المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة الإجمال إما أن يكون في حال الإفراد أو التركيب] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٥

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ]

- ‌[الْمُطْلَقَ قِسْمَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُرُودُ الْخِطَابِ مُطْلَقًا فِي مَوْضِعٍ وَمُقَيَّدًا فِي مَوْضِعٍ]

- ‌[حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا اخْتَلَفَا فِي السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ]

- ‌[شُرُوطُ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اللَّفْظُ الْمُطْلَقُ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ]

- ‌[خَاتِمَةٌ الْمُقَيَّدَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُطْلَقِ]

- ‌[الظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الظَّاهِرُ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الظَّاهِرُ قِسْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَدْخُلُهُ التَّأْوِيلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ التَّأْوِيلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إنَّمَا الصَّدَقَاتُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَأْوِيلُ الْحَنَابِلَةِ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فَاقْدُرُوا لَهُ عَلَى الضِّيقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَأَوَّلَ حَدِيثَ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُصُولِ خَاصَّةً]

- ‌[مَبَاحِثُ الْمُجْمَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُجْمَلُ وَاقِعٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ الْمُجْمَلِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حَمْلُ الْمُجْمَلِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ الْمُتَنَافِيَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَالُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ الْإِفْرَادِ أَوْ التَّرْكِيبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَرْفُ النَّفْيِ قَدْ يَدْخُلُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُقَدَّرُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَفْظَ الشَّارِعِ إذَا دَارَ بَيْنَ مَدْلُولَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الَّذِي لَهُ مُسَمًّى شَرْعِيٌّ هَلْ هُوَ مُجْمَلٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَا لَهُ مُسَمًّى عُرْفِيٌّ وَشَرْعِيٌّ عَلَامَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَرَدَّدَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْمُسَمَّى الْعُرْفِيِّ وَاللُّغَوِيِّ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ]

- ‌[الْبَيَانُ وَالْمُبَيَّنُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْبَيَانِ لِلْأَحْكَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْبَيَانُ الْوَاجِبُ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُبَيَّنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْبَيَانَ يَجُوزُ بِالْقَوْلِ وَالْخِلَافُ فِي وُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ هَلْ يَجْرِي خِلَافُ الْفِعْل فِي الْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْبَيَانُ بِالتَّرْكِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْبَيَانُ بِالتَّقْرِيرِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مَا الْمُبَيَّنُ الْقَوْلُ أَمْ الْفِعْلُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ بَيَانُ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ كَالْمُبَيَّنِ فِي الْقُوَّةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ كَالْمُبَيَّنِ فِي الْحُكْمِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمُبَيَّنُ عَلَى الْمُجْمَلِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ قَدْ يَكُونُ الْبَيَانُ مُنْفَصِلًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ إذَا صَدَرَ مِنْ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِعْلٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْبَيَانِ فِي مَكَان أَوْ زَمَانٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْخِيرِ الْبَيَانِ مِنْ عَامٍّ وَغَيْرِهِ حَالَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ خَبَرَ الْوَاحِدِ إذَا وَرَدَ مُتَأَخِّرًا عَنْ عُمُومِ الْكِتَابِ]

- ‌[تَفْرِيعٌ التَّدْرِيجِ بِالْبَيَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَجُوزُ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم تَأْخِيرُ تَبْلِيغِ مَا أُوحِيَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَيْثُ وَجَبَ الْبَيَانُ وَالْإِسْمَاعُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ دَلِيلَانِ وَأَحَدُهُمَا بَيَانٌ فِي شَيْءٍ مُجْمَلٍ فِي آخَرَ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ]

- ‌[الْمَفْهُومُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ هَلْ الْمَفْهُومُ مُسْتَفَادٌ مِنْ دَلَالَةِ الْعَقْلِ أَوْ مِنْ اللَّفْظِ]

- ‌[الْمَفْهُومُ إمَّا أَنْ يَلْزَمَ عَنْ مُفْرَدٍ أَوْ مُرَكَّبٍ]

- ‌[مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ]

- ‌[يَنْقَسِمُ مَفْهُوم الْمُوَافَقَةِ إلَى قَطْعِيٍّ]

- ‌[دَلَالَةِ النَّصِّ عَلَى مَفْهُوم الْمُوَافَقَة هَلْ هِيَ لَفْظِيَّةٌ أَوْ قِيَاسِيَّةٌ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ هَلْ يَجُوزُ النَّسْخُ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَة]

- ‌[الثَّانِي الْقَوْلُ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ]

- ‌[الثَّالِثُ الْحُكْمِ بِنَقِيضِ مَفْهُوم الْمُوَافَقَة]

- ‌[الثَّانِي مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ]

- ‌[أَقْسَامُ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة]

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ لِمَفْهُومِ الْمُخَالِفَة فِي مَوَاضِعَ] [

