الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وهذا المسجد اليوم باقي بالعوالي وهو كبير طوله نحو عشرين ذراعا وعرضه كذلك، وفيه ست عشر أسطوانة قد سقط بعضها وهو بلا سقف وحيطانه مهدومة، وقد كان مبنيا على شكل بناء مسجد قباء وحوله بساتين ومزارع ومشربة أم إبراهيم ابن النبي عليه السلام، وهذا الموضع بالعوالي من المدينة بين النخل وهو أكمة قد حوط عليها بلبن والمشربة والبستان، وأظنه قد كان بستانا لمارية القبطية أم إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم
…
واعلم أن بالمدينة عدة مساجد خراب فيها المحاريب وبقايا الأساطين وتنقض وتؤخذ حجارتها فتعمر بها الدور، منها: مسجد بقباء قريب من مسجد الضرار فيه أسطوانات قائمة ومسجدان قريبان من البقيع أحدهما يعرف بمسجد الإجابة، وفيه أسطوانات قائمة ومحراب مليح وباقيه خراب، وآخر يعرف بمسجد البغلة فيه أسطوانة واحدة وهو خراب، وحوله يسير من الحجارة فيه أثر يقولون إنه أثر حافري بغلة النبي صلى الله عليه وسلم فتستحب الصلاة في هذه المواضع وإن لم يعرف أساميها لأن الوليد بن عبد الملك كتب إلى عمر بن عبد العزيز وهو واليه على المدينة: مهما صح عندك من المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم فابن عليه مسجدًا فهذه الآثار كلها آثار بناء عمر بن عبد العزيز.
الباب الرابع عشر: في ذكر مسجد الضرار وهده
…
الباب الرابع عشر: في ذكر مسجد الضرار وهدمه
هذه المسجد بناه المنافقون مضاهاة لمسجد قباء فكانوا يجتمعون فيه ويعيبون النبي صلى الله عليه وسلم ويستهزئون به، وكان الذين بنوه اثني عشر رجلًا: حرام بن خالد، ومن داره أخرجه،، وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، وأبو حبيبة بن الأزعر، وعباد بن حنيف، وحارثة بن عامر، وابناه مجمع، وزيد،، ونفيل بن الحارث، ومحدج، وبجاد بن عثمان، ووديعة بن ثابت؛ فلما بنوه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه، فقال:"إني على جناح سفر وحال شغل، ولو قد قدمنا إن شاء الله لأتيناكم فصلينا لكم فيه"، فلما نزل رسول الله "بذي أوان"، وهو بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار ومرجعه من تبوك أتاه خبر المسجد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخسم ومعن بن عدي أو أخاه عاصما، فقال:"انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فأهِدَّاه وحرقاه"، فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، فأخذا سعفا من النخل، وأشعلا فيه نارا، ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرق أهله عنه ونزل فيه من القرآن ما نزل:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا} إلى آخر القصة.
قلت: وهذا المسجد قريب من مسجد قباء وهو كبير وحيطانه عالية، وتؤخذ منه الحجارة وقد كان بناؤه متينا.