الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي كلام النووي نظر من وجه آخر؛ لأنه ذكر أن لها حين ماتت تسعين سنة، ولابنها عشرون سنة، وهذا إن صح فإنه يقتضي أن تكون هاجر حملت بإسماعيل عليه السلام وهي بنت سبعين سنة -بتقديم السين- وفي حمل من بلغت هذا السن نظر؛ فإن صح ذلك، فهي كرامة لها، ولا ريب في علو قدرها.
وفي كتاب الفاكهي بعد أن ذكر شيئا من خبرها: وسمعت من بعض من يروي العلم يقول: أوحي إلى ثلاث من النساء: إلى مريم بنت عمران، وإلى أم موسى، وإلى هاجر أم إسماعيل صلوات الله عليهم أجمعين
…
انتهى.
وهذا غريب، والله أعلم بصحته1.
وفيما ذكرناه من أخبار هاجر كفاية إذ القصد الاختصار، ومن غريب ما قيل في وفاة هاجر ما ذكره ابن الأثير في "كامله" لأنه قال في وفاة سارة:
وقيل إن هاجر عاشت بعد سارة مدة، والصحيح أن هاجر توفيت قبل سارة2
…
انتهى. ووجه الغرابة في هذا أن إسماعيل أكبر من إسحاق بأربع عشرة سنة، وسارة عاشت مائة سنة وسبعا وعشرين سنة، على ما ذكره أهل الكتاب.
ويسن للمحرم السعي بين الصفا والمروة لسعي هاجر بينهما لما طلبت الماء لابنها حين اشتد به الظمأ، وخبرها في ذلك عن ابن عباس في صحيح البخاري3، وقد سبق ذلك في الباب الذي قبله.
1 أخبار مكة للفاكهي 5/ 132.
2 الكامل لابن الأثير 1/ 123.
3 صحيح البخاري 6/ 282-288 "الأنبياء".
ذكر أسماء أولاد إسماعيل وفوائد تتعلق بذلك:
قال ابن هشام في "السيرة": حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق قال: ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام اثنى عشر رجلا: نابتا وكان أكبرهم، وقيدر، وأربل، ومنشي، ومسمعا، وماشي، ودما، وأدر، وطيما، ويطورا، ونبشا، وقيدما، وأمهم "رعلة" بنت مضاض بن عمرو الجرهمي
…
انتهى.
وقال الأزرقي: حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج قال: أخبرني ابن إسحاق قال: ولد لإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام اثني عشر رجلا، وأمهم السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، فولدت له اثني عشر رجلا: نابت بن إسماعيل، وقيدار بن إسماعيل، وواصل بن إسماعيل، ومياس1 بن إسماعيل، وآزر وطمياء بن إسماعيل، وقطورا2 بن إسماعيل،
1 في سيرة ابن هشام 1/ 25: "ماش".
2 في أخبار مكة للأزرقي في 1/ 81: يطور، وفي السيرة 1/ 25 "تطورا".
وقيس1 بن إسماعيل، وقيدمان2 بن إسماعيل، وكان عمر إسماعيل فيما يذكرون ثلاثين ومائة سنة؛ فمن نابت بن إسماعيل وقيدار بن إسماعيل نشر الله "تعالى" العرب؛ فكان أكبرهم قيدار ونابت ابنا إسماعيل، ومنهما نشر الله العرب3
…
انتهى.
وذكر المسعودي أولاد إسماعيل، وسمى بعضهم بغير ما سبق، قال: وولد لإسماعيل عليه الصلاة والسلام اثنا عشر ولدا؛ أولهم: نابت، وقيدر، وأذيل4، ومنشى5، ومسمع6، وديما، وردام، ومنشا، وحذام، وميم، وقطور، ونافس، وكل هؤلاء قد أنسل7
…
انتهى.
