المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في ذكر الأصنام التي كانت بمكة وحولها وشيء من خبرها: - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام - جـ ٢

[التقي الفاسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب السادس والعشرون: في ذكر شيء من خبر إسماعيل عليه السلام وذكر ذبح إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام

- ‌الباب السابع والعشرون:

- ‌في ذكر شيء من خبر هاجر أم إسماعيل عليه السلام:

- ‌ذكر أسماء أولاد إسماعيل وفوائد تتعلق بذلك:

- ‌ذكر شيء من خبر بني إسماعيل عليه الصلاة والسلام:

- ‌ذكر ولاية نابت بن إسماعيل للبيت الحرام:

- ‌الباب الثامن والعشرون:

- ‌ذكر ولاية إياد بن نزار بن معد بن عدنان للكعبة:

- ‌ذكر ولاية بني إياد بن نزار الكعبة وشيء من خبرهم وخبر مضر ومن ولي الكعبة من مضر قبل قريش:

- ‌الباب التاسع والعشرون:

- ‌في ذكر من ولي الإجازة بالناس من عرفة ومزدلفة ومنى من العرب في ولاية جرهم وفي ولاية خزاعة وقريش على مكة:

- ‌الباب الثلاثون

- ‌في ذكر من ولي إنساء الشهور من العرب بمكة

- ‌ذكر صفة الإنساء

- ‌ذكر الحمس والحلة

- ‌ذكر الطلس:

- ‌الباب الحادي والثلاثون:

- ‌ذكر نسبهم:

- ‌ذكر سبب ولاية خزاعة لمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر مدة ولاية خزاعة لمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر أول من ولي البيت من خزاعة وغير ذلك من خبر جزهم

- ‌ذكر شيء من خبر عمرو بن عامر الذي تنسب إليه خزاعة وشيء من خبر بنيه:

- ‌الباب الثاني والثلاثون:

- ‌الباب الثالث والثلاثون:

- ‌في ذكر شيء من خبر بني قصي بن كلاب:

- ‌الباب الرابع والثلاثون

- ‌في ذكر شيء من خبر الفجار والأحابيش

- ‌ذكر يوم العبلاء:

- ‌ذكر يوم شرب:

- ‌ذكر يوم الحريرة:

- ‌ذكر الفجار الأول وما كان فيه بين قريش وقيس عيلان وسبب ذلك:

- ‌ذكر شيء من خبر الأحابيش ومحالفتهم لقريش:

- ‌الباب الخامس والثلاثون:

- ‌ذكر شيء من خبر حلف الفضول:

- ‌ذكر شيء من خبر ابن جدعان الذي كان في داره حلف الفضول:

- ‌ذكر شيء من خبر أجواد قريش في الجاهلية:

- ‌ذكر الحكام من قريش بمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر تملك عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن كلاب القرشي الأسدي على قريش بمكة وشيء من خبره:

- ‌الباب السادس والثلاثون:

- ‌ذكر شيء من خبر فتح مكة:

- ‌ذكر فوائد تتعلق بخبر فتح مكة:

- ‌الباب السابع والثلاثون:

- ‌في ذكر شيء من ولاة مكة المشرفة في الإسلام:

- ‌الدولة العباسية:

- ‌الباب الثامن والثلاثون

- ‌في ذكر شيء من الحوادث المتعلقة بمكة في الإسلام

- ‌الباب التاسع والثلاثون:

- ‌سيول مكة في الجاهلية:

- ‌سيول مكة في الإسلام:

- ‌ذكر شيء من أخبار الغلاء والرخص والوباء بمكة المشرفة على ترتيب ذلك في السنين:

- ‌الباب الأربعون:

- ‌في ذكر الأصنام التي كانت بمكة وحولها وشيء من خبرها:

- ‌ذكر أسواق مكة في الجاهلية والإسلام:

- ‌ذكر شيء مما قيل من الشعر في التشوق إلى مكة الشريفة وذكر معالمها المنيفة:

- ‌خاتمة المؤلف للكتاب:

- ‌الملحق الأول:‌‌ ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام

- ‌ ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام

- ‌الملحق الثاني في الدرة الثمينة في تاريخ المدينة

- ‌مقدمة بقلم اللجنة التي أشرف على تحقيق الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌الباب الأول- في ذكر أسماء المدينة وأول من سكنها

- ‌الباب الثاني: في ذكر فتح المدينة

- ‌الباب الثالث: في ذكر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌الباب الرابع: في ذكر فضائلها وما جاء في ترابها

- ‌الباب الخامس: في ذكر تحريم النبي للمدينة وحدود حرمها

- ‌الباب السادس: في ذكر وادي العقيق وفضله

- ‌الباب السابع: في ذكر آبار المدينة وفضلها

- ‌الباب الثامن: في ذكر جبل أحد وفضله وفضل الشهداء به

- ‌الباب التاسع: في ذكر إجلاء النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير من المدينة

- ‌الباب العاشر: حفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق حول المدينة

- ‌الباب الحادي عشر: في ذكر قتل بني قريظة بالمدينة

- ‌الباب الثاني عشر: في ذكر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفضله

- ‌الباب الثالث عشر: في ذكر المساجد التي بالمدينة وفضلها

- ‌الباب الرابع عشر: في ذكر مسجد الضرار وهده

- ‌الباب الخامس عشر: في ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما

- ‌الباب السادس عشر: في ذكر فضل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر: في ذكر البقيع وفضله

- ‌الباب الثامن عشر: في ذكر أعيان من سكن المدينة من الصحابة ومن بعدهم

- ‌الملحق الثالث في‌‌ العمارة التي أدخلت على المسجد النبوي الشريفمنذ إنشائه حتى اليوم وفوائد أخرى عن المدينة

- ‌ العمارة التي أدخلت على المسجد النبوي الشريف

- ‌ المسجد النبوي الشريف قبل التوسعة السعودية:

- ‌ سير العمل في العمارة الجديدة:

- ‌ المباني التي هدمت:

- ‌ وصف المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة

- ‌ أبواب الحرم النبوي الشريف:

- ‌ حول عمارة المسجد النبوي الشريف:أسئلة موجهة من الحاج عبد الشكور فدا إلى سعادة الشيخ صالح القزاز وإجابة فضيلته عليها:

- ‌الملحق الرابع: بعض آثار المدينة والمزارات وغيرها

- ‌مساجد المدينة المنورة

- ‌ القصور التاريخية بالمدينة:

- ‌ خزانات ماء الشرب

- ‌كلمة الختام:

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌في ذكر الأصنام التي كانت بمكة وحولها وشيء من خبرها:

‌الباب الأربعون:

‌في ذكر الأصنام التي كانت بمكة وحولها وشيء من خبرها:

روينا بالسند المتقدم إلى الأزرقي قال: "ما داء في أول من نصب الأصنام في الكعبة والاستسقاء بالأزلام": حدثني جدي، حدثنا سعيد بن سالم القداح، عن عثمان بن ساج قال: أخبرني محمد بن إسحاق قال: إن البئر التي كانت في الكعبة1 كانت على يمين من دخلها، وكان عمقها ثلاثة أذرع، يقال إن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حفراها ليكون فيها ماء يهدي للكعبة؛ فلم يزل كذلك حتى كان عمرو بن لحي، فقدم بصنم يقال له هبل من "هيت" من أرض الجزيرة، وكان هبل من أعظم أصنام قريش عندها؛ فنصبه على البئر في بطن الكعبة، وأمر الناس بعبادته، فكان الرجل إذا قدم من سفر، بدأ به على أهله بعد طوافه بالبيت، وحلق بأسه عنده، وهبل الذي يقول له أبو سفيان يوم أحد: أعل هبل، أي أظهر دينك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الله أعلى وأجل"، وكان اسم البئر الذي كان في بطن الكعبة: الأخسف، وكان العرب تسميها: الأخشف.

