المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل فيما يدخله التأويل] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٥

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ]

- ‌[الْمُطْلَقَ قِسْمَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْخِطَابِ مُطْلَقًا فِي مَوْضِعٍ وَمُقَيَّدًا فِي مَوْضِعٍ]

- ‌[حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا اخْتَلَفَا فِي السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ]

- ‌[شُرُوطُ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُطْلَقُ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ]

- ‌[خَاتِمَةٌ الْمُقَيَّدَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُطْلَقِ]

- ‌[الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الظَّاهِرُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الظَّاهِرُ قِسْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَدْخُلُهُ التَّأْوِيلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ التَّأْوِيلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنَّمَا الصَّدَقَاتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَأْوِيلُ الْحَنَابِلَةِ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فَاقْدُرُوا لَهُ عَلَى الضِّيقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَأَوَّلَ حَدِيثَ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُصُولِ خَاصَّةً]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُجْمَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُجْمَلُ وَاقِعٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ الْمُجْمَلِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حَمْلُ الْمُجْمَلِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ الْمُتَنَافِيَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَالُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ الْإِفْرَادِ أَوْ التَّرْكِيبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَرْفُ النَّفْيِ قَدْ يَدْخُلُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُقَدَّرُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَفْظَ الشَّارِعِ إذَا دَارَ بَيْنَ مَدْلُولَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الَّذِي لَهُ مُسَمًّى شَرْعِيٌّ هَلْ هُوَ مُجْمَلٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَا لَهُ مُسَمًّى عُرْفِيٌّ وَشَرْعِيٌّ عَلَامَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَرَدَّدَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْمُسَمَّى الْعُرْفِيِّ وَاللُّغَوِيِّ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ]

- ‌[الْبَيَانُ وَالْمُبَيَّنُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْبَيَانِ لِلْأَحْكَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَيَانُ الْوَاجِبُ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُبَيَّنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْبَيَانَ يَجُوزُ بِالْقَوْلِ وَالْخِلَافُ فِي وُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ هَلْ يَجْرِي خِلَافُ الْفِعْل فِي الْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْبَيَانُ بِالتَّرْكِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْبَيَانُ بِالتَّقْرِيرِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مَا الْمُبَيَّنُ الْقَوْلُ أَمْ الْفِعْلُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ بَيَانُ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ كَالْمُبَيَّنِ فِي الْقُوَّةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ كَالْمُبَيَّنِ فِي الْحُكْمِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمُبَيَّنُ عَلَى الْمُجْمَلِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ قَدْ يَكُونُ الْبَيَانُ مُنْفَصِلًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ إذَا صَدَرَ مِنْ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِعْلٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْبَيَانِ فِي مَكَان أَوْ زَمَانٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْخِيرِ الْبَيَانِ مِنْ عَامٍّ وَغَيْرِهِ حَالَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ خَبَرَ الْوَاحِدِ إذَا وَرَدَ مُتَأَخِّرًا عَنْ عُمُومِ الْكِتَابِ]

- ‌[تَفْرِيعٌ التَّدْرِيجِ بِالْبَيَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَجُوزُ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم تَأْخِيرُ تَبْلِيغِ مَا أُوحِيَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَيْثُ وَجَبَ الْبَيَانُ وَالْإِسْمَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ دَلِيلَانِ وَأَحَدُهُمَا بَيَانٌ فِي شَيْءٍ مُجْمَلٍ فِي آخَرَ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ]

- ‌[الْمَفْهُومُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ هَلْ الْمَفْهُومُ مُسْتَفَادٌ مِنْ دَلَالَةِ الْعَقْلِ أَوْ مِنْ اللَّفْظِ]

- ‌[الْمَفْهُومُ إمَّا أَنْ يَلْزَمَ عَنْ مُفْرَدٍ أَوْ مُرَكَّبٍ]

- ‌[مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ]

