الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَمْتَنِعُ عَلَى مَنْ بِالْمَسْجِدِ أَنْ يَبْصُقَ إلَى خَارِجِ الْمَسْجِدِ؟ فِيهِ هَذَا الْعَمَلُ.
[تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ ظَرْفَيْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ رَاجِعٌ إلَى الصِّفَةِ]
ِ عِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ]
أَشَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَى رُجُوعِ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إلَى الصِّفَةِ، لِأَنَّ الظَّرْفَيْنِ يُقَدَّرُ فِيهِمَا الصِّفَةُ. فَإِذَا قُلْت: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، فَالْمُرَادُ كَائِنٌ فِيهَا. وَإِذَا قُلْت: الْقِيَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَالْمُرَادُ وَاقِعٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْكَوْنُ وَالْوُقُوعُ صِفَتَانِ.
[النَّوْعُ التَّاسِعُ مَفْهُومُ الْغَايَةِ وَمَدُّ الْحُكْمِ بِإِلَى وَحَتَّى]
كَقَوْلِهِ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]{وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وَقَوْلِهِ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ الْحَوْلِ، لِأَنَّ الْحَوْلَ جُعِلَ غَايَةً لِلشَّيْءِ، وَغَايَةُ الشَّيْءِ آخِرُهُ. وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، فَقَالَ فِي " الْأُمِّ ": وَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ غَايَةً، فَالْحُكْمُ بَعْدَ مُضِيِّ الْغَايَةِ فِيهِ غَيْرُهُ قَبْلَ مُضِيِّهَا. ثُمَّ مَثَّلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} [النساء: 101] الْآيَةَ. وَكَانَ فِي شَرْطِ الْقَصْرِ لَهُمْ بِحَالَةٍ مَوْصُوفَةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ غَيْرُ الْقَصْرِ. اهـ.
وَقَدْ اعْتَرَفَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ مُنْكِرِي الْمَفْهُومِ الشَّرْطِيِّ، كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَالْغَزَالِيِّ، وَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُعْظَمُ نُفَاةِ الْمَفْهُومِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَحَكَى ابْنُ بَرْهَانٍ، وَصَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَقَالَ سُلَيْمٌ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي ذَلِكَ. وَخَالَفَ الْأَشْعَرِيَّةُ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ ": صَارَ مُعْظَمُ نُفَاةِ دَلِيلِ الْخِطَابِ إلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِحُرُوفِ الْغَايَةِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ وَرَاءَ الْغَايَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَكُنَّا قَدْ نَصَرْنَا إبْطَالَ حُكْمِ الْغَايَةِ فِي كُتُبٍ، وَالْأَوْضَحُ عِنْدَنَا الْآنَ الْقَوْلُ بِهَا، فَإِذَا قَالَ: اضْرِبْ عَبْدِي حَتَّى يَتُوبَ، اقْتَضَى ذَلِكَ بِالْوَضْعِ الْكَفَّ عَنْ ضَرْبِهِ إذَا تَابَ، وَلِهَذَا أَجْمَعُوا عَلَى تَسْمِيَتِهَا حُرُوفَ الْغَايَةِ، وَغَايَةُ الشَّيْءِ نِهَايَتُهُ. فَلَوْ ثَبَتَ الْحُكْمُ بَعْدَهَا لَمْ تَفْدِ تَسْمِيَتُهَا غَايَةً.
قَالَ: وَهَذَا مِنْ تَوْقِيفِ اللُّغَةِ مَعْلُومٌ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ: تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْغَايَةِ مَوْضُوعٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا. وَاحْتَجَّ الْقَاضِي أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّك تَقْدِرُ فِي غَايَةِ الطُّهْرِ فَتَقُولُ فِي: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] تَقْدِيرُهُ فَاقْرُبُوهُنَّ، وَفِي:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] فَتَحِلُّ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِيمَا بَعْدَ الْغَايَةِ مِنْ جِهَةِ الْمَنْطُوقِ لَا الْمَفْهُومِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
وَكَذَا قَالَ الْعَبْدَرِيُّ فِي، الْمُسْتَوْفَى "، وَابْنُ الْحَاجِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى " الْمُسْتَصْفَى ": عَدُّ الْأُصُولِيِّينَ الْمُغَيَّا " بِإِلَى، وَحَتَّى " فِي الْمَفْهُومِ جَهْلٌ بِكَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنَّ الْمُخَالِفَ بِمَا يَقْتَضِيهِ " حَتَّى وَإِلَى " لَا مِنْ جِهَةِ الْمَفْهُومِ.