المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في ذكر شيء من ولاة مكة المشرفة في الإسلام: - شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام - جـ ٢

[التقي الفاسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب السادس والعشرون: في ذكر شيء من خبر إسماعيل عليه السلام وذكر ذبح إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام

- ‌الباب السابع والعشرون:

- ‌في ذكر شيء من خبر هاجر أم إسماعيل عليه السلام:

- ‌ذكر أسماء أولاد إسماعيل وفوائد تتعلق بذلك:

- ‌ذكر شيء من خبر بني إسماعيل عليه الصلاة والسلام:

- ‌ذكر ولاية نابت بن إسماعيل للبيت الحرام:

- ‌الباب الثامن والعشرون:

- ‌ذكر ولاية إياد بن نزار بن معد بن عدنان للكعبة:

- ‌ذكر ولاية بني إياد بن نزار الكعبة وشيء من خبرهم وخبر مضر ومن ولي الكعبة من مضر قبل قريش:

- ‌الباب التاسع والعشرون:

- ‌في ذكر من ولي الإجازة بالناس من عرفة ومزدلفة ومنى من العرب في ولاية جرهم وفي ولاية خزاعة وقريش على مكة:

- ‌الباب الثلاثون

- ‌في ذكر من ولي إنساء الشهور من العرب بمكة

- ‌ذكر صفة الإنساء

- ‌ذكر الحمس والحلة

- ‌ذكر الطلس:

- ‌الباب الحادي والثلاثون:

- ‌ذكر نسبهم:

- ‌ذكر سبب ولاية خزاعة لمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر مدة ولاية خزاعة لمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر أول من ولي البيت من خزاعة وغير ذلك من خبر جزهم

- ‌ذكر شيء من خبر عمرو بن عامر الذي تنسب إليه خزاعة وشيء من خبر بنيه:

- ‌الباب الثاني والثلاثون:

- ‌الباب الثالث والثلاثون:

- ‌في ذكر شيء من خبر بني قصي بن كلاب:

- ‌الباب الرابع والثلاثون

- ‌في ذكر شيء من خبر الفجار والأحابيش

- ‌ذكر يوم العبلاء:

- ‌ذكر يوم شرب:

- ‌ذكر يوم الحريرة:

- ‌ذكر الفجار الأول وما كان فيه بين قريش وقيس عيلان وسبب ذلك:

- ‌ذكر شيء من خبر الأحابيش ومحالفتهم لقريش:

- ‌الباب الخامس والثلاثون:

- ‌ذكر شيء من خبر حلف الفضول:

- ‌ذكر شيء من خبر ابن جدعان الذي كان في داره حلف الفضول:

- ‌ذكر شيء من خبر أجواد قريش في الجاهلية:

- ‌ذكر الحكام من قريش بمكة في الجاهلية:

- ‌ذكر تملك عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن كلاب القرشي الأسدي على قريش بمكة وشيء من خبره:

- ‌الباب السادس والثلاثون:

- ‌ذكر شيء من خبر فتح مكة:

- ‌ذكر فوائد تتعلق بخبر فتح مكة:

- ‌الباب السابع والثلاثون:

- ‌في ذكر شيء من ولاة مكة المشرفة في الإسلام:

- ‌الدولة العباسية:

- ‌الباب الثامن والثلاثون

- ‌في ذكر شيء من الحوادث المتعلقة بمكة في الإسلام

- ‌الباب التاسع والثلاثون:

- ‌سيول مكة في الجاهلية:

- ‌سيول مكة في الإسلام:

- ‌ذكر شيء من أخبار الغلاء والرخص والوباء بمكة المشرفة على ترتيب ذلك في السنين:

- ‌الباب الأربعون:

- ‌في ذكر الأصنام التي كانت بمكة وحولها وشيء من خبرها:

- ‌ذكر أسواق مكة في الجاهلية والإسلام:

- ‌ذكر شيء مما قيل من الشعر في التشوق إلى مكة الشريفة وذكر معالمها المنيفة:

- ‌خاتمة المؤلف للكتاب:

- ‌الملحق الأول:‌‌ ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام

- ‌ ولاة مكة بعد الفاسي مؤلف "شفاء الغرام

- ‌الملحق الثاني في الدرة الثمينة في تاريخ المدينة

- ‌مقدمة بقلم اللجنة التي أشرف على تحقيق الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌الباب الأول- في ذكر أسماء المدينة وأول من سكنها

- ‌الباب الثاني: في ذكر فتح المدينة

- ‌الباب الثالث: في ذكر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌الباب الرابع: في ذكر فضائلها وما جاء في ترابها

- ‌الباب الخامس: في ذكر تحريم النبي للمدينة وحدود حرمها

- ‌الباب السادس: في ذكر وادي العقيق وفضله

- ‌الباب السابع: في ذكر آبار المدينة وفضلها

- ‌الباب الثامن: في ذكر جبل أحد وفضله وفضل الشهداء به

- ‌الباب التاسع: في ذكر إجلاء النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير من المدينة

- ‌الباب العاشر: حفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق حول المدينة

- ‌الباب الحادي عشر: في ذكر قتل بني قريظة بالمدينة

- ‌الباب الثاني عشر: في ذكر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفضله

- ‌الباب الثالث عشر: في ذكر المساجد التي بالمدينة وفضلها

- ‌الباب الرابع عشر: في ذكر مسجد الضرار وهده

- ‌الباب الخامس عشر: في ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما

- ‌الباب السادس عشر: في ذكر فضل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السابع عشر: في ذكر البقيع وفضله

- ‌الباب الثامن عشر: في ذكر أعيان من سكن المدينة من الصحابة ومن بعدهم

- ‌الملحق الثالث في‌‌ العمارة التي أدخلت على المسجد النبوي الشريفمنذ إنشائه حتى اليوم وفوائد أخرى عن المدينة

- ‌ العمارة التي أدخلت على المسجد النبوي الشريف

- ‌ المسجد النبوي الشريف قبل التوسعة السعودية:

- ‌ سير العمل في العمارة الجديدة:

- ‌ المباني التي هدمت:

- ‌ وصف المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة

- ‌ أبواب الحرم النبوي الشريف:

- ‌ حول عمارة المسجد النبوي الشريف:أسئلة موجهة من الحاج عبد الشكور فدا إلى سعادة الشيخ صالح القزاز وإجابة فضيلته عليها:

- ‌الملحق الرابع: بعض آثار المدينة والمزارات وغيرها

- ‌مساجد المدينة المنورة

- ‌ القصور التاريخية بالمدينة:

- ‌ خزانات ماء الشرب

- ‌كلمة الختام:

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌في ذكر شيء من ولاة مكة المشرفة في الإسلام:

‌الباب السابع والثلاثون:

‌في ذكر شيء من ولاة مكة المشرفة في الإسلام:

لما فتح الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة، استخلف عليها عتاب بن أسيد -بفتح الهمزة- ابن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، عند مخرجه صلى الله عليه وسلم إلى حنين1 في العشر الأوسط من شوال سنة ثمان من الهجرة؛ لأن ابن إسحاق، قال لما ذكر غزوة حنين: واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، على مكة، أمير على من تخلف عنه من الناس2

انتهى.

وذكر ابن عقبة ما يوهم خلاف ما ذكره ابن إسحاق في تأميره عتابا رضي الله عنه؛ لأنه قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى حنين استخلف معاذ بن جبل الأنصاري، ثم السلمي رضي الله عنه على أهل مكة، وأمره صلى الله عليه وسلم أن يعلم الناس القرآن، ويفقههم في الدين، ثم قال: ثم صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائدا إلى المدينة، وخلف معاذ بن جبل رضي الله عنه في أهل مكة

انتهى.

وذكر أبو عمر بن عبد البر عن الطبري ما يوهم خلاف ذلك أيضا؛ لأنه قال: هبيرة شبل بن العجلان بن عتاب الثقفي، هو أول من صلى بمكة جماعة بعد الفتح؛ أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وكان إسلامه بالحديبية واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة؛ إذ سار إلى الطائف فيما ذكره الطبري3

انتهى.

1 حنين: واد قريب من مكة معروف إلى الآن بهذا الاسم، ومن وادي حنين تأتي عين زبيدة إلى مكة؛ لأن المياه تجتمع فيه لانخفاضه وإحاطة الجبال به.

