الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُبَاعُ بِهِ فَأَمْكَنَ مَعْرِفَةُ قَدْرِهَا وَالْخَرَزُ بِالتَّحْرِيكِ الَّذِي يُنْظَمُ الْوَاحِدَةُ خَرَزَةٌ وَخَرَزَاتُ الْمَلِكِ جَوَاهِرُ تَاجِهِ وَيُقَالُ كَانَ الْمَلِكُ إذَا مَلَكَ عَامًا زِيدَتْ فِي تَاجِهِ خَرَزَةٌ لِيُعْلَمَ عَدَدُ سِنِينَ مُلْكِهِ، كَذَا فِي الصِّحَاحِ.
[السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ]
قَوْلُهُ (وَالْمُنْقَطِعِ) أَيْ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ لِفَوْتِ شَرْطِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحِلِّ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ الْحُلُولِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحِلِّ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ لِتَوَهُّمِ مَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَيَحِلُّ الْأَجَلُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَيَتَضَرَّرُ رَبُّ السَّلَمِ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْأَسْوَاقِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْبُيُوتِ، وَلَوْ انْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ بَعْدَ الْمَحِلِّ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَرَبُّ السَّلَمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَأَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ وُجُودَهُ وَفِي الْبِنَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى مَبْسُوطِ أَبِي الْيُسْرِ، وَلَوْ انْقَطَعَ فِي إقْلِيمٍ دُونَ إقْلِيمٍ لَا يَصِحُّ فِي الْإِقْلِيمِ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ فَيَعْجِزُ عَنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ فِي الرُّطَبِ بِبُخَارَى لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بِسِجِسْتَانَ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي أَوَانِهِ يَتَخَيَّرُ رَبُّ السَّلَمِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ. اهـ.
وَفِيهَا اسْتَقْرَضَ فَاكِهَةً كَيْلًا أَوْ وَزْنًا انْقَطَعَ يَصْبِرُ إلَى أَنْ تَدْخُلَ الْجَدِيدَةُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى قِيمَتِهِ كَمَنْ اسْتَقْرَضَ طَعَامًا فِي بَلَدٍ فِيهِ الطَّعَامُ رَخِيصٌ، ثُمَّ الْتَقَيَا فِي بَلَدٍ فِيهِ الطَّعَامُ غَالٍ لَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ بَلْ يُوَثِّقُ الْمَطْلُوبَ لِيُعْطِيَهُ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَلَا فِي السَّمَكِ الطَّرِيِّ) أَيْ لَا يَجُوزُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي الشِّتَاءِ لِانْجِمَادِ الْمِيَاهِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يَنْقَطِعُ فِيهِ جَازَ وَزْنًا لَا عَدَدًا.
وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ طَرِيًّا أَوْ مَالِحًا وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُسْلَمَ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهِ عَدَدًا لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا لِلتَّفَاوُتِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا فَإِنْ كَانَ مَمْلُوحًا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ طَرِيًّا فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي حِينِهِ وَالْحُلُولُ فِي حِينِهِ وَلَا يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا.
[السَّلَمُ فِي السَّمَكِ]
قَوْلُهُ (وَصَحَّ وَزْنًا لَوْ مَالِحًا) أَيْ صَحَّ السَّلَمُ فِي السَّمَكِ بِالْوَزْنِ لَوْ كَانَ مِلْحًا لَا عَدَدًا؛ لِأَنَّ الْمِلْحَ مِنْهُ وَهُوَ الْقَدِيدُ لَا يَنْقَطِعُ وَهُوَ مَعْلُومٌ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِبَيَانِ قَدْرِهِ بِالْوَزْنِ وَبَيَانِ نَوْعِهِ بِأَنْ يَقُولَ بُورِيٌّ أَوْ راي وَفِي أَسْمَاك الْإِسْكَنْدَرِيَّة الشفش والدونيس وَغَيْرُهَا وَفِي الْإِيضَاحِ الصَّحِيحُ أَنَّ فِي الصِّغَارِ مِنْهُ يَجُوزُ وَزْنًا وَكَيْلًا وَفِي الْكِبَارِ رِوَايَتَانِ وَفِي الْمُغْرِبِ سَمَكٌ مَلِيحٌ وَمَمْلُوحٌ وَهُوَ الْقَدِيدُ الَّذِي فِيهِ الْمِلْحُ وَلَا يُقَالُ مَالِحٌ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَالْمَالِحُ هُوَ الَّذِي شُقَّ بَطْنُهُ وَجُعِلَ فِيهِ الْمِلْحُ.
[السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ]
قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَجُوزُ إذَا بَيَّنَ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَسِنَّهُ وَمَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَهُ كَشَاةِ خَصِيٍّ ثَنِيٍّ سَمِينٍ مِنْ الْجَنْبِ أَوْ الْفَخْذِ مِائَةُ رِطْلٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ مَضْبُوطُ الْوَصْفِ فَصَارَ كَالْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ، بِخِلَافِ لَحْمِ الطُّيُورِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَصْفِ مَوْضِعٍ مِنْهُ وَلَهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كِبَرِ الْعَظْمِ وَصِغَرِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَفِي مَنْزُوعِ الْعَظْمِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ وَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي الْحَقَائِقِ وَالْعُيُونِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَهَذَا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ قِيلَ لَا خِلَافَ فَمَنْعُ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا أَطْلَقَا السَّلَمَ فِي اللَّحْمِ وَقَوْلُهُمَا فِيمَا إذَا بَيَّنَّا، وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِجَوَازِهِ صَحَّ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاللَّحْمُ قِيَمِيٌّ فَيُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إذَا غُصِبَ كَمَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَزَاهُ فِي الصُّغْرَى إلَى وَسَطِ الْمُنْتَقَى وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ يُضْمَنُ مِنْ اللَّحْمِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ بِالْقِيمَةِ وَالْخُبْزُ يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِاللَّحْمِ يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَالْخُبْزُ كَذَلِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّحْمَ مَعَ الْخُبْزِ يَسْتَوِيَانِ فِي ثُبُوتِهِمَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي الضَّمَانِ فَيُضْمَنُ اللَّحْمُ بِالْقِيمَةِ وَالْخُبْزُ بِالْمِثْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ غِذَاءً لَكِنَّ الْخُبْزَ أَبْيَنُ غِذَاءً وَأَحْسَنُ كَفًّا فَأَظْهَرْنَا حُكْمَ التَّفْرِقَةِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كِبَرِ الْعَظْمِ وَصِغَرِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي مَخْلُوعِ الْعَظْمِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ لِلْإِمَامِ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْفُصُولِ سِمَنًا وَهُزَالًا قَالَ وَحَاصِلُ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ سَلَمٌ فِي الْمُنْقَطِعِ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ فِي مَخْلُوعِ الْعَظْمِ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي شُجَاعٍ عَنْهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَى وَسَطِ الْمُنْتَقَى) الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَسَطُ غَصْبِ الْمُنْتَقَى
فِي الضَّمَانِ وَالتَّسْوِيَةِ فِي الدِّينِيَّةِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ اهـ.
وَفِي التَّتِمَّةِ عَنْ اخْتِيَارِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ اللَّحْمَ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِقْرَاضُ اللَّحْمِ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ السَّلَمُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ وَاللَّحْمُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ إذَا كَانَ مَطْبُوخًا بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ نِيئًا فَكَذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِلَحْمٍ فِي الذِّمَّةِ ذَكَرَ فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا بِلَحْمٍ فِي الذِّمَّةِ جَازَ وَمَا يَصْلُحُ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَبِمِكْيَالٍ أَوْ ذِرَاعٍ لَمْ يَدْرِ قَدْرَهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ الضَّيَاعِ فَيَقَعُ النِّزَاعُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِهِ حَالًّا قَيَّدَ بِكَوْنِهِ لَمْ يَدْرِ قَدْرَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعْلُومَيْ الْقَدْرِ جَازَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مِمَّا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَالْقِصَاعِ، وَأَمَّا الْجِرَابُ وَالزِّنْبِيلُ فَلَا يَجُوزُ الْكَيْلُ بِهِمَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْجَوَازُ بِقُرْبِ الْمَاءِ لِلتَّعَامُلِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ سَقَّاءٍ كَذَا وَكَذَا قِرْبَةً مِنْ مَاءِ النِّيلِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مَثَلًا بِهَذِهِ الْقِرْبَةِ وَعَيَّنَهَا جَازَ الْبَيْعُ وَتَقْتَضِي الْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ أَنْ لَا يَجُوزَ إذَا عَيَّنَ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَلَكِنْ بِمِقْدَارِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْقُنْيَةِ السَّلَمُ فِي الْمَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مَوْضِعًا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالسَّلَمِ وَذَكَرَ الشَّرَائِطَ صَحَّ اهـ.
قَوْلُهُ (وَبُرِّ قَرْيَةٍ أَوْ تَمْرُ نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَرِيهِمَا آفَةٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ «أَرَأَيْت إذَا مَنَعَ اللَّهُ ثَمَرَةَ هَذَا الْبُسْتَانِ بِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِهَذَا الْبَيْعِ شَيْئًا إنْ لَمْ يُخْرِجْ ذَلِكَ الْبُسْتَانُ شَيْئًا فَكَانَ فِي بَيْعِ ثَمَرَةِ هَذَا الْبُسْتَانِ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ فَلَا يَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ صَعِيدِيَّةٍ أَوْ شَامِيَّةٍ فَإِنَّ احْتِمَالَ أَنْ لَا يَنْبُتَ فِي الْإِقْلِيمِ شَيْءٌ بِرُمَّتِهِ ضَعِيفٌ فَلَا يَبْلُغُ الْغَرَرَ الْمَانِعَ مِنْ الصِّحَّةِ وَلِذَا قَيَّدَ بِالْقَرْيَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْإِقْلِيمِ وَتَعْيِينُ الْبُسْتَانِ كَتَعْيِينِ النَّخْلَةِ هَذَا، وَلَوْ كَانَتْ نِسْبَةُ الثَّمَرَةِ إلَى قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِبَيَانِ الصِّفَةِ لَا لِتَعْيِينِ الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِهَا بِعَيْنِهِ كَالْحَشَرَاتِيِّ بِبُخَارَى وَالسِّبَاخِيِّ وَهِيَ قَرْيَةٌ حِنْطَتُهَا جَيِّدَةٌ بِفَرْغَانَةَ لَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ خُصُوصُ النَّابِتِ هُنَاكَ بَلْ الْإِقْلِيمُ وَلَا يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُ طَعَامِ إقْلِيمٍ بِكَمَالِهِ فَالسَّلَمُ فِيهِ وَفِي طَعَامِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ سَوَاءٌ كَذَا فِي دِيَارِنَا قَمْحُ الصَّعِيدِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا لَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةِ الْهِرَاةِ لَا يَجُوزُ وَفِي ثَوْبِ هَرَاةَ وَذَكَرَ شُرُوطَ السَّلَمِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ حِنْطَتَهَا يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُهَا إذْ الْإِضَافَةُ لِتَخْصِيصِ الْبُقْعَةِ فَيَحْصُلُ السَّلَمُ فِي مَوْهُومِ الِانْقِطَاعِ بِخِلَافِ إضَافَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّهَا لِبَيَانِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ لَا لِتَخْصِيصِ الْمَكَانِ وَكَذَا لَوْ أَتَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِثَوْبٍ هَرَوِيٍّ نُسِجَ فِي غَيْرِ وِلَايَةِ هَرَاةَ مِنْ جِنْسِ الْهَرَوِيِّ يَعْنِي مِنْ صِفَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ يُجْبَرُ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى قَبُولِهِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَانِعَ وَالْمُقْتَضَى الْعُرْفُ فَإِنْ تُعُورِفَ كَوْنُ النِّسْبَةِ لِبَيَانِ الصِّفَةِ فَقَطْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ حَدِيثَةٍ قَبْلَ حُدُوثِهَا فَالسَّلَمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ فِي الْحَالِ وَكَوْنُهَا مَوْجُودَةً فِي وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ الْمَحِلِّ شَرْطٌ اهـ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ، وَلَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ فِي ذُرَةٍ جَدِيدَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ شَيْءٌ أَمْ لَا اهـ.
وَعَلَى هَذَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ بِمَا لَا يَنْقَبِضُ إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي النَّهْرِ قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ فِي السَّلَمِ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِهِ كَيْفَمَا كَانَ وَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ قَدْرُهُ فَالتَّقْدِيرُ بِهِ لِبَيَانِ الْقَدْرِ لَا لِتَعْيِينِهِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى فِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُنْكَبِسِ وَغَيْرِهِ وَالتَّجْوِيزُ فِي قُرْبِ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ حَيْثُ يَجُوزُ بِإِنَاءٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ يَشْتَرِطُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ أَنْ لَا يَنْكَبِسَ وَلَا يَنْبَسِطَ وَيُفِيدُ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ قُرْبِ الْمَاءِ. اهـ.
وَعَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ جَرَى الْحَدَّادِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَلْ أَقَرَّهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي مِقْدَارِ هَذَا الْوِعَاءِ بُرًّا وَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُ دُوَيْبَّةٌ مَثَلًا جَازَ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَنْقَبِضُ وَيَنْبَسِطُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَقْتَ التَّسْلِيمِ فِي الْكَبْسِ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: إنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مَمْنُوعٌ، نَعَمْ هَلَاكُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِهِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَ هَذَا فَتَدَبَّرْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. اهـ. كَلَامُ النَّهْرِ.
قُلْتُ: مَنْعُ عَدَمِ تَعَيُّنِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَيُّ نِزَاعٍ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ وَيُمْكِنُ الْعُدُولُ إلَى مَا عَرَفَ مِنْ مِقْدَارِهِ فَيُسَلِّمُهُ بِهِ بِلَا مُنَازَعَةٍ كَمَا إذَا هَلَكَ وَقَدْ ظَهَرَ لِي مِنْ الْجَوَابِ عَنْ الْهِدَايَةِ أَنَّ مَا يَنْقَبِضُ وَيَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ لَا يَتَقَدَّرُ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ فَتَبْقَى الْمُنَازَعَةُ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَاشْتَرَطَ إلَخْ لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَدْرِ قَدْرَهُ لَا أَنَّهُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ شَيْءٌ أَمْ لَا) قَالَ فِي النَّهْرِ التَّعْلِيلُ بِمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَوْلَى وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ جَدِيدَ إقْلِيمٍ كَجَدِيدَةٍ مِنْ الصَّعِيدِ مَثَلًا أَنْ يَصِحَّ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ طُلُوعِ شَيْءٍ فِيهِ أَصْلًا. اهـ.
يَعْنِي: وَهَذَا الْمُقْتَضَى غَيْرُ مُرَادٍ لِمُنَافَاتِهِ لِلشَّرْطِ الْمَارِّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحِلِّ.