المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بيع درهمين ودينار بدرهم ودينارين وكر بر وشعير بضعفهما) - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٦

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ]

- ‌[تَعْلِيقُ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ]

- ‌خِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ)

- ‌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْمَبِيعَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ

- ‌ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ

- ‌[أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ]

- ‌[شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ]

- ‌ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ]

- ‌[اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا]

- ‌(بَابٌ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ)

- ‌[يَبْطُلُ خِيَار الرُّؤْيَة بِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ]

- ‌ عَقْدُ الْأَعْمَى) أَيْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ

- ‌[لَا يُورَثُ خِيَار الرُّؤْيَة كَخِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا

- ‌[مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ]

- ‌[السَّرِقَةُ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ]

- ‌ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌ اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ جَوْزًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ

- ‌ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ بِقَضَاءٍ

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَادَّعَى عَيْبًا]

- ‌[اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا]

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[شَرَائِطُ صِحَّة الْإِقَالَة]

- ‌[صِفَة الْإِقَالَة]

- ‌[حُكْمُ الْإِقَالَة]

- ‌[رُكْنُ الْإِقَالَة]

- ‌[مَنْ يَمْلِكُ الْإِقَالَة وَمَنْ لَا يَمْلِكُهَا]

- ‌[إقَالَةُ الْإِقَالَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ)

- ‌[شَرْطُ الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[عِلَّةُ الرِّبَا]

- ‌ بَيْعُ الْمَكِيلِ كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ، وَالْمَوْزُونِ كَالنَّقْدَيْنِ

- ‌ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ)

- ‌(بَابُ الْحُقُوقِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الْمَذْرُوعَاتِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي السَّمَكِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ]

- ‌[أَقَلُّ أَجَلِ السِّلْم]

- ‌ أَسْلَمَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَمِائَةً نَقْدًا

- ‌[اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً]

- ‌[أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ وَقُبِضَتْ الْأَمَةُ فَتَقَايَلَا وَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِقَالَةِ]

- ‌ السَّلَمُ وَالِاسْتِصْنَاعُ فِي نَحْوِ خُفٍّ وَطَسْتٍ)

- ‌[بَابُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْبَيْع]

- ‌(فُرُوعٌ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَائِبِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ بَاعَ أَمَةً مَعَ طَوْقٍ قِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا

- ‌[بَاعَ سَيْفًا حِلْيَتُهُ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ وَنَقَدَ خَمْسِينَ]

- ‌ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا

- ‌ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا)

- ‌ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا فَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفَ دِرْهَمِ فُلُوسٍ وَنِصْفًا إلَّا حَبَّةً]

- ‌[تَبْطُلُ الْكَفَالَة بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ لَا الطَّالِبِ]

- ‌ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ

- ‌[الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ]

- ‌ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ عَلَى أَلْفٍ

- ‌ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

- ‌لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ)

- ‌[يَبْرَأ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ]

- ‌ صَالَحَ الْأَصِيلُ أَوْ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى نِصْفِ الدَّيْنِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِحَمْلِ دَابَّةٍ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْعُهْدَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْخَلَاصِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌[كَفَالَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ)

- ‌(كِتَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌ أَحَالَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَدِيعَةً

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌ أَهْلُ الْقَضَاءِ

- ‌[تَقْلِيد الْفَاسِقُ الْقَضَاءِ]

- ‌[كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَفَسَقَ]

- ‌[أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ]

- ‌الْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُفْتِي أَنْ يُغَلِّظَ لِلزَّجْرِ مُتَأَوِّلًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لِلْإِفْتَاءِ]

- ‌ طَلَبَ الْقَضَاءَ

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي إذَا تَقَلَّدَ الْقَضَاء]

- ‌[تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ وَمِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

الفصل: ‌ بيع درهمين ودينار بدرهم ودينارين وكر بر وشعير بضعفهما)

بِأَنَّهُ سَمِعَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْهَا يُسَاوِي نِصْفًا وَثَلَاثَةَ فُلُوسٍ فَلْيُعَوَّلْ عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُوجَدْ خِلَافُهُ. اهـ.

وَقَدْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا وَلَكِنَّ الْأَدْنَى مُتَيَقَّنٌ بِهِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَلَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِفُرُوعِ مَذْهَبِنَا وُجُوبُ دِرْهَمٍ وَسَطٍ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ دَعْوَى النَّقْرَةِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمِ نَقْرَةٍ وَلَمْ يَصِفْهَا صَحَّ الْعَقْدُ فَلَوْ ادَّعَتْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مَهْرًا وَجَبَ لَهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَسَطٌ اهـ. فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ (وَصَحَّ‌

‌ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا)

