الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اضطرار- على الرّضا بذلك كلّه، والالتزام له، ويصير جميعه عهدا مرجوعا إليه، وعقدا معمولا عليه، وحلف كلّ منهما على ما يلتزمه من ذلك يمينا عقدها بأن يحلف صاحبها بمثلها، على ما يلتزمه منه. فقال صمصام الدّولة:
والله الذي لا إله إلا هو (ويستتم اليمين) .
النوع الثاني (ممّا يجري عقد الصّلح فيه بين ملكين مسلمين- ما يكون العقد فيه من جانب واحد)
وللكتّاب فيه مذهبان:
المذهب الأوّل (أن يفتتح عقد الصّلح بلفظ: «هذا» كما في النوع السابق)
وهذه نسخة عقد صلح من ذلك، كتب بها أبو إسحاق الصّابي، بين الوزير أبي نصر سابور بن أزدشير «1» ، والشّريفين: أبي أحمد الحسين بن موسى، وأبي الحسن محمد ابنه الرّضيّ، بما انعقد من الصّلح والصّهر بين الوزير المذكور، وبين النّقيب أبي أحمد الحسين وولده محمد، حين تزوّج ابنه محمد المذكور بنت سابور المذكور، وجعله على نسختين، لكلّ جانب نسخة، بعد البسملة ما صورته:
هذا كتاب لسابور بن أزدشير، كتبه له الحسين بن موسى الموسويّ، وولده محمد بن الحسين الموسويّ.
إنّا وإيّاك- عندما وصله الله بيننا من الصّهر والخلطة، ووشجه من
الحال والمودّة- آثرنا أن ينعقد بيننا وبينك ميثاق مؤكّد، وعهد مجدّد، تسكن النفوس إليهما، وتطمئنّ القلوب معهما، وتزداد الألفة بهما على مرّ الأيّام، وتعاقب الأعوام، ويكون ذلك أصلا مستقرّا نرجع جميعا إليه، ونعوّل ونعتمد عليه، وتتوارثه أعقابنا، وتتبعنا فيه أخلافنا.
فأعطيناك عهد الله وميثاقه، وما أخذه على على أنبيائه المرسلين، وملائكته المقرّبين، صلّى الله عليهم أجمعين، عن صدور منشرحة، وآمال في الصّلاح منفسحة- أنّا نخلص لك جميعا وكلّ واحد منّا إخلاصا صحيحا يشاكل ظاهره باطنه، ويوافق خافيه عالنه، وأنّا نوالي أولياءك، ونعادي أعداءك، ونصل من وصلك، ونقطع من قطعك، ونكون معك في نوائب الزمان وشدائده، وفي فوائده وعوائده، وضمنّا لك ضمانا شهد الله بلزومه لنا، ووجوبه علينا، وأنا نصون الكريمة علينا، الأثيرة عندنا، فلانة بنت فلان- أدام الله عزّها- المنتقلة إلينا، كما تصان العيون بجفونها، والقلوب بشغافها، ونجريها مجرى كرائم حرمنا، ونفائس بناتنا، ومن تضمّه منازلنا وأوطاننا، ونتناهى في إجلالها وإعظامها، والتّوسعة عليها في مراغد عيشها وعوارض أوطارها، وسائر مؤنها ومؤن أسبابها، والنّهوض والوفاء بالحقّ الذي أوجبه الله علينا لها ولك فيها، فلا نعدم شيئا ألفته: من إشبال عليها، وإحسان إليها، وذبّ عنها، ومحاماة دونها، وتعهّد لمسارّها، وتوخّ لمحابّها، ونكون جميعا وكلّ واحد منا مقيمين لك ولها على جميع ما اشتمل عليه هذا الكتاب في حياتك- أطالها الله- وبعد الوفاة إن تقدّمتنا، وحوشيت من السّوء في أمورك كلّها، وأحوالك أجمعها.
ثم إنا نقول- وكلّ واحد منا، طائعين مختارين، غير مكرهين ولا مجبرين، بعد تمام هذا العقد بيننا وبينك، ولزومه لنا ولك-: والله الذي لا إله إلّا هو الطّالب الغالب، المدرك المهلك، الضّارّ النّافع، المطّلع على السّرائر، المحيط بما في الضمائر، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور، وحقّ محمد النّبيّ، وعليّ الرضيّ- صلى الله عليهما وسلّم وشرّف
ذكرهما، وسادتنا الأئمّة الطيبين، الطاهرين، رحمة الله عليهم أجمعين، وحقّ القرآن العظيم، وما أنزل فيه من تحليل وتحريم، ووعد ووعيد، وترغيب وترهيب، لنفينّ لك يا سابور بن أزدشير، والكريمة الأثيرة ابنتك فلانة- أحسن الله رعايتها- بجميع ما تضمّنه هذا الكتاب، وفاء صحيحا، ولنلتزمنّ لك ولها شرائطه ووثائقه، فلا نفسخها، ولا ننقضها، ولا نتتبّعها، ولا نتعقّبها، ولا نتأوّل فيها، ولا نزول عنها، ولا نلتمس مخرجا ولا مخلصا منها، حتّى يجمعنا الموقف بين يدي الله، والمقدم على رحمة الله، ونحن يومئذ ثابتان عليها، ومؤدّيان للأمانة فيها، أداء يشهد الله تعالى به وملائكته يوم يقوم الأشهاد، ويحاسب العباد؛ فإن نحن أخللنا بذلك أو بشيء منه، أو تأوّلنا فيه أو في شيء منه، أو أضمرنا خلاف ما نظهر، أو أسررنا ضدّ ما نعلن، أو التمسنا طريقا إلى نقضه، أو سبيلا إلى فسخه، أو ألممنا بإخفار ذمّة من ذممه، أو انتهاك حرمة من حرمه، أو حلّ عصمة من عصمه، أو إبطال شرط من شروطه، أو تجاوز حدّ من حدوده- فالذي يفعل ذلك منّا يوم يفعله أو يعتقده، وحين يدخل فيه ويستجيزه- بريء من الله جلّ ثناؤه، ومن نبوّة رسوله محمد، ومن ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلّى الله عليهما وسلّم، ومن القرآن الحكيم العظيم، ومن دين الله الصحيح القويم، ولقي الله يوم العرض عليه، والوقوف بين يديه، وهو به- سبحانه- مشرك، ولرسوله صلى الله عليه وسلم مخالف، ولأهل بيته معاد، ولأعدائهم موال، وعليه الحجّ إلى بيت الله الحرام العتيق الذي بمكّة: راجلا، حافيا، حاسرا، وإماؤه عواتق، ونساؤه طوالق، طلاق الحرج والسّنّة، لا رجعة فيه ولا مثنويّة، وأمواله- على اختلاف أصنافها- محرّمة عليه، وخارجة عن يديه، وحبيسة في سبيل الله، وبرّأه الله من حوله وقوّته، وألجأه إلى حوله وقوّته.
وهذه اليمين لازمة لنا، وقد أطلق كلّ واحد منا بها لسانه، وعقد عليها ضميره؛ والنّية في جميعها نيّة فلان بن فلان، لا يقبل الله من كلّ واحد منّا إلا الوفاء بها، والثّبات عليها، والالتزام بشروطها، والوقوف على حدودها،