2 السيرة لابن هشام 4/ 74.

3 الاستيعاب 3/ 615، 616.

ص: 188

وذكر ابن ماكولا نحو ما ذكره ابن عبد البير، وعزاه إلى الكلبي1.

وذكر ابن عبد البر ما يوافق ما ذكره ابن إسحاق في ترجمة عتاب رضي الله عنه.

وما ذكره ابن إسحاق، في تأمير النبي صلى الله عليه وسلم لعتاب رضي الله عنه على مكة هو المعروف؛ لكون جماعة من أهل الأخبار ذكروا ذلك، وسيأتي ذلك عن بعضهم2. وسبق ما يدل لذلك في باب فضل أهل مكة وهو الباب السادس.

وذكر مغلطاي ما يوضح تاريخ تأميره صلى الله عليه وسلم لعتاب على مكة، أكثر مما سبق؛ لأنه قال في "سيرته": ثم خرج صلى الله عليه وسلم لست ليال خلون من شوال، ويقال: لليلتين بقيتا من رمضان إلى حنين

انتهى.

وأفاد السهيلي شيئا يستغرق في سبب تولية النبي صلى الله عليه وسلم لعتاب رضي الله عنه على مكة؛ لأنه قال: وقال أهل التعبير: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام أسيد بن أبي العيص واليا على مكة مسلما، فمات على الكفر، وكانت الرؤيا لولدة عتاب حين أسلم، فولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وهو ابن أحد وعشرين سنة

انتهى.

وذكر الأزرقي ما يوهم أن لتولية النبي صلى الله عليه وسلم عتابا رضي الله عنه على مكة سببا غير السبب الذي ذكر السهيلي؛ لأنه قال: حدثني جدي قال: حدثنا عبد الجبار بن الورد المكي قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد رأيت أسيدا في الجنة وأنى يدخل أسيد الجنة"؛ فعرض له عتاب بن أسيد فقال: "هذا الذي رأيت، ادعوه لي" فدعى له، فاستعلمه صلى الله عليه وسلم يومئذ على مكة، ثم قال لعتاب:"أتدري على من استعملتك؟ استعملتك على أهل الله، فاستوص بهم خيرا، يقولها ثلاثا" 3

انتهى.

ويمكن أن يجمع بين ما قال ابن إسحاق وغيره، من تأمير النبي صلى الله عليه وسلم لعتاب رضي الله عنه على مكة، وبين ما ذكره عقبة والطبري، بأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جعل عتابا رضي الله عنه أمير مكة، ومعاذ رضي الله عنه في الإمامة "هبيرة" المذكور، ولا يعارض ذلك ما قيل في ترجمة هبيرة رضي الله عنه من أنه أول من صلى بمكة جماعة بعد الفتح، لإمكان أن يكون حان وقت الصلاة وهبيرة حاضر من الناس، ومعاذ رضي الله عنه غير حاضر، لشغل عرض له، فبادر هبيرة رضي الله عنه فصلى بالناس، لتحصيل فضيلة أول الوقت، والله أعلم.

1 الإكمال لابن ماكولا 5/ 25.

2 الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار "ص: 333".

3 أخبار مكة للأزرقي 2/ 151، وأبو يعلى 1/ 185، والإصابة 4/ 430، والبيهقي في السنن 5/ 339.

ص: 189

ويحتمل أن هبيرة رضي الله عنه كان يصلي بالناس قبل معاذ رضي الله عنه، ثم يصلي معاذ بمن لم يدرك الصلاة خلف هبيرة والله أعلم. وأهل أولى من جعل الأخبار متعارضة في ولاية عتاب. وكان من أمره في ولاية مكة ما ذكره الزبير بن بكار؛ لأنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم عتابا على مكة، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وعتاب عامله على مكة

انتهى.

وذكر ابن عبد البر ما ذكره الزبير، وزاد عليه في مدة ولايته؛ لأنه قال: أسلم يوم فتح مكة، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على مكة يوم الفتح، في حين خروجه إلى حنين؛ فأقام للناس الحج في تلك السنة، وهي سنة ثمان. وحج المشركون على ما كانوا عليه. ثم قال: فلم يزل عتاب أمير على مكة، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقره أبو بكر رضي الله عنه؛ فلم يزل عليها إلى أن مات، وكانت وفاته فيما ذكر الواقدي يوم مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقال محمد بن سلام وغيره: جاء نعي أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى مكة يوم دفن عتاب بن أسيد رضي الله عنه بها

انتهى.

وذكر ابن عبد البر ما يخالف ما ذكره في ولاية عتاب على مكة، في خلافة أبي بكر رضي الله عنه؛ لأنه قال في ترجمة الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي الهاشمي، بعد أن ذكر شيئا من حاله عن مصعب الزبيري، والواقدي، وقال غيرهما: ولي أبو بكر الصديق رضي الله عنه الحارث بن نوفل رضي الله عنه مكة، ثم انتقل إلى البصرة من المدينة1

انتهى باختصار.

ورأيت في "مختصر تاريخ ابن جرير" أن عتاب بن أسيد كان على مكة في سنة أربع عشرة2، وخمس عشرة3، وست عشرة4، وسبع عشرة5، وثمان عشرة6، وتسع عشرة، وكل ذلك وهم، ذكرناه للتنبيه عليه، والله أعلم.

ورأيت في "تاريخ ابن الأثير" ما يقتضي أنه كان على مكة في سنة أربع عشرة7، وخمس عشرة8، وكل ذلك وهم ذكرناه للتنبيه عليه، والله أعلم.

1 الاستيعاب 3/ 397.

2 تاريخ الطبري 3/ 597، إتحاف الورى 2/ 5، البداية والنهاية 2/ 207.

3 تاريخ الطبري 3/ 623، إتحاف الورى 2/ 6.

4 تاريخ الطبري 4/ 94، إتحاف الورى 2/ 6.

5 تاريخ الطبري 4/ 94، إتحاف الورى 2/ 9.

6 تاريخ الطبري 4/ 160، إتحاف الورى 2/ 10، البداية والنهاية 2/ 238.

7 الكامل لابن الأثير 2/ 489.

8 الكامل لابن الأثير 2/ 508.

ص: 190

وممن ولي مكة في خلافة الصديق رضي الله عنه: المحرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، في سفرة سافرها عتاب، على ما ذكر ابن عبد البر1 رحمه الله.

ثم وليها المحرز المذكور لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، في أول ولاية عمر رضي الله عنه، على ما ذكر ابن عبد البر أيضا، وذكر ابن حزم ولايته على مكة لعمر رضي الله عنه.

وذكر الزبير بن بكار ولايته على مكة بعد عتاب رضي الله عنه.

ثم ولي مكة في خلافة عمر رضي الله عنه: قنفذ بن عمير بن جدعان التيمي، بعد عزل المحرز، على ما ذكر ابن عبد البر2.

ثم وليها نافع بن عبد الحارث الخزاعي، بعد عزل قنفذ، على ما ذكر ابن عبد البر أيضا3.

ثم وليها لعمر رضي الله عنه: خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي بعد عزل نافع.

ورأيت في "الكامل" لابن الأثير ما يقتضي أن نافع بن عبد الحارث كان على مكة في سنة ثلاث وعشرين4، ولا أدري هل هذه السنة أول ولايته بمكة؟ ولا متى انقضت ولايته عنها، والله أعلم.

وممن ولي مكة في خلافة عمر رضي الله عنه: طارق بن المرتفع5 بن الحارث بن عبد مناة، على ما ذكره الفاكهي؛ وعبد الرحمن بن أبزي الخزاعي6 مولى خزاعة، نيابة عن مولاة نافع بن عبد الحارث، لما لقي نافع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعسفان7، وأنكر عمر رضي الله عنه: إنه قارئ، لكتاب الله، عالم بالفرائض، وفي رواية: أن نافعا قال لعمر رضي الله عنه لما أنكر عليه استخلافه عليه استخلافه ابن أبزى هذا على أهل مكة: إني وجدته أقرأهم لكتاب الله، وأعلمهم بدين الله تعالى، ولذلك سكن غيظ عمر

1 الاستيعاب 3/ 483.