قال محمد بن إسحاق: وكان عند هبل في الكعبة سبعة2 قداح كل قدح فيه كتاب: قدح فيه العقل، إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم، ضربوا بالقداح السبعة عليه؛ فعلى من خرج حمله، وقدح فيه "نعم" للأمر، إذا أرادوه ضرب به في القداح، فإن خرج فيه "نعم" عملوا به، وقدح فيه "لا" فإذا أرادوا الأمر ضربوا بالقداح، وإذا خرج ذلك القدح، لم يفعلوا ذلك الأمر، وقدح فيه "منكم"، وقدح فيه "ملصق"، وقدح فيه:"من غيركم"، وقدح فيه:"المياه"3؛ فإذا أرادوا أن يحفروا الماء ضربوا بالقداح، وفيها

1 في أخبار مكة للأزرقي 1/ 117: "في جوف الكعبة".

2 في أخبار مكة للأزرقي 1/ 117، والأصنام "ص: 28": "تسعة".

3 كذا في جميع الأصول، وكذلك في السيرة لابن إسحاق، وفي "الأصنام" لابن الكلبي "ص: 28":=

"الميت".

ص: 336

ذلك القدح؛ فحيث ما خرج عملوا به، وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلاما، أو ينكحوا منكحا، أو يدفنوا ميتا، أو شكلوا في نسب أحد منهم، ذهبوا به إلى هبل، وبمائة درهم وجزور، فأعطوها صاحب القداح الذي يضرب بها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا، هذا فلان أردنا به كذا وكذا، فأخرج الحق فيه، ثم يقولون لصاحب القداح: اضرب، فإن خرج "منكم" كان منهم وسطا، وإن خرج عليه "من غيركم" كان حليفا، فإن خرج عليه "ملصقا" كان ملصقا على منزلته فيهم، لا نسب له ولا حلف، وإن خرج عليه شيء ما سوى هذا مما يعلمون به عملوا به، وإن خرج "لا" أخروه عامه ذلك؛ حتى يأتوا به مرة أخرى، ينتهون في أمرهم ذلك، إلى ما خرجت به القداح. وكذلك فعل عبد المطلب بابنه حين أراد أن يذبحه1.

قال محمد بن إسحاق: كان هبل من حجر العقيق، على صورة إنسان وكانت يده اليمنى مكسورة فأدركته قريش؛ فجعلت له يدا من ذهب، وكانت له خزانة للقربان، وكانت له سبعة قداح يضرب بها على الميت والعذرة والنكاح، وكان قربانه مائة بعير، وكان له حاجب، وكانوا إذا جاءوا هبل بالقربان ضربوا بالقدح وقالوا:

إنا اختلفنا فهب السراحا

ثلاثة يا هبل فصاحا

الميت والعذرة والنكاحا

والبرء في المرضى والصحاحا

إن لم تقله فمر القداحا2

ما جاء في أول من نصب الأصنام وما كان من كسرها:

وبالسند المتقدم إلى الأزرقي قال: حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج قال: حدثني محمد بن إسحاق قال: إن جرهما لما طغت في الحرم، دخل رجل منهم بامرأة منهم الكعبة، ففجر بها، ويقال إنه قبلها فيها، فمسخا حجرين، اسم الرجل إساف بن بغاء، واسم المرأة نائلة بنت ذئب، فأخرجا من الكعبة، ونصب أحدهما على الصفا، والآخر على المروة؛ وإنما نصبا هناك ليعتبر بهما الناس ويزجروا عن ما ارتكبا، لما يرون من الحال الذي صارا إليها؛ فلم يزل الأمر يدرس ويتقادم، حتى صارا يمسحان، يتمسح بهما من وقف على الصفا والمروة، إلى أن صارا وثنين يعبدان؛ فلما كان عمر بن لحي أمر الناس بعبادتهما والتمسح بهما، وقال للناس: إن من كان قبلكم كان يعبدهما؛ فكان كذلك، حتى كان قصي بن كلاب، فصارا أمر الحجابة إليه،

1 الأصنام لابن الكلبي "ص: 28".

2 أخبار مكة للأزرقي 1/ 117-119، الأصنام لابن الكلبي "ص: 27".

