الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ دَابَّةٍ اسْتَأْجَرَهَا اهـ. .
[الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ]
قَوْلُهُ (وَبِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) أَيْ وَبَطَلَتْ الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ أَيْ لَمْ تَنْعَقِدْ أَصْلًا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ إذَا بَلَغَهُ فَأَجَازَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْإِجَازَةَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عَنْهُ وَالْخِلَافُ فِي الْكَفَالَةِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا لَهُ أَنَّهُ تَصَرُّفُ الْتِزَامٍ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمُلْتَزِمُ، وَهَذَا وَجْهُ الظَّاهِرِ عَنْهُ وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ وَلَهُمَا أَنَّ فِيهِمَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمُطَالَبَةِ مِنْهُ فَيَقُومُ بِهِمَا جَمِيعًا وَالْمَوْجُودُ شَطْرُهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ عَنْ الطَّالِبِ فُضُولِيٌّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْهَا قَبْلَ إجَازَتِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْحَقَائِقِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَبُولَ الطَّالِبِ بِخُصُوصِهِ إنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ، وَأَمَّا أَصْلُ الْقَبُولِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ فَشَرْطُ الصِّحَّةِ فَلَوْ حَذَفَ الطَّالِبَ فِي الْكِتَابِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا فَعَلَ فِي الْإِصْلَاحِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْإِيضَاحِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْفُضُولِيُّ لَوْ فَسَخَ الْمَوْقُوفَ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الثَّانِي قَيَّدَ بِالْإِنْشَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ الْكَفَالَةِ حَالَ غَيْبَةِ الطَّالِبِ يَجُوزُ إجْمَاعًا وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الطَّالِبُ أَخْبَرْت، وَقَالَ الْكَفِيلُ كَانَ إنْشَاءً فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ.
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ قَالَ ضَمِنْت مَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ وَهُمَا غَائِبَانِ فَقِبَلَ فُضُولِيٌّ ثُمَّ بَلَّغَهُمَا فَأَجَازَ فَإِنْ أَجَازَ الْمَطْلُوبُ أَوَّلًا ثُمَّ الطَّالِبُ جَازَتْ وَكَانَتْ كَفَالَةً بِالْأَمْرِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ جَازَتْ وَكَانَتْ بِغَيْرِ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فُضُولِيٌّ عَنْ الطَّالِبِ لَمْ تَجُزْ مُطْلَقًا عِنْدَهُمَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الطَّالِبُ حَاضِرًا وَقِبَلَ وَرَضِيَ الْمَطْلُوبُ فَإِنْ رَضِيَ قَبْلَ قَبُولِ الطَّالِبِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ. اهـ.
قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكْفُلَ وَارِثُ الْمَرِيضِ عَنْهُ) بِأَنْ يَقُولَ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَكَفَلَ بِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَصِيَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِذَا تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَكْفُولَ لَهُمْ وَلِهَذَا قَالُوا إنَّمَا تَصِحُّ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ يُقَالُ أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الطَّالِبِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ تَفْرِيغًا لِذِمَّتِهِ وَفِيهِ نَفْعُ الطَّالِبِ فَصَارَ كَمَا إذَا حَضَرَ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ التَّحْقِيقُ دُونَ الْمُسَاوِمَةِ ظَاهِرًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِهِ كَالْأَمْرِ بِالنِّكَاحِ قَيَّدَ بِالْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ تَنْزِيلًا لِلْمَرِيضِ مَنْزِلَةَ الطَّالِبِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِلَا الْتِزَامٍ فَكَانَ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ سَوَاءً وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ.
كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَحَقَّقَ أَنَّهَا كَفَالَةٌ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ تَوَقُّفُهَا عَلَى الْمَالِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَيَّدَ بِالْمَرِيضِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِوَارِثِهِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ وَمِنْ هُنَا يُقَالُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَفَالَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ مَالٌ فَلَوْ كَانَتْ كَفَالَةً مُطْلَقًا لَصَحَّتْ مُطْلَقًا وَلَيْسَتْ وَصِيَّةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً مُطْلَقًا لَصَحَّ الْأَمْرُ مِنْ الصَّحِيحِ وَلِذَا قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فِي تَعْلِيلِ الْكِتَابِ بِأَنَّ ذَلِكَ وَصِيَّةً فِي الْحَقِيقَةِ نَظَرٌ إذْ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً حَقِيقَةً لَمَا اخْتَلَفَ الْحُكْمُ بَيْنَ حَالَةِ الصِّحَّةِ وَحَالَةِ الْمَرَضِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ. اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ مُطَالَبٌ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ الْمَرِيضُ تَكَفَّلْ عَنِّي أَوْ لَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِيهَا وَقَدْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى نَقْلٍ
ــ
[منحة الخالق]
[الْكَفَالَةُ بِحَمْلِ دَابَّةٍ]
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْإِجَازَةَ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْفَتْحِ أَيْ نُسَخِ كَفَالَةِ الْأَصْلِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بَلْ أَنَّهُ نَافِذٌ إنْ كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ غَائِبًا (قَوْلُهُ وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ التَّوَقُّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ إلَخْ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ أَنَّ شَطْرَ الْعَقْدِ يَتَوَقَّفُ حَتَّى إذَا عَقَدَ فُضُولِيٌّ لِامْرَأَةٍ عَلَى آخَرَ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ كَمَا إذَا كَانَ عَقْدًا تَامًّا بِأَنْ خَاطَبَ عَنْهُ فُضُولِيٌّ آخَرَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ إلَّا إنْ خَاطَبَ عَنْهُ فُضُولِيٌّ آخَرُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عِنْدَهُمَا إلَّا الْعَقْدُ التَّامُّ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ قَالُوا: إذَا قَبِلَ عَنْهُ قَابِلٌ تَوَقَّفَ بِالْإِجْمَاعِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْمَجْلِسِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَيَنْفُذُ أَوْ يَقْبَلَ عَنْهُ فُضُولِيٌّ إنْ كَانَ غَائِبًا فَيَتَوَقَّفُ إلَى إجَازَتِهِ أَوْ رَدِّهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الثَّانِي) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ صَرَّحَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا تَظْهَرُ فِي تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ) ابْتِدَاءُ كَلَامٍ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى نَقْلٍ تَعْلِيلٌ لِوُقُوعِ الِاشْتِبَاهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا إذَا تَكَفَّلَ مُتَعَلِّقٌ بِالِاشْتِبَاهِ أَوْ بِوَقْعٍ وَقَوْلُهُ هَلْ يُطَالَبُ إلَخْ قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ أَنْ يَنْتَظِرَهُ وَعَلَى أَنَّهَا كَفَالَةٌ أَنْ يُلْزِمَ الْكَفِيلَ بِالدَّفْعِ الْآنَ
فِيمَا إذَا تَكَفَّلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِأَمْرِ الْمَرِيضِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ هَلْ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ أَوْ لَا، وَلِهَذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ الْوَرَثَةَ يُطَالَبُونَ بِدَيْنِ مُوَرِّثِهِمْ بِلَا ضَمَانٍ وَالضَّمَانُ مَا زَادَهُ إلَّا تَأْكِيدًا، وَقَيَّدَ فِي الْهِدَايَةِ الْمَسْأَلَةَ بِأَمْرِ الْمَرِيضِ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ قَالُوا ضَمِنَّا لِلنَّاسِ كُلَّ دَيْنٍ لَهُمْ عَلَيْك وَلَمْ يَطْلُبْ الْمَرِيضُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَالْغُرَمَاءُ غُيَّبٌ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ قَالُوا ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازُ كَفَالَتِهِمْ فِي مَرَضِهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَرِيضُ مِنْهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْخَانِيَّةِ وَفِي الْبَدَائِعِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمَرِيضِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّ جَوَازَ الضَّمَانِ بِطَرِيقِ الْإِيصَاءِ بِالْقَضَاءِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ وَبَعْضُهُمْ أَجَازُوهُ عَلَى سَبِيلِ الْكَفَالَةِ وَوَجْهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْأَصْلِ، وَقَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَبِّرِ عَنْ غُرَمَائِهِ، وَشَرْحُ هَذِهِ الْإِشَارَةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْهُ حَتَّى لَا يَنْفُذَ مِنْهُ التَّصَرُّفُ الْمُبْطِلُ لِحَقِّ الْغَرِيمِ وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلْوَرَثَةِ اضْمَنُوا الْغُرَمَاءَ فُلَانٌ عَنْهُ فَقَالُوا ضَمِنَّا يُكْتَفَى بِهِ فَكَذَا الْمَرِيضُ. اهـ. .
