الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَةٌ مَا لَهُ مُسَمًّى عُرْفِيٌّ وَشَرْعِيٌّ عَلَامَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ]
ِ؟ وَجْهَانِ خَرَّجَهُمَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ، هَلْ يُجْزِئُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فِي الْعُرْفِ، أَوْ لَا يُجْزِئُ إلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ.
قُلْت: الرَّاجِحُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوَّلًا، ثُمَّ الْعُرْفِيَّةُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِسَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَنْ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ فِي الزَّكَاةِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَيْعِهِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت الْهِلَالَ فَأَنْتِ طَالِقٌ؟ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ. .
[مَسْأَلَةٌ إذَا تَرَدَّدَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْمُسَمَّى الْعُرْفِيِّ وَاللُّغَوِيِّ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ]
إذَا تَرَدَّدَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْمُسَمَّى الْعُرْفِيِّ وَاللُّغَوِيِّ، قُدِّمَ الْعُرْفِيُّ الْمُطَّرِدُ، ثُمَّ اللُّغَوِيُّ. كَذَا قَالَهُ الْأُصُولِيُّونَ. وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ: مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ، وَلَا فِي اللُّغَةِ، يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ. فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَأْخِيرِ الْعُرْفِ عَنْ اللُّغَةِ. وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِوُجُوهٍ: مِنْهَا: عَدَمُ وُرُودِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي الضَّوَابِطِ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ أَضْبَطُ، فَتُقَدَّمُ اللُّغَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، وَكَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى، وَهُوَ فِي الْعُرْفِ أَظْهَرُ، فَيُقَدَّمُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ كَلَامَ الْأُصُولِيِّينَ فِي اللَّفْظِ الصَّادِرِ مِنْ الشَّارِعِ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى عُرْفِهِ، وَهُوَ الشَّرْعِيُّ، ثُمَّ عُرْفِ النَّاسِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُخَاطِبُهُمْ بِمَا
يَتَعَارَفُونَهُ، ثُمَّ اللُّغَوِيُّ، وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي الصَّادِرِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الطَّلَاق: إذَا تَعَارَضَ الْمَدْلُولُ اللُّغَوِيُّ وَالْعُرْفِيُّ فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَمِيلُ إلَى اعْتِبَارِ الْوَضْعِ، وَالْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ يَرَيَانِ اتِّبَاعَ الْعُرْفِ، وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ.
وَمِنْهَا: قَالَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْبَاجِيُّ: مُرَادُ الْأُصُولِيِّينَ الْعُرْفُ الْكَائِنُ فِي زَمَنِهِ عليه السلام. وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ غَيْرُهُ. قُلْتُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَ الْأُصُولِيِّينَ مَا إذَا تَعَارَضَ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ يُقَدَّمُ الْعُرْفُ. وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ مَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَدُّهُ فِي اللُّغَةِ، فَإِنَّا نَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ، وَلَمْ يَقُولُوا: لَيْسَ لَهُ مَعْنًى. .