الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الحمس والحلة
…
ذكر الحمس 1 والحلة 2:
قد ذكر خبرهم غير واحد من أهل الأخبار، منهم الزبير بن بكار؛ لأنه قال: وحدثني إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران قال: الحمس: قريش، وكنانة، وكلاب وعامر، ولدتهم مجد بنت تيم بن غالب، وكانوا حمسا؛ وإنما سمي الحمس بالكعبة، لأنها حمساء، حجرها أبيض يضرب إلى السواد.
قال: وكانت لهم سيرة، وكانوا لا يأتقطون إقطا، ولا يسلون سمنا3، ولا يبيعون جرارا، ولا يقفون إلا بالمزدلفة، ولا يطوفون بالبيت عراة، ولا يسكنون في بيوت الشعر.
وقال غيره: كانوا يعظمون الشهور الحرم، ويتعاطون الحقوق، ويزعون عن المظالم، وينصفون المظلوم.
وحدثني محمد بن فضالة، عن مبشر بن حفص، عن مجاهد قال: الحمس: قريش، وبنو عامر بن صعصعة، وثقيف، وخزاعة، ومدلج، وعدوان، والحارث بن عبد مناة، وعضل أتباع قريش، وسائر العرب الحلة.
وحدثني محمد بن حسن، عن محمد بن طلحة، عن موسى بن محمد، عن أبيه، قال: لم يكن التحمس بحلف؛ ولكنه دين شرعته قريش واجتمعوا عليه.
وكانت الحلة لا تطوف في حجها إلا في ثياب جدد، أو ثياب أهل الله، سكان الحرم، ويكرهون أن يطوفون في ثياب عملت فيها المعاصي؛ فمن لم يجد طاف عريانا، ومن طاف من الحلة في ثيابه ألقاها إذا فرغ، فلم ينتفع بهغا ولا غيره حتى تبلى.
قال: وكانت الحمس تطوف في ثيابها، وكانت الحلة تخرج إلى عرفات وتراها موقفا ومنسكا، وكان موقفها بالعشي دون الأنصاب، ومن آخر الليل مع الناس يقزح،
1 عرف السهيلي الحمس بقوله: التحمس، التشدد. "الروض الأنف 1/ 229".
2 الحلة هم ما عدا الحمس. "الروض الأنف 1/ 23".
3 في الروض 1/ 229: لا يسلئون السمن، وسلأ السمن أن يطبخ حتى يصير سمنا.
وكان بعض أهل الحلة لا يرى الصفا والمروة1، وبعضهم يراها، وكان الذين يرونها: خندف، وكان سائر الحلة لا يرونها.
فلما جاء الله بالإسلام أمر الحمس أن يقفوا مع الحلة بعرفة، وأن يفيضوا من حيث أفاض الناس منها مع الحلة، وأمر الحلة أن يطوفوا بين الصفا والمروة، وقال:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] ؛ وذلك أن ناسا قالوا: ما كان أهل الجاهلية ممن يطوف بهما، لا يطاف إلا لإساف ونائلة -وكان إساف على الصفا، ونائلة على المروة- فأعلمهم الله عز وجل أنهما مشعران
…
انتهى.
وقد ذكر من العرب في الحمس غير من لم يذكره عبد العزيز بن عمران ومجاهد؛ لأن الأزرقي قال: حدثنا جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن محمد بن إسحاق عن الكلبي، عن أبي صالح -مولى أم هانئ- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت العرب على ديني: حلة وحمس؛ فالحمس قريش وكل من ولدت من العرب، وكنانة، وخزاعة، والأوس، والخزرج، وخثعم، وبنو ربيعة بن عامر بن صعصعة، وأزد شنوءة، وجذم، وزبيد، وبنو ذكوان من بين سليم، وعمرو اللات، وثقيف، وغطفان، والغوث، وعدوان، وعلاف قضاعة2
…
انتهى.
وغالب المذكورين، في هذا الخير لم يذكروا في الخبرين اللذين ذكرهما الزبير عن عبد العزيز بن عمران، ومجاهدا؛ في بيان الحمس، وهم: الأوس، والخزرج، وجشم، وأزد شنوءة، وجذم، وزبيد، وبنو ذكوان، وغطفان، والغوث، وعلاف قضاعة -وما عرفت علاف قضاعة- وعمرو اللات ومكا عرفته أيضا.
وجشم المشار إليهم في هذا الخير: المنسوبون إلى جشم بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان، أو إلى جشم بن سعد بن زيد إلى جشم بن الخزرج من الأنصار؛ لكون جشم بن الخزرج يدخلون في الخزرج المذكورين في هذا الخبر، والله أعلم.
وليس كل من ذكر فيه ممن لم يذكر في الخبر الذي ذكره عبد العزيز بن عمران ومجاهد في بيان الحمس، يدخل فيمن عد في قريش، ممن ولدته قريش؛ لأن قريشا لم تلد هذه القبائل كلها، والله أعلم.
1 أي لا يرى وجوب الطواف والسعي بينهما.
2 أخبار مكة للأزرقي 1/ 179.