الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الحادي والثلاثون:
ذكر نسبهم:
أما نسبهم فاختلف فيه؛ فقيل: إنهم من عدنان، من ولد قمعة بن إلياس بن كنانة، وذكر هذا القول ابن قتيبة فيما نقله عنه القطب الحلبي. ونص كلامه: قال ابن قتيبة: وأما النضر بن مالك، فهو: أبو مالك بن النضر، فهو أبوها كلها1
…
انتهى.
وليس كل خزاعة -على هذه المقالة- من ولد الصلت؛ وإنما بعضهم من ولده؛ لأن ابن إسحاق قال في "سيرته": والذين يعزون إلى الصلت بن النضر بن خزاعة: فبنو مليح بن عمرو، رهط كثير عزة. وأنشد ابن إسحاق في ذلك شعرا، وقيل: أنهم من قحطان. والقول الأول ينسب لنساب مضر؛ لأن ابن إسحاق قال في سيرته: وأما قمعة فيزعم نساب مضر أن خزاعة من ولد عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس
…
انتهى.
ونقل ابن عبد البر عن ابن إسحاق قال: وخزاعة قال: نحن بنو عمرو بن عامر من اليمن.
قال ابن هشام: وتقول خزاعة: نحن بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث، وخندف أمنا،
1 المعارف لابن قتيبة "ص: 67".
وإنما سميت خزاعة؛ لأنهم تخزعوا من ولد عمرو بن عامر، حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام، فنزلوا بمر1 الظهران، فأقاموا بها
…
انتهى.
وممن ذكر أن خزاعة من قحطان: أبو عبيدة -معمر بن المثنى-؛ لأنه قال فيما نقله عن الزبير بن بكار: فلما لم تتناه جرهم عن بغيهم، وتفرق أولاد عمرو بن عامر من اليمن، لانخزع بنو حارثة بن عمرو بن عهامر، فأوطنوا تهامة2. وسميت خزاعة، خزاعة كعب، وفتح، وسعد، وعوف وعدي، بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، وأسلم وملكان ابنا قصي بن حارثة بنعمرو بن عامر
…
انتهى.
وقال ابن الكلبي: عمرو بن لحي هو أبو خزاعة كلها، منه تفرقت، وذكر أن لحيا هو ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن النبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وقال ابن الكلبي: فولد عمرو بن ربيعة -يعني عمرو بن لحي- كعبا بطن، وملحا بطن وعهديان بطن، وعوفا، وسعدا، وكل من ولد ربيعة بن حارثة فهم خزاعة؛ وإنما قيل لهم: خزاعة؛ لأنهم تخزعوا من ولد عمرو بن عامر، تخلفوا عنهم وفارقوهم، وكذلك يقال أيضا لبني أقصى بن حارثة؛ لأنهم تخزعوا من ولد مازن بن الأزد في إقبالهم من اليمن، ثم تفرقوا في البلدان، وفي خزاعة بطون كثيرة.
وقال محمد بن عبدة بن سليمان -النسابة-: افترقت خزاعة على أربعة شعوب:
فالشعب الأول: ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر الأشتر بن ربيعة بن حارثة، وهم بنو جفنة، ويقال: جفينة؛ الذين بالشام من غسان.
والشعب الثاني: أسلم بن أقصى.
والشعب الثالث: ملكان.
والشعب الرابع: مالك بن أقصى بن حارثة بن عمرو بن عامر.
وقال: وإنما قيل لهم خزاعة: لأنها تخزعت عن عظم الأزد، والانخزاع: التقاعس والتخلف -فأقامت بمر الظهران، بجنبان الحرم، وولوا حجابة البيت دهرا.
وما نقلناه عن أبي عبيدة وابن الكلبي، نقله عنهما ابن عبد البر في كتاب له في الأنساب.
1 هو وادي فاطمة كما يسميه الحجازيون اليوم.
2 تهامة كل ما كان منخفضا من الأرض، ويطلق هذا الاسم على كل البلاد الحجازيون الواقعة على سيف البحر، وتمتد إلى سفوح جبال السراة، وهي بكسر التاء.
وقد ظهر بذلك، ومما ذكرناه عن أبي عبيدة وابن هشام: أن حزاعة -على القول بأنهم من قحطان- من ولد حارثة بن عمرو بن عامر؛ وذلك يرد ما ذكره السهيلي في "الروض الأنف"1؛ لأنه ذكر في غير موضع من كتابه هذا ما يقتضي أن خزاعة من ولد حارثة بن عامر، لأنه قال: وأسلم إخوة خزاعة، وهو بنو حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، ذكر ذلك لما تكلم على الحديث الذي احتج به على أن قحطان من ذلك لقوم من عدنان. وهو قوله عليه السلام:"ارموا يا بنى إسماعيل، فإن أباكم كان راميا"، حين قال ذلك لقوم من أسلم بن أقصى، رآهم النبي صلى الله عليه وسلم يرمون.
قال السهيلي أيضا: لما تكلم عن حديث عمرو بن لحي: وقد تقدم في نسب خزاعة وأسلم أنهما ابنا حارثة بن ثعلبة1
…
انتهى.
وقد وافق السهيلي على ما ذكره في خزاعة صاحب "الاكتفاء" الحافظ أبو الربيع سليمان بن سالم الكلاعي.
وقد ذكر ابن حزم في "الجمهرة" ما يخالف ما ذكره السهيلي في ثعلبة؛ لأنه قال لما ذكر أولاد عمرو بن عامر: وثعلبة العيفاء بن عمرو من ولده الأوس والخزرج2
…
انتهى.
وابن حزم أقعد من السهيلي بالأنساب؛ لأنه ممن يعول عليه فيها، كيف وفي كلام غيره من أئمة النسب ما يقتضي أن جد خزاعة -على القول بأنهم من قحطان- حارثة بن عمرو لا ثعلبة بن عمرو؟
وذكر السهيلي رحمه الله وجها في الجمع بين قول من قال: إن خزاعة من مضر، وبين قول من قال: إنهم من قحطان؛ لأنه قال: وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسلم: "ارموا يا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا" وهو معارض بحديث أكثم بن أبي الجون في الظاهر؛ إلا أن بعض النسب ذكر أن عمرو بن لحي كان حارثة قد خلف على أمهم بعد أن تأيمت من قمعة، ولحي صغير، ولحي هو: ربيعة، فتبناه حارثة، وانتسب إليه، فيكون النسب صحيحا بالوجهين جميعا، إلى حارثة بالتبني، وإلى قمعة بالولادة.
وكذلك أسلم بن أقصى بن حارثة، فإنه أخو خزاعة، والقول فيه كالقول في خزاعة، وقيل في أسلم بن أقصى بن حارثة: إنه من بني أبي حارثة بن عامر، لا من بني حارثة
…
انتهى.
وهذا الجمع يتجه إن كان المتزوج لأم لحي: حارثة بن عمرو بن عامر، لا حارثة بن ثعلبة بن عمرو، لما سبق في ذلك.
1 الروض الأنف 1/ 19.
2 جمهرة أنساب العرب "ص: 332".
وقد بين ابن حزم نسب خزاعة على القول بأنهم من مضر، وبين الحجة على ذلك؛ فنذكر ما ذكره لما في ذلك من الفائدة.
فأما ما احتج به ابن حزم على أن خزاعة من مضر فهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، وكان أول من سيتب السوائب"1.
وحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عمرو بن لحي بن فمعة بن خندف أبو خزاعة"، وقال ابن حزم: ليس هذا مخالفا لما قبله؛ إذ قد ينسبه إلى والده جده نسبة إضافة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" 2، وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف، أبا بني كعب هؤلاء يجر قصبه في النار".
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عرضت على النار؛ فرأيت فيها عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار، وهو أول من غير دين إبراهيم عليه السلام، أشبه من رأيت به أكثم بن أبي الجون"، فقال أكثم: أيضرني شبهه يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم "لا لأنه كافر، وأنت مسلم".
وحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق، فقال:"ارموا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميا".
وهذه الأحاديث كلها في الصحيحين، وأخرج ابن حزم منها الأول والثاني والخامس من صحيح البخاري، وأخرج الثالث من "صحيح مسلم" بسنده، وأخرج الرابع من طريق الدارقطني عن المحاملي.
وقال ابن حزم: وأما الحديث الأول، والثالث، والرابع؛ ففي غاية الصحة والثبات، وأما الثاني ففيه إسرائيل، ولكن في الأحاديث حجة قاطعة وكفاية، ولا يجوز تعدي القول بما فيها، فخزاعة من ولد قمعة بن إلياس بن مضر بلا شك، وليس لأحد مع مثل هذا الكلام القول بما فيه؛ فخزاعة من ولد قمعة بن إلياس بن مضر؟ وأسلم إخوة خزاعة بلا شك عند أحد من النسابين، وقال: فولد قمعة بن إلياس: عامر بن قمعة، فولد عامر بن قمعة: أقصى وربيعة، وهو: لحي بن3 عامر بن قمعة، فولد لحي بن عامر بن قمعة: عامر بن لحي، فولد عامر بن لحي: عمرو بن لحي. وهو:
1 جمهرة أنساب العرب "ص: 233".
2 الحديث أخرجه: البخاري 4/ 37، مسلم "الجهاد: 78، وأبو داود: 478، والترمذي: 1688، وأحمد: 1/ 264".
3 في جمهرة أنساب العرب "ص: 233": "ابنا".