2 جمهرة أنساب العرب "ص: 78".

3 الاستيعاب 3/ 280، وأخبار مكة للفاكهي 3/ 164.

4 الكامل لابن الأثير 3/ 77، وإتحاف الورى 2/ 131.

5 يجعل المؤرخون قبله: أحمد بن خالد بن العاص "ص: 82". الرحلة الحجازية، وكما ذكر هنا.

6 تاريخ الخليفة "ص: 153".

7 عسفان: ماء في طريق مكة المدينة بعد مر الظهران، ويعرف بهذا الاسم إلى الآن.

ص: 191

-رضي الله عنه على نافع، وخبر توليته لابن أبزى، وما كان ببنه وبين عمر من المقال المشار إليه مذكور في تاريخ الأزرقي وغيره1.

وممن ولي مكة لعمر رضي الله عنه على ما قيل: الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب القرشي الهاشمي المقدم ذكره؛ لأنا الزبير، قال في ترجمته: وذكر أن أبا بكر رضي الله عنهما استعمله على مكة2

انتهى.

ورأيت في "تاريخ الإسلام" للذهبي ما يقتضي الجزم بولاية الحارث هذا على مكة لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ لأنه قال في ترجمته: له صحبة، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض صدقات مكة، وبعض أعمال مكة، ثم استعمله أبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم على مكة1

انتهى، والله أعلم بالصواب.

ثم ولي مكة: علي بن عدي بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي؛ ولاه عليها عثمان بن عفان رضي الله عنه حين ولي الخلافة، على ما ذكر ابن عبد البر3.

وذكر ابن حزم ولايته على مكة لعثمان رضي الله عنه، ولم يقل كما قال ابن عبد البر أنه ولاه مكة حين ولي الخلافة، ثم ولي مكة خالد بن العاص المخزومي المقدم ذكره لعثمان أيضا، على ما ذكره ابن عبد البر، ذكر ما يقتضي أنه أقام على ولاية مكة إلى أن عزله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسيأتي هذا قريبا.

وممن ولي مكة لعثمان رضي الله عنه: الحارث بن نوفل السابق ذكره، كما ذكره الذهبي.

وممن ولي مكة لعثمان رضي الله عنه فيما ذكر الفاكهي: عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس القرشي ابن أخي عتاب بن أسيد رضي الله عنه المقدم ذكره4.

وممن ولي مكة لعثمان رضي الله عنه: عبد الله بن عامر الحضرمي على ما ذكره ابن الأثير5، وذكر أنه كان عامل عثمان رضي الله عنه على مكة في سنة خمس وثلاثين.

1 تاريخ الإسلام 2/ 26.

2 الاستيعاب 1/ 297، وفيه يذكر عبد البر ولاية الحارث بن نوفل في عهد أبي بكر فقط.

3 الاستيعاب 2/ 26.

4 أخبار مكة للفاكهي 3/ 164.

5 ابن الأثير 3/ 207، إتحاف الورى 2/ 23.

ص: 192

وذكر في أخبار هذه السنة ما يشعر أنه كان على مكة وقت قتل عثمان رضي الله عنه؛ لأنه ذكر أن عائشة رضي الله عنها، لما توجهت من مكة عبد الحج في هذ السنة، بلغها قتل عثمان رضي الله عنه، فرجعت إلى مكة وحرضت على الطلب بدمه؛ فقال لها عبد الله بن عامر العامري الحضرمي، وكان عامل عثمان رضي الله عنه على مكة: ها أنذا أول طالب؛ فكان أول مجيب، وتبعه بنو أمية على ذلك

انتهى بالمعنى، وهذا يشعر بخلاف ما ذكره ابن عبد البر من أن خالد بن العاص لم يزل على مكة إل أن عزله علي رضي الله عنه في أول خلافته.

وممن ولي مكة لعثمان رضي الله عنه على ما قيل: نافع بن عبد الحارث الخزاعي السابق ذكره؛ لأن الزبير ذكر أنه كان على مكة في سنة ثلاث وعشرين عاملا لعمر رضي الله عنه، وأن عمر رضي الله عنه لما طعن في هذه السنة أوصى أن تقر عماله سنة، فأقر عثمان رضي الله عنه عمال عمر رضي الله عنه سنة على ما قيل؛ فعلى هذا يكون نافع عاملا على مكة لعثمان رضي الله عنه، والله أعلم.

ثم ولي مكة في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه، فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحارث بن ربعي، وقيل: النعمان بن ربعي، وقيل غير ذلك.

ثم قثم العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، بعد عزل أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، على ما ذكر ابن عبد البر1؛ لأنه قال في ترجمة قثم هذا: وكان قثم بن العباس واليا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه على مكة، وذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما ولي الخلافة، عزل خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي عن مكة، وولاها أبا قتادة الأنصاري رضي الله عنه، ثم عزله وولي قثم بن العباس رضي الله عنهما، فلم يزل واليا عليها حتى قتل على بن أبي طالب رضي الله عنه، هذا قول خليفة2

انتهى.

وذكر ابن الأثير ما يوافق ما ذكره خليفة في ولاية قثم رضي الله عنه لمكة، في خلافة علي رضي الله عنه، وذكر ما يقتضي أن ولايته في سنة ست وثلاثين، وأنه ولي مع مكة الطائف، وما اتصل بمكة3.

1 الاستيعاب 3/ 275، إتحاف الورى 2/ 28.

2 تاريخ خليفة: "ص: 201".

3 أسد الغابة 1/ 213، تهذيب الأسماء للنووي 2/ 59، سير أعلام النبلاء 3/ 292، والإصابة 3/ 219، جمهرة أنساب العرب "ص: 18".

ص: 193

وممن ولي مكة لعلي رضي الله عنه، على ما قيل: معبد بن العباس بن العباس بن عبد المطلب أخو قثم السابق؛ ذكر ذلك ابن حزم في "الجمهرة"1؛ لأنه قال لما ذكر أولاد العباس: ومعبد ولي مكة لعلي رضي الله عنه وقال قبل ذلك: وقثم ولي المدينة لعلي؛ وما ذكره ابن حزم في بيان معبد يخالف ما ذكره خليفة، وأما ما ذكره في شأن قثم فلا؛ لإمكان أن يكون علي رضي الله عنه جمع لقثم بين ولاية المدينة ومكة. ويصح تعريفه بأنه ولي المدينة، والله أعلم.

ورأيت في نسخه من "الثقات" لابن حبان ما صورته: قتادة بن ربعي له صحبة، كان عمل علي رضي الله عنه بمكة

انتهى، وهذا -والله أعلم- أبو قتادة السابق ذكره، وسقط في النسخة التي رأيتها من "الثقات"، وإنما ذكرنا ذلك؛ لأن أبا قتادة ولي مكة لعلي رضي الله عنه كما سبق. ولم أر في الصحابة من اسمه قتادة بن ربعي، والله أعلم.

ورأيت في "الكامل" لابن الأثير في أخبار سنة ست وثلاثين ذكر وفاة المحرز بن حارثة السابق، ثم قال: واستعمله علي رضي الله عنه على مكة، ثم عزله

انتهى، وعلي تصحيف؛ لأن عمر رضي الله عنه الذي ولاه وعزله كما سبق2، والله أعلم.

ثم ولي مكة في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه جماعة، لا أعرف من أولهم في الولاية، منهم: عتبة بن أبي سفيان بن حرب الأموي3، وولايته على مكة لمعاوية ذكرها الفاكهي.

ومنهم: خالد بن العاص بن هشام المخزومي المقدم ذكره، ورأيت في "الكامل"4 لابن الأثير أنه ولي مكة في سنة اثنتين وأربعين، وذكر ما يقتضي أنه كان على مكة في سنة ثلاث وأربعين أيضا. ورأيت في "مختصر ابن جرير الطبري"5، ما يقتضي أنه كان على مكة في سنة ثلاث وأربعين أيضا. ورأيت في "مختصر ابن جرير الطبري"6 ما يقتضي أنه كزان على مكة في سنة خمس وأربعين، وفي ست وسبع وثمان وأربعين، وفي سنة ثلاث وأربعين أيضا.