- ‌[يَنْقَسِمُ مَفْهُوم الْمُوَافَقَةِ إلَى قَطْعِيٍّ]

- ‌[دَلَالَةِ النَّصِّ عَلَى مَفْهُوم الْمُوَافَقَة هَلْ هِيَ لَفْظِيَّةٌ أَوْ قِيَاسِيَّةٌ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ هَلْ يَجُوزُ النَّسْخُ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَة]

- ‌[الثَّانِي الْقَوْلُ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ]

- ‌[الثَّالِثُ الْحُكْمِ بِنَقِيضِ مَفْهُوم الْمُوَافَقَة]

- ‌[الثَّانِي مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة]

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ لِمَفْهُومِ الْمُخَالِفَة فِي مَوَاضِعَ] [

- ‌الْأَوَّلُ هَلْ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة دَلِيلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ أَوْ الشَّرْعُ]

- ‌[الثَّانِي تَحْقِيقِ مُقْتَضَى مَفْهُوم الْمُخَالِفَة]

- ‌[الثَّالِثُ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة ظَاهِرٌ لَا يَرْتَقِي إلَى الْقَطْعِ]

- ‌[الرَّابِعُ إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى إخْرَاجِ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة فَهَلْ يُسْقِطُ بِالْكُلِّيَّةِ]

- ‌[الْخَامِسُ هَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَفْهُومِ الْمُخَالِفَة قَبْلَ الْبَحْثِ عَمَّا يُوَافِقُهُ أَوْ يُخَالِفُهُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ الْعَائِدَةِ إلَى الْمَسْكُوتِ عَنْهُ]

- ‌[شُرُوطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ الْعَائِدَةِ لِلْمَذْكُورِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الْمَفْهُومِ] [

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَفْهُومُ اللَّقَبِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي مَفْهُومُ الصِّفَةِ]

- ‌[الصِّفَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[صُورَةُ مَفْهُومِ الصِّفَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصِّفَةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِاسْمِ]

- ‌[الثَّانِي اقْتَرَنَ بِالْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالصِّفَةِ حُكْمٌ مُطْلَقٌ]

- ‌[الثَّالِثُ إنْكَارِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ]

- ‌[الرَّابِعُ أَصْلُ وَضْعِ الصِّفَةِ أَنْ تَجِيءَ لِلتَّخْصِيصِ فِي النَّكِرَاتِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ مَفْهُومُ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ فَهْمُ الْعِلَّةِ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الشَّرْطَ مِنْ انْعِقَادِ السَّبَبِ]

- ‌[الثَّانِي انْتِفَاءِ الْحُكْمِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[الثَّالِثُ هَلْ الدَّالُّ عَلَى الِانْتِفَاءِ صِيغَةُ الشَّرْطِ أَوْ الْبَقَاءُ عَلَى الْأَصْلِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْمُنْكِرِينَ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ]

- ‌[النَّوْعُ الْخَامِسُ مَفْهُومُ الْعَدَدِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْأَوَّلُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّكْثِيرُ]

- ‌[النَّوْعُ السَّادِسُ مَفْهُومُ الْحَالِ]

- ‌[النَّوْعُ السَّابِعُ مَفْهُومُ الزَّمَانِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّامِنُ مَفْهُومُ الْمَكَانِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ ظَرْفَيْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ رَاجِعٌ إلَى الصِّفَةِ]

- ‌[النَّوْعُ التَّاسِعُ مَفْهُومُ الْغَايَةِ وَمَدُّ الْحُكْمِ بِإِلَى وَحَتَّى]

- ‌[تَنْبِيهٌ فَسَّرُوا الْغَايَةَ بِمَدِّ الْحُكْمِ بِإِلَى وَحَتَّى]

- ‌[النَّوْعُ الْعَاشِرُ مَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ مَفْهُومُ الْحَصْرِ]

- ‌[مَفْهُومُ الْحَصْرِ هَلْ يُفِيدُ بِالْمَنْطُوقِ أَوْ الْمَفْهُومِ]

