الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أيها المسلمون، من المعالم القرآنية التي حكم الله بها على اليهود: التفرق والشتات والخلاف ماض فيهم إلى يوم القيامة، يقول تعالى:{وقطعناهم في الأرض أممًا} (1) ويقول تعالى: {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} (2) ويقول تعالى: {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون} (3).
فهذه سنة ماضية من سنن الله في اليهود، يعلمها من يقرأ تاريخهم قديمًا وحديثًا، ودعونا نطوي صفحة الماضي حتى لا يظن أننا نتعلق دائمًا بالماضي، ففي عصرنا الحاضر وفي دولة إسرائيل اليوم من التفرقة العنصرية بين اليهود الغربيين الذين دون «الأشكنازيم» وبين اليهود الشرقيين الذين يسمون «السفارديم» من العداوة والبغضاء والكره ما الله به عليم، وليست تلك عداوة عنصرية لاختلاف المواقع، لكنها طبع، وتحقيق لموعود الله فيهم، وإليك هذا النص المؤكد لاستمرار عداوتهم، تقول يهودية روسية ذات ثقافة أكاديمية: «صحيح أننا نكرههم- تقصد اليهود الغربيين- وصحيح أنهم يكرهوننا، إننا إسرائيليون وهم إسرائيليون، يبدو أن سورًا كبيرًا يفصل بيننا، إننا نعيش في مستويات مختلفة ومفاهيم مختلفة، إننا نتحدث بشكل آخر ونفكر بشكل آخر، وينظر الواحد منا إلى الثاني بشكل آخر، إن هذا لأكثر من طائفتين
(1) سورة الأعراف، الآية:168.
(2)
سورة المائدة، الآية:64.
(3)
سورة الحشر، الآية:14.
مختلفتين، هذا بمثابة شعبين مختلفين، صدقني هذه ليست عنصرية، إن ذلك ليس مسألة لون جلد، ولا مسألة البلد الأصلي، إن الذي يحدث ناجم عن الكراهة الثقافية، إنني أكرههم فإنني أتخوف من الانتقال ليلاً في تلك الشوارع التي يتجولون فيها، إنني أكرههم بسبب نظرتهم، بسبب كلماتهم البذيئة التي يطلقونها خلفنا، وبسبب جميع الأعمال الخسيسة التي يحاولون القيام بها ضدنا.
إلى آخر مقالها الذي يعبر عن الكره بين طوائف اليهود وصدق الله: {وتحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى} (1).
إخوة الإيمان فلا تظنوا والحالة تلك أن يهود اليوم صف واحد وبنيان مرصوص، كلا فبنيانهم أوهى من بيت العنكبوت وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت، وما يخيل لبعض المسلمين اليوم من هيبة اليهود وقوة اليهود واجتماع كلمتهم إنما يبرز بسبب واقع المسلمين من الضعف والفرقة والشتات، وسيبصر المسلمون حقيقة الحال ويتأكدون من وصف القرآن إذا صلحت أحوالهم وعادوا إلى كتاب ربهم والتزموا شريعته، هناك يزول السراب الخادع، وتذهب الغشاوة عن العيون، ويأذن الله بنصر المسلمين، ويفر اليهود كما تفر الفئران من أرض المعركة، يحتمون بالقصور والحصون، غير قادرين على مواجهة المسلمين وحينها يعلم السلمون مصداق قوله تعالى {لا يقاتلونكم جميعًا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون} .
إخوة الإسلام إن المعالم في تاريخ اليهود كثيرة، وإن آيات القرآن عنهم
(1) معالم قرآنية في الصراع مع اليهود ص 243، حاشية 10.
بليغة، وليس هذا حصرًا لها بقدر ما هو إشارة إلى بعض منها، وللمزيد من العلم أنصح بالاطلاع على عدد من الكتب عن اليهود ومنها:
أ- جذور البلاء (عبد الله التل)
2 -
صراعنا مع اليهود (محمد ماضي)
3 -
صراعنا مع اليهود (محمد عثمان شير)
4 -
مكائد يهودية عبر التاريخ (عبد الرحمن حبنكة الميداني)
5 -
اليهود في القرآن (محمد عزة دروزه)
6 -
اليهود وراء كل جريمة (وليم كارل)
7 -
اليهود والماسونية (الشيخ عبد الرحمن الدوسري .. رحمه الله
8 -
وأخيرًا صدر كتاب جيد بعنوان: معالم قرآنية في الصراع مع اليهود (الدكتور/ مصطفى مسلم .. )
ولا شك أن العلم والوعي بهذه الحقائق مهم في كل زمان ومكان، وهو في هذا الزمان أهم، وقد قيل إن معرفة المؤمنين بحالهم وحال أعدائهم نصف المعركة (1).
ويبقى الشقّ الآخر وهو العمل والاستعداد فمجرد العلم وحده لا يكفي، وليست هذه المعرفة خاصة بطبقة دون أخرى، ولا بحاكم دون محكوم، ولا بذكر دون أنثى، فكل عليه كفله من المسؤولية، فليبدأ بإصلاح نفسه وتسديد عيوبه وتنمية معارفه، وليحذر من الخداع والتزوير وليجعل الكتاب والسنة دليله في هذه الحياة.
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردًّا جميلاً يا كريم.
(1) سيد قطب: الظلال 6/ 3529.