ومنهم: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي أبو عبد الملك، على ما ذكر ابن عبد البر؛ لأنه قال في ترجمته: وكان معاوية لما صار الأمر إليه ولاه المدينة، ثم جمع له إلى المدينة: مكة، والطائف. ثم عزله عن المدينة،

1 جمهرة أنساب العرب "ص: 18".

2 الكامل لابن الأثير 3/ 263، وفيه:"الخليفة عمر".

3 تاريخ خليفة؛ ص: 205 و208.

4 الكامل لابن الأثير 3/ 420.

5 تاريخ الطبري 5/ 172، 211.

6 تاريخ الطبري 5/ 172، 211.

ص: 194

سنة ثمان وأربعين1، انتهى. وفي هذا إشعار بأن ولايته لمكة قبل سنة ثمان وأربعين، والله أعلم.

ومنهم: سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي، الأموي، أبو عثمان، ويقال: أبو عبد الرحمن، أحد أشراف قريش وأجودها، وفصحائها، ذكر ما يدل على لولايته على مكة صاحب "العقد" ابن عبد ربه؛ لأنه قال في الفضل الذي ذكره فيه الخطب عن العتبي، قال: استعمل سعيد بن العاص وهو والي المدينة ابنه عمرو بن سعيد على مكة2

انتهى.

ومنهم: عمر بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص القرشي الأموي المعروف بالأشدق3، ولد سعيد المقدم ذكره، وولايته على مكة لمعاوية4 ذكرها الفاكهي، وذكر ما يقتضي أنها في حياة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وعلى هذا فتكون ولايته في أوائل عشرة الستين من الهجرة؛ لأن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما مات في سنة ثلاث وخمسين من الهجرة في قول الأكثرين5، والله أعلم. وولايته لمعاوية على مكة ذكرها ابن الأثير؛ لأنه قال في أخبار سنة ستين من الهجرة: لما ولي يزيد بن معاوية، كان على مكة: عمرو بن سعيد بن العاص6

انتهى.

وممن ولي مكة لمعاوية: عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص القرشي المقدم ذكره. وولايته على مكة لمعاوية ذكرها الفاكهي، وذكر الأزرقي ما يفهم ذلك، ويفهم تاريخ ولايته؛ لأنه ذكر خبرا فيه ما يقتضي أن معاوية بن أبي سفيان اشترى دار الندوة من بعض بني عبد الدار؛ فجاء شيبة بن عثمان فقال له: إن لي فيها حقا، فأخذتها بالشفعة، فقال له معاوية رضي الله عنه دار الندوة، وخرج من بابها الآخر، مسافرا وشيبة لا يشعر به، وفيه بعهد ذلك ما نصه: خرج إليه والي مكة عبد الله بن خالد بن أسيد، فقام إليه شيبة وقال: فأين أمير المؤمنين؟ قال: راح إلى الشام، قال شيبة: والله لا كلمته أبدا7

انتهى.

1 الاستيعاب 3/ 426.

2 العقد الفريد 4/ 133.

3 لقب بالأشدق لفصاحته وبلاغته وقوة عارضته في الخطابة.

4 تاريخ خليفة "ص: 229".

5 تاريخ خليفة "ص: 219".

6 الكامل لابن الأثير 4/ 6، إتحاف الورى 2/ 53، مروج الذهب 4/ 398، البداية والنهاية 8/ 171، العقد الفريد 6/ 389، أخبار مكة للفاكهي 3/ 178.

7 أخبار مكة للأزرقي 1/ 269، 270.

ص: 195

وكانت هذه القصة في حجة معاوية رضي الله عنه الأولى؛ لأن في الخبر المشار إليه: فلما حج معاوية رضي الله عنه حجته الثانية؛ فذكر قصة بني شيبة ومعاوية رضي الله عنه، وملخصها أنه لم يفتح له الكعبة لمنا سأله معاوية رضي الله عنه في ذلك، وبعث إليه حفيده شيبة بن جبير بن شيبة بين عثمان، ففتح له الكعبة، وكانت حجة معاوية رضي الله عنه الأولى سنة أربع وأربعين، على ما ذكر العتيقي في "أمراء الموسم". وحجته الثانية في سنة خمسين على ما ذكر العتيقي أيضا، وقيل في حجته الثانية غير ذلك. فاستفدنا مما ذكر العتيقي في حجة معاوية رضي الله عنه الأولى: أن عبد الله بن خالد بن أسيد كان على مكة في سنة أربع وأربعين1، والله أعلم.

ثم ولي مكة في خلافة يزيد بن معاوية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان جماعة، وهم: عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالأشدق المقدم ذكره، والوليد بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشي الأموي، وعثمان بن محمد بن أبي سفيان بن حرب الأموي، والحارث بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي المقدم ذكر والده، وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب بن نفيل العدوي ابن أخي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي.

فأما ولاية عمرو بن سعيد الأشدق فذكرها ابن جرير2؛ لأنه ذكر في أخبار سنة ستين من الهجرة، أن عمرو بن سعيد حج بالناس فيها، وهو على مكة والمدينة، وأن يزيد بن معاوية ولاه بالمدينة، بعد أن عزل عنها الوليد بن عتبة، في شهر رمضان، وذكر ابن الأثير مثل ما ذكر ابن جرير بالمعنى، وذكر أن عمرو بن سعيد قدم المدينة لما بينهما من العداوة، وأنيس بن عمرو الأسلمي، في جيش نحو ألفي رجل؛ فقتل أنيس بذي طوى قتله أصحاب ابن الزبير بمكة، وأسروا عمرو بن الزبير، فأقاد منه أخوه عبد الله الناس بالضرب، كما صنع بهم في المدينة، حتى مات عمرو تحت السياط3.

وأما ولاية الوليد بن عتبة فذكرها ابن الأثير4 وذكر سببها، وملخص ذلك: أن يزيد أتهم عمرو بن سعيد بمداهنة ابن الزبير؛ فإنه أظهر العصيان على يزيد بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بالعراق وبويع بعد ذلك ابن الزبير بمكة. وقيل

1 إتحاف الورى 233، العقد الثمين 5/ 133، الجامع اللطيف "ص: 286".

2 تاريخ الطبري 5/ 343.

3 الكامل لابن الأثير 4/ 18، 19.

4 الكامل لابن الأثير 4/ 98، مآثر الإنافة 1/ 121.

ص: 196

ليزيد: لو شاء عمرو بن سعيد سرح إليك ابن الزبير؛ فعزل يزيد عمرا وولي مكانه الوليد، فقدم الوليد مكة، وأقام يريد غرة ابن الزبير، فلا يجده إلا محترزا ممتنعا، وكان ذلك في سنة إحدى وستين، وذكر ابن جرير نحو ذلك مختصرا بالمعنى.

وأما ولاية عثمان فذكرها ابن الأثير وذكر سببها، وملخص ذلك أن الزبير كتب إلى يزيد في أمر الوليد يقول له: إنك بعثت إلينا رجلا أخرق، لا يتجه لرشد، ولا يرعوي لعظة1؛ فلو بعثتن رجلا سهل الخلق، رجوت أن يسهل من المور ما استوعر منها، وأن يجمع مال تفرق؛ فعزل يزيد الوليد وولي عثمان، وذلك في سنة اثنتين وستين2. وذكر ابن جرير نحو ذلك مختصرا بالمعنى3.

وأما ولاية الحارث بن خالد وعبد الرحمن بن يزيد المذكورين، فذكر خليفة بن خياط فيما حكي عنه الحافظ أبو الحجاج المزي في "تهذيبه" أن يزيد لما عزل الوليد بن عتبة بن أبي سفيان عن مكة، ولاها الحارث بن خالد، ثم عزله، وولي عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، ثم عزل عبد الرحمن وأعاد الحارث فمنعه ابن الزبير الصلاة، فصلى بالناس مصعب بن عبد الرحمن بن عوف4

انتهى.

