المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[يبرأ الكفيل بأداء الأصيل] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٦

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ]

- ‌[تَعْلِيقُ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ]

- ‌خِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ)

- ‌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَ الْمَبِيعَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ

- ‌ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ

- ‌[أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ]

- ‌[شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ]

- ‌ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ]

- ‌[اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا]

- ‌(بَابٌ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ)

- ‌[يَبْطُلُ خِيَار الرُّؤْيَة بِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ]

- ‌ عَقْدُ الْأَعْمَى) أَيْ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ

- ‌[لَا يُورَثُ خِيَار الرُّؤْيَة كَخِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌(بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ)

- ‌ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا

- ‌[مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ]

- ‌[السَّرِقَةُ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ]

- ‌ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌ اشْتَرَى بَيْضًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ جَوْزًا فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ

- ‌ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبِ بِقَضَاءٍ

- ‌[قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَادَّعَى عَيْبًا]

- ‌[اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا]

- ‌(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌(بَابُ الْإِقَالَةِ)

- ‌[شَرَائِطُ صِحَّة الْإِقَالَة]

- ‌[صِفَة الْإِقَالَة]

- ‌[حُكْمُ الْإِقَالَة]

- ‌[رُكْنُ الْإِقَالَة]

- ‌[مَنْ يَمْلِكُ الْإِقَالَة وَمَنْ لَا يَمْلِكُهَا]

- ‌[إقَالَةُ الْإِقَالَةِ]

- ‌(بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ)

- ‌[شَرْطُ الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌[عِلَّةُ الرِّبَا]

- ‌ بَيْعُ الْمَكِيلِ كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ، وَالْمَوْزُونِ كَالنَّقْدَيْنِ

- ‌ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌ بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ)

- ‌(بَابُ الْحُقُوقِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الْمَذْرُوعَاتِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ الْمُنْقَطِعِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي السَّمَكِ]

- ‌[السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ]

- ‌[أَقَلُّ أَجَلِ السِّلْم]

- ‌ أَسْلَمَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَمِائَةً نَقْدًا

- ‌[اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُرًّا وَأَمَرَ رَبُّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ قَضَاءً]

- ‌[أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ وَقُبِضَتْ الْأَمَةُ فَتَقَايَلَا وَمَاتَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِقَالَةِ]

- ‌ السَّلَمُ وَالِاسْتِصْنَاعُ فِي نَحْوِ خُفٍّ وَطَسْتٍ)

- ‌[بَابُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْبَيْع]

- ‌(فُرُوعٌ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَائِبِ

- ‌(كِتَابُ الصَّرْفِ)

- ‌ التَّصَرُّفُ فِي ثَمَنِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ

- ‌ بَاعَ أَمَةً مَعَ طَوْقٍ قِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ وَنَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا

- ‌[بَاعَ سَيْفًا حِلْيَتُهُ خَمْسُونَ بِمِائَةٍ وَنَقَدَ خَمْسِينَ]

- ‌ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا

- ‌ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِرْهَمٍ وَدِينَارَيْنِ وَكُرِّ بُرٍّ وَشَعِيرٍ بِضَعْفِهِمَا)

- ‌ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَالَةِ)

- ‌[أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا فَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ نِصْفَ دِرْهَمِ فُلُوسٍ وَنِصْفًا إلَّا حَبَّةً]

- ‌[تَبْطُلُ الْكَفَالَة بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ لَا الطَّالِبِ]

- ‌ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ)

- ‌ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ

- ‌[الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ]

- ‌ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ عَلَى أَلْفٍ

- ‌ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

- ‌لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ)

- ‌[يَبْرَأ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ]

- ‌ صَالَحَ الْأَصِيلُ أَوْ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى نِصْفِ الدَّيْنِ

- ‌ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ)

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِحَمْلِ دَابَّةٍ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْعُهْدَةِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ بِالْخَلَاصِ]

- ‌[الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ]

- ‌[كَفَالَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ]

- ‌(بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ)

- ‌(كِتَابُ الْحَوَالَةِ)

- ‌ أَحَالَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَدِيعَةً

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌ أَهْلُ الْقَضَاءِ

- ‌[تَقْلِيد الْفَاسِقُ الْقَضَاءِ]

- ‌[كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا فَفَسَقَ]

- ‌[أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ]

- ‌الْفَاسِقُ يَصْلُحُ مُفْتِيًا

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُفْتِي أَنْ يُغَلِّظَ لِلزَّجْرِ مُتَأَوِّلًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُفْتِي]

- ‌[فَصْلٌ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لِلْإِفْتَاءِ]

- ‌ طَلَبَ الْقَضَاءَ

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي إذَا تَقَلَّدَ الْقَضَاء]

- ‌[تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ وَمِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

الفصل: ‌[يبرأ الكفيل بأداء الأصيل]

وَالْكَفِيلُ عُومِلَ بِإِقْرَارِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَخَرَجَ عَنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مَا إذَا تَكَفَّلَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ لِكَوْنِهَا صَارَتْ مَجَازًا عَنْ الْحَوَالَةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَاعَ الْمَدْيُونُ بَيْعَ وَفَاءٍ بَرِئَ كَفِيلُهُ فَلَوْ تَفَاسَخَا لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ اهـ.

وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إذَا عَادَ إلَى الْأَصِيلِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ لَا يَعُودُ عَلَى الْكَفِيلِ، وَسَيَأْتِي عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة بَيَانُهُ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَصِيلِ الْبَرَاءَةَ فَإِنْ رَدَّهَا ارْتَدَّتْ وَهَلْ يَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ وَمَوْتُ الْأَصِيلِ كَقَبُولِهِ وَإِنَّمَا قَالَ أَوْ أَخَّرَ عَنْهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ الْأَصِيلِ لَا بِتَأْخِيرِ الطَّالِبِ كَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا لَزِمَهُ شَيْءٌ بَعْدَ عِتْقِهِ فَكَفَلَ بِهِ إنْسَانٌ فَإِنَّ الْأَصِيلَ تَتَأَخَّرُ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ إلَى إعْتَاقِهِ وَيُطَالَبُ كَفِيلُهُ لِلْحَالِّ وَمِنْهُ الْمُكَاتَبُ إذَا صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ وَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ ثُمَّ عَجَزَ تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ الْأَصِيلِ دُونَ الْكَفِيلِ وَالْمَسْأَلَتَانِ، فِي الْخَانِيَّةِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْأَصِيلَ إنَّمَا تَأَخَّرَتْ عَنْهُ لِإِعْسَارِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْأَصِيلَ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا لَيْسَ لِلطَّالِبِ مُطَالَبَتُهُ وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ لَوْ مُوسِرًا، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ أَجَّلَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ فَلَمْ يَقْبَلْ صَارَ حَالًّا عَلَيْهِمَا وَلَوْ أَجَّلَهُ شَهْرًا ثُمَّ سَنَةً دَخَلَ الشَّهْرُ فِي السَّنَةِ وَالْآجَالُ إذَا اجْتَمَعَتْ انْقَضَتْ بِمَرَّةٍ. اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ إبْرَاءَ الْأَصِيلِ وَتَأْجِيلَهُ يَرْتَدَّانِ بِالرَّدِّ وَإِبْرَاءَ الْكَفِيلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَأَمَّا تَأْجِيلُهُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. اهـ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَنْعَكِسُ) أَيْ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ وَلَا التَّأْخِيرُ عَنْهُ يُوجِبُ التَّأْخِيرَ عَنْ الْأَصِيلِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ. وَبَقَاءُ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ بِدُونِهِ جَائِزٌ قَيَّدَ بِالتَّأْخِيرِ أَيْ التَّأْجِيلِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا الدَّيْنَ حَالَ وُجُودِ الْكَفَالَةِ فَصَارَ الْأَجَلُ دَاخِلًا فِيهِ، أَمَّا هَاهُنَا بِخِلَافِهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَطْلَقَهُ فِي بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ فَشَمِلَ مَا إذَا قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَشَارَ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى عَدَمِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ إذَا أَبْرَأَهُ الطَّالِبُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَهُ الدَّيْنَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْكَفِيلِ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَوْ كَانَ الْإِبْرَاءُ وَالْهِبَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَبِلَ الْوَارِثُ صَحَّ فَإِنْ رَدَّ وَرَثَتُهُ ارْتَدَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبَطَلَ الْإِبْرَاءُ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ لَهُمْ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ مَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ أَحَالَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى رَجُلٍ فَقَبِلَ الطَّالِبُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَالْأَصِيلُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ حَصَلَتْ بِأَصْلِ الدَّيْنِ وَالدَّيْنُ أَصْلُهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَتَضَمَّنَتْ الْحَوَالَةُ بَرَاءَتَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَطَ الطَّالِبُ وَقْتَ الْحَوَالَةِ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ خَاصَّةً بَرِئَ الْكَفِيلُ وَلَا يَبْرَأُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ بِدَيْنِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ إنْ شَاءَ الْأَصِيلَ وَإِنْ شَاءَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى يَتْوَى الْمَالُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. اهـ.

وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إذَا مَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَبَقِيَ الْمَالُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ

ــ

[منحة الخالق]

أَفْتَى بِهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

[يَبْرَأ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ تَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. اهـ.

قُلْتُ: وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَنْعَكِسُ مَا يُخَالِفُهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَصِيلِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْمَالَ مِنْ الْمَطْلُوبِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَمَاتَ قَبْلَ الرَّدِّ فَهُوَ بَرِيءٌ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَدَّ الْهِبَةَ فَرَدُّهُ صَحِيحٌ وَالْمَالُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ رَدَّ الْإِبْرَاءَ هَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ لَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَبْرَأُ فَهَذَا الْقَائِلُ سَوَّى بَيْنَ الْهِبَةِ وَبَيْنَ الْإِبْرَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ اهـ.

فَقَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ وَهَلْ يَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ أَيْ بَعْدَ رَدِّ الْأَصِيلِ الْبَرَاءَةَ. (قَوْلُهُ: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ أَجَّلَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ تَأْيِيدٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَرْدُودِ أَنَّ الدَّيْنَ يَعُودُ عَلَى الْكَفِيلِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ وَإِبْرَاءُ الْكَفِيلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَخْ) ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْفَتْحِ وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَبَطَلَ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ نَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ الْهِدَايَةِ أَيْضًا ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ لِلْكَفِيلِ أَخْرَجْتُك عَنْ الْكَفَالَةِ فَقَالَ الْكَفِيلُ لَا أَخْرُجُ لَمْ يَصِرْ خَارِجًا قَالَ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ فَثَبَتَ أَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ أَيْضًا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ.

أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَخْرَجْتُك لَيْسَ إبْرَاءً بَلْ هُوَ فِي مَعْنَى الْإِقَالَةِ لِعَقْدِ الْكَفَالَةِ وَالْإِقَالَةُ تَتِمُّ بِالْمُتَعَاقِدِينَ فَحَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهَا الْكَفِيلُ بَطَلَتْ فَتَبْقَى الْكَفَالَةُ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ فَإِنَّهُ مَحْضُ إسْقَاطٍ فَيَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا مَعْنَى لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِبْرَاءِ بِمَعْنَى الْإِسْقَاطِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ إنَّمَا بَرِئَ

ص: 246

أَمْرِهِ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الطَّالِبُ صَارَ ذَلِكَ الْمَالُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، وَلَوْ مَلَكَ الْكَفِيلُ الْمَالَ فِي حَيَاةِ الطَّالِبِ بِالْقَضَاءِ أَوْ الْهِبَةِ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا رُجُوعَ. اهـ.

فَفِيمَا إذَا مَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ وَكَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَزِمَ مِنْ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ لَوْ كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْقَرْضِ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِذَا كَفَلَ بِالْقَرْضِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ وَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالٌ وَعَزَاهُ إلَى الذَّخِيرَةِ ثُمَّ عَزَا إلَى الْغِيَاثِيَّةِ لَوْ كَفَلَ بِالْقَرْضِ فَأَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ جَازَ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَصِيلِ وَيُخَالِفُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلْقَرْضِ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الْقُرُوضِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي التَّأْجِيلِ وَلِلطَّرَسُوسِيِّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ كَلَامٌ فِيهِ فَرَاجِعْهُ وَفِيهَا وَلَوْ كَفَلَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ بَاعَهُ الْكَفِيلُ شَيْئًا بِالدَّيْنِ قَبْلَ حُلُولِهِ سَقَطَ، وَلَوْ أَقَالَ الْبَيْعَ أَوْ رَدَّ بِالتَّرَاضِي عَادَ الدَّيْنُ وَلَمْ يَعُدْ الْأَجَلُ وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْحَوَالَةُ بِالتَّوَى عَادَ الْأَجَلُ.

وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْأَصِيلُ الطَّالِبَ بِدَيْنِهِ سَقَطَ فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ عَادَ الدَّيْنُ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَمْ يَعُدْ عَلَى الْكَفِيلِ وَبِالْفَسْخِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَعُودُ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَوْ كَانَ الْأَجَلُ لِأَحَدِ الْكَفِيلَيْنِ أَكْثَرَ فَحَلَّ عَلَى الْآخَرِ وَأَدَّى رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ حَتَّى يَحِلَّ عَلَى الْآخَرِ أَوْ يَرْجِعَ الْآخَرُ بِنِصْفِهِ ثُمَّ يَتَّبِعَانِ الْأَصِيلَ بِالنِّصْفِ. اهـ.

