرِيقٍ عَامٍّ يَدْخُلُ. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ، وَكَذَا مَا كَانَ لَهُ مِنْ حَقِّ مَسِيلَ الْمَاءِ أَوْ إلْقَاءَ الثَّلْجِ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ لِحَاجَتِهِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ إنَّمَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا الطَّرِيقُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ حَتَّى أَنَّ مَنْ سَدَّ طَرِيقِ مَنْزِلِهِ، وَجَعَلَ لَهُ طَرِيقًا آخَرَ، وَبَاعَ الْمَنْزِلَ بِحُقُوقِهِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ الطَّرِيقُ الثَّانِي لَا الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ فَإِنْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ، وَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ لِلدَّارِ الْمَبِيعَةِ طَرِيقٌ فِي دَارٍ أُخْرَى فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَحِقُّ الطَّرِيقَ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ جُذُوعُ دَارٍ أُخْرَى عَلَى الدَّار الْمَبِيعَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْجُذُوعُ لِلْبَائِعِ يُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِالرَّفْعِ، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ كَانَ عَيْبًا، وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ طَرِيقٌ أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ لِدَارٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ لِلْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمُرَّ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ لِأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَانَ عَيْبًا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِيَّ خَانَ، وَفِي الْخُلَاصَةِ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ فِي الرَّهْنِ، وَالصَّدَقَةُ الْمَوْقُوفَةُ كَالْإِجَارَةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ أَوْ صَالَحَ عَلَى دَارٍ أَوْ وَصَّى بِدَارٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُقُوقَهَا، وَمَرَافِقَهَا لَمْ يَدْخُلْ الطَّرِيقُ. اهـ.
وَأَمَّا إذَا اقْتَسَمَا، وَلَمْ يَذْكُرَا طَرِيقًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتْحُ بَابٍ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَسَدَتْ، وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ، وَفِي الْبَيْعِ يَدْخُلُ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتْحُ بَابٍ، وَبَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِسْمَةِ، وَالْإِجَارَةِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ فِي الْمِعْرَاجِ اهـ.
ــ
[منحة الخالق]
الدَّارِ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي فِي هَذِهِ الدَّارِ يَدْخُلُ، وَهُوَ غَيْرُ مَا فِي الْكِتَابِ فَالْحَقُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَلَمْ يَشْتَرِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ إنَّمَا اشْتَرَى شَيْئًا مُعَيَّنًا مِنْهَا فَلَا يَدْخُلُ مِلْكُ الْبَائِعِ أَوْ مِلْكُ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا بِذِكْرِهِ. اهـ. وَتَأَمَّلْ.
قَوْلَهُ فَلَا يَدْخُلُ مِلْكُ الْبَائِعِ مَعَ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، وَمَعَ مَا نَقَلَهُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْخُلَاصَةِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَانَ عَيْبًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي مَسَائِلِ الْمَاءِ، وَمَسَائِلِ السَّطْحِ، وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ لَهُ دَارَانِ مَسِيلُ سَطْحِ إحْدَاهُمَا عَلَى سَطْحِ الدَّارِ الْأُخْرَى فَبَاعَ الدَّارَ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسِيلُ مِنْ إنْسَانٍ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ الْأُخْرَى مِنْ آخَرَ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَنْ يَمْنَعَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ مِنْ إسَالَةِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ قَالَ: لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ وَقْتَ مَا بَاعَهُ إنِّي لَمْ أَبِعْ مِنْك مَسِيلَ الْمَاءِ فِي الدَّارِ الَّتِي بِعْت اهـ.