وأما ولاية يحيى بن حكيم5 فذكرها الزبير بن بكار مع ولاية الحارث أيضا؛ لأنه قال: فولد حكيم بن صفوان يحيى بن حكيم6 ولي مكة ليزيد بن معاوية وكان عبد الله بن الزبير مقيما معه بمكة، لم يعرض له يحيى بن حكيم؛ فكتب الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة يذكر له مداهنة يحيى بن حكيم لعبد الله بن الزبير، فعزل يزيد، يحيى بن حكيم، وولي الحارث بن خالد مكة، فلم يدعه "ابن الزبير" يصلي بالناس، وكان الحارث يصلي في جوف داره بمواليه ومن أطاعه من أهله، وكان مصعب بن عبد الرحمن يصلي بالناس في المسجد الحرام، بأمر عبد الله بن الزبير، فلم يزل كذلك حتى وجه يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزبير: مسلم7 بن عقبة، فبويع عبد الله بن الزبير بالخلافة بالنسا بمكة8

انتهى.

ثم ولي مكة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، بعد أن لقي في ذلك عناء شديدا، سببه أن يزيد بن معاوية لما طرد أهل المدينة عامله عثمان بن محمد بن أبي

1 الكامل لابن الأثير 4/ 102.

2 الكامل لابن الأثير 4/ 102، إتحاف الورى 257، تاريخ الطبري 5/ 479.

3 تاريخ الطبري 5/ 479.

4 أخبار مكة للفاكهي 3/ 181، والعقد الثمين 4/ 268.

5 إتحاف الورى 2/ 57، والعقد الثمين 7/ 434.

6 هكذا في جميع النسخ.

7 تاريخ الطبري 5/ 484.

8 نسب قريش "ص: 39".

ص: 197

سفيان وغيره من بني أمية، إلى ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه بعث إليهم مسلم بن عقبة المري، وسمي مسرفا لإسرافه في القتل بالمدينة. وبعث معه اثني عشر ألفا، فيهم: الحصين بن نمير السكوني، وقيل: الكندي، ليكون على العسكر إن عرض لمسلم موت؛ فإنه كان عليلا؛ في بطنه الماء الأصفر، وأمر يزيد مسرفا إذا بلغ المدينة أن يدعوا أهلها ثلاثا، فإن أجابوه وإلا قاتلهم، فإذا ظهر عليهم أباحها ثلاثا، ثم يكف عن الناس ويسير إلى مكة لقتال ابن الزبير؛ فلما بلغ "مسلم" المدينة بمن معه، التقى مع أهلها بظاهر المدينة، فاقتتلوا، فقتل من أولاد المهاجرين ما يزيد عن ثلاثمائة نفر وجماعة من الصحابة، ودخل المدينة وأباحها ثلاثا، وكانت الوقعة بمكان يقال له: الحرة، وأقام لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة، ثم سار إلأى مكة؛ فلما كان بالمشلل1 مات، وقيل مات بثنية هرشي2، بعد أن قدم على عسكره:"الحصين بن نمير"، فسار "الحصين" حتى بلغ مكة، لأربع بقين من المحرم سنة أربع وستين، وقد بايع أهل مكة والحجاز وغيرهم ابن الزبير، وأجمعوا عليه، وانضم إليه من انهزم من أهل المدينة، وكان قد بلغه خبر أهل المدينة مع مسلم هلال المحرم سنة أربع وستين، مع المسور بن مخرمة، فلحقه منهن أمر عظيم، واعتد هو وأصحابه واستعدوا للقتال، وقاتلوا الحصين أياما، وتحصن ابن الزبير وأصحابه في المسجد وحول الكعبة، وضرب أصحاب ابن الزبير في المسجد خياما ورقاقا يكتنون بها من حجارة المنجنيق، ويستظلون فيها من الشمس، وكان الحصين بن نمير قد نصب المنجنيق على أبي قبيس، وعلى الأحمر؛ فكان يمريهم بالحجارة، وتصيب الحجارة الكعبة فتوهنت، ودامت الحرب بينهم إلى أن فرج الله على ابن الزبير وأصحابه، بوصول نعي يزيد معاوية، وكان وصول نعيه ليلة الثلاثاء، لثلاث مضين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين، وبلغ نعيه ابن الزبير قبل أن يبلغ الحصين، وبعث إلى الحصين من يعلمه بذلك، ويحسن له ترك القتال، ويعظم إليه أمر الحرام، وما أصاب الكعبة؛ فمال إلى ذلك، وأدبر إلى الشام لخمس ليال خلون من ربيع الآخر سنة أربع وستين، بعد أن اجتمع بابن الزبير في الليلة التي تلي اليوم الذي بلغه فيه نعي يزيد، وسأله ابن الزبير في أن يبايع له هو ومن معه من أهل الشام، على أن يذهب معهم أبن الزبير إلى الشام ويؤمن النساء، ويهدر الدماء التي كانت بينهم وبين أهل الحرم، فأبى ابن الزبير ذلك3.

1 المشلل: قبل "قديد" بثلاثة أيام، وهي التي كانت عندها مناة الطاغية في الجاهلية "مناسك الحربي ص: 458".

2 مدينة بينها وبين ودان خمسة أميال "المرجع السابق ص: 554".

3 تاريخ الطبري 5/ 502.

ص: 198

وبويع ابن الزبير بعد رحيل الحصين عن مكة بالخلافة بالحرمين، ثم بويع بها في العراق، واليمن، وغير ذلك، حتى كاد تجتمع الأمة عليه؛ فولي في البلاد التي بويع له فيها العمال، ودامت ولايته على مكة إلى أن قتله الحجاج -قاتله الله- في جمادى الأولى، وقيل: يوم الثلاثاء من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، عن ثلاث وسبعين سنة، وبعد أن حاصره الحجاج بمن معه أزيد من نصف سنة، وهو ينتصف منهم، ويفضل عليهم في الغلب؛ لأنه كان نهاية في الشجاعة، وكذا في العبادة. وكان في اليوم الذي قتل فيه حمل على أهل الشام لما دخلوا عليه في أبواب المسجد، حتى أبلغهم الحجون. ولم يقتل حتى أدهش بآجرة رمي به وجهه ودمي؛ فعند ذلك تعاونوا عليه تعاونوا عليه وقتلوه. ولم يقتل إلا بعد أنلم يبق معه من أصحابه إلا اليسير لميلهم، عنه إلى الحجاج، وأخذهم الأمان من الحجاج، وكان ممن فعل ذلك ابناه: حمزة: وحبيب. وكان ابتداء حصار الحجاج له في ذي القعدة سنة اثنين وسبعين، وكان الحجاج في حال محاصرته لابن الزبير يرمي الكعبة بالمنجنيق من أبي قبيس، لكون ابن الزبير كان مكتنا في المسجد، وكان الحجاج نازلا ببئر ميمون، ومعه طارق بن عمرومولى عثمان، وكان عبد الملك قد أمد الحجاج بطارق، لما سأله النجدة على ابن الزبير؛ فقدم طارق في ذي الحجة، ومعه خمسة آلاف. وكان مع الحجاج ألفان -وقيل: ثلاثة- من أهل الشام، وكان الحجاج لما وصل من عند عبد الملك نزل الطائف؛ فكان يبعث منه خيلا إلى عرفة، ويبعث ابن الزبير خيلا إلى عرفة، فيقتتلون بها، فتهزم خيل ابن الزبير، وتعود خيل الحجاج بالظفر، ثم استأذن عبد الملك في منازلة ابن الزبير، فأذن له؛ فكان من الأمر ما كان.

وكان حصار الحجاج لابن الزبير ستة أشهر وسبع عشرة ليلة، على ما ذكر ابن جرير1، وصلب ابن الزبير بعد قتله منكسا على الثنية اليمنى بالحجون، وبعث رأسه إلى عبد الملك بن مروان، فطيف به في البلدان.

وولي مكة لابن الزبير في خلافته الحارث بن حاطب بن الحارث بن معمر الجمحي، على ما ذكر ابن عبد البر؛ لأنه قال في ترجمته: واستعمل ابن الزبير الحارث بن حاطب على مكة سنة ست وستين. وقيل: إنه كان يلي المساعي أيام مروان2

انتهى.

ثم ولي مكة لعبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير جماعة، وهم: ابنه مسلمة بن عبد الملك، والحجاج بن يوسف الثقفي، والحارث بن خالد المخزومي -المقدم ذكره- وخالد بن عبد الله القسري، وعبد الله بن سفيان المخزومي،

1 تاريخ الطبري 6/ 187.

2 تاريخ الطبري 6/ 195، 201، 202.

ص: 199

وعبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص الأموي، ونافع بن علقمة الكناني، ويحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي.