ص: 337

وكذا أمر مكة فحولهما من الصفا والمروة، فجعل أحدهما بلصق الكعبة، وجعل الآخر في موضع زمزم، ويقال: جعلهما جميعا موضع زمزم، وكان ينحر عندهما1 وكان أهل الجاهلية يمرون بإساف ونائلة ويتمسحون بهما، وكان الطائف إذا طاف بالبيت يبدأ بإساف فيستلمه؛ فإذا فرغ من طوافه ختم بنائله فاستلمها، فكان كذلك حتى كان يوم الفتح، فكسرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما كسر من الأصنام2.

وبه إلى الأزرقي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن عبد العزيز، عن ابن شهاب الدين، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما، منها ما قد شد بالرصاص3؛ فطاف صلى الله عليه وسلم على راحلته وهو يقول:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] ، ويشير صلى الله عليه وسلم إليها، فما منهم صنم أشار إلى وجهه إلا وقع على دبره، ولا أشار إلى دبره إلا وقع على وجهه، حتى وقعت كلها.

وقال ابن إسحاق: ولما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يوم الفتح، أمر بالأصنام التي حول الكعبة كلها؛ فجمعت ثم حرقت بالنار وكسرت، وفي ذلك يقول فضالة بن عمر بن الملوح الليثي في ذكر يوم الفتح:

لو ما رأيت محمدا وجنوده

بالفتح يوم تكسر الأصنام

لرأيت نور الله أصبح بينا

والشرك يغشى وجهه الإظلام

حدثني جدي، وحدثني محمد بن إدريس، عن الواقدي، عن ابن أبي سبرة، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن أبي عباس رضي الله عنهما قال: ما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يشير بالقضيب إلى الصنم، فيقع بوجهه، ثم قال: وأمر صلى الله عليه وسلم بهبل فكسر، وهو واقف عليه، فقال الزبير بن العوام رضي الله عنه لأبي سفيان: يا أبا سفيان بن حرب، قد كسر هبل، أما إنك قد كنت منه في يوم أحد في غرور، حين تزعم أنه قد أنعم عليك، فقال أبو سفيان رضي الله عنه: دع هذا عنك يا ابن العوام؛ فقد أرى لو كان مع إله محمد غيره لكان غير ما كان4

انتهى باختصار.

1 هذه الرواية بعيدة عن المعروف عن قصي من عبادته لله على دين الحنيفية البيضاء.

2 أخبار مكة للأزرقي 1/ 119، 120، الأصنام لابن الكلبي "ص: 29".

3 في أخبار مكة 1/ 121: "قد شدهما إبليس بالرصاص".

4 أخبار مكة للأزرقي 1/ 121، 122.

ص: 338

وبه إلى الأزرقي قال: حدثني جدي، عن محمد بن إدريس، عن الواقدي عن أشياخه، فذكر شيئا من خبر إساف ونائلة1: منها: أنها بنت سهيل، وإساف بن عمرو، ثم قال: فلما كسرت الأصنام كسرا، فخرج من أحدهما امرأة سوداء شمطاء تخمش وجهها، عريانة ناشرة الشعر، تدعو بالويل؛ فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم:"تلك نائلة قد أيست أن تعبد في بلادكم أبدا"2.

وذكر الواقدي عن أشياخه قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بمكة: من كان يؤمن بالله ورسوله فلا يدع في بيته صنما إلا مشى إليه حتى يكسره؛ فجعل المسلمون يكسرون تلك الأصنام. قال: وكان عكرمة بن أبي جهل حين أسلم لا يسمع بصنم في بيت من بيوت قريش إلا مشى إليه حتى يكسره، وكان أبو نحراة3 يعملها في الجاهلية ويبيعها، فلم يكن في قريش رجل بمكة إلا وفي صنم.

قال الواقدي: وحدثني ابن أبي سبرة، عن سليمان بن سحيم، عن بعض آل جبير بن مطعم، عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: لما كان يوم الفتح نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله ورسوله 4 واليوم الآخر، فلا يتركن في بيته صنما إلا كسره أو أحرقه، وثمنه حرام"، قال جبير رضي الله عنه: وكنت أرى قبل ذلك الأصنام يطاف بها بمكة، فيشتريها أهل البدو، فيخرجون بها إلى بيوتهم، وما بقي رجل5 من قريش إلا وفي بيته صنم، إذا دخل يمسخه، وإذا خرج بمسحه؛ تبركا به.