وذكر الفاكهي أسماء أولاد إسماعيل عليه الصلاة والسلام على وجه فيه مخالفة لبعض ما سبق؛ لأنه قال: حدثنا عبد الله بن أبي سلمة قال: حدثنا أبي سلمة قال: حدثنا يعقوب بن محمد بن محمد بن طلحة التيمي، عن عبد المجيد بن عبد الرحمن بن سهيل، عن عبد الرحمن بن عمرو العجلان قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: ولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام اثني عشر رجلا، وأمهم بنت الحارث بن مضاض بن عمرو الجرهمي؛ فأكبر أولاد إسماعيل عليه الصلاة والسلام نابت، وقيدر، والذيل، ومنشى، ومسمع، ودمه، وناس، وأدد، وصيبا، ومصور، وتيش، وقيدم؛ كلهم بنو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وكانع مر إسماعيل عليه السلام مائة وثلاثين سنة فيمن نابت وقيدر نشر الله -تعالى- العرب8
…
انتهى.
وقد بان بما ذكرناه في أسماء أولاد إسماعيل عليه الصلاة والسلام اختلاف المقالات في أسمائهم، ورأيت فيها غير ما ذكرت؛ فمن ذلك: منشأ بدل منشى، ومسماع بدل مسمع، ودوما بدل دما، وتيمن -بالتاء- بدل طيما، ويافيعش بدل تيش.
وهذه الأسماء مذكورة هكذا في كتاب "النسابة" لأبي علي الجواي على ما ذكره القطب الحلبي في كتابه "المورد العذب الهني"، وقال: وزاد فيهم -يعني الجواتي: سعام، ولا عانوا، وحدان
…
انتهى.
ولم أر من تعرض لضبط جميعها بالحروف، وأظن أن سبب الاختلاف في كثير منها التصرف في نقل ذلك من الكتب المذكورة فيها، والله أعلم.
1 في نسخة من أخبار مكة: "نيش"، وفي السيرة 1/ 35 "نيش".
2 في السيرة 1/ 25: "قيذة".
3 أخبار مكة للأزرقي 1/ 81.
4 في مروج الذهب 2/ 49: "أدبيل".
5 في مروج الذهب 2/ 419: "مبسم".
6 في مروج الذهب 2/ 49: "مشمع".
7 مروج الذهب 2/ 49، وفيه تختلف الأسماء عما هنا.
8 أخبار مكة للفاكهي 5/ 133 ومنائح الكرم ورقة "394-أ".
وأما الأسماء التي في "السيرة" فيقع في بعض النسخ الجيدة منها ضبطها بالشكل، وقد ضبطت ما ذكرته منها بالشكل على ما رأيته في نسخ معتمدة في السيرة"، وقد تعرض السهيلي رحمه الله لضبط بعضها، وبيان معنى بعضها، وما سمي ببعضها من الأماكن؛ فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، ونص كلامه: وذكر في ولد إسماعيل: ظيما، وقيده الدارقطني بالظاء منقوطة بعدها ميم، كأنها تاء: بين ظيما، والظيما مقصور سمرة في الشفتين، وذكر دما.
ورأيت للبكري أن دومة الجندل عرفت بدوما1 بن إسماعيل، وكان نزلها؛ فلعل ذلك مغير عنه، وذكر أن الطور سمي بقطور بن إسماعيل، ولعله محذوف الياء أيضا، إن كان يصح ما قاله، والله أعلم.
وأما الذي قاله أهل التفسير في الطور فهو كل جبل ينبت الشجر؛ فإن لم ينبت شيئا فليس بطور، وأما قيدر فتفسيره عندهم صاحل الإبل؛ وذلك أنه كان صاحب إبل إسماعيل عليه الصلاة والسلام انتهى.
واختلف في أمهم؛ ففي "السيرة" لابن إسحاق أنها بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، ولم يسمها، وفي الأزرقي عن ابن إسحاق، أن أمهم السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي. ونقل ذلك السهيلي عن الدارقطني.
وفي الأزرقي أيضا في خبر ذكر فيه خبر جرهم وقطورا بن إسماعيل، أن إسماعيل عليه الصلاة والسلام خبط إلى مضاض بن عمرو ابنته رعلة فزوجه إياها؛ فولدت له عشرة ذكور. قال: وهي أم البيت2
…
انتهى.
ولا منافاة بين قول من سماها السيدة، وبين قول من سماها رعلة، لإمكان أن يكون أحد الأمرين اسما لها، والآخر لقبا، واقتصر كل من القائلين على أحدهما، والله أعلم.
