الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالين، أمر المؤمنين بالتعاون على البر والتقوى، ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى سائر المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وارض اللهم عن أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها السلمون ..
3 -
للجماعات والجمعيات الخيرية دورها في استصلاح الشباب، فجماعات تحفيظ القرآن الكريم تعنى بتعليم كتاب الله وتحفيظه وتجويده، ولا شك أن العكوف على حفظ كتاب الله والتفرغ له، وقضاء شطر من حياة الشاب في سبيله .. لا شك أن ذلك عنوان خير، وطريق للفلاح والسعادة، والقرآن يهدي للتي هي أقوم، وبقدر ما تنتشر الحلق في حي أو بلدة بقدر ما يتوفر الخير ويتقلص الشر.
وبقدر ما نشكر القائمين على هذه الجماعات ونسأل الله لهم المثوبة، فإننا نأمل أن تزيد من مناشطها فتخدم كتاب الله بالدروس النافعة التي توضح مجمل القرآن، وتكشف عن إعجازه، وتقرب معانيه وترسخ مفاهيمه في أذهان الشباب والشابات.
كما نأمل أن تضاعف الحلق مناشطها في الإجازات الصيفية، سواء على مستوى البنين أو على مستوى البنات، وأن تضع لذلك من الدورات والحوافز ما يستنهض همم الأبناء والبنات، ويدعوهم إلى استثمار أوقاتهم وبناء عقولهم وإصلاح قلوبهم.
أما جمعيات البر الخيرية فلها رسالة جليلة في خدمة الفقراء وسد حاجات المعوزين، والالتفات للفقراء والمساكين، وهو جهد يذكر فيشكر لهذه الجمعيات والقائمين عليها.
وما أجمل رسالة الجمعية حين تهدي للفقراء والمساكين الرسالة الطيبة، والكتيب النافع والشريط الجيد مع إهدائها للغذاء والملبس، وما أروع رسالة الجمعية وهي تعنى باليتامى والأرامل فتقدم لهم البرامج المفيدة، وتفكر في أساليب ربطهم بالحياة بعيدًا عن استجداء الآخرين أو تسولهم مع عامة المتسولين، وليست يخفى أن من رسالة الجمعية الاجتماعية تنظيم دورات مفيدة للشباب، تنفعهم في حياتهم العملية، والمساهمة في دعم المراكز الصيفية إلى غير ذلكم من أساليب ومناشط يقدرها المسؤولون عن هذه الجمعيات وهم يتحسسون حاجات المجتمع، ويشكرهم المجتمع حين يتولونها.
أما الجهة الرابعة القادرة على الإسهام في إصلاح الشباب بإذن الله فهم العلماء والدعاة والتجار، وأصحاب الرأي والفكر أيًّا كانت مواقعهم، فالعلماء والدعاة عليهم مسؤولية توجيه الشباب بدروسهم ولقاءاتهم ومؤلفاتهم ومحاضراتهم وندواتهم، وبوركت أمة يقود مسيرة الشباب فيها العلماء والدعاة والمربون.
أما التجار فلهم ميدان رحب في المساهمة في إصلاح الشباب بأموالهم، وذلك بدعمهم للمشاريع والبرامج والمراكز النافعة، وتحية ولأولئك التجار الذين فهموا دورهم واستثمروا أموالهم في دفع عجلة الخير، وفرق كبير بين هؤلاء وبه من طغت عليهم الأنانية، ولم يلتفتوا إلى مجتمعهم، ولم يساهموا في حماية أبناء المجتمع من حولهم، وكأن لسان حالة بعضهم يقول: إنما جمعت هذه الأموال بجهدي وعرق جبيني، فكيف أقدمها رخيصة سهلة للآخرين،
ويذكرنا هذا النوع الممسك من التجار بقصة الرجل الذي منع حق الله فيه وقال: إنما أوتيته على علم عندي؟
ولا يعفى من المسؤولية أصحاب الوجاهة والرأي، وأهل الفكر وأرباب المناصب، فكل يمكن أن يقدم شيئًا لمجتمعه، ولا يسعه السلبية في الحفاظ على أغلى ثروات الأمة- وهم الشباب- فالكلمة الطيبة صدقة، والرأي المستنير لبنة في البناء، والتفكير المستديم في قضايا الشباب علامة الوعي وهو الطريق الأمثل للعلاج ومجرد النقد لذات النقد ولي زمنه، وينبغي أن يترفع العقلاء عن مقارفته، إذ يوجد فئة من الناس لا هم لها إلا انتقاد هذا الشاب أو التقليل من قيمة هذا المشروع دون أن يقدموا بدائل مفيدة ومثمرة وبوركت يا شيخنا الجليل، ويا سماحة والدنا العزيز وأنت تكتب رسالة إلى جميع هذه الفئات مذكرًا الجميع بواجبهم ومسئولياتهم ولعل الجميع قد اطلع على الخطاب الذي وجهه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز يحفظه الله إلى عموم العلماء والدعاة والتجار وأصحاب الوجاهة والرأي للمساهمة في إصلاح الشباب وتربيتهم بشكل عام وفي الإجازات الصيفية ودعم مراكزها بشكل خاص. وهو خطاب لا تبقي لأحد عذرًا في التخلي عن المساهمة بما يستطيع.
أيها السلمون أرأيتم لو قام كل فرد منا بدوره الذي يستطيع وأدت هذه المؤسسات والجهات رسالتها على الوجه المطلوب هل يوجد بيننا شاذ أو منحرف، بل وهل يوجد في مجتمع كهذا فرصة لشاب غير جاد يبحث عن قضاء وقته بأي شكل كان، وأنَّى لمنحرف أن ينحرف وهو يجد العناية والاهتمام تلازمه أينما حل، ويجد التربية والتوجيه يحيط به أينما رحل، ويجد الجدية شعارًا للمجتمع كله أينما نظر؟
إن تضافر المجتمع وتكامل المؤسسات في رسالتها عنوان وعي ودليل تحضر، وهو أنجح أسلوب للتربية المتكاملة فضلاً عن الوقاية من السلوكيات المنحرفة، فلنتق الله معاشر المسلمين ولنتعاون على البر والتقوى، وليدرك كل شخص منا أنه معني بالحديث بما يستطيع، ولا يكن دور أحدنا إلقاء اللائمة على الآخرين، أو التباكي على واقع الشباب المنحرفين، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السامع وهو شهيد.