قال الواقدي: وأخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الحميد بن سهيل قال: لما أسلمت هند بنت عتبة، جعلت تضرب صنما في بيتها بالقدوم فلذة فلذة، وهي تقول: كنا منك في غرور.

وبه قال الأزرقي: باب ما جاء في الأصنام التي كانت على الصفا والمروة ومن نصبها، وما جاء في ذلك:

حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم القداح، عن عثمان بن ساج قال: أخبرني ابن إسحاق قال: نصب عمرو بن لحي الخلصة6 بأسفل مكة؛ فكانوا يلبسونها القلائد،

1 الأصنام لابن الكلبي "ص: 29".

2 أخبار مكة للأزرقي 1/ 122.

3 في أخبار مكة للأزرقي 1/ 123: "أبو شنجارة".

4 "رسوله": سقطت من أخبار مكة للأزرقي 1/ 123.

5 في أخبار مكة للأزرقي 1/ 123: "ما من رجل".

6 اسمه في كتاب الأصنام لابن الكلبي "ص: 34": "ذو الخلصة"، وأخبر بأنها كانت بين مكة واليمن، والخبر في بلوغ الأرب 2/ 223، معجم البلدان 2/ 4/ 80، وفيه: وهي قرية من أعمال الطائف، معروفة بهذا الاسم إلى اليوم، وهي محاذية لوادي ركبة.

ص: 339

ويهدون لها الشعير والحنطة، ويصبون عليها اللبن، ويذبحون لها، ويعلقون عليها بيض النعام، ونصب على الصفا صنما يقال له: نهيك مجاور الرمح، ونصب على المروة صنما يقال له: مطعم الطير1.

ذكر ما جاء في اللات والعزى وما جاء في بدئها كيف كان:

حدثني جدي قال: حدثني سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رجلا ممن مضى كان يقعد على صخرة لثقيف يبيع السمن من الحاج إذا مروا، فيلت سويقهم، وكان ذا غنم، فسميت صخرة اللات، فمات؛ فلما فقده الناس، قال لهم عمرو بن لحي: إن ربكم كان اللات، فدخل في جوف الصخرة، وكانت العزى ثلاث شجرات بنخلة، وكان أول من دعا إلى عبادتها عمر بن ربيعة، والحارث بن كعب، وقال لهم عمرو: إن ربكم يتصيف باللات لبرد الطائف، ويشتي2 بالعزى لحر تهامة. وكان في كل واحدة شيطان يعبد.

فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بعد الفتح خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى العزى ليقطعها فقطعها، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ما رأيت فيهن؟ " قال: لا شيء. قال صلى الله عليه وسلم: "ما قطعتهن فارجع فاقطع". فرجع فقطع، فوجد تحت أصلها امرأة ناشرة شعرها، قائمة عليهن كأنها تنوح عليهن، فرجع فقال: إني وجدت كذا وكذا، قال: صدقت.

حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج قال: أخبرنا ابن إسحاق: أن عمرو بن لحي اتخذ العزى بنخلة3؛ فكانوا إذا فرغوا من حجهم وطوافهم بالكعبة، لم يلحوا حتى يأتوا العزى، فيطوفون بها ويحلون عندها ويعكفون عندها يوما، وكانت لخزاعة، وكانت قريش بنو كنانة كلها تعظم العزى مع خزاعة وجميع مضر، وكان سدنتها الذين يحجبونها بنو شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم.

وقال عثمان: وأخبرنا محمد بن السائب الكلبي قال: كانت بنو مضر وجشم، وسعد بن بكر -وهم عجز هوازن- يعبدون العزى.

1 أخبار مكة للأزرقي 1/ 124.

2 في أخبار مكة للأزرقي 1/ 126: "يشتون".

3 قال الكلبي: "العزى" هي أحدث من اللات ومناة، وكانت بواد من نخلة الشامية، يقال له: حراض، بإزاء الغمير عن يمين المصعد إلى العراق من مكة:"الأصنام ص: 17، 18".

ص: 340