فأما ولاية الحجاج: فمشهورة، ذكرها غير واحد، ودامت إلى سنة خمس وسبعين. وولي مع مكة: المدينة، والحجاز، وقد ذكر ابن جرير ما يدل لذلك، ولمنتهى ولايته على الحجاز؛ لأنه ذكر في أخبار سنة أربع وسبعين أنه كان ولي على مكة والمدينة، وذكر في أخبار سنة خمس وسبعين أنه ولي العراق، وعزل عن الحجار، وذكر أنه انصرف إلى المدينة في صفر من سنة أربع وسبعين، وأقام بها ثلاثة أشهر، وأنه حج بالنسا في هذه السنة1.

وأما ولاية الحارث بن خالد المخزومي؛ فذكر الزبير بن بكار ما يشهد بذلك؛ لأنه قال بعد أن ذكر تولية يزيد بن معاوية له على مكة، ومنع ابن الزبير له من الصلاة: ولم يزل معتزلا لابن الزبير حتى ولي عبد الملك بن مروان؛ فولاه مكة ثم عزله، فقدم عليه في دمشق، ولم ير عنده ما يحب فانصرف عنه، وقال في ذلك شعرا2

انتهى.

وأما ولاية خالد بن عبد الله القسري: ففي "تاريخ الأزرقي" ما يدل لذلك؛ لأنه روى بسنده أن جده عقبة بن الأزرق بن عمرو الغساني كان يضع على طرف دالره مصباحا عظيما، فيضيء لأهل الطواف وأعلى المسجد، ثم قال: فلم يزل ذلك المصباح على حرف الدار، حتى كان خالد بن عبد الله القسري؛ فوضع مصباح زمزم مقابل الركن الأسود في خلافة عبد الملك بن مروان، فمنعنا أن نضع ذلك المصباح3. وذكر في الترجمة التي ترجم عليها:"أول من أدار الصفوف حول الكعبة" ما يدل لذلك؛ لأنه روى فيها عن جده، عن عبد الرحمن بن حسن الأزرقي قال: فلما ولي خالد بن عبد الله القسري لعبد الملك بن مروان، فذكر إدارته للصفوف، والمعروف أن خالدا ولي مكة للوليد، وسليمان، ولدى عبد الملك بن مروان، والله أعلم. ويبعد أن يقال: لعل الأزرقي سها فيما ذكره من ولاية خالد لعبد الملك، لكونه كرر ذلك في غير موضع4، والله أعلم.

وخالد القسري هو الذي حفر البئر التي ساق منها الماء، حتى أخرجه في المسجد الحرام عند زمزم، ليضاهي به زمزم، وحكي عنه في تفضيله على زمزم، وتفضيل الخليفة الذي أمره بذلك ما يستشبع ذكره، وقيل: إن ذلك لا يصح عنه، والله أعلم.

1 الاستيعاب 1/ 29، درر الفرائد:"ص: 200"، إتحاف الورى "2/ 104".

2 نسب قريش "ص: 313".

3 أخبار مكة للأزرقي 1/ 287، أخبار مكة للفاكهي 3/ 167.

4 أخبار مكة للأزرقي 2/ 20.

ص: 200

وأما ولاية عبد الله بن سفيان المخزومي: فذكر الأزرقي ما يدل لها؛ لأنه قال لما ذكر سيل الجحاف: وكان سيل الجحاف سنة ثمانين في خلافة عبد الملك، وذكر خبرا فيه؛ فكتب في ذلك إلى عبد الملك بن مروان، ففزع لذلك، وبعث بمال عظيم، وكتب عامله على مكة عبد الله بن سفيان المخزومي -ويقال: بل كان عامله الحارث بن خالد المخزومي- يأمره بعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادي1

انتهى.

وما عرفت نسب عبد الله بن سفيان هذا؛ إلا أني لم أر له ذكرا في غير تاريخ الأزرقي2، وعلى ما ذكر في تاريخ الجحاف، وكتابة عبد الملك لعامله على مكة عبد الله أو الحارث المشار إليهما، بكون ولاية من كان واليا عبد الملك لعامله على مكة عبد الله أو الحارث المشار إليهما بكون ولاية من كان واليا فيهما في سنة ثمانين، وفي التي بعدها؛ لأن سيل الجحاف كان في زمن الحج، وما يصل خبره لعبد الملك، ويصل أمره ببناء ضفائر الدور إلا في سنة إحدى وثمانين، والله أعلم.

وأمام ولاية عبد العزيز فذكرها الزبير بن بكار؛ لأنه قال: واستعمل عبد الملك بن مروان عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد، على مكة3

انتهى.

ورأيت في كتاب "الكمال" لعبد الغني المقدسي، ما يوافق ذلك؛ ولكنه لم يحكه إلا بصيغة التمريض؛ لأنه قال: ولي مكة لسليمان بن عبد الملك، قيل: إنه وليها لعبد الملك أيضا

انتهى.

وأما ولاية نافع بن علقمة الكناني، ويحيى بن الحكم؛ فذكر الزبير بن بكار ما يشهد لذلك4، وفي ذلك طول اختصرناه، ولأنا في الغالب لا نستدل إلا على ما يستغرب، أو يقع فيه اختلاف، وولاية مسلمة بن عبد الملك حكاها ابن قتيبة في "الإمامة والسياسة"5، وكلامه صريح في أنه وليها لأبيه، وأن خالدا القسري وليها أيضا لعبد الملك6؛ لأنه قال: وذكروا أن مسلمة بن عبد الملك كان واليا على مكة؛ فبينا هو يخطب على المنبر، إذ أقبل خالد بن عبد الله القسري من الشام واليا عليها، فدخل المسجد؛ فلما قضي مسلمة خطبته صعد خالد المنبر، فلما ارتقى في الدرجة الثانية تحت مسلمة أخرج طومارا ففضه، ثم قرأه الناس فإذا فيه:

"بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى أهل مكة، أما بعد فإني وليت عليكم خالد بن عبد الله القسري، فاسمعوا له وأطيعوا، ولا يجعلن امرؤ على نفسه سبيلا؛ فإنما هو القتل لا غيره، وقد برئت الذمة من رجل آوى سعيد بن جبير والسلام".

1 أخبار مكة للأزرقي 2/ 169.

2 له ذكر في فتوح البلدان للبلاذري 1/ 62.

3 أخبار مكة للأزرقي 2/ 169.

4 نسب قريش "ص 283"، تاريخ خليفة "ص 310"، أخبار مكة للفاكهي 3/ 171.

5 الإمامة والسياسة لابن قتيبة 2/ 44.

6 انظر تاريخ خليفة "ص: 311".

ص: 201

ثم التفت إليهم خالد فقال: والذي يحلف به، ويحج إليه، لا أجده في دار أحد إلا قتلته، وهدمت داره، ودار كل من جاوره، واستبحت حرمه. وقد أجلت لكم فيه ثلاثة أيام، ثم نزل ودعا مسلمة برواحله، ولحق بالشام. فأتى رجل إلى خالد، فقال له: إن سعيد بن جبير بوادي كذا، من أودية مكة، مختفيا بمكان كذا؛ فأرسل خالد في طلبه، فأتاه الرسول، فلما نظر إليه قال لي: إنني أمرت بأخذك، وأتيت لأذهب بك، وأعوذ بالله من ذلك، فألحق بأي بلد شئت. وأنا معك. فقال سعيد بن جبير: ألك هاهنا

أهل وولد؟ قال: نعم قال: إنهم يؤخذون بعدك، وينالهم من المكروه مثل الذي كان ينالني. قال: وإني أكلهم إلى الله عز وجل، قال سعيد: لا يكون هذا؟ فأتى به إلى خالد فشدجه وثاقا ثم بعث به إلى الحجاج؛ فقال له رجل من أهل الشام: إن الحجاج قد أنذر به وأشعر قبلك، فما عرض له، فلو جعلته بينك وبين الله تعالى، لكان أزكى من كل عمر يتقرب به إلى الله عز وجل. قال خالد -وظهره إلى الكعبة وقد استند إليها: والله لو علمت أن عبد الملك لا يرضى إلا بنقض هذا البيت حجرا لنقضته في مرضاته.