قَوْلُهُ (وَعَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ) أَيْ وَبَطَلَتْ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا صَحِيحَةٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أُتِيَ بِجِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِينَارَانِ فَامْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ كَفَلَ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِحَقِّ الطَّالِبِ وَلَمْ يُوجَدْ الْمُسْقِطُ وَلِهَذَا يَبْقَى فِي حَقِّ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ إنْسَانٌ يَصِحُّ وَلِذَا يَبْقَى إذَا كَانَ بِهِ كَفِيلٌ وَلَهُ أَنَّهُ كَفَلَ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ هُوَ الْفِعْلُ حَقِيقَةً وَلِهَذَا يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحُكْمِ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَيْهِ فِي الْمَآلِ وَقَدْ عَجَزَ بِنَفْسِهِ وَبِخَلْفِهِ فَفَاتَ عَاقِبَةُ الِاسْتِيفَاءِ فَيَسْقُطُ ضَرُورَةً وَالتَّبَرُّعُ لَا يَعْتَمِدُ قِيَامَ الدَّيْنِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ كَفِيلٌ أَوْ لَهُ مَالٌ فَخَلَفَهُ إذْ الْإِفْضَاءُ إلَى الْأَدَاءِ بَاقٍ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَارِثَ الْمَيِّتِ وَلَوْ ابْنَهُ، كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ الْإِقْرَارُ عَنْ كَفَالَةٍ سَابِقَةٍ وَالْإِنْشَاءُ وَالْوَعْدُ وَحِكَايَةُ الْفِعْلِ لَا عُمُومَ لَهَا وَقَيَّدَ بِالْكَفَالَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَمْ تَبْطُلْ الْكَفَالَةُ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ عَنْهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فِي حَقِّهِ لِلضَّرُورَةِ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَأَبْقَيْنَاهُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ الْمَيِّتَ الْمُفْلِسَ مَنْ مَاتَ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ وَلَا كَفِيلَ عَنْهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ بُطْلَانِهَا مَسْأَلَةٌ فِي التَّحْرِيرِ مِنْ بَحْثِ الْمَوْتِ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ لَوْ تَفُوتُ الذِّمَّةُ بِلُحُوقِ دَيْنٍ بَعْدَ الْمَوْتِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِهِ بِأَنْ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى الطَّرِيقِ فَتَلَفَ بِهِ حَيَوَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الدَّيْنُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْحَفْرِ الثَّابِتِ حَالَ قِيَامِ الذِّمَّةِ وَالْمُسْتَنَدُ يَثْبُتُ أَوَّلًا فِي الْحَالِ وَيَلْزَمُ اعْتِبَارُ قُوَّتِهَا حِينَئِذٍ بِهِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الِاسْتِيفَاءِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِالثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ وَلِرَبِّ الْمَالِ بِهِ) أَيْ وَبَطَلَتْ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِالثَّمَنِ وَكَفَالَةِ الْمُضَارِبِ لِرَبِّ الْمَالِ بِالثَّمَنِ فِيمَا بَاعَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ لَهُمَا بِجِهَةِ الْأَصَالَةِ فِي الْبَيْعِ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَبِعَزْلِهِ وَلِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلًا عَنْ الْوَكِيلِ فِي الْقَبْضِ وَرَبُّ الْمَالِ عَنْ الْمُضَارِبِ وَلِلْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ عَزْلُهُ لِرُجُوعِ الْحُقُوقِ إلَيْهِمَا وَبَرَّ الْمُشْتَرِي فِي حَلِفِهِ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْمُوَكِّلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَحَنِثَ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ قَيَّدَ بِالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ بِالْبَيْعِ تَصِحُّ كَفَالَتُهُ بِالثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْغَنَائِمِ عَنْ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ كَالرَّسُولِ وَقَيَّدَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ لَوْ ضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ صَحَّ لِكَوْنِهِ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا وَقَيَّدْنَا بِأَنْ يَكُونَ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .