الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سِيقَتْ لِبَيَانِ اسْتِحْقَاقِهِمْ سَهْمًا مِنْ الْغَنِيمَةِ، لَا لِبَيَانِ أَنَّ الْكُفَّارَ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بِالِاسْتِيلَاءِ، لَكِنْ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ اللَّهَ سَمَّاهُمْ فُقَرَاءَ، مَعَ إضَافَةِ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ. وَالْفَقِيرُ: اسْمٌ لِعَدِيمِ الْمَالِ، لَا لِمَنْ لَا تَصِلُ يَدُهُ إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مَالِكًا لَهُ، فَلَوْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِهِمْ لَكَانَتْ التَّسْمِيَةُ الْمَذْكُورَةُ مَجَازًا، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ. وَضُعِّفَ بِأَنَّ التَّسْمِيَةَ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ لَكِنَّ إضَافَةَ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ تَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِمْ، إذْ الْأَصْلُ فِي الْإِضَافَةِ الْمِلْكُ، فَلَيْسَ حَمْلُهُمْ الْإِضَافَةَ عَلَى التَّجَوُّزِ، وَإِجْرَاءُ التَّسْمِيَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ.
[مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ]
ِ وَالْمَعْنَى اللَّازِمُ مِنْ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ، إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِمَدْلُولِ ذَلِكَ الْمُرَكَّبِ فِي الْحُكْمِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ، وَالْأَوَّلُ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ، لِأَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ مُوَافِقٌ لِلْمَلْفُوظِ بِهِ، وَيُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ، لِأَنَّ فَحْوَى الْكَلَامِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ، وَهَذَا كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ بِهِ أَوْ مُسَاوٍ لَهُ، وَيُسَمَّى أَيْضًا لَحْنَ الْخِطَابِ لَكِنَّ لَحْنَ الْخِطَابِ مَعْنَاهُ. قَالَ تَعَالَى:{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30] . هَكَذَا قَالَ الْأُصُولِيُّونَ.
وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَحْوَى وَلَحْنِ الْخِطَابِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَحْوَى مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، وَاللَّحْنُ مَا لَاحَ فِي أَثْنَاءِ اللَّفْظِ. وَالثَّانِي: الْفَحْوَى مَا دَلَّ عَلَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَلَحْنُ الْقَوْلِ مَا دَلَّ عَلَى مِثْلِهِ. اهـ. وَذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ " أَنَّ فَحْوَى الْخِطَابِ: مَا دَلَّ الْمُظْهَرُ عَلَى الْمُسْقَطِ، وَلَحْنُ الْقَوْلِ: مَا يَكُونُ مُحَالًا عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ فِي الْأَصْلِ وَالْوَضْعِ مِنْ الْمَلْفُوظِ، وَالْمَفْهُومُ: مَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْمُظْهَرَ وَالْمُسْقَطَ كَقَوْلِهِ: (فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ)، فَالْمُرَادُ بِهِ إثْبَاتُ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَإِسْقَاطُهَا فِي غَيْرِهَا. وَمِثْلُ فَحْوَى الْخِطَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] . وَقَوْلُهُ: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} [الشعراء: 63] . أَيْ فَضُرِبَ فَانْفَلَقَ، لِأَنَّ الْفَحْوَى هُوَ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الْمُرَادُ بِهِ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ الْمُظْهَرِ عَلَى الْمُضْمَرِ الْمَحْذُوفِ. قَالَ: وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِي يُجَوِّزُ الْوَقْفَ عَلَى قَوْله تَعَالَى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} [الشعراء: 63] ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ: {فَانْفَلَقَ} فَقُلْت لَهُ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ:{أَنْ اضْرِبْ} وَقَوْلَهُ: {فَانْفَلَقَ} بِمَجْمُوعِهِمَا يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْقَطِ، فَلَمْ يَجُزْ الْوَقْفُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَأَمَّا لَحْنُ الْقَوْلِ فَهُوَ غَيْرُ هَذَا، وَيُسَمَّى بِهِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يُذْكَرُ