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَأْجِيلُ الْكَفِيلِ تَأْجِيلًا لِلْأَصِيلِ، فَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَكَذَا إذَا حَلَّ عَلَى الْكَفِيلِ بِمَوْتِهِ لَا يَحِلُّ عَلَى الْأَصِيلِ وَكَذَا إذَا حَلَّ عَلَى الْأَصِيلِ بِمَوْتِهِ لَا يَحِلُّ عَلَى الْكَفِيلِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ عَلَى رَجُلَيْنِ أَلْفٌ مُؤَجَّلٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أُخِذَ مَا عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ، وَأَمَّا مَا عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ يَبْقَى مُؤَجَّلًا هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

ــ

[منحة الخالق]

الْكَفِيلُ لِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ وَسَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ مَا يُرْشِدُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَعَزَاهُ إلَى الذَّخِيرَةِ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِذَا كَفَلَ بِالْقَرْضِ مُؤَجَّلًا إلَى قَوْلِهِ جَائِزَةً فَقَدْ رَمَزَ لِلْمُحِيطِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَفَلَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى قَوْلِهِ. اهـ.

هَذَا ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى الْغِيَاثِيَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَنَبَّهْ قَالَهُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ إلَخْ) نَقَلَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ تَفْصِيلًا فَقَالَ: وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةً مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَكَفَلَ بِهَا رَجُلٌ إلَى سَنَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَضَافَ الْكَفِيلُ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ أَجِّلْنِي ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ، وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ بَلْ ذَكَرَ مُطْلَقًا وَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ جَمِيعًا. اهـ. فَتَأَمَّلْ لَعَلَّك تَحْظَى بِالتَّوْفِيقِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلطَّرَسُوسِيِّ كَلَامٌ إلَخْ) حَيْثُ نَقَلَ أَوَّلًا عَنْ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ لِلْقُدُورِيِّ وَعَنْ الْمُحِيطِ وَخِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَشَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَغَيْرِهَا مِثْلَ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ قَالَ فَتَحَرَّرَ لَنَا مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْقَرْضِ إلَى أَجَلٍ تَصِحُّ وَتَكُونُ مُؤَجَّلَةً عَلَى الْكَفِيلِ وَحْدَهُ وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ كَمَا كَانَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى مَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّحْرِيرِ إذَا كَفَلَ بِالْقَرْضِ إلَى أَجَلٍ يَتَأَجَّلُ عَلَى الْأَصِيلِ وَهَذِهِ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ فَإِنَّ كُلَّ الْكُتُبِ تَرُدُّ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَحَدٌ غَيْرُهُ، وَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ يُفْتَى بِمَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ وَحْدَهُ أَوْ بِمَا قَالَهُ الْقُدُورِيُّ وَكُلُّ الْأَصْحَابِ فَلَا يُفْتَى إلَّا بِمَا قَالَهُ الْقُدُورِيُّ وَبَقِيَّةُ الْأَصْحَابِ وَلَا يُفْتَى بِمَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ وَكَانَ بَعْضُ الْقُضَاةِ يَحْكُمُ بِمَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْحَصِيرِيَّ ذَكَرَهُ وَإِنَّمَا يَقُولُ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ هُوَ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ وَهُوَ خَطَأٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَبِالْفَسْخِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَعُودُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدَّمَ فِي الْإِقَالَةِ عَنْ الصُّغْرَى وَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ كَانَ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَعُودُ الْأَجَلُ كَمَا كَانَ وَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ كَفِيلٌ لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ. اهـ.

فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا فَتَأَمَّلْ وَأَقُولُ: أَعْقَبَ هَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِنُقُولٍ مُخَالِفَةٍ لِهَذَا فَنَقَلَ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ سَوَاءٌ كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِرِضًا وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الشَّرْحِ عَنْهُ نَقَلَهُ عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَنَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ السِّغْنَاقِيِّ عَنْ الْمَبْسُوطِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الرَّدِّ بِالْقَضَاءِ فَيَعُودُ عَلَى الْكَفِيلِ وَبَيْنَ الرَّدِّ بِالرِّضَا فَلَا يَعُودُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا بَيْنَهُمْ تَنَبَّهْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ يَبْقَى مُؤَجَّلًا هُوَ الصَّحِيحُ) قَالَ الْغَزِّيِّ هَذَا التَّصْحِيحُ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا أَنَّ الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ مَا عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ حَالًّا أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ عَلَى الْأَصِيلِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْبَرِّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمَكْفُولُ مُؤَجَّلًا فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ وَيُؤْخَذُ

ص: 247