المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر شيء مما قيل من الشعر في التشوق إلى مكة الشريفة وذكر معالمها المنيفة: - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام - جـ ٢

[التقي الفاسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب السادس والعشرون: في ذكر شيء من خبر إسماعيل عليه السلام وذكر ذبح إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام

- ‌الباب السابع والعشرون:

- ‌في ذكر شيء من خبر هاجر أم إسماعيل عليه السلام:

- ‌ذكر أسماء أولاد إسماعيل وفوائد تتعلق بذلك:

- ‌ذكر شيء من خبر بني إسماعيل عليه الصلاة والسلام:

- ‌ذكر ولاية نابت بن إسماعيل للبيت الحرام:

- ‌الباب الثامن والعشرون:

- ‌ذكر ولاية إياد بن نزار بن معد بن عدنان للكعبة:

- ‌ذكر ولاية بني إياد بن نزار الكعبة وشيء من خبرهم وخبر مضر ومن ولي الكعبة من مضر قبل قريش:

- ‌الباب التاسع والعشرون:

- ‌في ذكر من ولي الإجازة بالناس من عرفة ومزدلفة ومنى من العرب في ولاية جرهم وفي ولاية خزاعة وقريش على مكة:

- ‌الباب الثلاثون

- ‌في ذكر من ولي إنساء الشهور من العرب بمكة

- ‌ذكر صفة الإنساء

- ‌ذكر الحمس والحلة

- ‌ذكر الطلس:

- ‌الباب الحادي والثلاثون:

- ‌ذكر نسبهم:

- ‌ذكر سبب ولاية خزاعة لمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر مدة ولاية خزاعة لمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر أول من ولي البيت من خزاعة وغير ذلك من خبر جزهم

- ‌ذكر شيء من خبر عمرو بن عامر الذي تنسب إليه خزاعة وشيء من خبر بنيه:

- ‌الباب الثاني والثلاثون:

- ‌الباب الثالث والثلاثون:

- ‌في ذكر شيء من خبر بني قصي بن كلاب:

- ‌الباب الرابع والثلاثون

- ‌في ذكر شيء من خبر الفجار والأحابيش

- ‌ذكر يوم العبلاء:

- ‌ذكر يوم شرب:

- ‌ذكر يوم الحريرة:

- ‌ذكر الفجار الأول وما كان فيه بين قريش وقيس عيلان وسبب ذلك:

- ‌ذكر شيء من خبر الأحابيش ومحالفتهم لقريش:

- ‌الباب الخامس والثلاثون:

- ‌ذكر شيء من خبر حلف الفضول:

- ‌ذكر شيء من خبر ابن جدعان الذي كان في داره حلف الفضول:

- ‌ذكر شيء من خبر أجواد قريش في الجاهلية:

- ‌ذكر الحكام من قريش بمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر تملك عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن كلاب القرشي الأسدي على قريش بمكة وشيء من خبره:

- ‌الباب السادس والثلاثون:

- ‌ذكر شيء من خبر فتح مكة:

- ‌ذكر فوائد تتعلق بخبر فتح مكة:

- ‌الباب السابع والثلاثون:

- ‌في ذكر شيء من ولاة مكة المشرفة في الإسلام:

- ‌الدولة العباسية:

- ‌الباب الثامن والثلاثون

- ‌في ذكر شيء من الحوادث المتعلقة بمكة في الإسلام

- ‌الباب التاسع والثلاثون:

- ‌سيول مكة في الجاهلية:

- ‌سيول مكة في الإسلام:

- ‌ذكر شيء من أخبار الغلاء والرخص والوباء بمكة المشرفة على ترتيب ذلك في السنين:

- ‌الباب الأربعون:

- ‌في ذكر الأصنام التي كانت بمكة وحولها وشيء من خبرها:

- ‌ذكر أسواق مكة في الجاهلية والإسلام:

- ‌ذكر شيء مما قيل من الشعر في التشوق إلى مكة الشريفة وذكر معالمها المنيفة:

- ‌خاتمة المؤلف للكتاب:

- ‌الملحق الأول:‌‌ ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام

- ‌ ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام

- ‌الملحق الثاني في الدرة الثمينة في تاريخ المدينة

- ‌مقدمة بقلم اللجنة التي أشرف على تحقيق الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌الباب الأول- في ذكر أسماء المدينة وأول من سكنها

- ‌الباب الثاني: في ذكر فتح المدينة

- ‌الباب الثالث: في ذكر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌الباب الرابع: في ذكر فضائلها وما جاء في ترابها

- ‌الباب الخامس: في ذكر تحريم النبي للمدينة وحدود حرمها

- ‌الباب السادس: في ذكر وادي العقيق وفضله

- ‌الباب السابع: في ذكر آبار المدينة وفضلها

- ‌الباب الثامن: في ذكر جبل أحد وفضله وفضل الشهداء به

- ‌الباب التاسع: في ذكر إجلاء النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير من المدينة

- ‌الباب العاشر: حفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق حول المدينة

- ‌الباب الحادي عشر: في ذكر قتل بني قريظة بالمدينة

- ‌الباب الثاني عشر: في ذكر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفضله

- ‌الباب الثالث عشر: في ذكر المساجد التي بالمدينة وفضلها

- ‌الباب الرابع عشر: في ذكر مسجد الضرار وهده

- ‌الباب الخامس عشر: في ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما

- ‌الباب السادس عشر: في ذكر فضل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر: في ذكر البقيع وفضله

- ‌الباب الثامن عشر: في ذكر أعيان من سكن المدينة من الصحابة ومن بعدهم

- ‌الملحق الثالث في‌‌ العمارة التي أدخلت على المسجد النبوي الشريفمنذ إنشائه حتى اليوم وفوائد أخرى عن المدينة

- ‌ العمارة التي أدخلت على المسجد النبوي الشريف

- ‌ المسجد النبوي الشريف قبل التوسعة السعودية:

- ‌ سير العمل في العمارة الجديدة:

- ‌ المباني التي هدمت:

- ‌ وصف المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة

- ‌ أبواب الحرم النبوي الشريف:

- ‌ حول عمارة المسجد النبوي الشريف:أسئلة موجهة من الحاج عبد الشكور فدا إلى سعادة الشيخ صالح القزاز وإجابة فضيلته عليها:

- ‌الملحق الرابع: بعض آثار المدينة والمزارات وغيرها

- ‌مساجد المدينة المنورة

- ‌ القصور التاريخية بالمدينة:

- ‌ خزانات ماء الشرب

- ‌كلمة الختام:

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ذكر شيء مما قيل من الشعر في التشوق إلى مكة الشريفة وذكر معالمها المنيفة:

‌ذكر شيء مما قيل من الشعر في التشوق إلى مكة الشريفة وذكر معالمها المنيفة:

أنشدني المعمر بن محمد بن داود الصالحي إذنا مكاتبة، والأصيلة أم الحسن فاطمة بنت مفتي مكة شهاب الدين أحمد بن قاسم العمري إذنا مشافهة، أن الإمام المحدث فخر الدين عثمان بن محمد بن عثمان المالكي أنشدهما إذنا مشافهة، قال: أنشدنا الأديب أبو بكر محمد بن محمد بن عبد الله بن رشيد البغدادي قصيدة نفيسة سماها "الذهبية في الحجة الملكية والزورة المحمدية"، جاء فيها:

فيا أين أيام تولت على الحما

وليل مع العشاق فيه سهرناه

ونحن لجيران المحصب جيرة

نوفي لهم حسن الوداد ونرعاه

ومنها قوله:

فهاتيك أيام الحياة وغيرها

ممات فيا ليت النوى ما شهدناه

ويا ليت عنا أغمض الدهر طرفه

ويا ليت وقتا للفراق فقدناه

وترجع أيام المحصب من منى

ويبدو ثراه للعيوب وحصباه

وتسرح فيه العيس بين ثمامة

وتستنشق الأرواح طيب خزاماه

ومنها قوله:

فشدوا مطايانا إلى الربع ثانيا

فإن الهوى عن ربعهم ما ثنيناه

ففي ربعهم لله بيت مبارك

إليه قلوب الناس تهوى وتهواه

يطوف به الجاني فيغفر ذنبه

ويسقط عنه إثمه وخطاياه

وكم لذة كم فرحة لطوافه

فلله ما أحلى الطواف وأهناه

نطوف كأنا بالجنان نطوفها

ولا هم لا غم جميعا نفيناه

فيا شوقنا نحو الطواف وطيبة

فذلك طيب لا يعبر معناه

فمن لم يذقه لم يذق قط لذة

فذقه تذق يا صاح ما نحن ذقناه

ترى رجعة أو عودة لطوافنا

وذاك الحمى قبل المنية نغشاه

فوالله لا ننسى الحمى فقلوبنا

هناك تركناها فيا كيف ننساه

ووالله لا ننسى زمان مسيرنا

إليه وكل الركب يلتذ مسراه

وقد نسيت أولادنا ونساؤنا

وإخوننا والقلب عنهم شغلناه

تراءت لنا أعلام وصل على اللوى

فمن ثم أمسى القلب عنهم لويناه

جعلنا إله العرش نضب عيوننا

ومن دونه خلف الظهور نبذناه

وسرنا نشق البيد للبلد الذي

بجهد وشق للنفوس بلغناه

رجالا وركبانا على كل ضامر

ومن كل فج مقفر قد أتيناه

ص: 345

نخوض إليه البحر والبر والدجا

ولا مفظع إلا إليه قطعناه

ونطوي الفلا من شدة الشوق للقا

فنمشي الفلا نحكي السجل طويناه

ولا صدنا عن قصدنا فقد أهلنا

ولا هجر جار أو حبيب ألفناه

وأموالنا مبذولة ونفوسنا

ولا نبغ شيئا منعناه

ومنها قوله:

عرفنا الذي نبغي ونطلب فضله

فهان علينا كل شيء بذلناه

ولو قيل إن النار دون مزاركم

دفعنا إليها والعذول دفعناه

ومنها قوله:

ترادفت الأشواق واضطرم الحشا

فمن ذا له ضرم وتضرم أحشاه

وأسرى بنا الحادي وأمعن في السرا

وولي الكرى نوم الجفون نفيناه

ومنها قوله:

نحج لبيت حجه الرسل قبلنا

لنشهد نفعا في الكتاب وعدناه

دعانا إليه الله عند بنائه

فقلنا له لبيك داع أجبناه

وما زال وفد الله يقصد مكة

إلى أن بدا البيت العتيق وركناه

فضجت ضيوف الله بالذكر والدعا

وكبرت الحجاج حين رأيناه

وقد كادت الأرواح تزهق فرحة

لما نحن من عظم السرور وجدناه

وطفنا به سبعا رملنا ثلاثة

وأربعة مشيا كما قد أمرناه

كذلك طاف الهاشمي محمد

طواف قدوم مثل ما طاف طفناه

وسالت دموع من غمام جفوننا

على ما مضى من إثم ذنب كسبناه

ونحن ضيوف الله جئنا لبيته

نريد القرى نبغي من الله حسناه

فنادى بنا أهلا ضيوفي تباشروا

وقروا عيونا فالحجيج أضفناه

فأي قرى يعلو قرانا لضيفنا

وأي ثواب فوق ما قد أثبناه

ومنها قوله:

فطيبوا وسيروا وافرحوا وتباشروا

تهنوا وهموا بابها قد فتحناه

ولا ذنب إلا وقد غفرناه منكم

وما كان من عيب عليكم سترناه

ومنها قوله:

ويوم منى سرنا إلى الجبل الذي

من البعد قد حيانا كما قد عهدناه

فلا حج إلا أن يكون بأرضه

وقوف وهذا في الصحاح رويناه

إليه فؤاده المرء يشعر بالهنا

ولولا ما كان الحجار سلكناه

ص: 346

وبتنا بأقطار المحصب من منى

فيا طيب ليل بالمحصب بتناه

وسرنا إليه طالبين وقوفنا

عليه ومن كل الوجوه أممناه

على علميه للوقوف جلالة

فلا زالتا تحمي وتحرس أرجاه

وبينهما حزنا إليه برحمة

فيا طيبها ليت الزحام رجعناه

ولما رأيناه تعالى عجيجنا

نلبي وبالتهليل منا ملأناه

وفيه نزلنا بكرة بذنوبنا

وما هو من ثقل المعاصي حملناه

وبعد زوال الشمس كان وقوفنا

إلى الليل نبكي والدعاء قد أطلناه

ومنها قوله:

على عرفات قد وقفنا بموقف

به الذنب مغفور وفيه محوناه

وقد أقبل الباري علينا بوجهه

وقال: ابشروا فالعفو فيكم نشرناه

وعنكم ضمنا كل تابعة جرت

عليكم وأما حقنا قد وهبناه

أقلناكم من كل ما قد جنيتم

ومن كان ذا عذر إلينا عذرناه

ومنها قوله:

وطوبى لمن ذاك المقام مقامه

وبشراه في يوم التغابن بشراه

نرى موقفا فيه الخزائن فتحت

ووالى علينا الله منه عطاياه

ومنها قوله:

ودارت علينا الكأس بالوصل والرضا

سقينا شرابا مثله ما سقيناه

فإن شئت تسقي ما سقينا على الحمى

فخلِ التواني واقصد محلا حللناه

ومنها قوله:

فظل حجيج الله لليل واقفا

فقيل انفروا فالكل منكم قبلناه

أفيضوا وأنتم حامدون إلهكم

إلى مشعر جاء الكتاب بذكراه

وسيروا إليه واذكروا الله عنده

فسرنا ومن بعد العشاء نزلناه

وفيه جمعنا مغربا لعشائنا

ترى عابد جمع بجمع جمعناه

وبتنا به منه التقطنا جمارنا

وربا ذكرناه على ما هداناه

ومنه أفضنا حيث ما الناس قبلنا

أفاضوا وغفران الإله طلبناه

ونحو منى ملنا بها كان عيدنا

ونلنا بها ما القلب كان تمناه

فمن منكم بالله عيد عيدنا

فعيد منى رب البرية أعلاه

وفيها رمينا للعقاب جمارنا

ولا جرم إلا مع جمار رميناه

ص: 347

ومنها قوله:

وبالخفيف أعطانا الإله أماننا

وأذهب عنا كل ما نحن خفناه

وردت إلى البيت الحرام وفودنا

رجعنا لها كالطير حن لمأواه

وطفنا طوافا للإفاضة حوله

ولذنا به بعد الجمار وزرناه

ومن بعد ما زرنا دخلناه دخلة

كأنا دخلنا الخلد حين دخلناه

ونلنا أمان الله عند دخوله

كما أخبر القرآن فيما قرأناه

فيا منزلا قد كان أبرك منزل

نزلناه في الدنيا وبيت وطئناه

ترى حجة أخرى إليك ورحلة

وذاك على رب العلا تمناه

فإخواننا ما كان أحلى دخولنا

إليه لبثا في حماه لبثناه

فإخواننا أوحشتمونا هنا لكم

فيا ليتكم معنا وأنا حففناه

ومنها قوله:

وبالحجر الميمون لذنا فإنه

لرب السما في أرضه يمناه

نقبله من حبنا لإلهنا

فكم أشعث كم اغبر قد رحمناه

وذاك لنا يوم القيامة شاهد

وفيه لنا عهد قديم عهدناه

ونستلم الركن اليماني طاعة

نستغفر المولى إذا ما لمسناه

وملتزم فيه التزمنا لذنبنا

عهود وعفو الله فيه لزمناه

وكم موقف فيه مجاب لنا الدعا

دعونا به القصد فيه نويناه

وصلى بأركان المقام حجيجنا

وفي زمزم ماء طهور وردناه

وفيه الشفا فيه بلوغ مرادنا

لما نحن ننويه إذا ما شربناه

وبين الصفا والمروة الحاج قد سعى

فإن تمام الحج تكميل مسعاه

ومنها قوله:

وبينا حجيج الله بالبيت محدق

ورحمة رب العرش تدنو وتغشاه

تداعت رفاق بالرحيل فما ترى

سوى دمع عين بالدماء مزجناه

لفرقة بيت الله والحجر الذي

لأجلهما شاق الأمور شققناه

وودعت الحجاج بيت إلهها

وكلهم تجري من الحزن عيناه

فلله كم باك وصاحب حسرة

يود بأن الله كان توفاه

ولا يشهد التوديع يوما لبيته

وإن فراق البيت مرد وجدناه

فما فرقه إلا والله إنه

أمر وأدهى ذاك شيء خبرناه

ص: 348

ومنها قوله:

