الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[النَّوْعُ الْخَامِسُ مَفْهُومُ الْعَدَدِ]
ِ وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ الْعَدَدِ زَائِدًا كَانَ أَوْ نَاقِصًا، كَقَوْلِهِ:«إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا» ، وقَوْله تَعَالَى:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَهُوَ دَلِيلٌ مُسْتَعْمَلٌ كَالصِّفَةِ سَوَاءٌ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ. وَنَقَلَهُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَا الْقَاضِيَانِ: أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ "، وَسُلَيْمٌ. قَالَ: وَهُوَ دَلِيلُنَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَالتَّحْرِيمِ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ مِنْ " الْمَطْلَبِ ": إنَّهُ الْعُمْدَةُ لَنَا فِي عَدَمِ تَنْقِيصِ الْأَحْجَارِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ عَنْ الثَّلَاثَةِ، وَالزِّيَادَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَتَعَجَّبْت مِنْ النَّوَوِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ بَاطِلٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ. قَالَ: وَلَعَلَّهُ سَبَقَ الْوَهْمُ إلَيْهِ مِنْ اللَّقَبِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْخَطَّابِ الْحَنْبَلِيُّ عَنْ مَنْصُوصِ أَحْمَدَ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَدَاوُد. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَدُلُّ، وَهُوَ رَأْيِ مُنْكِرِي الصِّفَةِ كَالْقَاضِي، وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ. وَقَدْ قَالَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ. فَقَالَ فِي قَوْلِهِ: «خَمْسٌ
فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» : إنَّهُ يَبْقَى غَيْرُهَا بِالْعَدَدِ. وَأَجَابَ عَنْ (خَمْسِ رَضَعَاتٍ) بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَنْتِفْ تَحْرِيمُ الرَّضْعَةِ، لِثُبُوتِهِ فِي إطْلَاقِ:{أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] الصَّرِيحِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ: كُنْت أَسْمَعُ كَثِيرًا مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ فِي الْمَخْصُوصِ: إنَّهُ حُجَّةٌ، كَقَوْلِهِ:(خَمْسٌ فَوَاسِقُ) . وَقَوْلِهِ: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ، وَدَمَانِ» ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُمَا مِنْ الْمَيِّتَةِ غَيْرُ مُبَاحٍ. وَلَقِيت مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ قَدْ احْتَجَّ بِهِ، وَلَا أَعْرِفُ جَوَابَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْهُ. قَالَ: وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالْعَدَدِ كَمَا ذَكَرْنَا فَيَكُونَ حُجَّةً، وَبَيْنَ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِهِ كَقَوْلِهِ:«الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» ، إلَى آخِرِ الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: إنَّ الرِّبَا فِي السِّتَّةِ، كَمَا قِيلَ: خَمْسٌ يَقْتُلهُنَّ الْمُحْرِمُ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْعَدَدِ إذَا وَرَدَ مَقْرُونًا بِاللَّفْظِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، ثُمَّ نَاقَضُوا أَصْلَهُمْ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ، فَجَعَلُوهُ أَقْوَى النَّصَّيْنِ، وَمَنَعُوا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَقَالُوا: إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ التَّغْرِيبِ. وَمِمَّنْ أَنْكَرَ الْعَدَدَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ بَعْدَ تَفْصِيلٍ سَبَقَهُ إلَيْهِ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ "، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْآمِدِيُّ أَيْضًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ، فَإِنَّهُ قَالَ: