الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع والثلاثون
في ذكر شيء من خبر الفجار والأحابيش
…
الباب الرابع والثلاثون:
في ذكر شيء من خبر الفجار 1 والأحابيش:
ينا في السيرة لابن إسحاق تهذيب ابن هشام، وروايته عن البكائي عنه، قال ابن هشام:"فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة سنة2 أو خمس عشرة سنة فيما حدثني أبو عبيدة النحوي، عن أبي عمرو بن العلاء قال: هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة، وبين قيس عيلان، وكان الذي هاجها أن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان، أجار لطيمة3 للنعمان بن المنذر؛ فقال له البراض بن قيس أحد بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة: أتجيرها على كنانة؟ قال: نعم، وعلى الخلق؛ فخرج عروة الرحال، وخرج البراض يطلب غفلته؛ حتى إذا كان بتيمن4 ذي طلال بالعالية، غفل عروة فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام؛ فلذلك سمي "الفجار"، وقال البراض في ذلك:
وداهية5 تهم الناس قبلي
…
شددت لها بني بكر ضلوعي
هدمت بها بيوت بني كلاب
…
وأرضعت الموالي بالضروع
1 المقصود هنا "انفجار الرابع" الذي حضره الرسول صلى الله عليه وسلم، وقبله أيام فجارا ثلاثا، أولها: بين كنانة وهوزان، والثاني بين قريش وهوزان، والثالث بين كنانة وهوزان "راجع العقد الفريد 5/ 251-253، الأغاني 22، 54 وما بعدها".
2 العقد الفريد 5/ 253، تهذيب سيرة ابن هشام "ص: 43".
3 اللطيمة: عير تحمل الحب والبر وغيرهما للتجارة.
4 تيمن ذي طلال: ماء أو موضع ببلاد بني مرة، ورويت: ظلال، وهي سوان على يسار طنفة وأنت مصعد إلى مكة وهي لبني جعفر بن كذب "معجم البلدان 4/ 61".
5 داهية: الأمر المنكر العظيم.
رفعت له بذي طلال كفي
…
فخر يميد كالجذع الصريع1
وقال لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب:
فأبلغ إن عرضت، بني كلاب
…
وعامر، والخطوب لها موالي
وبلغ، إن عرضت، بني نمير
…
وأخوال القتيل بني هلال
بأن الوافد الرحال أمسى
…
مقيما عند تيم ذي طلال2
وهذه الأبيات في أبيات له فيما ذكر ابن هشام.
فأتى آت قريشا فقال: إن البراض قد قتل عروة، وهو في الشهر الحرام بعكاظ، فارتحلوا، وهوزان لا تشعر، ثم بلغهم الخبر؛ فأتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم، فاقتتلوا حتى جاء الليل؛ فأمسكت عنهم هوزان، ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما والقوم يتناشدون، على كل قبيلة من قريش وكنانة رئيس منهم، وعلى كل قبيل من قيس رئيس منهم.
وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أيامهم؛ أخرجه أعمامه معهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم3:"كنت أنبل على أعمامي" أي أرد عنهم نبل عدوهم إذا رموهم بها.
قال ابن إسحاق: هاجت الحرب الفجار ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة؛ وإنما سمي "حرب الفجار" لما استحل هذان الحيان -كنانة وقيس عيلان- فيه من المحارم بينهم.
وكان قائد قريش كنانة حرب أمية بن عبد شمس؛ فكان الظفر في أول النهار لقيس على كنانة؛ حتى إذا كان وسط النهار كان لظفر لكنانة على قيس4
…
انتهى.
وذكر الفاكهي خبر الفجار، وذكر فيه غير ما ذكره ابن إسحاق وابن هشام، فنذكر شيئا من ذلك لما فيه من الفائدة لأنه قال: وحدثني عبد الملك بن محمد، عن زياد بن عبد الله، عن ابن إسحاق، قال5: كان الفجار الآخر بعد الفيل بعشرين سنة؛ فلم يكن في العرب يوم أعظم ولا أذهب ذكرا في الناس منه بين قريش ومن حالفها من كنانة بين قيس بني عيلان، فالتقوا فيها بعكاظ؛ وإنما سمي يوم الفجار بما استحل هذا الحيان -كنانة وقيس- فيه من المحارم.
1 راجع العقد الفريد 5/ 254، والأغاني 22/ 58، ففيها اختلاف في الأبيات عما هنا.
2 في الأغاني 22/ 58، بيتان فقط.
3 سيرة ابن هشام 1/ 164.
4 سيرة ابن هشام 1/ 163-165.
5 في أخبار مكة للفاكهي 5/ 185: قال "ثم كان".