وممن ولي مكة لعبد الملك بن مروان فيما أظن: هشام بن إسماعيل المخزومي؛ لأن الفاكهي ذكر ما يدل لولايته لها؛ إلا أنه لم يصرح بأنه ولي مكة لعبد الملك بن مروان، وولايته لها؛ إلا أنه لم يصرح بأنه ولي مكة لعبد الملك بن مروان، وولايته لها لا يبعد أن تكون في زمن عبد الملك بن مروان؛ لأنه ولي المدينة له، وحج في خلاته عدة سنين، وإذا كان ولي ذلك لعبد الملك فولايته على مكة لعبد الملك أقرب من ولايته عليها لغيره1، والله أعلم.

وممن ولي مكة لعبد الملك بن مروان فيما أظن: إبان بن عثمان بن عفان2 رضي الله عنهما، والله أعلم.

ثم ولي مكة في خلافة الوليد بن عبد الملكبن مروان رجلان فيما علمت: الإمام العادل عمر بن عبد العزيز3 بنمروان بن الحكم الأموي رضي الله عنه، ثم خالد بن عبد الله القسري.

فأما ولاية عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقد ذكرها جماعة منهم: ابن كثير، وأفاد فيما ذكره تاريخ ابتدائها؛ لأنه قال في ترجمته: قالوا: ولما مات عبد الملك حزن عليه ولبس المسموح تحت ثيابه سبعين يوما. وولي الوليد، فعاملهما كان يعامله به، وولاه المدينة ومكة والطائف من سنة ست وثمانين، إلى سنة ثلاث وتسعين4

1 تاريخ خليفة "ص: 311".

2 تاريخ خليفة "ص: 298، 299".

3 كانت توليته لمكة عام 87هـ "تاريخ خليفة ص: 301".

4 البداية والنهاية 9/ 194.

ص: 202

انتهى. وقيل: إن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عزل عن مكة في سنة تسع وثمانين وقيل: سنة إحدى وتسعين.

وأما ولاية خالد القسري: فاختلف في أولها، للخلاف في تاريخ عزل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه-1 ودامت ولايته إلى أن مات الوليد بن عبد الملك، وكان موته في جمادى الآخر سنة ست وتسعين2.

ثم ولي مكة في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان ثلاثة نفر:

خالد القسري، ثم طلحة بن داود الحضرمي، ثم عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص الأموي.

فأما ولاية خالد القسري لسليمان: فقد ذكر الأزرقي ما يدل لها3، وكذلك الزبير بن بكار، وما ذكره في ذلك أصح مما ذكره الأزرقي؛ لأنه قال: وحدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال: إن خالد بن عبد الله القسري أخاف عبد الله الأصغر بن شيبة بن عثمان، وهو الأعجم؛ فهرب منه، فاستجار بسليمان بن عبد الملك، قال محمد بن الضحاك: عن أبيه، وخالد بن عبد الله يومئذ والي لسليمان بن عبد الملك على مكة، فكتب سليمان بن عبد الملك إلى خالد بن عبد الله ألا يهيجه، وأخبره أنه قد آمنه؛ فجاء بالكتاب، فأخذ الكتاب ووضعه ولم يفتحه، وأمر به فبرز فجلده، ثم فتح الكتاب؛ فقال: لو كنت قرأته ما جلدتك، فرجع عبد الله إلى سليمان، فأخبره الخبر، فأمر الكتاب -في خالد- أن تقطع يده، فكلمه فيه يزيد بن المهلب وقبل يده، وكتب مع عبد الله: إن كان خالد قرأ الكتاب، ثم جلده قطعت يده، وإن كان جلده قبل أن يقرأ الكتاب أقيد منه، فأقيد منه عبد الله4

انتهى باختصار. ولعل فعل خالد هذا سبب عزل سليمان له، وكان عزله في سنة ست وتسعين كما سيأتي بيانه.

وأما ولاية طلحة: فذكرها ابن جرير؛ لأنه قال في أخبار سنة ست وتسعين من الهجرة: وعزل سليمان بن عبد الملك خالد بن عبد الله الفسري عن مكة، وولاها طلحة بن داود الحضرمي5، وذكر ابن جرير أيضا منا يدل على خلاف ما ذكره في تاريخ ولاية طلحة؛ لأنه قال في أخبار سنة سبع وتسعين: وفي هذه السنة قال الواقدي: حدثني

1 جزم خليفة في تاريخه "ص: 302" والذهبي في تاريخ الإسلام 5/ 64: أنه ولي سنة 89هـ.

2 تاريخه خليفة "ص: 310".

3 أخبار مكة 1/ 287، ومآثر الإنافة 1/ 137.

4 نسب قريش "ص: 253"، إتحاف الورى 2/ 124، العقد الثمين 4/ 27.

5 تاريخ الطبري 6/ 522، الجامع اللطيف "ص: 288"، إتحاف الورى 2/ 129.

ص: 203

إبراهيم بن نافع عن ابن أبي مليكة قال: لما صدر سليمان بن عبد الملك من الحج عزل طلحة بن داود الحضرمي عن مكة، وكان عمله عليها ستة أشهر1

انتهى.

وأما ولاية عبد العزيز بن عبد الله بن خالد: فكذرها ابن جرير، وحكى خلافا في ابتدائها؛ لأنه قال في أخبار سنة ست وتسعين، بعد أن ذكر ما سبق في عزل سليمان لخالد وتوليته طلحة، وحكي عن ابن أبي معشر أنه قال: كان الأمير على مكة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد2، وقال في أخبار سنة سبع وتسعين، بعد أن حكى عن الواقدي ما سبق في عزله طلحة: فولي عليها عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وكان عبد العزيز على مكة في سنة ثمان وتسعين، على ما ذكر ابن جرير أيضا3.

ثم ولي مكة لعمر بن عبد العزيز بن مروان رضي الله عنه في خلافته: عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد المذكور على مقتضى ما ذكر ابن جرير؛ لأنه ذكر في أخبار سنة تسع وتسعين أن عامل عمر بن عبد العزيز على مة في هذه السنة: عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد4، وذكر في أخبار سنة مائة5 ما يقتضي أنه كان والي مكة. وذكر الأزرقي ما يقتضي ذلك أيضا؛ لأنه روى عن أحمد بن ميسرة عن عبد الحميد بن أبي رواد عن أبيه قال: قدمت مكة سنة مائة وعليها عبد العزيز بن عبد الله أميرا فقدم كتابا من عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ينهى عن كراء بيوت مكة، ويأمر بتسوية بيوت منى. قال: فجعل الناس يدسون إليهم الكراء سراء ويسكنون6

انتهى.

وولي مكة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على ما قبل: محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، على ما ذكر ابن حبان، فيما حكي عنه الذهبي في "تذهيب مختصر التذهيب"7، وعروة بن عياض بن عدي بن الخيار بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي8، على ما ذكر صاحب الكمال. ووجدت ذلك بخط الذهبي في ترجمته في "تاريخ الإسلام"، وعبد الله بن

1 تاريخ الطبري 6/ 529، الكامل لابن الأثير 5/ 26.

2 تاريخ الطبري 6/ 522، الكامل لابن الأثير 5/ 20، مآثر الإنافة 1/ 144.

3 تاريخ الطبري 6/ 529، الكامل 5/ 10، إتحاف الورى 2/ 132، العقد الفريد 5/ 450.

4 تاريخ الطبري 6/ 554، الكامل 5/ 36.

5 كذا في الأصل، والصحيح سنة إحدى ومائة كما في تاريخ الطبري 6/ 589.

6 أخبار مكة للأزرقي 2/ 163، 164.

7 تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 236.

8 انظر ترجمة في التاريخ الكبير للبخاري 7/ 32 رقم 140، الجرح والتعديل 6/ 369 رقم 2208، تهذيب التهذيب 7/ 186 رقم 356.

ص: 204

قيس بن مخرمة بن المطلب، القرشي1، وعثمان بن عبد الله بن سراقة العدوي، وولايتها ذكرها الفاكهي.

وفي ولايتهما وولاية الذين من قبلهما على مكة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في خلافته نظر، لما ذكره ابن جرير2 من أن عبد العزيز بن عبد الله كان عامل مكة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مدة خلافته كما سبق، ولعل المذكورين ولوا مكة لعمر رضي الله عنه في زمن ولايته لها عن الوليد بن عبد الملك في المدة التي كان يقيمها بالمدينة؛ فإنها كانت في ولايته أيضا، والله أعلم.