أَقُولُ: وَبِهِ عُلِمَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى، وَهِيَ رَجُلٌ لَهُ كَرْمَانِ طَرِيقُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ فَبَاعَ لِبِنْتِهِ الَّذِي فِيهِ الطَّرِيقُ عَلَى أَنَّ لَهُ الْمُرُورَ كَمَا كَانَ فَبَاعَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَهَلْ لَهُ مَنْعُ الْأَبِ مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ أَمْ لَا وَلَوْ تَضَرَّرَ بِمُرُورِهِ الْجَوَابُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ تَأَمَّلْ هَذَا، وَرَأَيْت عِبَارَةَ الْخُلَاصَةِ فِي نُسْخَتِي قَالَ لَا يَمْنَعُهُ، وَرَأَيْت فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعَزَاهُ فِي الْخُلَاصَةِ لِلنَّوَازِلِ فَرَاجَعْت النَّوَازِلِ بَعْدَ أَنْ أَشْكَلَ عَلَيَّ ذَلِكَ فَرَأَيْته قَالَ: لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إلَخْ ثُمَّ رَاجَعْت الْوَلْوَالِجيَّةِ فَرَأَيْته قَالَ: لَهُ ذَلِكَ فَتَيَقَّنْت أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ الْكَتَبَةِ فَأَصْلَحْته فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ فَتَيَقَّظْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ فَتْحُ بَابٍ، وَتَصِحُّ الْقِسْمَةُ حِينَئِذٍ كَمَا لَا يَخْفَى أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ فَلَا تَدْخُلُ وَإِنْ ذُكِرَتْ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَبَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْإِجَارَةِ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَيْضًا فَقَالَ وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ فَرَّقَ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَبَيْنَ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَفِيهَا صُفَّةٌ، وَفِيهَا بَيْتٌ، وَبَابُ الْبَيْتِ فِي الصُّفَّةِ وَمَسِيلُ مَاءِ ظَهْرِ الْبَيْتِ عَلَى ظَهْرِ الصُّفَّةِ وَاقْتَسَمَا فَأَصَابَ الصُّفَّةَ أَحَدُهُمَا، وَقِطْعَةً مِنْ السَّاحَةِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا طَرِيقًا، وَلَا مَسِيلَ مَاءٍ، وَصَاحِبُ الْبَيْتِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْتَحَ بَابَهُ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْ السَّاحَةِ، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُسِيلَ مَاءَهُ فِي ذَلِكَ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَلَمْ يَدْخُلْ الطَّرِيقُ، وَالْمَسِيلُ بِدُونِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ تَحَرِّيًا لِجَوَازِ الْقِسْمَةِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّ فِي الْإِجَارَةِ مَوْضِعَ الشِّرْبِ لَيْسَ مِمَّا تَنَاوَلَتْهُ الْإِجَارَةُ، وَلَكِنْ يُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى الِانْتِفَاعِ بِالْمُسْتَأْجَرِ، وَالْآجِرُ إنَّمَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ إذَا تَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ فَفِي إدْخَالِ الشُّرْبِ تَوْفِيرُ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا هُنَا فَمَوْضِعُ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ دَاخِلٌ فِي الْقِسْمَةِ، وَمُوجِبُ الْقِسْمَةِ اخْتِصَاصُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا هُوَ نَصِيبُهُ فَلَوْ أَثْبَتْنَا لِأَحَدِهِمَا حَقًّا فِي نَصِيبِ الْآخَرِ تَضَرَّرَ بِهِ الْآخَرُ إلَّا إذَا ذَكَرَ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الرِّضَا بِهِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ حَيْثُ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ فِي الْبَيْعِ إذَا ذَكَرَ الْحُقُوقَ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ فِيمَا ابْتَاعَ، وَيُسِيلَ مَاءَهُ فِيهِ، وَفِي الْقِسْمَةِ لَا يَدْخُلُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِسْمَةِ تَمْيِيزُ أَحَدِ الْمِلْكَيْنِ عَنْ الْآخَرِ وَاخْتِصَاصُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا شَرِكَةَ لِلْآخَرِ فِيهِ فَلَا يُصَارُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَالِانْتِفَاعُ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْبَيْعِ فَلِهَذَا افْتَرَقَا اهـ.
هَذَا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ فِي الْقِسْمَةِ إذَا لَمْ تُذْكَرْ الْحُقُوقُ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ إحْدَاثُ مِثْلِهَا فِي نَصِيبِهِ، وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهَا فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَلَا تَدْخُلُ الْحُقُوقُ الَّتِي كَانَتْ إلَّا بِذِكْرِهَا، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إحْدَاثُ مِثْلِهَا فَلَا تَدْخُلُ، وَإِنْ ذُكِرَتْ