- ‌الْأَوَّلُ هَلْ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة دَلِيلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ أَوْ الشَّرْعُ]

- ‌[الثَّانِي تَحْقِيقِ مُقْتَضَى مَفْهُوم الْمُخَالِفَة]

- ‌[الثَّالِثُ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة ظَاهِرٌ لَا يَرْتَقِي إلَى الْقَطْعِ]

- ‌[الرَّابِعُ إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى إخْرَاجِ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة فَهَلْ يُسْقِطُ بِالْكُلِّيَّةِ]

- ‌[الْخَامِسُ هَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِمَفْهُومِ الْمُخَالِفَة قَبْلَ الْبَحْثِ عَمَّا يُوَافِقُهُ أَوْ يُخَالِفُهُ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ الْعَائِدَةِ إلَى الْمَسْكُوتِ عَنْهُ]

- ‌[شُرُوطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ الْعَائِدَةِ لِلْمَذْكُورِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الْمَفْهُومِ] [

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَفْهُومُ اللَّقَبِ]

- ‌[تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي مَفْهُومُ الصِّفَةِ]

- ‌[الصِّفَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[صُورَةُ مَفْهُومِ الصِّفَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصِّفَةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِاسْمِ]

- ‌[الثَّانِي اقْتَرَنَ بِالْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالصِّفَةِ حُكْمٌ مُطْلَقٌ]

- ‌[الثَّالِثُ إنْكَارِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ]

- ‌[الرَّابِعُ أَصْلُ وَضْعِ الصِّفَةِ أَنْ تَجِيءَ لِلتَّخْصِيصِ فِي النَّكِرَاتِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ مَفْهُومُ الْعِلَّةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ فَهْمُ الْعِلَّةِ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الشَّرْطَ مِنْ انْعِقَادِ السَّبَبِ]

- ‌[الثَّانِي انْتِفَاءِ الْحُكْمِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[الثَّالِثُ هَلْ الدَّالُّ عَلَى الِانْتِفَاءِ صِيغَةُ الشَّرْطِ أَوْ الْبَقَاءُ عَلَى الْأَصْلِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْمُنْكِرِينَ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ]

- ‌[النَّوْعُ الْخَامِسُ مَفْهُومُ الْعَدَدِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْأَوَّلُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّكْثِيرُ]

- ‌[النَّوْعُ السَّادِسُ مَفْهُومُ الْحَالِ]

- ‌[النَّوْعُ السَّابِعُ مَفْهُومُ الزَّمَانِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّامِنُ مَفْهُومُ الْمَكَانِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ ظَرْفَيْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ رَاجِعٌ إلَى الصِّفَةِ]

- ‌[النَّوْعُ التَّاسِعُ مَفْهُومُ الْغَايَةِ وَمَدُّ الْحُكْمِ بِإِلَى وَحَتَّى]

- ‌[تَنْبِيهٌ فَسَّرُوا الْغَايَةَ بِمَدِّ الْحُكْمِ بِإِلَى وَحَتَّى]

- ‌[النَّوْعُ الْعَاشِرُ مَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ مَفْهُومُ الْحَصْرِ]

- ‌[مَفْهُومُ الْحَصْرِ هَلْ يُفِيدُ بِالْمَنْطُوقِ أَوْ الْمَفْهُومِ]

- ‌[الْمُبْتَدَأِ إذَا كَانَ مَعْرِفَةً وَالْخَبَرُ نَكِرَةً هَلْ يُفِيدُ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي اللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفَادَةُ ضَمِيرِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْدِيمُ الْمَعْمُولَاتِ عَلَى عَوَامِلِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفَادَةِ لَامِ التَّعْرِيفِ فِي الْخَبَرِ الْحَصْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةُ التَّعْلِيلِ بِالْمُنَاسَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ النَّسْخِ]

- ‌[تَعْرِيفُ النَّسْخِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّخْصِيصِ وَالنَّسْخِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبَدَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّسْخُ جَائِزٌ عَقْلًا وَوَاقِعٌ شَرْعًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْحُكْم وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ إعْلَامٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَتَحَقَّقُ النَّسْخُ إلَّا مَعَ التَّعَارُضِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَنْسُوخُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اعْتِقَادُ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُرُودِ النَّاسِخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شَرِيعَةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَاسِخَةٌ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحِكْمَةِ فِي نَسْخِ الشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ النَّسْخِ]

- ‌[نَسْخِ الْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالتَّأْبِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي وَقْتِ النَّسْخِ]

- ‌[النَّسْخُ قَبْلَ الْفِعْلِ عَلَى أَقْسَامٍ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ النَّسْخُ قَبْلَ عِلْمِ الْمُكَلَّفِ بِوُجُوبِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي النَّسْخُ بَعْدَ عِلْمِ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ بِوُجُوبِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَعْلَمَ الْمُكَلَّفُ بِوُجُوبِ النَّسْخْ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُ]