أَيْ بِأَنْ يَبِيعَهُمَا بِكُرَّيْ بُرٍّ وَكُرَّيْ شَعِيرٍ وَإِنَّمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ كُلُّ جِنْسٍ مُقَابِلًا بِخِلَافِ جِنْسِهِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ وَلَوْ صُرِفَ إلَى جِنْسِهِ فَسَدَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي مُطْلَقَ الْمُقَابَلَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِقَيْدٍ لَا مُقَابَلَةِ الْكُلِّ بِالْكُلِّ شَائِعًا وَلَا فَرْدًا مُعَيَّنًا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ نِصْفَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِهِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ وَكَانْصِرَافِ النَّقْدِ إلَى الْمُتَعَارَفِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا مَا لَوْ اشْتَرَى قَلْبًا بِعَشَرَةٍ وَثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُ الرِّبْحِ إلَى الثَّوْبِ؛ لِأَنَّا لَوْ صَرَفْنَاهُ لَصَارَ تَوْلِيَةً فِي الْقَلْبِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَابَحَةِ فَكَانَ إبْطَالًا لَهُ، وَكَذَا لَا يَرِدُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ النَّقْدِ مَعَ آخَرَ مِنْ الْبَائِعِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْمُشْتَرَى بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّ طَرِيقَ التَّصْحِيحِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِإِمْكَانِ صَرْفِ الْأَلْفِ وَمِائَةٍ إلَيْهِ أَوْ مِائَتَيْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّورِ وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الطُّرُقَ مُتَعَدِّدَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لِجَوَازِ أَنْ يُصْرَفَ الدِّينَارُ إلَى الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ إلَى الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارُ إلَى الدِّرْهَمِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ الدِّرْهَمَانِ إلَى الدِّينَارَيْنِ وَالدِّينَارُ إلَى الدِّرْهَمِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَقَلُّ تَغْيِيرًا فَكَانَ أَوْلَى وَكَذَا لَا يَرِدُ عَلَيْنَا مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ، وَقَالَ بِعْتُك أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلتَّنْكِيرِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِصَرْفِهِ إلَى عَبْدِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْعَ أُضِيفَ إلَى مُنَكَّرٍ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمُعَيَّنِ لِلتَّضَادِّ إذْ الْمُنَكَّرُ لَيْسَ بِمَحِلٍّ لِلْبَيْعِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ مِنْ مَكِّيًا النَّكِرَةِ فَإِنَّ زَيْدًا يَصْدُقُ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ عَبْدِي أَوْ حِمَارِي حُرٌّ أَنَّهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ وَيُجْعَلُ اسْتِعَارَةُ الْمُنَكَّرِ لِلْمُعَرَّفِ، وَكَذَا مَا قِيلَ إنَّ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ يَجِبُ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ وَهُوَ لَمْ يُضَفْ إلَى الْمُعَيَّنِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أُورِدَ عَلَى دَفْعِ النُّقُوضِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْخَطَّ لَهُ جَوَابٌ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّك النَّقْضُ فِي إثْبَاتِ الْمَطْلُوبِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ خَطَأٌ فِي مَحَلٍّ آخَرَ إذَا اعْتَرَفَ بِخَطَئِهِ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ خَطَأً فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ. اهـ.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا إذَا بَاعَ دِرْهَمًا وَثَوْبًا بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ وَافْتَرَقَا بِلَا قَبْضٍ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ صَحِيحًا وَإِنَّمَا طَرَأَ الْفَسَادُ بِالِافْتِرَاقِ وَالصَّرْفُ لِدَفْعِ الْفَسَادِ وَقَدْ انْعَقَدَ بِلَا فَسَادٍ وَكَلَامُنَا لَيْسَ فِي الْفَسَادِ الطَّارِئِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ بَاعَ عَشَرَةً وَثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَثَوْبٍ وَافْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الدِّرْهَمِ وَلَوْ صَرَفَ الْجِنْسَ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ لَمْ يَبْطُلْ وَلَكِنْ قِيلَ فِي الْعُقُودِ يَحْتَالُ لِلتَّصْحِيحِ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يَحْتَالُ لِلْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ. اهـ.

وَفِي الْإِيضَاحِ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى إبْدَالٍ وَجَبَ قِسْمَةُ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَتَظْهَرُ الْفَائِدَةُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مِمَّا لَا رِبَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَفَاوَتُ فَالْقِسْمَةُ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَفَاوَتُ فَالْقِسْمَةُ عَلَى الْقِيمَةِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ الرِّبَا فَإِنَّمَا تَجِبُ الْقِسْمَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ الْعَقْدُ مِثَالُهُ بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ يَصِحُّ الْعَقْدُ فَإِنَّ الْخَمْسَةَ بِالْخَمْسَةِ وَالْخَمْسَةَ الْأُخْرَى بِالدِّينَارِ وَكَذَا لَوْ قَابَلَ جِنْسَيْنِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ. اهـ.

وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَلِي هَذِهِ وَهِيَ. قَوْلُهُ (وَأَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ) أَيْ صَحَّ بَيْعٌ فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ

ــ

[منحة الخالق]

قَدَّمْنَا فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ عَنْ النَّهْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَلَّامَةُ عَصْرِهِ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ. - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

[بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا]

(قَوْلُهُ: وَالصَّرْفُ لِدَفْعِ الْفَسَادِ) أَيْ صَرْفُ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ

ص: 215

بِمِثْلِهَا وَالدِّينَارُ بِالدِّرْهَمِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ بَعْدَ الَّتِي قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ عُلِمَتْ مِمَّا قَبْلَهَا لِبَيَانِ أَنَّ الصَّرْفَ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ لَا يَتَفَاوَتُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ جُزْءٍ وَاحِدٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

قَوْلُهُ (وَدِرْهَمٍ صَحِيحٍ وَدِرْهَمَيْنِ غَلَّةٍ بِدِرْهَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَدِرْهَمٍ غَلَّةٍ) أَيْ يَصِحُّ بَيْعٌ لِلِاتِّحَادِ فِي الْجِنْسِ فَيُعْتَبَرُ التَّسَاوِي فِي الْقَدْرِ دُونَ الْوَصْفِ وَالْغَلَّةُ هِيَ الدَّرَاهِمُ الْمُقَطَّعَةُ وَقِيلَ مَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَيَأْخُذُهُ التُّجَّارُ لَا تَنَافِيَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُقَطَّعَةُ وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ تَبَايَعَا فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ وَمَعَ أَقَلِّهِمَا شَيْءٌ آخَرُ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ بَاقِي الْفِضَّةِ جَازَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَمَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ لِتَحَقُّقِ الرِّبَا إذْ الزِّيَادَةُ لَا يُقَابِلُهَا عِوَضٌ فَيَكُونُ رِبًا. اهـ.

وَصَرَّحَ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَفِي الْمُحِيطِ إنَّمَا كَرِهَهُ مُحَمَّدٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَأْلَفَهُ النَّاسُ وَيَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَقِيلَ: لِأَنَّهُمَا بَاشَرَا الْحِيلَةَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا كَبَيْعِ الْعَيِّنَةِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اشْتَرَى تُرَابَ الْفِضَّةِ بِفِضَّةٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي التُّرَابِ شَيْءٌ فَظَاهِرٌ وَإِنْ ظَهَرَ فَهُوَ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ مُجَازَفَةً وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِتُرَابِ فِضَّةٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَيْنِ هُمَا الْفِضَّةُ لَا التُّرَابُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِتُرَابِ ذَهَبٍ جَازَ لِعَدَمِ لُزُومِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَلَوْ ظَهَرَ أَنْ لَا شَيْءَ فِي التُّرَابِ لَا يَجُوزُ وَكُلَّمَا جَازَ فَمُشْتَرِي التُّرَابِ بِالْخِيَارِ إذَا رَأَى؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ. اهـ.

قَوْلُهُ (وَدِينَارٍ بِعَشَرَةٍ عَلَيْهِ أَوْ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةً وَدَفَعَ الدِّينَارَ وَتَقَاصَّا الْعَشَرَةَ بِالْعَشَرَةِ) أَيْ صَحَّ بَيْعٌ، أَمَّا إذَا قَابَلَ الدِّينَارَ بِالْعَشَرَةِ الَّتِي عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَلِأَنَّهُ جَعَلَ ثَمَنَهُ دَرَاهِمَ لَا يَجِبُ قَبْضُهَا وَلَا تَعْيِينُهَا بِالْقَبْضِ وَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرِّبَا وَلَا رِبًا فِي دَيْنٍ سَقَطَ وَإِنَّمَا الرِّبَا فِي دَيْنٍ يَقَعُ الْخَطَرُ فِي عَاقِبَتِهِ وَلِذَا لَوْ تَصَارَفَا دَرَاهِمَ دَيْنًا بِدَنَانِيرَ دَيْنًا صَحَّ لِفَوَاتِ الْخَطَرِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةً ثُمَّ تَقَاصَّا فَالْمَذْكُورُ هُنَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِكَوْنِهِ اسْتِبْدَالًا بِبَدَلِ الصَّرْفِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمَا لَمَّا تَقَاصَّا انْفَسَخَ الْأَوَّلُ وَانْعَقَدَ صَرْفٌ آخَرُ مُضَافًا إلَى الدَّيْنِ فَتَثْبُتُ الْإِضَافَةُ اقْتِضَاءً كَمَا لَوْ جَدَّدَ الْبَيْعَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَنَحْنُ نَقُولُ مُوجِبُ الْعَقْدِ عَشَرَةٌ مُطْلَقَةٌ تَصِيرُ مُتَعَيِّنَةً بِالْقَبْضِ وَبِالْإِضَافَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَى الْعَشَرَةِ الدَّيْنِ صَارَتْ كَذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ بِقَبْضٍ سَابِقٍ وَلَا يُبَالِيَ بِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ التَّعْيِينِ بِالْقَبْضِ بِالْمُسَاوَاةِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ لَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ فَسْخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْعَشَرَةِ الدَّيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّ الْفَسْخَ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَصْدُقْ عَلَى الْآخَرِ بِخِلَافِ الْعَشَرَةِ مُطْلَقًا مَعَ هَذِهِ الْعَشَرَةِ لِلصِّدْقِ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ لَيْسَ قَيْدًا فِي الْعَقْدِ بِهَا وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ قَضَاؤُهَا أَصْلًا إذْ لَا وُجُودَ لِلْمُطْلَقِ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَعَلَى هَذَا مَشَوْا أَوْ تَقْرِيرُهُ أَنَّهُمَا لَمَّا غَيَّرَا مُوجِبَ الْعَقْدِ فَقَدْ فَسَخَاهُ إلَى عَقْدٍ آخَرَ اقْتِضَاءً. اهـ.

