الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن الناس تداعوا إلى الصلح، ورهنوا رهنا بوفاء بديات من كان له الفضل في القتلى وتم الصلح، ووضعت الحرب أوزارها
…
انتهى.
وكان آخر أمر الفجار ما ذكره الزبير بن بكار؛ لأنه قال: وحدثني محمد بن حسن عن حماد بن موسى عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال: حدثني حكيم بن حزام قال: لما توافت كنانة، وقيس، من العام القابل، بعكاظ، بعد العام الأول الذي كانوا التقوا فيه، ورأس الناس حرب، خرج معه عتبة بن ربيعة، وهو يومئذ في حجر حرب فمنعه أن يخرج، وقال يا بني أنا بك، فاقتاد راحلته، وتقدم في أول الناس فلم يدر به حرب إلا وهوفي العسكر، قال حكيم بن حزام: فنزلنا عكاظ، ونزلت هوزان بجمع كثير؛ فلما أصبحنا ركب عتبة جملا ثم صاح في الناس: يا معشر مضر، علام تفانون بينكم؟ هلم إلى الصلح قالت هوزان، وماذا تعرض. قال أعرض أن أعطي دية من أصيب، قالوا: ومن أنت؛ قال: أنا عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، قالوا: قد قبلنا، فاصطلحج الناس، ورضوا بما قال عتبة: وأعطوهم أربعين رجلا من فتيان قريش، وكنت فيهم؛ فلما رأت بنو عامر أن الرهن قد صار في أيديهم رغبوا في العفو، فأطلقوهم.
قال الزبير: وسمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول: لم يسد مملتق من قريش إلا عتبة بن ربيعة، وأبو طالب بن عبد المطلب، فإنهما سادا بغير مال
…
انتهى.
وكلام مغلطاي يقتضي أن أيام هذه الفجار ستة؛ لأنه في "سيرته" -على ما أخبرت به عنه: وأيام الفجار أربعة، قال السهيلي2، والصواب أنها ستة
…
انتهى.
ووقع في كلام الفاكهي ما يقتضي أنه كان قبل الفجار الذي أثاره البراض فجار آخر، وذكر الفاكهي شيئا من خبره، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، ونص ما ذكره الفاكهي.
1 أخبار مكة للفاكهي 5/ 188، 189.
2 الروض الأنف 1/ 209.
ذكر الفجار الأول وما كان فيه بين قريش وقيس عيلان وسبب ذلك:
حدثنا عبد الملك بن محمد، عن زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق، قال: ثم هاج يوم الفجار الأول بين قريش، ومن كان إلفها من كنانة كلها، وبين قيس عيلان؛ وسببه أن رجلا من بني كنانة كان عليه دين لرجل من بني نضر بن معاوية بن بكر بن هوزان، فواعده به الكناني، فوافاه النصري بسوق عكاظ بقرد معه، فوقفه بالسوق، فقال: من يبيعني مثل هذا بمال لي على فلان بن فلان الكناني؛ وإنما أراد ذلك النضري الكناني وقومه، فمر به رجل من كنانة؛ فضربه القرد بالسيف أنفا مما يقول النضري، فصرخ
النضري في قيس، والكناني في بني كنانة؛ فتجاوز الناس حتى كادوا أن يكون بينهم قتال ثم تداعوا بمنى للصلح، وسرى الخطب من أنفسهم، فتراجع الناس وكف بعضهم عن بعض، ولم يكن بينهم إلا ذلك.
ويقال: بل قعد قتيبة من العرب من قريش غدية إلى امرأة من بني عامر ذات هيبة، عليها برفع وهي في درع فضل -وكذلك نساء العرب يفعلن- فأعجبهم ما رأوه من حسن هيئتها؛ فقالوا لها: يا أمة الله أسفري لنا عن وجهك ننظر إليك، فأبت عليهم، فقام غلام منهم فشبك درعها إلى ظهرها بشوكة -والمرأة لا تدري- فلما قامت انكشف الدرع عن دبرها، فضحكوا وقالوا: منعتنا أن ننظر إلى وجهك فقد نظرنا إلى دبرك!! فصاحت المرأة في بني عامر: فضحت فتحاور الناس ثم ترادوا، ورأوا أن الأمر دون1.
ويقال: بل قعد رجل من بني غفار بني خليل بن حمزة يقال له: أبو معشر، كان عارفا متصنعا في نفسه بسوق عكاظ، ومد رجله وقال:
أنا ابن مدركة بن خندف
…
من تضعفوا في عينه لا تطرف
ومن تكونوا قومه يغطرف
أنا والله أعز العرب، فمن زعم أنه أكرم مني فليضربها بالسيف. فضربها رجل من قيس فخدشها خدشا غير كبير، فتحاور الناس عند ذلك حتى كاد أن يكون بينهم قتال.
قال: ثم تراجع الناس ورأوا أنه لم يكن بينهم شيء كبير، فكل هذا الحديث يقال في يوم الفجار2، والله أعلم أي ذلك كان؟
قال عبد الملك: قال زياد: قال ابن إسحاق: وقد قال بعض الشعراء شعرا، قد ذكر فيه عكاظ وما أصابوا من بني كنانة وضرب رجل أبي معشر فقال:
عمرك الله سائلي أي قوم
…
معشري في سوالف الأعصار
نحن كنا الملوك من أهل نجد
…
زمن جزناه بميل الدمار
ومنعنا الحجاز من كل حي
…
وقمعنا الفجار يوم الفجار
وضربنا به كنانة ضربا
…
حالفوا بعده سني العسار
وتركنا سراة خثعم محا
…
كذا تتويج أهل الدثار
فاستغاثوا إلى العريف فقلنا
…
أخرجوهم من العريف بثار
1 الأغاني 22/ 6.
2 الوفا بأحوال المصطفى 1/ 135، السيرة الحلبية 1/ 128، إتحاف الورى 1/ 103، تاريخ الخميس 1/ 255، الأغاني 22/ 59.