- ‌[الْمُبْتَدَأِ إذَا كَانَ مَعْرِفَةً وَالْخَبَرُ نَكِرَةً هَلْ يُفِيدُ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي اللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفَادَةُ ضَمِيرِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْدِيمُ الْمَعْمُولَاتِ عَلَى عَوَامِلِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفَادَةِ لَامِ التَّعْرِيفِ فِي الْخَبَرِ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّعْلِيلِ بِالْمُنَاسَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ النَّسْخِ]

- ‌[تَعْرِيفُ النَّسْخِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّخْصِيصِ وَالنَّسْخِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبَدَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ جَائِزٌ عَقْلًا وَوَاقِعٌ شَرْعًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْحُكْم وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ إعْلَامٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَتَحَقَّقُ النَّسْخُ إلَّا مَعَ التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَنْسُوخُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اعْتِقَادُ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُرُودِ النَّاسِخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرِيعَةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَاسِخَةٌ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحِكْمَةِ فِي نَسْخِ الشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ النَّسْخِ]

- ‌[نَسْخِ الْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالتَّأْبِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي وَقْتِ النَّسْخِ]

- ‌[النَّسْخُ قَبْلَ الْفِعْلِ عَلَى أَقْسَامٍ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النَّسْخُ قَبْلَ عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِوُجُوبِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي النَّسْخُ بَعْدَ عِلْمِ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ بِوُجُوبِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَعْلَمَ الْمُكَلَّفُ بِوُجُوبِ النَّسْخْ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُ]

- ‌[الْقِسْمُ الرَّابِعُ أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الْمَأْمُورِ بِهِ لَكِنْ يُنْسَخُ قَبْلَ فِعْلِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْخَامِسُ أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُهُ فَيَشْرَعَ فِي فِعْلِهِ لَكِنَّهُ يُنْسَخُ قَبْلَ تَمَامِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ السَّادِسُ أَنْ يَقَعَ النَّسْخُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْحُكْمِ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ]

- ‌[فَصْلٌ النَّسْخُ بِبَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ النَّسْخِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخِ الْمُقِرُّونَ بِكَلِمَةِ التَّأْبِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي نَسْخِ الْأَخْبَارِ]

- ‌[نَسْخُ الْخَبَرِ الَّذِي بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ]

- ‌[النَّسْخُ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ]

- ‌[الرَّابِعُ هَلْ يَرِدُ النَّسْخُ فِي الدُّعَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مُمْتَنِعٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُجُوهِ النَّسْخِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ورود السُّنَّةُ بَيَانًا لِمُجْمَلِ الْكِتَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نُسِخَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ بِالْآخَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْقِيَاسِ لَا يَنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِالْقِيَاسِ نَسْخُ أَصْلِهِ يُوجِبُ نَسْخَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي نَسْخِ الْمَفْهُومِ]

- ‌[نَسْخُ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ وَالنَّسْخُ بِهِ]

- ‌[زَوَالَ الْحُكْمِ لِزَوَالِ سَبَبِهِ لَا يَكُونُ نَسْخًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ هَلْ تَكُونُ نَسْخًا لِحُكْمِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النُّقْصَانُ مِنْ الْعِبَادَةِ هَلْ هُوَ نَسْخٌ لَهَا]

- ‌[دَعْوَى ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّ النَّسْخَ يَرِدُ عَلَى الْحُكْمِ لَا عَلَى الْعِبَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَلَائِلِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا لَمْ يُعْلَمْ النَّاسِخُ مِنْ الْمَنْسُوخِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ أُمُورٌ لَا يَثْبُتُ بِهَا النَّسْخُ]

الفصل: ‌[فصل فيما يدخله التأويل]

[فَصْلٌ فِيمَا يَدْخُلُهُ التَّأْوِيلُ]

