الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين أمر عباده بالحسنى فقال: {وقولوا للناس حسنًا} ونهى عن الفحشاء في الأقوال والأفعال ما ظهر منها وما بطن، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له يحب التوابين ويحب المتطهرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أزكى البشر خلقًا وأعفهم لسانًا.
اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه المرسلين، وعلى آله وصحابته والتابعين ومن تبعهم وسار على هداهم إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد .. إخوة الإسلام، فإن الآفة السابعة من آفات اللسان: الفحش والسب وبذاءة اللسان، وحد الفحش هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة (1).
ومن أدب الإسلام ومن كمال مروءة المسلم أن يكني عنها، ويذكرها بعبارات أو رموز تفهم المقصود دون ذكر للفظ المستكره الفاحش، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو قدوة الخلق جاء في صفته- أنه لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخابًا في الأسواق (2).
أما السب فلا ينبغي أن يصدر من المسلم لأي بشر كان، فإن كلام مسلمًا فقد جاء في الحديث أن «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» وإن كان غير ذلك فلا يزيده السب إلا عتوًا وإعراضًا والله تعالى يقول {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} (3) والمسلم طاهر اللسان عفيف
(1) الإحياء/ 1563.
(2)
مختصر شمائل الترمذي/ الألباني/ 182.
(3)
سورة النحل، الآية:125.
القول بعيد عن البذاءة وإيذاء الخلق باللسان، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسم المنهج في تعامل المسلم مع غيره، ويقول للرجل الذي جاءه يقول: أوصني يا رسول الله: فقال: «عليك بتقوى الله، وإن امرؤ عيرك بشيء يعلمه فيك فلا تعيره بشيء تعلمه فيه، يكن وباله عليه وأجره لك، ولا تسبن شيئًا» قال الرجل: فما سببت شيئًا بعده (1).
أخي المسلم أختي المسلمة، والآفة الثامنة آفة اللعن وما أسهلها عند بعض الناس، وما أكثرها على ألسنة بعض العوام، سواء كان اللعن لإنسان أو حيوان أو حمار، والمؤمن- كما جاء في الحديث- ليس بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذي (2) وهل يرضى أحد لنفسه أن يبعد يوم القيامة عن الشفاعة والشهادة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة» (3) - وحتى تعلموا أثر اللعن للحيوان فضلاً عن الإنسان أسوق لكم هذه الحادثة التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي بردة الأسلمي رضي الله عنه قال: بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ بصرت بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتضايق بهم الجبل، فقالت حَل اللهم العنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تصاحبنا ناقة فيها لعنة» (4) فتأملوا معاشر المسلمين في هذه النصوص وكفوا ألسنتكم عن السب والشتم واللعن، وقوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة، وأدبوا أولادكم وأهليكم بأدب الإسلام.
(1) الحديث رواه أحمد والطبراني بسند جيد، الإحياء/ 1563.
(2)
حديث صحيح رواه أحمد والترمذي وغيرهما صحيح الجامع 5/ 899، رياض الصالحين/ 501.
(3)
الحديث رواه مسلم (رياض الصالحين/ 501).
(4)
رواه مسلم، رياض الصالحين/ 502.
الآفة التاسعة الغناء والشعر المذموم. وهذا وربي يحتاج إلى كلام طويل نظرًا لافتتان الناس به وكثرة رواجه، سواء بقوله أو الاستماع إليه، ولاسيما رديء الكلام وسواقط العبارات والتشبب بالنساء، ومغازلة الحبيب والبكاء على الحبيبة، وما شابه ذلك من عبارات الحب والغرام التي لا يكاد يخرج عنها غناء اليوم، وهل يستحمل واقع المسلمين اليوم مثل هذه العبارات والمئات منهم يموتون جوعًا، وأفواج أخرى تموت تحت مطارق المجرمين، وفي مكان ثالث تغتصب النساء وتشرد الأطفال، وتهدم البيوت والمساجد، وتخد الأخاديد وتحفر القبور الجماعية للمسلمين أفيسوغ لنا أن نلهو ونعبث ونبكي على الحبيبة والحبيب، وتلك حال إخواننا المسلمين .. حتى ولو كان النصر حليفنا والعزة والتمكين شعارنا فما ينبغي أن نقترف ما حرم الله، وهناك رسائل عدة ألفها العلماء في تحريم الغناء ليس هذا موضع بسطها- ويكفي هنا أن أشير إلى قوله تعالى:{ومن الناس من يتخذ لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} (1) وكالة بعض الصحابة يقسم ثلاثًا: والله إن لهو الحديث لهو الغناء. ويكفي لذلك أن نذكر بالحديث الصحيح الذي رواه البخاري في حرمة الغناء والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يستحل قوم من أمتي الحر والحرير والمعازف» .. الحديث.
والنص واضح في حرمتها لكن هناك من يستحلونها .. فتنبهوا لذلك معاشر المسلمين، وتوبوا إلى ربكم توبة نصوحًا وترفعوا عن الدنايا ترشدوا.
أيها المسلمون هذه طائفة من حصائد الألسن وآفاتها، وهناك آفات غيرها .. وسيتبع الحديث عنها بإذن الله- والسعيد من استفاد من يومه لغده/ والعاقل من استبرأ لدينه وعرضه، والمؤمن من آمن بما جاء من عند الله، وصدق وامتثل ما
(1) سورة لقمان، الآية:6.
قاله رسول الله، جعلني الله وإياكم من المؤمنين المصدقين .. وسلك بنا طريقه المستقيم، وعصمنا من مضلات الفتن.
هذا وصلوا