وفي الفاكهي أن أم أولاد إسماعيل: بنت الحارث بن مضاض بن عمرو الجرهمي، كما في الخبر السابق، وهذا يخالف ما سبق من أن أمهم بنت مضاض بن عمرو.
وذكر الفاكهي ما يقتضي أن أم أولاد إسماعيل من العمالقة؛ لأنه روى خبرا عن أبي جهنم بن حذيفة في نزول العماليق على أم إسماعيل: ونشأ إسماعيل مع ولدانهم، ثم روي بإسناده عن عثمان بن عفان أمير المؤمنين أنه سئل: متى نزل إسماعيل مكة؟ قال: فذكر نحو حديث أبي جهم الأول؛ إلا أنه قال: تزوج إسماعيل امرأة منهم، فولدت له عشرة ذكور3
…
انتهى.
1 في معجم ما استعجم 2/ 565: "دومان".
2 أخبار مكة للأزرقي في 1/ 86.
3 أخبار مكة للفاكهي 5/ 133.
فتحصل من هذا في أم أولاد إسماعيل قولان: هل هي من جرهم أو من العماليق؟ وعلى الأول هي بنت مضاض بن عمرو أو بنت الحارث بن مضاض بن عمرو، والله أعلم.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في أم نابت بن إسماعيل غير ما سبق، وإلى نابت بن إسماعيل يرجع نسب عدنان على مقتضى ما ذكر ابن إسحاق وغيره من أهل الأخبار، وقيل: يرجع نسب عدنان إلى قيدار بن إسماعيل، وهذا القول ذكره السهيلي؛ لأنه قال: وذكر من وجه قوي في الرواية عن نساب العرب أن نسب عدنان يرجع إلى قيدار بن إسماعيل، وأن قيدار كان الملك في زمانه، وأن معنى قيدار: إذ فسر، والله أعلم
…
انتهى.
وذكر القطب الحلبي في "شرح سيرة عبد الغني"؛ خلافا فينسب نابت بن إسماعيل، وفي أمه وأم قيدر ومن ينسب إليها، ونذكر كلامه لإفادة ذلك، ونص كلامه: قال المؤلف: إن نابت بالنون فاعل من نبت. قال الإمام أبو نصر بن ماكولا في باب النون: نابت بن إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام. وهذا القول الأخير ما ذكره الجواني في "النسب"؛ فإنه قال: عدنان بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان على نبت، وقال: إن أم نبت هامة بنت زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وتدعى حرمن، وجعل نابت بن حمل وأمه العاصرية بنت مالك الجرهمي بن قيدار، وأمه هالة بنت الحارث بن مضاض بن عمرو الجرهمي، ويقال بل اسمها سلما، وقيل: الخنفا، ثم قال القطب: قال الجواني: ومن العلماء من ينسب اليمن إلى إسماعيل عليه الصلاة والسلام، ويقولون إنهم من ولد بيمن بن نبت بن إسماعيل. وافترق باقي ولد إسماعيل في أقطار الأرض، فدخلوا في قبائل العرب، ودرج بعضهم فلم يثبت لهم النسابون نسبا إلا ما كان من ولد قيدار، ونشر الله تعالى ذرية إسماعيل عليه الصلاة والسلام الذين تكلموا بلسانه من ولد قيدار ابنه أبي العرب.
وفي كتاب "التيجان" قال وهب: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام دخل ذات يوم وعلى عنقه قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم؛ فجرى إليه يعقوب وعيصو، فأخذهما إلى صدره، فنزلت رجل قيدار اليمنى على رأس يعقوب، ورجله اليسرى على رأس عيصو؛ فغضبت سارة، فقال لها إبراهيم عليه الصلاة والسلام: لا تغضبي فإن رجل أولاد هذا الذي على عنقي على رؤوس هؤلاء بمحمد صلى الله عليه وسلم
…
انتهى.
وخبر ابن عباس رضي الله عنهما هذا يدل على أن عدنان يرجع إلى قيدار، لا إلى نابت بن إسماعيل.