- ‌[الْقِسْمُ الرَّابِعُ أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الْمَأْمُورِ بِهِ لَكِنْ يُنْسَخُ قَبْلَ فِعْلِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْخَامِسُ أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُهُ فَيَشْرَعَ فِي فِعْلِهِ لَكِنَّهُ يُنْسَخُ قَبْلَ تَمَامِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ السَّادِسُ أَنْ يَقَعَ النَّسْخُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْحُكْمِ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ]

- ‌[فَصْلٌ النَّسْخُ بِبَدَلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ النَّسْخِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخِ الْمُقِرُّونَ بِكَلِمَةِ التَّأْبِيدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي نَسْخِ الْأَخْبَارِ]

- ‌[نَسْخُ الْخَبَرِ الَّذِي بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ]

- ‌[النَّسْخُ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ]

- ‌[الرَّابِعُ هَلْ يَرِدُ النَّسْخُ فِي الدُّعَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ مُمْتَنِعٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُجُوهِ النَّسْخِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ورود السُّنَّةُ بَيَانًا لِمُجْمَلِ الْكِتَابِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نُسِخَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ بِالْآخَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْقِيَاسِ لَا يَنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِالْقِيَاسِ نَسْخُ أَصْلِهِ يُوجِبُ نَسْخَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي نَسْخِ الْمَفْهُومِ]

- ‌[نَسْخُ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ وَالنَّسْخُ بِهِ]

- ‌[زَوَالَ الْحُكْمِ لِزَوَالِ سَبَبِهِ لَا يَكُونُ نَسْخًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ هَلْ تَكُونُ نَسْخًا لِحُكْمِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النُّقْصَانُ مِنْ الْعِبَادَةِ هَلْ هُوَ نَسْخٌ لَهَا]

- ‌[دَعْوَى ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّ النَّسْخَ يَرِدُ عَلَى الْحُكْمِ لَا عَلَى الْعِبَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَلَائِلِ النَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا لَمْ يُعْلَمْ النَّاسِخُ مِنْ الْمَنْسُوخِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ أُمُورٌ لَا يَثْبُتُ بِهَا النَّسْخُ]

الفصل: ‌[مسألة الإجمال إما أن يكون في حال الإفراد أو التركيب]

فَإِنَّ السُّلْطَانَ مُجْمَلٌ، يَحْتَمِلُ الْحُجَّةَ وَالدِّيَةَ وَالْقَوَدَ، وَيَحْتَمِلُ الْجَمِيعَ، لَا جَرَمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يُخَيِّرُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْكُلَّ بِالْإِضَافَةِ إلَى اللَّفْظِ سَوَاءٌ. قَالَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ فِي " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ". .

[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَالُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ الْإِفْرَادِ أَوْ التَّرْكِيبِ]

ِ وَالْأَوَّلُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بِتَعْرِيفِهِ كَلَفْظَةِ: " قَالَ " مِنْ الْقَيْلُولَةِ، وَالْقَوْلِ. " وَكَالْمُخْتَارِ " فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. يُقَالُ: اخْتَرْت فُلَانًا فَأَمَّا مُخْتَارٌ، وَهُوَ مُخْتَارٌ. قَالَ الْعَسْكَرِيُّ: وَيَفْتَرِقَانِ تَقُولُ: فِي الْفَاعِلِ، مُخْتَارٌ لِكَذَا، وَفِي الْمَفْعُولِ مُخْتَارٌ مِنْ كَذَا. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ، يُضَارِرُ - بِفَتْحِ الرَّاءِ أَوْ بِكَسْرِهَا - وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا. وَمِثْلُهُ {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] فِي احْتِمَالِ الْوَجْهَيْنِ، قَالَهُ الْعَبْدَرِيّ فِي " شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى ".

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِأَصْلِ وَضْعِهِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَعَانِيهِ مُتَضَادَّةً، كَ " الْقُرْءِ " لِلطُّهْرِ وَالْحَيْضِ. وَ " النَّاهِلِ " لِلْعَطْشَانِ وَالرَّيَّانِ، وَ " الشَّفَقِ " لِلْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ؛ وَإِمَّا مُتَشَابِهَةً:" كَالْفَرَسِ " لِلْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ، وَالصُّورَةِ الَّتِي تُرْسَمُ عَلَى مِثَالِهِ. أَوْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ:" كَالْعَيْنِ " لِلْعُضْوِ الْبَاصِرِ، وَيَنْبُوعِ الْمَاءِ. وَإِنْ شِئْت: قُلْت: إمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ مَعَانِيَ كَثِيرَةً بِحَسَبِ خُصُوصِيَّاتِهَا فَهُوَ الْمُشْتَرَكُ، وَإِمَّا بِحَسَبِ مَعْنًى مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا وَهُوَ الْمُتَوَاطِئُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] .

