المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، قال في محكم التنزيل {نبئ - شعاع من المحراب - جـ ١

[سليمان بن حمد العودة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌مقدمة الجزء الاول

- ‌محنة يوسف عليه السلام القصة والعبر

- ‌الخطبة الأولى:

- ‌الخطبة الثانية:

- ‌الإمام الشافعي والنيل من العلماء

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(1) المسلم بين الخوف والرجاء

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(2) المسلم بين الخوف والرجاء

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌ومن يتوكل على الله فهو حسبه

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌محنة التتر أحداث وعبر

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌عين جالوت بين جهاد الأمراء وإخلاص العلماء

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(1) حصائد الألسن

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(2) حصائد الألسن

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(3) حصائد الألسن

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌معالم في تاريخ اليهود

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌المعركة مع اليهود لماذا وإلى أين

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(1) ثروة الأمة والفاحشة الآثمة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(2) أسباب الفاحشة ومحاورها الرئيسة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(3) طرق العلاج وقنوات الإصلاح في إصلاح الشباب

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌دواعي التوبة في رمضان

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌التوبة النصوح

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌من عوامل الثبات على دين الله

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌من أسباب الهداية

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌بين تدبر القرآن وهجره

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(1) طريق المغفرة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(2) طريق المغفرة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(1) اليوم الأغر

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌(2) اليوم الأغر سننه وأحكامه

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌فيض العشر وفضل الدعاء

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌النصر والتمكين في يوم عاشوراء

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌ليث الإسلام والبطل الهمام

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌لماذا يتأخر النصر

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌السلف والوقت

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌من أخطائنا في الصلاة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌أول ما يرفع من هذه الأمة

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الخشوع الغائب

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌حرب العقائد والدرس المستفاد

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌المرض الوافد

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

- ‌فرض الحج ومنافعه

- ‌الخطبة الأولى

- ‌الخطبة الثانية

الفصل: ‌ ‌الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، قال في محكم التنزيل {نبئ

‌الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، قال في محكم التنزيل {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي هو العذاب الأليم} (1) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يضاعف الحسنات ويعفو عن الزلات، وما يزال العبد بخير ما زال يرجو رحمته ويخاف عذابه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، كان من أشد الناس خوفًا من الله، وأكثرهم رجاءً به، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إخوة الإسلام حضر أحد السلف- عبد الأعلى التيمي- جارًا له قد حضره الموت فقال له: أبا فلان: ليكن جزعك لما بعد الموت أكثر من جزعك من الموت، وأعد لعظيم الأمور حسن الظن بالله عز وجل» (2).

وهنا يرد السؤال: متى يكون الخوف أفضل، ومتى يكون الرجاء أفضل؟ قال السري بن المغلس: الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحًا، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل من الخوف، فقال له رجل: كيف يا أبا الحسن؟ قال: لأنه إذا كان في صحته محسنًا عظم رجاؤه عند الموت وحسن ظنه بربه، وإذا كان في صحته مسيئًا ساء ظنه عند الموت ولم يعظم رجاؤه.

قال البيهقي رحمه الله معلقًا/ وإنما أراد به خوفًا يمنعه من معصية الله عز وجل، ويحمله على طاعته، حتى إذا حضره الموت عظم رجاؤه في رحمة ربه، وكثر عمله في إحسان الله ثقة منه بوعد الله عز وجل (3).

(1) سورة الحجر، الآيتان: 49، 50.

(2)

أبو نعيم في الحلية 5/ 87، شعب البيهقي 1/ 289.

(3)

ثلاث شعب من الجامع لشعب الإيمان البيهقي 1/ 289.

ص: 40

ويربط ابن القيم رحمه الله بين حسن الظن وحسن العمل فيقول: ولا ريب أن حسن الظنّ إنما يكون مع الإحسان فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده .. ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها، فالذي حمله على العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه حسن عمله، وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز (1).

وهكذا يربط ابن القيم بين حسن الظن وحسن العلم، ويوضح أثر حسن الظن بالله على حسن العمل، وتأملوا هذا الحديث من مشكاة النبوة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«حسن الظن من حسن العبادة» (2).

ومرة أخرى يوضح ابن القيم الفرق بين حسن الظن والغرور فيقول: وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور، وأن حسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساعده وساقه إليه فهو صحيح، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور (3) والرجاء بلا عمل- اجتراء على الله عز وجل كما قيل (4).