ووالله لولا أن نؤمل عودة

لذقنا طعام الموت حين فجعناه

ومن بعد ما طفنا طواف وداعنا

رحلنا إلى قبر الحبيب ومعناه

وأنشدني محمد بن محمد بن داود الصالحي مكاتبة منه، وفاطمة بنت أحمد الفقيه مشافهة بطيبة، أن أبا عمرو الإفريقي أنشدهما إذنا قال: أنشدنا أبو اليمن ابن عساكر1 نزيل مكة لنفسه، بقراءتي عليه بمسجد الخيف بمنى:

يا جبرتي بين الحجون إلى الصفا

شوقي إليكم مجمل ومفصل

أهوى دياركم ولي يربوعها

وجد يؤرقني وعهد أول

ويزيدني فيها العذول صبابة

فيظل يغريني إذا ما يعدل

ويقول لي لو قد تبدلت الهوى

فأقول: قد عز الغداة تبدل

بالله قل لي: كيف تحسن سلوتي

عنها وحسن تصبري هل يجمل؟

هل في البلاد محلة معروفة

مثل المعرف أو محل بحلل؟

أم في الزمان كليلة النفر التي

فيها من الله العوارف تجزل

أم مثل أيام تقضت في منى

عمر الزمان بها أغر محجل

في جنب مجتمع الرفاق ومنزع الأ

شواق حياها السحاب المسبل

وأنشدتني أم الحسن فاطمة بنت مفتي مكة شهاب الدين أحمد بن قاسم الحرازي إذنا مشافهة بطيبة -إن لم يكن سماعا- قالت: أنشدني جدي الإمام رضي الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبري2 سماعا قال: أنشدنا الإمام الحافظ أبو بكر بن محمد بن يوسف بن مسدي لنفسه من قصيدة له:

سقى تهامة ما تهمي السحاب به

سحا يسح وتهتانا بتهتان

حيث الحجيج إن حجيجي تخذت بها

ربعا بربع وأخذانا بأخدان

ومنها قوله:

أنكرت سلمى وأياما بذي سلم

لوقفة بين تعريف وعرفان

حيث الأراك والنسيم صبا

بقنا في شيخ أفنان بأفنان

والدار آهلة من كان مغترب

يعرو إليها بتهليل وقرآن

1 هو عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن. توفي سنة "686هـ"، لحظ الألحاظ "ص: 81".

2 ترجمته في لحظ الألحاظ "ص: 100، 101".

ص: 349

واسم الحبيب شعار العاشقين بها

تيك المشاعر من شيب وشيبان

لبيك لبيك توحيدا يؤكده

توابع الشوق في سر وإعلان

وللإجابة سمع ليس يشغله

شأن كثير من القول عن شان

وينفرون إلى الزلفى بمزدلف

جمعا بجمع ووجدانا بوجدان

من كل مستغفر مستقبل ثقة

من الحبيب بإقبال وغفران

من لم يقف برسوم الموقفين فما

مشت به قط للأحباب رجلان

وفي منى للمنى ذاك المنال فلا

تبعد بك الدار عن قرب وقربان

ومنها قوله:

وفي الإفاضة فيض الجود من ملك

يلقى المسيء إذا استعفى بإحسان

ومنها قوله:

يا طائفين بنا إنا نطوف بكم

باعا يباع ووجدانا بوجدان

ورب ماش تبادرناه هرولة

إليه تلقاه بشرى قبل تلقاني

أما الغريب وإن عز المكان فلا

يبعدنك الوهم في تقرير إمكان

من فاوض الركن قد فاوضته بيدي

هذا يميني فحيوها بأيمان

من يستجر فإن بالمستجار له

نعم المجير إذا يلجأ لي الجاني

وعند ملتزم منا لملتزم

لو شاء ما شاء منا غير منان

ومنها قوله:

ولي مقام أمين بالمقام فما

نوفي فيه إلا كل أمان

ولي بزمزم سر فيه زمزمة

عنوانها عند أزمات وأزمان

ومنها قوله:

هذي الأماني لا أيام ذي سلم

دار الأمان فما دار بغمدان

كفاني الله تبديلا بمظهرها

حتى أغيب في لحدي وأكفاني

وأنشدني خالي قاضي الحرمين محب الدين النويري -تغمده الله برحمته- سماعا بالمسجد الحرام، أن القاضي عز الدين عبد العزيز ابن القاضي بدر الدين بن جماعة الشافعي أنشده سماعا، قال: أنشدني والدي لنفسه، وأنشدني عاليا الإمامان: أبو أحمد إبراهيم بن محمد اللهمي وأبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد المصري إذنا عن القاضي بدر الدين بن جماعة1 قال:

ما بال قلبي لا يقر قراره

حتى يقضي من منى أوطاره

1 هو محمد بن إبراهيم بن سعد الله توفي سنة 733هـ وترجمته في "لحظ الألحاظ".