ُ وَهُوَ يَجْرِي فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْفُرُوعُ، وَهُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ. وَالثَّانِي: الْأُصُولُ، كَالْعَقَائِدِ وَأُصُولِ الدِّيَانَاتِ وَصِفَاتِ الْبَارِي الْمُوهِمَةِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى ثَلَاثِهِ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلتَّأْوِيلِ فِيهَا، بَلْ تَجْرِي عَلَى ظَاهِرِهَا، وَلَا يُؤَوَّلُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَهُمْ الْمُشَبِّهَةُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ لَهَا تَأْوِيلًا، وَلَكِنَّا نُمْسِك عَنْهُ مَعَ تَنْزِيهِ اعْتِقَادِنَا عَنْ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ، لِقَوْلِهِ:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ} [آل عمران: 7] قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَهَذَا قَوْلُ السَّلَفِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ، وَأَوَّلُوهَا، قَالَ: وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ وَالْآخَرَانِ مَنْقُولَانِ عَنْ الصَّحَابَةِ، فَنُقِلَ الْإِمْسَاكُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، لِأَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ الِاسْتِوَاءِ، فَقَالَتْ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِب، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَكَذَلِكَ سُئِلَ عَنْهُ مَالِكٌ، فَأَجَابَ بِمَا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ أَنَّ مَنْ عَادَ إلَى هَذَا السُّؤَالِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ. وَكَذَلِكَ سُئِلَ عَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَقَالَ: أَفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] مَا أَفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] وَنُقِلَ التَّأْوِيلُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ: أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ

ص: 39

شَيْءٌ لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهُ؟ فَعِنْدَهُمْ يَجُوزُ وَلِهَذَا مَنَعُوا التَّأْوِيلَ، وَاعْتَقَدُوا فِيهِ التَّنْزِيهَ عَلَى مَا يَعْلَمُ اللَّهُ، وَعِنْدَنَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، بَلْ الرَّاسِخُونَ يَعْلَمُونَهُ، وَعَلَيْهِ انْبَنَى الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْوَقْفِ عَلَى: وَالرَّاسِخُونَ وَنَقَلَ فِي " الْوَجِيزِ " قَوْلًا بِتَأْوِيلِ الْوَارِدِ فِي الْقُرْآنِ دُونَ السُّنَّةِ. قَالَ: وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ. قَالَ: وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ إلَى تَنَكُّبِ تَأْوِيلِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ مَعَ اعْتِقَادِ نَفْيِ التَّشْبِيهِ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى التَّأْوِيلِ خَطَأٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ دَلِيلٌ قَاطِعٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ: النَّاسُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُوهِمَةِ لِلْجِهَةِ وَنَحْوِهَا فِرَقٌ ثَلَاثَةٌ، فَفِرْقَةٌ تُؤَوِّلُ، وَفِرْقَةٌ تُشَبِّهُ، وَثَالِثَةٌ تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ الشَّارِعُ مِثْلَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ إلَّا وَإِطْلَاقُهُ سَائِغٌ وَحَسَنٌ، فَنَقُولُهَا مُطْلَقَةً كَمَا قَالُوا مَعَ التَّصْرِيحِ بِالتَّقْدِيسِ وَالتَّنْزِيهِ وَالتَّبَرِّي مِنْ التَّحْدِيدِ وَالتَّشْبِيهِ. وَلَا نُهِمُّ بِشَأْنِهَا ذِكْرًا، وَلَا فِكْرًا، بَلْ نَكِلُ عِلْمَهَا إلَى مَنْ أَحَاطَ بِهَا، وَبِكُلِّ شَيْءٍ خَبَرًا. وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَضَى صَدْرُ الْأُمَّةِ وِسَادَتُهَا، وَإِيَّاهَا اخْتَارَ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ وَقَادَتُهَا، وَإِلَيْهَا دَعَا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ وَأَعْلَامُهُ، وَلَا أَحَدَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ يَصْدِفُ عَنْهَا وَيَأْبَاهَا، وَأَفْصَحَ الْغَزَالِيُّ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِتَهْجِيرِ مَا سِوَاهَا، حَتَّى أَلْجَمَ آخِرًا فِي إلْجَامِهِ كُلَّ عَالِمٍ وَعَامِّيٍّ عَمَّا عَدَاهَا، قَالَ: وَهُوَ كِتَابُ " إلْجَامِ الْعَوَامّ عَنْ عِلْمِ الْكَلَامِ " وَهُوَ آخِرُ تَصَانِيفِ الْغَزَالِيِّ مُطْلَقًا أَوْ آخِرُ تَصَانِيفِهِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، حَثَّ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ. اهـ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي بَعْضِ فَتَاوِيهِ: طَرِيقَةُ التَّأْوِيلِ بِشَرْطِهِ أَقْرَبُهُمَا إلَى الْحَقِّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا خَاطَبَ الْعَرَبَ بِمَا يَعْرِفُونَهُ، وَقَدْ نَصَبَ الْأَدِلَّةَ عَلَى مُرَادِهِ مِنْ آيَاتِ كِتَابِهِ، لِأَنَّهُ قَالَ:{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 19]