أَطْلَقَ فِي الْعَشَرَةِ الدَّيْنَ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ عَقْدِ الصَّرْفِ أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَهُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ التَّقَاصُّ بِدَيْنٍ حَادِثٍ بَعْدَهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ التَّقَاصَّ هُوَ الْمُتَضَمِّنُ لِفَسْخِ الْأَوَّلِ وَإِنْشَاءِ صَرْفٍ آخَرَ فَيَكْتَفِي بِالدَّيْنِ عِنْدَ التَّقَاصِّ، بِخِلَافِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ جَعْلُهُ قِصَاصًا بِدَيْنٍ آخَرَ مُطْلَقًا مُتَقَدِّمًا كَانَ أَوْ مُتَأَخِّرًا؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ دَيْنٌ وَلَوْ صَحَّتْ الْمُقَاصَّةُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لَافْتَرَقَا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَلِذَا لَا يَجُوزُ إضَافَتُهُ إلَى الدَّيْنِ ابْتِدَاءً بِأَنْ يُجْعَلَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ بِخِلَافِ الصَّرْفِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا اسْتَقْرَضَ بَائِعُ الدِّينَارِ عَشَرَةً مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَصَبَ مِنْهُ فَقَدْ صَارَ قِصَاصًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّرَاضِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ الْقَبْضُ. اهـ.

وَقَوْلُهُ وَتَقَاصَّا رَاجِعٌ إلَى الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَتَقَعُ الْمُقَاصَصَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا حَدَثَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: أَطْلَقَ فِي الْعَشَرَةِ الدَّيْنَ فَشَمِلَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ أَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُقَيَّدَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَادِثًا بَعْدَ عَقْدِ الصَّرْفِ.

ص: 216

بَعْدَ الصَّرْفِ فَإِنْ كَانَ بِقَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَاصَّا، وَإِنْ حَدَثَ بِالشِّرَاءِ بِأَنْ بَاعَ مُشْتَرِي الدِّينَارِ مِنْ بَائِعِ الدِّينَارِ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ إنْ لَمْ يَجْعَلَاهُ قِصَاصًا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ جَعَلَاهُ قِصَاصًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْ مَسَائِلِ الْمُقَاصَّاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الصَّرْفِ مَا فِي الْمُنْتَقَى لَهُ وَدِيعَةٌ وَلِلْمُودَعِ عَلَى صَاحِبِهَا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ تَصِرْ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ قَبْلَ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ، وَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ لَا تَصِيرُ الْوَدِيعَةُ قِصَاصًا مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى أَهْلِهِ فَيَأْخُذُهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَاجْتَمَعَا عَلَى جَعْلِهَا قِصَاصًا لَا يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ كَالْوَدِيعَةِ سَوَاءٌ وَالدَّيْنَانِ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَتَقَاصَّا، وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَلَّةً وَالْآخَرُ صَحِيحًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إذَا كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ حَتَّى يَتَقَاصَّا وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْوَصْفِ يَمْنَعُ الْمُقَاصَّةَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَمْنَعُ إذَا جَعَلَاهُ قِصَاصًا. اهـ.

وَفِي الصِّحَاحِ تَقَاصَّ الْقَوْمُ إذَا قَاصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِي حِسَابٍ أَوْ غَيْرِهِ. اهـ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَتَقَاصَّا كَأَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِلْمَدْيُونِ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَيْهِ، فَإِذَا تَقَاصَّا تَصِيرُ الدَّرَاهِمُ قِصَاصًا بِمِائَةٍ مِنْ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ وَيَبْقَى لِصَاحِبِ الدَّنَانِيرِ عَلَى صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ مَا بَقِيَ مِنْهَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ مِنْ النَّفَقَاتِ، وَإِذَا طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ النَّفَقَةَ وَكَانَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَقَالَ الزَّوْجُ احْسِبُوا لَهَا نَفَقَتَهَا مِنْهُ كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ عِنْدَ التَّرَاضِي فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ سَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنَّ هُنَاكَ الْمُقَاصَّةُ تَقَعُ مِنْ غَيْرِ التَّرَاضِي وَهُنَا شَرَطَ التَّرَاضِي وَالْفَرْقُ أَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَدْنَى لِمَا ذَكَرْنَا فَلَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ إلَّا بِالتَّرَاضِي، كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ جَيِّدًا وَالْآخَرُ رَدِيئًا بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّرَاضِي. اهـ.

وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ فَوَائِدِ التَّقَاصِّ فِي بَابِ أُمِّ الْوَلَدِ فَارْجِعْ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَغَالِبُ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ) يَعْنِي فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْخَالِصَةِ بِهَا وَلَا بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ إلَّا مُتَسَاوِيًا وَزْنًا وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِقْرَاضُ بِهَا إلَّا وَزْنًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْلُوَانِ عَنْ قَلِيلِ غِشٍّ إذْ هُمَا لَا يَنْطَبِعَانِ عَادَةً بِدُونِهِ وَقَدْ يَكُونُ خِلْقِيًّا فَيَعْسُرُ التَّمْيِيزُ فَصَارَ كَالرَّدِيءِ وَهُوَ وَالْجَيِّدُ سَوَاءٌ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ فَيُجْعَلُ الْغِشُّ مَعْدُومًا فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ أَصْلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَبَ الْغِشُّ فَإِنَّ لِلْمَغْلُوبِ اعْتِبَارًا كَمَا سَيَأْتِي. اهـ.

(قَوْلُهُ وَغَالِبُ الْغِشِّ لَيْسَ فِي حُكْمِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا) أَيْ وَزْنًا وَعَدَدًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ فَلَا يَضُرُّ التَّفَاضُلُ لِجَعْلِ الْغِشِّ مُقَابَلًا بِالْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ الَّذِي فِي الْآخَرِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِي الْبَعْضِ لِوُجُودِ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْغِشِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ إلَّا بِضَرَرٍ، وَكَذَا إذَا بِيعَتْ بِالْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ أَوْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ الَّذِي فِي الْمَغْشُوشِ حَتَّى يَكُونَ قَدْرُهُ بِمِثْلِهِ وَالزَّائِدُ بِالْغِشِّ عَلَى مِثَالِ بَيْعِ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ فَاعْتُبِرَ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ الْمَغْلُوبُ بِالْمَغْشُوشِ بِالْغَالِبِ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِبَارِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْغِشُّ الْمَغْلُوبُ بِهِمَا فَجُعِلَ كَأَنَّهُ كُلَّهُ فِضَّةٌ أَوْ ذَهَبٌ وَمُنِعَ بَيْعُهُ مُتَفَاضِلًا.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ الْمَغْلُوبَ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً حَالًّا بِالْوَزْنِ وَمَآلًا بِالْإِذَابَةِ لِكَوْنِهِمَا يَخْلُصَانِ مِنْهُ بِالْإِذَابَةِ فَكَانَا مَوْجُودَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا حَتَّى يُعْتَبَرَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْغِشِّ الْمَغْلُوبِ لِأَنَّهُ يَحْتَرِقُ وَيَهْلِكُ وَلَا لَوْنَ حَتَّى لَوْ عَرَفَ أَنَّ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ الَّذِي فِي الْغِشِّ الْغَالِبِ يَحْتَرِقُ وَيَهْلِكُ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ النُّحَاسِ الْخَالِصِ فَلَا يُعْتَبَرَانِ أَصْلًا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا إنْ كَانَ مَوْزُونًا لِلرِّبَا وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَشَايِخِنَا يَعْنِي مَشَايِخَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ مِنْ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ لَمْ يُفْتُوا بِجَوَازِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ إلَّا بِضَرَرٍ) أَيْ اشْتِرَاطُ قَبْضِ الْغِشِّ لَيْسَ لِذَاتِهِ بَلْ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا، لَا يُقَالُ إنَّ النُّحَاسَ الَّذِي هُوَ الْغِشُّ مَوْزُونٌ أَيْضًا فَقَدْ وُجِدَ الْقَدْرُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ لِذَاتِهِ لَا لِضَرَرِ تَخَلُّصِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَزْنُ الدَّرَاهِمِ غَيْرُ وَزْنِ النُّحَاسِ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يَجْمَعْهُمَا قَدْرٌ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ الْقُطْنِ وَالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُوزَنُ إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَقْبُوضًا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَصِحَّ فِيهَا السَّلَمُ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْفِضَّةَ الْمَغْلُوبَةَ أَوْ الذَّهَبَ الْمَغْلُوبَ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً مِنْ حَيْثُ اللَّوْنِ وَمَآلًا بِالْإِذَابَةِ فَإِنَّ