ثم ولي مكة في خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان جماعة أولهم: عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد المذكور؛ لأن ابن جرير ذكر أنه كان على مكة في سنة إحدى ومائة وذكر ذلك ابن الأثير، وذكر أنه كان على مكة في السنة اثنين ومائة3.

ثم عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس القرشي الفهري، مع المدينة، وولايته بمكة في سنة ثلاثة ومائة، وللمدينة في سنة إحدى ومائة4.

ثم ولي مكة عبد الواحد بن عبد الله النصري بالنون من بني نصر بن معاوية -بعد عزل عبد الرحمن بن الضحاك في سنة أربع ومائة مع الطائف والمدينة5.

ثم ولي مكة في خلافة هشام بن عبد الملك بن مروان جماعة، أولهم: عبد الواحد المذكور، ومدة ولايته لذلك في خلافة يزيد وهشام سنة وثمانية أشهر، على ما ذكر ابن الأثير6.

ثم ولي مكة بعده إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي، خال هشام بن عبد الملك في سنة ستة ومائة. وولي مع ذلك الطائف والمدينة، ودامت ولايته على مكة إلى سنة ثلاث عشرة، وقيل: سنة أربع عشرة ومائة7.

1 انظر: التاريخ الكبير 5/ 172، رقم 547، الجرح والتعديل 5/ 139 رقم 1650، تهذيب التهذيب 5/ 626، أخبار مكة للفاكهي 3/ 178، العقد الفريد 5/ 232.

2 تاريخ الطبري 6/ 554، الكامل 5/ 43.

3 الكامل لابن الأثير 5/ 102، تاريخ الطبري 6/ 589، 618.

4 تاريخ الطبري 7/ 12، تاريخ خليفة "ص: 332"، الكامل لابن الأثير 5/ 105، إتحاف الورى 2/ 136، العقد الفريد 5/ 359.

5 تاريخ خليفة "ص: 332"، الكامل لابن الأثير 5/ 13، العقد الفريد 5/ 359، وإتحاف الورى 2/ 137، البداية والنهاية 9/ 229.

6 الكامل لابن الأثير 2/ 138، البداية والنهاية 9/ 234.

7 الكامل لابن الأثير 2/ 148، مآثر الإنافة 1/ 154.

ص: 205

ثم ولي مكة بعده أخوه محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي، ودامت ولايته إلى سنة خمس وعشرين على ما قيل1.

وممن ولي مكة لهشام بن عبد الملك بن مروان: نافع بن علقمة الكناني، ذكر ولايته الفاكهي، وذكر أنه وليها لأبيه.

وممن وليها في خلافة عبد الملك بن مروان، أو في خلافه أحد من أولاده الأربعة: أبو حراب محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر الأموي، ذكر ولايته على مكة الفاكهي، وهكذا نسبه، وذكر ما يقتضي أنه كان واليا على مكة في زمن عطاء بن أبي رباح.

ثم ولي مكة في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان -بعد عزل محمد بن هشام خال الوليد المذكور- يوسف بن محمد بن يوسف الثقفي، مع الطائف والمدينة في سنة خمس وعشرين2، ودامت إلى انقضاء خلافة الوليد بن يزيد، سنة ست وعشرين.

ثم ولي مكة في خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان3، فيما أظن، والله أعلم.

ثم ولي مكة في خلافة مروان -المعروف بالحمار- ابن محمد بن مروان الأموي خاتمة خلفاء بني أمية: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان، ودامت ولايته إلى أن حج بالناس في سنة ثمان وعشرين4.

ثم ولي مكة بعده عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان، مع المدينة والطائف في سنة تسع وعشرين، ودامت ولايته إلى أن حج بالناس في هذه السنة5.

ثم ولي مكة بعد الحج من هذه السنة أبو حمزة الإباضي الخارجي، واسمه المختار بن عوف، تغلب على مكة، وذلك أن عبد الله بن يحيى الأعور الكندي المسمى

1 الكامل لابن الأثير 5/ 179، 275، تاريخ خليفة "ص: 357"، إتحاف الورى "2/ 155"، درر الفرائد "ص: 208"، أخبار مكة للفاكهي 3/ 182.

2 تاريخ الطبري 7/ 226، الكامل لابن الأثير 5/ 273.

3 تاريخ خليفة "ص: 370"، إتحاف الورى 2/ 157.

4 تاريخ خليفة "ص: 384"، الكامل لابن الأثير 5/ 340، إتحاف الورى 2/ 158، درر الفرائد "ص: 208".

5 تاريخ خليفة "ص: 385"، الكامل لابن الأثير 5/ 376، إتحاف الورى 2/ 159، مآثر الإنافة 1/ 166.

ص: 206

طالب الحق بعد أن ملك حضرموت1 وصنعاء وظفار، وطرد عنها عامل مروان: القاسم بن عمر الثقفي، بعث إلى مكة أبا حمزة الخارجي -المذكور- في عشرة آلاف؛ فخاف منهم عبد الواحد بن سليمان والي مكة، وخذله أهلها؛ ففارقها في النفر الأول، وقصد المدينة، فغلب أبو حمزة على مكة، ثم سار منها بعد أن استخلف عليها أبرهة بن الصباح الحميري؛ فلقي بقديد الجيش الذي انفذه عبد الواحد بن سليمان القتال أبي حمزة، فظفر أبو حمزة؛ وذلك في صفر من سنة ثلاثين، وسار إلى المدينة فدخلها، وقتل بها جماعة، منهم أربعون رجلا من بني عبد العزى، ولما بلغ مروان خبره جهز إليه عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي، في أربعة آلاف فارس؛ فسار ابن عطية حتى لقي بوادي القرى2 بلجا، وهو على مقدمة أبي حمزة؛ فقتل بلجا وعاة أصحابه، ثم سار ابن عطية يطلب أبا حمزة؛ فأدركه بمكة بالأبطح، ومع أبي حمزة خمسة عشرة ألفا، ففرق عليه ابن عطية الخيل، من أسفل مكة ومن أعلاها، ومن قبل منى، فاقتتلوا إلى نصف النهار، فقتل أبرهة بن الصباح عند بئر ميمون، وقتل أبو حمزة، وقتل خلق من جيشه؛ هذا ملخص بالمعنى مما ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" نقلا عن خليفةبن خياط3 في خبر أبي حمزة.

وفي تاريخ ابن الأثير ما يخالف ذلك، في مواضع:

منها: أنه كان مع أبي حمزة لما وافى عرفة سبعمائة رجل4.

ومنها: أنه كان ما يقتضي أن أبا حمزة لقي ابن عطية بوادي القرى، وأنه قتل في الواقعة التي بوادي القرى5، والله أعلم.

وذكر ابن الأثير أن ابن عطية لما سار إلى اليمن لقتال طالب الحق، استخلف على مكة رجلا من أهل الشام6، ولم يسمه، ورأيت في مختصر تاريخ ابن جرير أن هذا الرجل يقال له ابن ماعز7، وهذا يقتضي أن يكون عبد الملك بن محمد السعدي المذكور ولي مكة لمروان، ولا يبعد أن يجعل ذلك مروان لعبد الملك، إذا نزع من أبي حمزة ما تغلب عليه، وقد يسر الله ذلك لابن عطية، وكان من أمره بعد مسيرة من مكة لقتال طالب الحق، أنهما، فقتل طالب الحق، وبعث عبد الملك برأسه إلى مروان،

1 حضرموت: مدينة شهيرة باليمن. وهي إحدى محافظاتها الكبرى الآن، وهي تقع في جنوب اليمن.

2 وادي القرى: واد من أودية الحجاز المشهورة ويقع في الشمال بعد المدينة متجها إلى الشام، وهو كثير القرى والآبار والمزارع، ولذلك قيل وادي القرى.

3 تاريخ خليفة "ص 384 - 387".

4 الكامل لابن الأثير 5/ 373.

5 الكامل لابن الأثير 5/ 391.

6 الكامل لابن الأثير 5/ 392.

7 تاريخ الطبري 7/ 399.

ص: 207