ص: 40

وَقَالَ لِرَسُولِهِ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ آيَاتِ الْقُرْآنِ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَى الدَّلِيلِ فَقَدْ أَفْهَمَهُ اللَّهُ مُرَادَهُ مِنْ كِتَابِهِ، وَهُوَ أَكْمَلُ مِمَّنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ، إذْ لَا يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.

وَقَالَ صَاحِبُهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَنَقُولُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُشْكِلَةِ: إنَّهَا حَقٌّ وَصِدْقٌ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَمَنْ أَوَّلَ شَيْئًا مِنْهَا فَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُهُ قَرِيبًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ لِسَانُ الْعَرَبِ وَتَفْهَمُهُ فِي مُخَاطَبَاتِهَا لَمْ نُنْكِرْ عَلَيْهِ، وَلَمْ نُبَدِّعْهُ، وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُهُ بَعِيدًا تَوَقَّفْنَا عَنْهُ، اسْتَبْعَدْنَاهُ، وَرَجَعْنَا إلَى الْقَاعِدَةِ فِي الْإِيمَانِ بِمَعْنَاهُ مَعَ التَّنْزِيهِ. قُلْت: وَحَيْثُ سَاعَدَ التَّأْوِيلُ لُغَةَ الْعَرَبِ فَلَا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ، بَلْ نَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كَذَا، وَقَدْ يَتَرَجَّحُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ الْمُحْتَفَّةِ بِاللَّفْظِ. نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: مَذْهَبُ السَّلَفِ أَسْلَمُ، وَمَذْهَبُ الْخَلَفِ أَعْلَمُ، فَقَدْ يَتَبَادَرُ الذِّهْنُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَقْوَى فِي الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا الْمُرَاد أَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى مَزِيدٍ مِنْ الْعِلْمِ وَاتِّسَاعٍ فِيهِ لِأَجْلِ أَبْوَابِ التَّأْوِيلِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ طَرِيقَةُ السَّلَفِ أَسْلَمَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخُوضُوا فِيهِ. وَالْخَلَفُ خَاضُوا فِيهِ، وَأَوَّلُوهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ غَيْرَ مَا أَوَّلُوهُ مِمَّا يَلِيقُ أَيْضًا بِهِ هَاهُنَا مِثْلُ طَرِيقَةِ السَّلَفِ أَسْلَمُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: طَرِيقَةُ الْخَلَفِ لَمَّا كَانَ فِيهَا دَفْعُ إيهَامِ مَنْ يَتَوَهَّمُ حَمْلًا لَا يَلِيقُ كَانَتْ أَعْلَمَ مِنْ تِلْكَ. وَرَجَّحَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا طَرِيقَةَ الْخَلَفِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ السَّلَفَ خَاضُوا أَيْضًا فِي بَعْضٍ، وَقَالُوا: إنَّا قَاطِعُونَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الَّذِي لَا يَلِيقُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَتَرْكُ الْحَمْلِ عَلَى مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مَسْكُوتٌ عَنْ التَّأْوِيلِ مَعَ الْخَوْضِ فِي بَعْضِهِ. وَنَبْذُ إيهَامِ مَنْ لَا يَرْتَقِي إلَى دَرَجَةِ الْفَهْمِ عَنْهُمْ إلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا ذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهَا لِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مَا قَامَتْ الدَّلَالَةُ الْقَاطِعَةُ عَلَى إثْبَاتِهِ لَهُ تَعَالَى مِنْ الصِّفَاتِ اللَّائِقَةِ وَفِي ذَلِكَ مَحْذُورٌ، فَطَرِيقَةُ الْخَلَفِ أَعْلَمُ وَأَسْلَمُ.