ص: 217

ذَلِكَ أَيْ بِبَيْعِهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا فِي الْعَدَالِي وَالْغَطَارِفَةِ مَعَ أَنَّ الْغِشَّ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَعَزُّ الْأَمْوَالِ فِي دِيَارِنَا فَلَوْ أُبِيحَ التَّفَاضُلُ فِيهَا يَنْفَتِحُ بَابُ الرِّبَا الصَّرِيحِ فَإِنَّ النَّاسَ حِينَئِذٍ يَعْتَادُونَ فِي الْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ فَيَتَدَرَّجُونَ ذَلِكَ فِي النُّقُودِ الْخَالِصَةِ وَالْغَطَارِفَةُ دَرَاهِمُ مَنْسُوبَةٌ إلَى غِطْرِيفٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا الْيَاءُ وَآخِرُهَا الْفَاءُ ابْنُ عَطَاءٍ الْكِنْدِيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ أَيَّامَ الرَّشِيدِ وَقِيلَ هُوَ خَالُ الرَّشِيدِ وَالْعَدَالِي بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِاللَّامِ الْمَكْسُورَةِ وَهِيَ الدَّرَاهِمُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الْعَدَالِ وَكَأَنَّهُ اسْمُ مَلِكٍ نُسِبَ إلَيْهِ دِرْهَمٌ فِيهِ غِشٌّ، كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَالْغِشُّ بِمَعْنَى الْمَغْشُوشِ وَهُوَ غَيْرُ الْخَالِصِ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّبَايُعُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِمَا يَرُوجُ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا أَوْ بِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ الْعَادَةُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِغَلَبَةِ الْغِشِّ كَالْفُلُوسِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَادَةُ كَالْفُلُوسِ فَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ بِالْوَزْنِ فَبِهِ وَبِالْعَدِّ فَبِهِ وَبِهِمَا فَبِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ (وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِكَوْنِهَا أَثْمَانًا) يَعْنِي مَا دَامَتْ تَرُوجُ؛ لِأَنَّهَا بِالِاصْطِلَاحِ صَارَتْ أَثْمَانًا فَمَا دَامَ ذَلِكَ الِاصْطِلَاحُ مَوْجُودًا لَا تَبْطُلُ الثَّمَنِيَّةُ لِقِيَامِ الْمُقْتَضَى. قَوْلُهُ (وَتَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ إنْ كَانَتْ لَا تَرُوجُ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضَى لِلثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ الِاصْطِلَاحُ وَهَذَا لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ سِلْعَةٌ وَإِنَّمَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِالِاصْطِلَاحِ فَإِذَا تَرَكُوا الْمُعَامَلَةَ بِهَا رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُهَا الْبَعْضُ فَهِيَ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا بَلْ بِجِنْسِهَا إنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ بِحَالِهَا وَبَاعَهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا دَرَاهِمُ جِيَادٌ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالْجِيَادِ لِوُجُودِ الرِّضَا بِهَا فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ فِي الثَّانِي وَأَشَارَ بِالتَّعْيِينِ عِنْدَ عَدَمِ رَوَاجِهَا وَبِعَدَمِهِ عِنْدَ رَوَاجِهَا إلَى أَنَّهَا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ إنْ كَانَتْ رَائِجَةً وَيَبْطُلُ إنْ لَمْ تَكُنْ وَأَطْلَقَ فِي تَعْيِينِهَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَا يَعْلَمَانِ بِحَالِهَا وَيَعْلَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ فَإِنْ كَانَا لَا يَعْلَمَانِ أَوْ لَا يَعْلَمُ أَحَدُهُمَا أَوْ يَعْلَمَانِ وَلَا يَعْلَمُ كُلٌّ أَنَّ الْآخَرَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَتَعَلَّقُ بِالدَّرَاهِمِ الرَّائِجَةِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لَا بِالْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي لَا تَرُوجُ وَإِنْ كَانَ يَقْبَلُهَا الْبَعْضُ وَيَرُدُّهَا الْبَعْضُ فَهِيَ فِي حُكْمِ الزُّيُوفِ وَالنَّبَهْرَجَةِ فَيَتَعَلَّقُ الْبَيْعُ بِجِنْسِهَا لَا بِعَيْنِهَا كَمَا هُوَ فِي الْمُرَابَحَةِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ خَاصَّةً ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ وَأَدْرَجَ نَفْسَهُ فِي الْبَعْضِ الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ عَلَى الْأُرُوجِ فَإِنْ اسْتَوَتْ فِي الرَّوَاجِ جَرَى التَّفْصِيلُ الَّذِي أَسْلَفْنَاهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُتَسَاوِي كَغَالِبِ الْفِضَّةِ فِي التَّبَايُعِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَفِي الصَّرْفِ كَغَالِبِ الْغِشِّ) يَعْنِي فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهَا وَلَا إقْرَاضُهَا إلَّا بِالْوَزْنِ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ لِأَنَّ الْفِضَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا حَقِيقَةً وَلَمْ تَصِرْ مَغْلُوبَةً فَيَجِبُ الِاعْتِبَارُ بِالْوَزْنِ شَرْعًا، وَإِذَا أَشَارَ إلَيْهَا فِي الْمُبَايَعَةِ كَانَ بَيَانًا لِقَدْرِهَا وَوَضْعِهَا وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَيُعْطِيه مِثْلَهَا لِكَوْنِهَا ثَمَنًا لَمْ تَتَعَيَّنْ، وَأَمَّا فِي الصَّرْفِ فَيَجِبُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ وَلَوْ بَاعَهَا بِالْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ الْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا غَلَبَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُمَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ إنْ كَانَ نِصْفُهَا صُفْرًا وَنِصْفُهَا فِضَّةً لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فِيمَا إذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ هُنَا وَوَجْهُهُ أَنَّ فِضَّتَهَا لَمَّا لَمْ تَصِرْ مَغْلُوبَةً جُعِلَتْ كَأَنَّ كُلَّهَا فِضَّةٌ فِي حَقِّ الصَّرْفِ احْتِيَاطًا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا أَوْ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ شَيْئًا وَكَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ) أَيْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي غَلَبَ عَلَيْهَا الْغِشُّ أَوْ بِالْفُلُوسِ وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَافِقًا حَتَّى جَازَ الْبَيْعُ لِقِيَامِ الِاصْطِلَاحِ عَلَى الثَّمَنِيَّةَ وَلِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الْإِشَارَةِ لِالْتِحَاقِهَا بِالثَّمَنِ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالِانْقِطَاعُ

ــ

[منحة الخالق]

الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ يَخْلُصَانِ مِنْهُ بِالْإِذَابَةِ فَكَانَا مَوْجُودِينَ حَقِيقَةً وَحُكْمًا حَتَّى يُعْتَبَرَ مَا فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ مِنْ النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ أَيْضًا بِخِلَافِ الْغِشِّ الْمَغْلُوبِ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَرِقُ وَيَهْلِكُ وَلَا لَوْنَ لَهُ فِي الْحَالِ أَيْضًا إلَخْ وَهُوَ أَفْهَمُ لِلْمَقْصُودِ مِمَّا هُنَا

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا أَوْ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ شَيْئًا وَكَسَدَ بَطَلَ الْبَيْعُ) أَيْ انْفَسَخَ إنْ فَسَخَهُ مَنْ لَهُ الدَّرَاهِمُ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَةٍ وَتَأَمَّلْهُ مَعَ التَّعْلِيلِ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْآتِي. اهـ.

قُلْتُ: وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّمَا بَطَلَ الْعَقْدُ إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي إبْطَالَهُ فَسْخًا؛ لِأَنَّ كَسَادَهَا بِمَنْزِلَةِ عَيْبٍ فِيهَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَالِانْقِطَاعُ

ص: 218

عَنْ أَيْدِي النَّاسِ كَالْكَسَادِ وَحُكْمُ الدَّرَاهِمِ كَذَلِكَ، فَإِنْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ كَسَدَتْ أَوْ انْقَطَعَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ هَالِكًا وَكَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْبَيْعِ أَصْلًا وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَا: لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَذِّرَ إنَّمَا هُوَ التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْكَسَادِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ لِاحْتِمَالِ الزَّوَالِ بِالرَّوَاجِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِالرُّطَبِ ثُمَّ انْقَطَعَ، وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ لَكِنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَوْمَ الْبَيْعِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الْكَسَادِ وَهُوَ آخِرُ مَا يَتَعَامَلُ النَّاسُ بِهَا، وَفِي الذَّخِيرَةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الْمُحِيطِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْحَقَائِقِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يُفْتَى رِفْقًا بِالنَّاسِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الثَّمَنِيَّةَ بِالِاصْطِلَاحِ فَتَبْطُلُ لِزَوَالِ الْمُوجِبِ فَيَبْقَى الْبَيْعُ بِلَا ثَمَنٍ وَالْعَقْدُ بِمَا تَنَاوَلَ عَيْنَهَا بِصِفَةِ الثَّمَنِيَّةَ، وَقَدْ انْعَدَمَتْ بِخِلَافِ انْقِطَاعِ الرُّطَبِ فَإِنَّهُ يَعُودُ غَالِبًا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ بِخِلَافِ النُّحَاسِ فَإِنَّهُ بِالْكَسَادِ رَجَعَ إلَى أَصْلِهِ فَكَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ الْعَوْدِ.

وَالْكَسَادُ لُغَةً كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ مِنْ كَسَدَ الشَّيْءُ يَكْسُدُ مِنْ بَابِ فَتَلَ لَمْ يُنْفَقْ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فَهُوَ كَاسِدٌ وَكَسَدَ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَكْسَدَهُ اللَّهُ وَكَسَدَتْ السُّوقُ فَهِيَ كَاسِدٌ بِغَيْرِ هَاءٍ فِي الصِّحَاحِ وَبِالْهَاءِ فِي التَّهْذِيبِ وَيُقَالُ أَصْلُ الْكَسَادِ الْفَسَادُ. اهـ.