ص: 350

ما ذاك إلا أنه من شوقه

قد شام من وادي الحمى تذكاره

يا سائق الأظعان إن جزت الحمى

سلم على من بالمحصب داره

واشرح له ما يلتقي مشتاقه

من فرط شوق أحرقته ناره

يصبو إذا ذكر الحطيم وزمزم

والركن والبيت المكرم جاره

ويهيم من شوق يفتت كبده

إذ عز ملقاه وطال مزاره

وأنشدني الرئيس شهاب الدين أحمد بن الحافظ صلاح الدين خليل بن كيلكلدي1 العلائي بقراءتي عليه في المسجد الأقصى بالرحلة الأولى أن الأستاذ أبا حيان محمد بن يوسف الأندلسي2 النحوي أنشدني لنفسه قصيدة نبوية على وزن بانت سعاد، قال فيها:

وإذا قضيت غزاة فأتنف عملا

للحج والحج للإسلام تكميل

ثم قال بعد وصفه للحجاج:

يسوقهم طرب نحو الحجاز فهم

ذوو ارتباح على أكوارها ميل

شعث رؤوسهم بلس شفاههم

حوص عيونهم غرث مهازيل

حتى إذا لاح من بيت الإله لهم

نور إذا هم على الغبرا أراجيل

يعفرون وجوها طال ما سهمت

باكين حتى أديم الأرض مبلول

حفوا بكعبة مولاهم فكعبهم

عال بها لهم طوف وتقبيل

وبالصفا وقتهم صاف بسعيهم

وفي منى لمناهم كان تنويل

تعرفوا عرفات واقفين بها

لهم إلى الله تكبير وتهليل

وأنشدني العلامة الأديب المفنن برهان الدين إبراهيم بن عبد الله بن محمد المعروف بالقيراطي لنفسه إجازة من قصيدة، وأنشدنيها سماعا قاضي مكة جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة رحمه الله عليه- عن القيراطي سماعا قال:

ثم أنشأت من جفوني سحبا

أي نثر كالدر من إنشاء

كم سكبناه بل سكبناه تبرا

فاز منه ثرى الحما بالثراء

فإذا جئت المحصب فانثر

من يواقيته على الحصباء

أتمنى عيشا مضى وتقضى

وتولى على الصفا بالصفاء

ميت أحيا يناديك حيا

إنما الميت ميت الأحياء

لا يمل الثاوي هناك مقاما

رب ثاو يمل طول الثواء

1 ترجمته في "الضوء اللامح" 1/ 296.

2 ترجمته في "الدر الكامنة" 4/ 302-310 رقم 833، ذيل تذكرة الحفاظ "ص: 23-27".

ص: 351

حسبه هواه الرطب فينا

فذكرناه مجامع الأهواء

بك داء فارحل وجز بكداء

وهو داء من الذنوب كداء

ومنها قوله:

ما حنينا للمنحني الجيد إلا

واستقمنا بذلك الإنحناء

ومنها قوله:

أنا ما لي عن مكة من براح

وبها أشتفي من البرحاء

حبذا الكعبة التي قد تبدت

وهي تزهو في حلة سوداء

فصفا سترها مساء صباح

وبياض الثنا صباح مساء

قبل الخال لا أبا لك عشرا

يا أخا حيها بغير إباء

واملأ الحجر باللآلئ من الـ

ـدمع ونزهه عن عقيق الدماء

واشربن من شراب زمزم كاسا

دب منه السرور في الأعضاء

فهي حقا طعام طعم لجوع

وبها للسقيم أي شفاء

فسقى المسجد الحرام غمام

ورعى عشنا على البطحاء

كم حطمنا لدى الحطيم ذنوبا

كثر عدها عن الإحصاء

صاح قم طف للإله سبعا

بيت رمى الفيل فيه بالدهماء

مر بالمروين وارق لترقى

بجنان مراقي السعداء

واكحل العين عند مسعاك

بالميل ففيه شفاء ذاك العماء

ثم قف خاضعا على عرفات

عل تعطى عوارف الإعطاء

وارمها في منى إلى جمرات

اللظى بها في انطفاء

وأنشدنا الإمام بدر الدين أحمد بن محمد المعروف بابن الصاحب رحمه الله، إجازة لنفسه، وأنشدني ذلك قاضي القضاة جمال الدين بن ظهيرة من لفظه عن ابن الصاحب هذا سماعا، قال من قصيدة نبوية:

على الأبطح المكي طيب سلامي

وأزكى تحيات كمسك ختام

وسقيا له من أدمع بهوامع

تجود بحفظ الود جود كرام

فذاك هو الحي الذي طاير المنى

له فيه بالإطراب سجع حمام

إذا ذكروا في الحي طيب حديثه

خلعت على السماء ثوب منام

وإن ظفرت نفسي بلثم ترابه

لبست بذاك اللثم خير لثام

منازل أفراحي وأنسي ولذتي

وموسم أعيادي ودار هيام

إذا مر بي من نحوها نسمة الصبا

وجدت لها بردا لحر أوامي

فتبعث في الروح حتى أكاد أن

أطير وقد قص الجناح سقامي

ص: 352

فلله عهد من معاهد أنسه

جديد ولو أبلى الممات عظامي

فهل لي إلى تلك المواطن عودة

على رغم حسادي وأهل ملامي

وأكحل بالميل الأخيضر ناظري

بإثمد ركن البيت قبل حمام

وأنشد في عيدي بقرب أحبتي

ألا إن هذا اليوم فطر صيامي

أديروا أديروا ماء زمزم خالصا

فذا خيرا كأس في ألذ مقام

ونادوا على رأسي بأبواب شاربي

عبيد ذليل مثقل بآثام

عسى عطفه منكم عليه فإنه

تعلق من إحسانكم بزمام

وفي قوله أيضا:

في مكة الوقت قد صفا لي

بطيب جار لها ودار

وخفض عيش جوار ربي

فذاك خفضي على الجوار

وقوله أيضا:

ليل الحمى كله من طيبه سحر

أحلى من النوم فيه عندنا السهر

يستلقط البرد من أنفاسه خلسا

يطفي بها نار أحشاء لها شرور

وتجتلي الكعبة الغراء في خلع

من الجمال على من فوقها الخفر

دار الهوى برح أطيار القلوب

بداء أكبادنا روض الربا العطر

مستودع السر حضن الأمر منتقح

إلام لا كنز لديه تحقر البدر

فغنني واسقني من ماء زمزمها

هذا هو العيش لا خمر ولا وتر

وقوله أيضا:

وليل ببطحاء الحمى قد قطعته

وطائر أنسي في الهوى قد ترنما

وطاف بكاسات الأماني سرورنا

فطيب عيش في المقام وزمزما

وقوله أيضا:

بمكة قد طابت مجاورتي فيا

إلهي فاجعلها مدى العمر سرمدا

فأنت الذي أحللتني ساحة الهوى

وعودت قلبي عادة فتعودا

وقوله أيضا:

بمكة نلت الخير من كل جانب

ودست على أمنية النفس بالنعل

فعن حرم الرحمن إن سرت قاصدا

فلا كنت من نفسي الكريمة في حل

وقوله مضمنا:

مجاورتي بمكة نلت فيها

أجل مناي من أقصى مرام

وما ظفر الفتى في الدهر يوما

بأطيب من مجاورة الكرام

ص: 353

والأشعار في التشوق إلى هذه المشاعر الشريفة كثيرة، ونسأل الله تعالى أن يجعل أعيننا بدوام مشاهدتها قريرة.

وقد انتهى الغرض الذي أردنا جمعه في هذا الكتاب، ونسأل الله تعالى أن يجزل لنا فيه الثواب، وصلى الله عليه سيدنا محمد سيد المرسلين، وآله وصحبه الأكرمين.

ص: 354