وَقَالَ أَبُو الْعِزِّ الْمُقْتَرِحِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُجْمَلِ وَالْمُشْتَرَكِ أَنَّ الْمُجْمَلَ يَسْتَدْعِي

ص: 63

ثُبُوتَ احْتِمَالَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَهْمِ، سَوَاءٌ وُضِعَ اللَّفْظُ لَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَجَازٌ وَفِي الْآخَرِ حَقِيقَةٌ. فَالْإِجْمَالُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَهْمِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ قَدْ يَتَسَاوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَضْعِ، وَلَا يَتَسَاوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَهْمِ، فَلَا يَكُونُ مُجْمَلًا.

وَأَيْضًا إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَسْمَاءِ كَمَا سَبَقَ، أَوْ فِي الْأَفْعَالِ كَ " عَسْعَسَ " بِمَعْنَى أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، أَوْ فِي الْحُرُوفِ، كَتَرَدُّدِ الْوَاوِ بَيْنَ الْعَطْفِ وَالِابْتِدَاءِ. فِي قَوْله تَعَالَى:{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] .

وَتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْعَطْفِ وَالْحَالِ فِي قَوْلِهِ: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: 66] لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ عَاطِفَةً أَوْهَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِضَعْفِهِمْ حَدَثَ الْآنَ، وَبِهِ احْتَجَّ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى حُدُوثِ الْعِلْمِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إعْلَامُ عِبَادِهِ؛ وَإِنْ جُعِلَتْ غَيْرَ عَاطِفَةٍ كَانَ تَقْدِيرُهُ: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ، عَالِمًا أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَحْذُورٌ، وَيَجِبُ إضْمَارُ " قَدْ " حِينَئِذٍ. وَنَحْوُ تَرَدُّدِ " مِنْ " بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَالتَّبْغِيضِ، كَقَوْلِهِ:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ لِلِابْتِدَاءِ، أَيْ: اجْعَلُوا ابْتِدَاءَ الْمَسْحِ مِنْ الصَّعِيدِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: هِيَ لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: امْسَحُوا وُجُوهَكُمْ بِبَعْضِ الصَّعِيدِ، فَلِهَذَا اشْتَرَطْنَا أَنْ يَكُونَ لِمَا يُتَيَمَّمُ بِهِ غُبَارٌ، يَعْلَقُ بِالْيَدِ، لِتَحَقُّقِ الْمَسْحِ بِبَعْضِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُجْمَلًا فِي تَرْكِيبِهِ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا: فِي الْمُرَكَّبِ بِجُمْلَتِهِ فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ، وَلِذَلِكَ

ص: 64

اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَمَالِكٌ بِالثَّانِي.

وَمِنْهَا: فِي الِاسْتِثْنَاءِ كَقَوْلِهِ عليه السلام: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» وَلَكِنْ لَا كَبَاقِي الْمَسَاجِدِ؛ بَلْ إنَّمَا أَزِيدُ أَوْ أَنْقُصُ مِنْهَا. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِأَفْضَلَ مِنْهُ؛ بَلْ إمَّا مُسَاوٍ أَوْ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَفْضَلُ. وَمِنْهَا: فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ إذَا تَقَدَّمَهُ أَمْرَانِ يَصْلُحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَقَوْلِهِ عليه السلام:«لَا يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» فَضَمِيرُ الْجِدَارِ يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ عَلَى نَفْسِهِ أَيْ فِي جِدَارِ نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى جَارِهِ، أَيْ فِي جِدَارِ جَارِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ. وَالْأَصَحُّ امْتِنَاعُ الْوَضْعِ إلَّا بِإِذْنٍ. وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 112] فَإِنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْبِشَارَةُ بِمِيلَادِهِ، فَيَكُونَ الْمَأْمُورُ بِذَبْحِهِ إسْمَاعِيلَ، لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي قِصَّةِ الذَّبِيحِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْبِشَارَةُ بِنُبُوَّتِهِ، وَيَكُونَ هُوَ الْمَأْمُورَ بِذَبْحِهِ.

وَمِنْهَا: فِي مَرْجِعِ الصِّفَةِ، نَحْوُ: زَيْدٌ طَبِيبٌ مَاهِرٌ، لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْمَهَارَةِ مُطْلَقًا، وَالْمَهَارَةُ فِي الطِّبِّ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ صَاحِبُ " الْبَسِيطِ " مِنْ النَّحْوِيِّينَ: إذَا اجْتَمَعَتْ صِفَتَانِ فَصَاعِدًا