ص: 41

قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ " التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالزَّنْدَقَةِ ": سَمِعْت الثِّقَاتِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ يَقُولُونَ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ صَرَّحَ بِتَأْوِيلِ ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» . وَالثَّانِي: قَوْلُهُ عليه السلام: «قَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ» . وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: «إنِّي لَأَجِدُ رِيحَ نَفَسِ الرَّحْمَنِ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ» . وَنَقَلَ الرَّازِيَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي كِتَابِ: " تَأْسِيسِ التَّقْدِيسِ " بَدَلَ الْحَدِيثِ الثَّانِي: «أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي» ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كِتَابِ الْغَزَالِيِّ مَا ذَكَرْنَاهُ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَانْظُرْ كَيْفَ أَوَّلَ أَحْمَدُ لِقِيَامِ الْبُرْهَان عِنْدَهُ عَلَى اسْتِحَالَةِ ظَاهِرِهِ، مَعَ أَنَّهُ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ التَّأْوِيلِ. فَيَقُولُ: الْيَمِينُ تُقَبَّلُ فِي الْعَادَةِ تَقَرُّبًا إلَى صَاحِبِهَا، وَالْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يُقَبَّلُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ مِثْلُ الْيَمِينِ لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَلَكِنْ فِي عَارِضٍ مِنْ عَوَارِضِهِ، فَسُمِّيَ يَمِينًا؛ وَكَذَلِكَ لَمَّا اسْتَحَالَ وُجُودُ الْأُصْبُعَيْنِ فِيهِ حِسًّا إذْ مَنْ فَتَّشَ عَنْ صَدْرِهِ لَمْ يُشَاهِدْ فِيهِ أُصْبُعَيْنِ، فَأَوَّلَهُ عَلَى مَا بِهِ تَيَسُّرُ تَغْلِيبِ الْأَشْيَاءِ، وَقَلْبُ الْإِنْسَانِ بَيْنَ لَمَّةِ الْمَلَكِ وَلَمَّةِ الشَّيْطَانِ، وَبِهِمَا يُقَلِّبُ اللَّهُ الْقُلُوبَ، فَكَنَّى بِالْأُصْبُعَيْنِ عَنْهُمَا. قَالَ: وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ أَحْمَدُ عَلَى تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ عِنْدَهُ الِاسْتِحَالَةُ إلَّا فِي هَذَا الْقَدْرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْبَحْثَ عَنْ حَقَائِقَ

ص: 42

غَيْرِهَا، وَغَيْرُهُ كَالْأَشْعَرِيِّ وَالْمُعْتَزِلِيِّ بَحَثَهَا، وَتَجَاوَزَا فَأَوَّلَا كَثِيرًا لِقِيَامِ مَا اسْتَحَالَ كَثِيرًا. وَأَنْكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ هَذَا عَلَى الْغَزَالِيِّ قَالَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ أَحْمَدَ.

قُلْت: وَنَقْلُ الثِّقَةِ لَا يَنْدَفِعُ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ " مِنْهَاجِ الْوُصُولِ " عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] أَيْ أَمْرُ رَبِّك.

ص: 43