الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى شَيْءٍ مِنْ احْتِمَالَاتِهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الشَّرْعِ مِنْهُ هَذَا. .
[مَسْأَلَةٌ الْمُجْمَلُ وَاقِعٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ]
مَسْأَلَةٌ وَهُوَ وَاقِعٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ: النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) عَرَبِيٌّ يُخَاطِبُ كَمَا يُخَاطِبُ الْعَرَبَ، وَالْعَرَبُ تُجْمِلُ كَلَامَهَا، ثُمَّ تُفَسِّرُهُ، فَيَكُونُ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ: قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَبَى هَذَا غَيْرَ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ، ثُمَّ نَاقَضَ مِنْهُ فِي صِفَةِ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» ، مَعَ قَوْلِهِ:«لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» وَاَلَّذِي نَاقَضَ أَصَحُّ مِنْ الَّذِي أَعْطَاهُ بَيِّنًا. وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إلَى أَنَّ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَهَذَا أَصَحُّهُمَا. اهـ.
وَقِيلَ: لَمْ يَبْقَ مُجْمَلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْمُخْتَارُ أَنَّ مَا ثَبَتَ التَّكْلِيفُ بِهِ يَسْتَحِيلُ اسْتِمْرَارُ الْإِجْمَالِ فِيهِ، فَإِنَّهُ تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ، وَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ فَلَا يَبْعُدُ اسْتِمْرَارُ الْإِجْمَالِ فِيهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِسِرِّهِ.
وَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِجْمَالُ فِي الْقِيَاسِ، وَسَبَقَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ الْقُشَيْرِيّ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِالْخِطَابِ بِالْمُجْمَلِ قَبْلَ الْبَيَانِ، «لِأَنَّهُ عليه السلام بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، وَقَالَ: اُدْعُهُمْ إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» الْحَدِيثَ، وَتَعَبُّدُهُمْ بِالْتِزَامِ الزَّكَاةِ قَبْلَ بَيَانِهَا. وَفِي كَيْفِيَّةِ تَعَبُّدِهِمْ بِالْتِزَامِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ مُتَعَبِّدُونَ قَبْلَ الْبَيَانِ بِالْتِزَامِهِ بَعْدَ الْبَيَانِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ مُتَعَبِّدُونَ قَبْلَ الْبَيَانِ بِالْتِزَامِهِ مُجْمَلًا، وَبَعْدَ الْبَيَانِ بِالْتِزَامِهِ مُفَسِّرًا.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: قَالُوا: إنَّ الْتِزَامَ الْمُجْمَلِ قَبْلَ بَيَانِهِ وَاجِبٌ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَيْفِيَّةِ الْتِزَامِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَذَكَرَهُمَا. قُلْتُ: وَلَعَلَّ الثَّانِيَ مُرَادُ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ الْعِبَارَةُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي الْعَامِّ، هَلْ يَجِبُ اعْتِقَادُ عُمُومِهِ قَبْلَ وُرُودِ الْمُخَصِّصِ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ: إنَّمَا جَازَ الْخِطَابُ بِالْمُجْمَلِ وَإِنْ كَانُوا لَا يَفْهَمُونَهُ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: لِيَكُونَ إجْمَالُهُ تَوْطِئَةً لِلنَّفْسِ عَلَى قَبُولِ مَا يَتَعَقَّبُهُ مِنْ الْبَيَانِ، فَإِنَّهُ لَوْ بَدَأَ فِي تَكْلِيفِ الصَّلَاةِ وَبَيَّنَهَا، لَجَازَ أَنْ تَنْفِرَ النُّفُوسُ مِنْهَا، وَلَا تَنْفِرَ مِنْ إجْمَالِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِنْ الْأَحْكَامِ جَلِيًّا، وَجَعَلَ مِنْهَا خَفِيًّا، لِيَتَفَاضَلَ النَّاسُ فِي الْعِلْمِ بِهَا، وَيُثَابُوا عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ لَهَا، فَلِذَلِكَ جَعَلَ مِنْهَا مُفَسَّرًا جَلِيًّا، وَجَعَلَ مِنْهَا مُجْمَلًا خَفِيًّا. ثُمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمِنْ الْمُجْمَلِ مَا لَا يَجِبُ بَيَانُهُ عَلَى الرَّسُولِ، كَقَوْلِهِ:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7] فَأَجْمَلَ فِيهِ النَّفَقَةَ فِي أَقَلِّهَا وَأَوْسَطِهَا وَأَكْثَرِهَا، حَتَّى اجْتَهَدَ الْعُلَمَاءُ فِي تَقْدِيرِهَا، وَسُئِلَ عَنْ الْكَلَالَةِ، فَقَالَ: آيَةُ الصَّيْفِ. فَوَكَلَهُ إلَى الِاجْتِهَادِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَيَانِ.
قَالَ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا الْبَيَانِ الصَّادِرِ مِنْ الِاجْتِهَادِ، هَلْ يُؤْخَذُ قِيَاسًا أَوْ تَنْبِيهًا؟ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُؤْخَذُ تَنْبِيهًا مِنْ لَفْظِ الْمُجْمَلِ، وَشُوهِدَ أَحْوَالُهُ، «لِأَنَّهُ عليه السلام قَالَ لِعُمَرَ: يَكْفِيك آيَةُ الصَّيْفِ» . فَرَدَّهُ إلَيْهَا لِيَسْتَدِلَّ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