ص: 65

لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ، قَالَ قَوْمٌ: الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ لِمَجْمُوعِ الْمَوْصُوفِ وَالصِّفَةِ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: قَالَ الْأَصْحَابُ: الْمُجْمَلُ عَلَى أَوْجُهٍ: مِنْهَا: أَنْ لَا يَرْجِعَ اللَّفْظُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، كَقَوْلِهِ:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وَقَوْلُهُ عليه السلام: «إلَّا بِحَقِّهَا» فَإِنَّ الْحَقَّ يَشْتَمِلُ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَجْهُولٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: 1] فَإِنَّهُ صَارَ مُجْمَلًا لِمَا دَخَلَهُ الِاسْتِثْنَاءُ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَفْعَلَ صلى الله عليه وسلم فِعْلًا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ احْتِمَالًا وَاحِدًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ، فَهُوَ مُجْمَلٌ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ السَّفَرَ الطَّوِيلَ وَالْقَصِيرَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بِدَلِيلٍ. قَالَ: وَهَذِهِ الْوُجُوهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي إجْمَالِهَا وَافْتِقَارِهَا إلَى الْبَيَانِ. انْتَهَى.

وَمِنْهَا: فِي تَعَدُّدِ الْمَجَازَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ مَعَ مَانِعٍ يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ اللَّفْظَ يَصِيرُ مُجْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى تِلْكَ الْمَجَازَاتِ، إذْ لَيْسَ الْحَمْلُ عَلَى أَحَدِهَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ كَمَا هُوَ فِي الْمُشْتَرَكِ وَالْمُتَوَاطِئِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَالْهِنْدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يُحْمَلْ الْمُشْتَرَكُ عَلَى مَعَانِيهِ، لَكِنَّ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ حَمْلُهُ عَلَى سَائِرِ الْمَعَانِي احْتِيَاطٌ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانٍ. أَمَّا إذَا تَكَافَأَتْ الْمَجَازَاتُ، وَتَرْجِيحُ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ كَنَفَيْ الصِّحَّةِ، كَقَوْلِهِ:«لَا صَلَاةَ. . . وَلَا صِيَامَ» أَوْ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ غَرَضًا أَوْ أَعْظَمُ مَقْصُودًا، كَرَفْعِ الْحَرَجِ، وَتَحْرِيمِ الْأَكْلِ فِي:«رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي» وَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] حُمِلَ عَلَيْهِ.

ص: 66

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَلْفَاظٍ مِنْهَا: قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا عَامَّةٌ خَصَّصَهَا الْكِتَابُ. الثَّانِي: أَنَّهَا عَامَّةٌ خَصَّصَتْهَا السُّنَّةُ، الثَّالِثُ: أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ بَيَّنَهَا الْكِتَابُ. الرَّابِعُ: أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ بَيَّنَتْهَا السُّنَّةُ.

وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي آيَةِ الزَّكَاةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ:{وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا عَامَّةٌ خَصَّصَتْهَا السُّنَّةُ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ بَيَّنَتْهَا السُّنَّةُ، وَهُمَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَالتَّعْرِيفِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَاحِدٌ. وَفِيهِ سُؤَالٌ وَهُوَ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْرَدٌ مُعَرَّفٌ، فَإِنَّ عَمَّ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ فَلْيَعُمَّ فِي الْآيَتَيْنِ، أَوْ الْمَعْنَى فَلْيَعُمَّ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَلَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَلْيَسْتَوِيَا فِيهِ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي آيَةِ الْبَيْعِ الْعُمُومُ، وَفِي آيَةِ الزَّكَاةِ الْإِجْمَالُ. وَسَبَقَ جَوَابُهُ فِي بَابِ الْعُمُومِ.

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُجْمَلَةً، لِأَنَّ الْبَيْعَ مَعْقُولٌ فِي اللُّغَةِ، فَحُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى الْعُمُومِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ.

وَقَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ فِي الْبُيُوعِ الَّتِي فِيهَا الرِّبَا، فَأَمَّا بَيْعٌ لَا رِبَا فِيهِ فَدَاخِلٌ فِي عُمُومِ التَّحْلِيلِ، وَكَذَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّهُ مُجْمَلٌ فِيمَا اشْتَمَلَ عَلَى جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الزِّيَادَةِ دُونَ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَأْخَذُهُ مُحْتَمَلٌ، لِأَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ فِي الْمُفْرَدِ لِلْعُمُومِ أَوْ الْجِنْسِ الصَّادِقِ عَلَى الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ، أَوْ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِلْعُمُومِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ:{وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] جَارٍ مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، إذْ الرِّبَا هُوَ الزِّيَادَةُ، وَلَيْسَ كُلُّ زِيَادَةٍ حَرَامًا، وَبِهِ يُشْعِرُ تَفْصِيلُ الْإِمَامِ.

وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْعَهْدِ وَالْعُمُومِ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ لَا يَعُمُّ إلَّا عِنْدَ عَدَمِهِ، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ، ثُمَّ هُوَ جَزْمٌ بِالْإِجْمَالِ. وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي تَفْسِيرِهِ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: هَذِهِ الْآيَةُ مُجْمَلَةٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] يَقْتَضِي تَحْلِيلَ كُلِّ بَيْعٍ

ص: 67

وَقَوْلَهُ: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] يَقْتَضِي تَحْرِيمَ كُلِّ بَيْعٍ، لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ إلَّا وَتُقْصَدُ مِنْهُ الزِّيَادَةُ، فَالرُّجُوعُ إذْنٌ إلَى بَيَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقِيلَ: الْبَيْعُ الَّذِي لَا زِيَادَةَ فِيهِ هُوَ بَيْعُ عَشَرَةٍ بِعَشَرَةٍ مَعَ التَّجَانُسِ، فَهُوَ حَلَالٌ لَيْسَ فِيهِ إجْمَالٌ، وَإِنَّمَا الْإِجْمَالُ فِيمَا يَتَضَمَّنُ زِيَادَةً، فَبَعْضُ مَا يَتَضَمَّنُ الزِّيَادَةَ حَلَالٌ، وَالْبَعْضُ حَرَامٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذِهِ الْآيَةُ مُخَصَّصَةٌ لَا مُجْمَلَةٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ:{وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي قَوْلِهِ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] الْبَعْضُ دُونَ الْكُلِّ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ بِأَصْلِ الْوَضْعِ.

وَقِيلَ: إنَّ الْبَيْعَ مُجْمَلٌ، لِأَنَّ الرِّبَا مُجْمَلٌ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْبَيْعِ، وَاسْتِثْنَاءُ الْمَجْهُولِ مِنْ الْمَعْلُومِ يَعُودُ بِالْإِجْمَالِ عَلَى أَصْلِ الْكَلَامِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّ الرِّبَا عَامٌّ فِي الزِّيَادَاتِ كُلِّهَا، وَكَوْنُ الْبَعْضِ غَيْرَ مُرَادٍ فَرْعُ تَخْصِيصٍ، فَلَا تَتَغَيَّرُ بِهِ دَلَالَةُ الْأَوْضَاعِ.

وَمِنْهَا: الْآيَاتُ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا الْأَسْمَاءُ الشَّرْعِيَّةُ، كَقَوْلِهِ:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَوْله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَقَوْلُهُ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وَفِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا عَامَّةٌ غَيْرُ مُجْمَلَةٍ، فَتُحْمَلُ الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ دُعَاءٍ، وَالصَّوْمُ عَلَى كُلِّ إمْسَاكٍ، وَالْحَجُّ عَلَى كُلِّ قَصْدٍ، إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَعَانٍ لَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهَا فِي اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا تُعْرَفُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، فَافْتَقَرَتْ إلَى الْبَيَانِ، هَكَذَا حَكَاهُ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ "، وَجَعَلَهُمَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مَنْقُولَةٌ، أَوْ حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ. فَمَنْ قَالَ: مَنْقُولَةٌ، قَالَ: هِيَ مُجْمَلَةٌ. قَالَ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَمَنْ قَالَ: حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ. قَالَ: هِيَ عَامَّةٌ.

ص: 68

وَنَسَبَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي " شَرْحِ الْكِفَايَةِ " الْقَوْلَ بِالْإِجْمَالِ فِي هَذَا إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ: وَحَكَى أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ جَعَلَهُ مِنْ الْمُجْمَلِ، لِأَنَّ مَدْلُولَ الصَّلَاةِ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ مُخْتَلِفٌ. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ الِاسْتِدْلَالَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة: 43] ، لِأَنَّ الشَّرْعَ وَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ أَوْصَافًا وَشُرُوطًا، فَقَدْ ضَمَّ إلَى السَّرِقَةِ فِي آيَةِ الْقَطْعِ بِهَا نِصَابًا وَحِرْزًا، وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِعُمُومِ قَوْلِهِ:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، فَكَذَلِكَ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ.

وَمِنْهَا: الْأَلْفَاظُ الَّتِي عُلِّقَ التَّحْرِيمُ فِيهَا عَلَى الْأَعْيَانِ، كَقَوْلِهِ:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3]{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَفِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَا يَصِحُّ التَّعَلُّقُ بِظَاهِرِهَا، لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُوصَفُ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، وَإِنَّمَا الْمَوْصُوفُ بِهِمَا أَفْعَالُنَا، وَهِيَ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ، فَافْتَقَرَ إلَى بَيَانِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْأَفْعَالِ، وَمَا لَا يَحْرُمُ، وَبِهِ قَالَ الْكَرْخِيّ، وَتِلْمِيذُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ. وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا، فَاخْتَلَفُوا لِأَيِّ وَجْهٍ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ، أَنَّهَا لَيْسَتْ مُجْمَلَةً، لِأَنَّ الْمَعْقُولَ مِنْهُ التَّصَرُّفُ، فَيَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ وَوَطْئِهَا، وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَأَبِي عَلِيٍّ وَابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ، لِقَوْلِهِ:«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا، وَبَاعُوهَا، فَأَكَلُوا ثَمَنَهَا» فَدَلَّ عَلَى