وهذا عبد الله بن خبيق يقسم الناس إلى ثلاثة أصناف، ويقول: الرجال ثلاثة: رجل عمل حسنةً فهو يرجو ثوابها، ورجل عمل سيئة ثم تاب فهو يرجو المغفرة، والثالث: الرجل الكذاب يتمادى في الذنوب ويقول: أرجو المغفرة، ومن عرف نفسه بالإساءة ينبغي أن يكون خوفه غالبًا (5).

(1) الجواب الكافي ص 26 - 28.

(2)

رواه أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم وصححه وأقره الذهبي 14/ 241، شعب البيهقي 1/ 298.

(3)

الجواب الكافي ص 46.

(4)

شعب البيهقي 1/ 298.

(5)

السابق 1/ 297.

ص: 41

وأنشد بعضهم:

ما بال دينك ترضى أن تدنسه

وإن ثوبك مغسول من الدنس

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها

إن السفينة لا تجري على اليبس (1)

ومن حكم لقمان أنه قاله لابنه، يا بني اُرج الله رجاءً لا يجرئك محلى معصيته، وخف الله خوفًا لا يؤيسك من رحمته.

قال ابن القيم رحمه الله: الرجاء حاد يحدو به في سيره إلى الله، فلولا الرجاء لما سار أحد، فإن الخوف وحده لا يحرك العبد، وإنما يحركه الحب، ويزعجه الخوف، ويحدوه الرجاء (2).

وإذا علم حد الرجاء الشرعي وعلم حسن الظن بالله على مفهومه الصحيح، فقد كان للسلف رحمهم الله أقوال ومأثورات في تطميع الناس بفضل الله وسعة رحمته وعدم الانقطاع عن رجائه والوقوف ببابه، بل كانوا يحذرون من تيئيس الناس وتقنيطهم من رحمة الله.

فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين دخل عليها عبيد بن عمير قالت: أعمير بن قتادة؟ قالوا: نعم، قالت: أحدث أنك تجلس ويجلس إليك، قال: بلى يا أم المؤمنين فقالت: «فإياك وإملال الناس وتقنيطهم» (3)

ومر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على قاص وهو يذكر فقالت: يا مذكر لا تقنط الناس، ثم قرأ {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا} (4) وليس الأمر قصرًا على عائشة وابن مسعود في تطميع

(1) السابق 1/ 304.

(2)

مدارج السالكين 2/ 52.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه وغيره بإسناد حسن، شعب البيهقى 1/ 324.

(4)

سورة الزمر، الآية: 53 (أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وغيره، شعب البيهقي 1/ 325.

ص: 42

الناس بفضل الله وعدم تقنيتهم، بل كان ديدن الصحابة رضوان الله عليهم عدم التشديد حتى قال عمير بن إسحاق:«كان ممن أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سبقني، فما رأيت قومًا أهون سيرة ولا أقل تشديدًا منهم» (1).

وما بالهم لا يكونون كذلك وهذا قدوتهم ومعلم البشرية وهاديها بإذن ربها يقول وقد خرج على رهط من أصحابه وهم يتحدثون، والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، فلما انصرفوا: أوحى الله إليه: يا محمد لم تقنط عبادي، فرجع إليهم فقال:«أبشروا وقاربوا وسددوا» (2).

قال البيهقي رحمه الله: ففي هذا دلالة على أنه لا ينبغي أدن يكون خوفه بحيث يؤيسه ويقنطه من رحمة الله، كما لا ينبغي أن يكون رجاؤه بحيث يأمن مكر الله أو يجرئه على معصية الله عز وجل (3).

وينبغي أن تكون هذه وتلك منهجًا لمن يتصدرون لتعليم الناس وتوجيههم.

اللهم ارزقنا خوفك ورجاءك ووفقنا لطاعته واسلك بنا سبيل أوليائك يا رب العالمين

هذا وصلوا

(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات 7/ 220، وابن عدي في الكامل 5/ 1724، والبيهقي في شعبه 1/ 322.

(2)

أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وابن حبان وإسناده صحيح، شعب البيهقي 1/ 328.

(3)

شعب البيهقي 1/ 328.

ص: 43