الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّدَقَةِ عِنْدَ مُنَاجَاةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، نُسِخَتْ بَعْدَ أَنْ عَمِلَ بِهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه. .
[النَّسْخُ قَبْلَ الْفِعْلِ عَلَى أَقْسَامٍ]
[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النَّسْخُ قَبْلَ عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِوُجُوبِهِ]
وَأَمَّا النَّسْخُ قَبْلَ الْفِعْلِ فَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِوُجُوبِهِ، كَمَا إذَا أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ جِبْرِيلَ أَنْ يُعْلِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى الْأُمَّةِ، ثُمَّ يَنْسَخُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ، فَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وُرُودُ النَّسْخِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّسْخِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ اسْتِمْرَارِ الْفَرْضِ، لِيَخْرُجَ عَنْ الْبَدَاءِ إلَى الْإِعْلَامِ بِالْمُدَّةِ. قَالَا: وَأَمَّا مَا رُوِيَ فِي لَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ مِنْ فَرْضِ خَمْسِينَ صَلَاةً، ثُمَّ اسْتَقَرَّتْ بِخَمْسٍ، فَكَانَ عَلَى وَجْهِ التَّقْدِيرِ دُونَ الْفَرْضِ، لِأَنَّ الْفَرْضَ يَسْتَقِرُّ بِنُفُوذِ الْأَمْرِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ أَمْرٌ إلَّا عِنْدَ اسْتِقْرَارِ الْخَمْسِ. انْتَهَى. وَقَدْ حَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا، حَكَاهُمَا الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَإِلْكِيَا. وَقَالَ: لَا يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ، لِأَنَّ النَّسْخَ نَوْعُ تَكْلِيفٍ أَوْ حَطُّ تَكْلِيفٍ، فَإِنْ كَانَ إلَى بَدَلٍ كَانَ تَكْلِيفًا وَإِلَّا حَطَّ تَكْلِيفٍ، وَقَدْ شُرِعَ لِمِثْلِ مَا شُرِعَ لَهُ أَصْلُ التَّكْلِيفِ. وَالْعِلْمُ شَرْطٌ لِحُصُولِ أَصْلِ التَّكْلِيفِ إلَّا حَيْثُ لَا يَتَوَقَّفُ الْإِمْكَانُ عَلَيْهِ، فَالنَّسْخُ مِثْلُهُ بِلَا فَرْقٍ. قَالَ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْقَضَاءَ هَلْ يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ الْعِلْمِ وَالتَّدَارُكِ أَوْ لَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِمْ؟ وَيَنْبَغِي التَّغَايُرُ، عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ
هَلْ يَجِبُ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَا مَزِيدَ عَلَى حُسْنِ هَذَا. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " فِي آخِرِ بَابِ النَّسْخِ: نَسْخُ الْحُكْمِ قَبْلَ عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِوُجُوبِهِ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَمَنَعَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عَزْلَ الْوَكِيلِ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ. وَزَعَمُوا أَنَّ النَّسْخَ قَبْلَ الْعِلْمِ يَتَضَمَّنُ تَكْلِيفَ الْمُحَالِ. قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعُ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقَ، فَإِذَا قَضَيْنَا بِصِحَّتِهِ صَحَّ النَّسْخُ حِينَئِذٍ. قَالَ: وَاحْتَجَّ عُلَمَاؤُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقِصَّةِ الْمِعْرَاجِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الْأُمَّةِ خَمْسِينَ صَلَاةً، ثُمَّ نَسَخَهَا قَبْلَ عِلْمِهِمْ بِوُجُوبِهَا، وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ النَّسْخَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدُ الْمُكَلَّفِينَ، وَقَدْ عَلِمَ، وَلَكِنَّهُ قَبْلَ عِلْمِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ. وَعِلْمُ الْجَمِيعِ لَا يُشْتَرَطُ، فَإِنَّ التَّكْلِيفَ اسْتَقَرَّ بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَا اعْتِمَادَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ. اهـ. وَظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ الْأَزْدِيُّ تِلْمِيذُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ " اللَّامِعِ " لَهُ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْأَمْرُ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَأْمُورٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَدْ يُنْسَخُ عَنْهُ الْأَمْرُ أَمْ لَا؟ ثُمَّ قَالَ: عِنْدَنَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَدْ يُنْسَخُ عَنْهُ الْأَمْرُ إذَا بَلَغَهُ، وَتَأَدَّى إلَيْهِ لَزِمَهُ الْمَصِيرُ إلَى مُوجَبِ النَّاسِخِ. قَالَ عَبْدُ الْجَلِيلِ الرَّبَعِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَإِنْ تَجَوَّزَ فِي قَوْلِهِ: يَصِحُّ، وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: يَجِبُ، إذْ
لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِ الْأَمْرِ نَسْخًا أَنْ يُبَلَّغَ الْمَأْمُورُ، وَإِنَّمَا الْبَلَاغُ شَرْطُ الِامْتِثَالِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا حِينَ عَدَمِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَاتِمٍ وَاللَّفْظُ لَهُ: يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: قَدْ نُسِخَ عَنْهُ الْأَمْرُ، وَإِذَا بَلَغَهُ لَزِمَهُ الْمَصِيرُ إلَى مُوجَبِ النَّاسِخِ لَا بِالْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ، بَلْ بِاعْتِقَادٍ لَهُ آخَرَ، وَلَوْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُ أَمْرٌ، ثُمَّ نُسِخَ عَنْهُ وَجَبَ أَنْ يَصِيرَ إلَى مُوجَبِ النَّاسِخِ.
وَقَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ: مِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ نَسْخًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْمَنْسُوخُ، فَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ النَّاسِخِ، كَمَا لَمْ يَبْلُغْهُ حُكْمُ الْمَنْسُوخِ. اهـ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: نَسْخُ الْحُكْمِ قَبْلَ عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِالْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ، اتَّفَقَتْ الْأَشَاعِرَةُ عَلَى جَوَازِهِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ عَلَى مَنْعِهِ. وَحَكَى الْفُقَهَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي: الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ التَّعْرِيفِيَّةِ، فَمَنَعُوهُ فِي الْأَوَّلِ وَجَوَّزُوهُ فِي الثَّانِي، كَتَكْلِيفِ الْغَافِلِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسِخَ إذَا كَانَ مَعَ جِبْرِيلَ عليه السلام، فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالِاتِّفَاقِ، كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَسُلَيْمٌ، وَغَيْرُهُ وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام وَقَبْلَ تَبْلِيغِهِ إلَيْنَا، هَلْ يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا، حَكَاهُمَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَسُلَيْمٌ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعِدَّةِ " وَغَيْرُهُمْ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلْأُصُولِيِّينَ، وَاخْتَارَ الثُّبُوتَ. وَقَالَ سُلَيْمٌ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " التَّبْصِرَةِ ". وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ ": إنَّهُ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا، وَنَصَرَهُ.
وَنُقِلَ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ، وَنَسَبَهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " لِلْجُمْهُورِ. وَقَالَ: وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ النَّسْخُ شَرَطُوا فِيهِ الْبَلَاغَ، فَوَجَبَ كَوْنُ الْخِلَافِ لَفْظِيًّا. اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: الْمُتَمَكِّنُ وَهُوَ [الثَّابِتُ] فِي حَقِّهِ. وَالثَّانِي: غَيْرُ الْمُتَمَكِّنِ وَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ لَا بِمَعْنَى الِامْتِثَالِ، وَلَا بِمَعْنَى ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَثْبُتُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي كَالنَّائِمِ، وَلَمْ يَصِرْ أَحَدٌ إلَى ثُبُوتِهِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي " مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ ": إنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: لَوْ قُدِّرَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ أَقْدَمَ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ يَكُونُ ذَلِكَ خَطَأً مِنْهُ، بَيْدَ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَيُعْذَرُ لِجَهْلِهِ. اهـ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ. فَإِنَّ الْأُسْتَاذَ أَبَا مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيَّ قَالَ: إنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَصِحُّ عَمَلُهُ بِالْمَنْسُوخِ إلَى وَقْتِ عِلْمِهِ بِالنَّسْخِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَحْسُنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ
عِلْمِهِ بِالنَّسْخِ، لَكِنَّهُ يُعْذَرُ. قَالَ: وَلِأَجْلِ هَذَا الْخِلَافِ خَرَّجُوا عَمَلَ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي التَّأْثِيمِ، وَهَلْ يَثْبُتُ فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ إذْ هُوَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْوَضْعِيَّةِ؟ هَذَا فِيهِ تَرَدُّدٌ، لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ. قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْأَحْكَامِ الْوَارِدَةِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ تَتَّصِلْ بِنَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ تَخْصِيصُ جَانِبِ النَّسْخِ بِالذِّكْرِ دُونَ الْحُكْمِ الْمُبْتَدَأِ. اهـ.
وَهِيَ مَسْأَلَةٌ غَرِيبَةٌ. وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِحُكْمِ الْأَوَّلِ إلَى أَنْ يَبْلُغَهُ النَّسْخُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا: هَلْ يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ نَاسِخًا قَبْلَ الْبُلُوغِ كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ أَمْرٌ لِلْمَعْدُومِ عَلَى شَرْطِ الْوُجُودِ، أَوْ لَا يَتَّصِفُ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ؟ قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ الْحَقِيقِيُّ مَعَ الَّذِينَ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ يَعْنِي الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْحُكْمَ يَرْتَفِعُ عَمَّنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ. وَقَدْ تَبِعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَاضِيَ فِي جَعْلِ الْخِلَافِ لَفْظِيًّا. قَالَ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ عَلَيْهِمْ الْأَخْذَ بِالنَّاسِخِ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَتَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ. وَإِنْ أُرِيدَ إلْزَامُ التَّدَارُكِ فَلَا مَنْعَ قَطْعًا. وَقَدْ قَالَ: بَلْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَحْتَاجُ فِي التَّدَارُكِ إلَى خِطَابٍ جَدِيدٍ، أَوْ يَكْفِي النَّاسِخُ؟ وَقَدْ سَبَقَ عَنْ إلْكِيَا مَا يَنْبَغِي اسْتِحْضَارُهُ هُنَا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَطْعِيَّةٌ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى إلْحَاقِهَا بِالْمُجْتَهَدَات، حَتَّى نَقَلُوا فِيهَا قَوْلَيْنِ مِنْ الْوَكِيلِ إذَا عُزِلَ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ الْعَزْلُ. هَذَا كُلُّهُ إذَا بَلَّغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْأَرْضِ، فَإِنْ بَلَّغَهُ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ كَقَضِيَّةِ الصَّلَاةِ، فَهَلْ يُسَمَّى نَسْخًا أَمْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ تَسْمِيَتُهُ