ص: 69

أَنَّ تَحْرِيمَهَا أَفَادَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ، وَإِلَّا لَمْ يَتَّجِهْ اللَّعْنُ فِي الْبَيْعِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَسُلَيْمٌ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] لَا خِلَافَ أَنَّهُ مَا أُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمُ الْعَيْنِ نَفْسِهَا. وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ تَحْرِيمُ أَفْعَالِنَا، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: هِيَ حَقِيقَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْعَيْنِ، مَجَازٌ فِي تَحْرِيمِ الْفِعْلِ، فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ. وَلَنَا أَنَّ الصَّحَابَةَ احْتَجُّوا بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي إثْبَاتِ التَّحْرِيمِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُمْ رَجَعُوا فِي ذَلِكَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ.

وَجَعَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَهُ: «لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِجُنُبٍ وَلَا حَائِضٍ» . قَالَ: فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: مُجْمَلٌ، لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَدْخُلُ فِي التَّحْرِيمِ، إنَّمَا تَدْخُلُ الْأَفْعَالُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمُرُورَ أَوْ الْمُكْثَ، فَيَتَوَقَّفُ فِيهِ. وَقِيلَ: لَيْسَ إضْمَارُ أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ مُتَعَيِّنًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هِيَ عَيْنُ مَسْأَلَةِ الْمُقْتَضَى هَلْ لَهُ عُمُومٌ فِي جَمِيعِ مُقَدَّرَاتِهِ أَمْ لَا؟ وَابْنُ الْحَاجِبِ مِمَّنْ يَمْنَعُ الْعُمُومَ فِي بَابِهِ، وَيَقُولُ بِهِ هَاهُنَا، إلَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ نَفْيِ الْإِجْمَالِ وَالْعُمُومِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِهِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» عَلَى وَجْهَيْنِ:

ص: 70

أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ مُجْمَلٌ، لِأَنَّ الْمُجْمَلَ يُوجَدُ بِغَيْرِ النِّيَّةِ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ شَرْطًا فِي الْجَوَازِ أَوْ الْفَضِيلَةِ، وَلَا ذِكْرَ لَهُمَا فِي الْخَبَرِ، فَلَيْسَ إضْمَارُ أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَلَا يَجُوزُ دَعْوَى الْعُمُومِ فِيهِمَا، لِأَنَّ الْعُمُومَ لِلْأَلْفَاظِ، فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيهِ.

وَالثَّانِي: لَيْسَ بِمُجْمَلٍ، لِأَنَّهُ قَصَدَ بَيَانَ الشَّرْعِ دُونَ اللُّغَةِ، وَإِضْمَارُ أَحَدِهِمَا خِلَافُ الْأَصْلِ، فَيَجِبُ الْعُمُومُ. قَالَ: وَقُلْت: أَمَّا إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ قَصَدَ بَيَانَ الشَّرْعِ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ شَرْطًا فِي الْعَمَلِ دُونَ صِفَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ الْعَمَلُ شَرْعًا إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يُغْنِي عَنْ دَعْوَى الْعُمُومِ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: إذَا قِيلَ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، «وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» أَفَادَ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إذَا وَقَعَ بِهَذَا صَحَّ، وَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ لَمْ يَصِحَّ. وَهَذَا مَعْقُولُ الْخِطَابِ. وَقِيلَ: أَرَادَ الْكَمَالَ لَا الصِّحَّةَ. وَلَنَا إذَا بَطَلَ الصِّحَّةُ، بَطَلَ الْكَمَالُ أَيْضًا. فَهُوَ أَكْثَرُ عُمُومًا فَهُوَ أَكْثَرُ فَائِدَةً. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَوْلُهُ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، لَيْسَ الْمُرَادُ إخْرَاجَهُ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ صِحَّتَهُ أَوْ كَمَالَهُ، لَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَامِلًا بِنِيَّتِهِ. وَمِنْهَا: قَوْله تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ. لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ، وَالسُّنَّةُ بَيَّنَتْ الْبَعْضَ. وَحَكَاهُ فِي الْمُعْتَمَدِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ

ص: 71

آخَرُونَ: لَا إجْمَالَ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَتْ الْمَالِكِيَّةُ: يَقْتَضِي مَسْحَ الْجَمِيعِ، لِأَنَّ الرَّأْسَ حَقِيقَةٌ فِي جَمِيعِهِمَا، وَالْبَاءَ إنَّمَا دَخَلَتْ لِلْإِلْصَاقِ. وَقَالَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِيمَا حَكَاهُ " صَاحِبُ الْمَصَادِرِ ": إنَّهُ يَقْتَضِي التَّبْعِيضَ. قَالَ: لِأَنَّ الْمَسْحَ فِعْلٌ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى حَرْفِ التَّعَدِّيَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: مَسَحْته كُلَّهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُفِيدَ دُخُولُهُ الْبَاءَ فَائِدَةً جَدِيدَةً، فَلَوْ لَمْ يُفِدْ التَّبْعِيضَ لَبَقِيَ اللَّفْظُ عَارِيًّا عَنْ الْفَائِدَةِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنَّهَا حَقِيقَةٌ فِيمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ مَسْحِ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ، فَيَصْدُقُ بِمَسْحِ الْبَعْضِ. وَنَسَبَهُ فِي " الْمَحْصُولِ " لِلشَّافِعِيِّ. قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ هُنَا: وَهُوَ الْحَقُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِثْبَاتِهِ مَجِيءَ الْبَاءِ لِلتَّبْعِيضِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي الْحُسَيْنِ وَعَبْدِ الْجَبَّارِ ثُبُوتَ التَّبْعِيضِ بِالْعُرْفِ، وَاَلَّذِي فِي الْمُعْتَمَدِ لِأَبِي الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَنَّهَا تُفِيدُ فِي اللُّغَةِ تَعْمِيمَ مَسْحِ الْجَمِيعِ، لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا يُسَمَّى رَأْسًا، وَهُوَ اسْمٌ لِلْجُمْلَةِ لَا لِلْبَعْضِ، لَكِنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي إلْحَاقَ الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ إمَّا جَمِيعَهُ، وَإِمَّا بَعْضَهُ، فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ الْأَوْلَى، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ لَا إجْمَالَ. اهـ.

قُلْتُ: وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ": فَكَانَ مَعْقُولًا فِي الْآيَةِ أَنَّ مَنْ مَسَحَ مِنْ رَأْسِهِ شَيْئًا، فَقَدْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَلَمْ تَحْتَمِلْ الْآيَةُ إلَّا هَذَا، وَهَذَا أَظْهَرُ مَعَانِيهَا، أَوْ مَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ. قَالَ: فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنْ لَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ مَسْحَ رَأْسِهِ كُلِّهِ، وَإِذَا دَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ فَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ مَنْ مَسَحَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ. اهـ. فَلَمْ يَثْبُتْ التَّبْعِيضُ بِالْعُرْفِ كَمَا زَعَمَ ابْنُ الْحَاجِبِ.

ص: 72

وَقَالَ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ ": يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مُجْمَلًا، لِأَنَّهُ إذَا أَفَادَ إلْصَاقَ الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ تَعْمِيمٍ أَوْ تَبْعِيضٍ صَارَ مُحْتَمِلًا لَهُمَا، فَيَصِيرُ مُجْمَلًا. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ صَارَ مُفِيدًا لِلتَّبْعِيضِ مَمْنُوعٌ.

وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: مَذْهَبُ الْأَوَّلِينَ أَقْرَبُ إلَى النَّصِّ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ أَقْرَبُ إلَى الْفِعْلِ.

وَمِنْهَا قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: آيَةُ السَّرِقَةِ مُجْمَلَةٌ، إذْ الْيَدُ لِلْعُضْوِ مِنْ الْمَنْكِبِ وَالْمَرْفِقِ وَالْكُوعِ لِاسْتِعْمَالِهَا فِيهَا، وَالْقَطْعُ لِلْإِبَانَةِ وَالشَّقِّ، لِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِيهِمَا وَمَنَعَهُ الْجُمْهُورُ، بَلْ الْيَدُ حَقِيقَةٌ فِي الْعُضْوِ إلَى الْمَنْكِبِ، وَلِمَا دُونَهُ مَجَازٌ، لِصِحَّةِ بَعْضِ الْيَدِ، وَلِفَهْمِ الصَّحَابَةِ إذْ مَسَحُوا إلَى الْآبَاطِ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَالْمَجَازُ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْيَدُ فِي الشَّرْعِ تُسْتَعْمَلُ مُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً، فَالْمُطْلَقَةُ تَنْصَرِفُ إلَى الْكُوعِ بِدَلِيلِ آيَةِ التَّيَمُّمِ، وَآيَةِ السَّرِقَةِ وَآيَةِ الْمُحَارَبَةِ. وَقَوْلِهِ:«فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا» وَقَوْلِهِ: «إذَا أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالْمُقَيَّدَةُ بِحَسَبِ مَا قُيِّدَتْ بِهِ، كَآيَةِ الْوُضُوءِ، فَلَا إجْمَالَ، وَالْقَطْعُ حَقِيقَةٌ فِي الْإِبَانَةِ، وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الشِّقِّ لِوُجُودِهَا فِيهِ، وَالتَّوَاطُؤُ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ.

وَمِنْهَا: مَا وَرَدَ مِنْ الْأَوَامِرِ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] وَقَوْلُهُ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] قَوْلُهُ عليه السلام: «الثَّيِّبُ تُشَاوَرُ» فَذَهَبَ

ص: 73