وَفِقْهًا أَنْ يَتْرُكَ الْمُعَامَلَةَ بِهَا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لَا يَبْطُلُ لَكِنَّهُ تُعَيَّبُ إذَا لَمْ تَرُجْ فِي بَلَدِهِمْ فَتَخَيَّرَ الْبَائِعُ إذَا شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَحْدًا لِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فِي يَدِ الصَّيَارِفَةِ وَفِي الْبُيُوتِ هَكَذَا فِي الرِّوَايَةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا ذَكَرَ لِلْكَسَادِ ذَكَرَهُ فِي الْعُيُونِ وَقَالُوا: إنَّهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَفِيَ الْبَيْعُ بِالْكَسَادِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي بَيْعِ الْفَلْسِ بِالْفَلْسَيْنِ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ اعْتِبَارًا لِاصْطِلَاحِ بَعْضِ النَّاسِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارًا لِاصْطِلَاحِ الْكُلِّ فَالْكَاسِدُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ فِي الِانْقِطَاعِ وَالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ إذَا كَسَدَتْ كَذَلِكَ. اهـ.

قَيَّدَ بِالْكَسَادِ وَمِثْلُهُ الِانْقِطَاعُ لِأَنَّهَا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ وَعَكْسُهُ لَوْ غَلَتْ قِيمَتُهَا وَازْدَادَتْ فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَيُطَالِبُ بِأَلْفٍ بِذَلِكَ الْمِعْيَارِ الَّذِي كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمِصْبَاحِ نَفَقَتْ الدَّرَاهِمُ نَفْقًا مِنْ بَابِ تَعَبَ نُقِدَتْ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَنْفَقْتهَا قَيَّدْنَا بِكَوْنِهَا لَمْ تُقْبَضْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَوْ قَبَضَهَا ثُمَّ كَسَدَتْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُحِيطِ دَلَّالٌ بَاعَ مَتَاعَ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَاسْتَوْفَاهَا فَكَسَدَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ لَهُ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى غَلَتْ الْفُلُوسُ الْقَرْضُ أَوْ رَخُصَتْ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي أَوَّلًا لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا، وَقَالَ الثَّانِي ثَانِيًا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ بِالْعَزْوِ إلَى الْمُنْتَقَى وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ يَلْزَمُهُ الْمِثْلُ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ قَالَ: وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ وَلَكِنْ صَوَّرَهَا بِمَا إذَا بَاعَ مِائَةَ فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ وَقَوْلُهُمْ عَنْ الْمُنْتَقَى يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ لَعَلَّهُ بِالتَّوْزِيعِ فَقَوْلُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ عَائِدٌ إلَى الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ عَائِدٌ إلَى الْقَرْضِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ وَالدَّيْنِ عَلَى هَذَا وَفِي النِّكَاحِ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَ نَقَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ دُونَ بَعْضٍ فَسَدَ فِي الْبَاقِي.

ــ

[منحة الخالق]

عَنْ أَيْدِي النَّاسِ كَالْكَسَادِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَلْحَقَ هَذَا الشَّارِحُ الِانْقِطَاعَ بِالْكَسَادِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ قَالَ فَإِنْ انْقَطَعَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ يَوْمٍ انْقَطَعَ هُوَ الْمُخْتَارُ فِي الذَّخِيرَةِ الِانْقِطَاعُ كَالْكَسَادِ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ وَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ فِي يَدِ الصَّيَارِفَةِ فَلَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ.

ذَكَرَهُ الْغَزِّيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الدَّرَاهِمِ كَذَلِكَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُرِيدُ بِهِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهَا الْغِشُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِغَالِبِ الْغِشِّ وَلَا بِالْفُلُوسِ فَالتَّنْصِيصُ عَلَيْهِمَا دُونَ الدَّرَاهِمِ الْجَيِّدَةِ لِغَلَبَةِ الْكَسَادِ فِيهِمَا دُونَهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَالُوا إنَّهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَاعْتَرَضَهُمْ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ مُحَمَّدًا لَا يَقُولُ بِأَنَّ الْكَسَادَ يُوجِبُ الْفَسَادَ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ أَقُولُ: وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ لَا يَقُولُ بِهِ أَيْضًا كَمَا قَدْ عَلِمْت فَكَيْفَ يَكْتَفِي لِلْفَسَادِ بِالْكَسَادِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ التَّأَمُّلِ أَنَّ مِمَّا يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فِي الْجَوَابِ أَنَّ مَا فِي الْعُيُونِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْأَسْرَارِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ أَنَّ الْفَسَادَ بِالْكَسَادِ فِي الْفُلُوسِ قَوْلُ الْكُلِّ وَأَنَّ الْخِلَافَ الْأَوَّلَ مَقْصُورٌ عَلَى الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ وَسَوَّى الْقُدُورِيُّ بَيْنَ الْكُلِّ وَهُوَ الْوَجْهُ إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ وَلَمْ أَرَ مَنْ أَفْصَحَ عَنْ هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ وَالدَّيْنِ عَلَى هَذَا إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

ص: 219