الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقلت إِذا خَالَفت هَواهَا صَار داؤها دواها
فَأقبل على نَفسه فَقَالَ اسمعى قد أَجَبْتُك بِهَذَا الْجَواب سبع مَرَّات فأبيت إِلَّا أَن تسمعيه من الْجُنَيْد فقد سَمِعت وَانْصَرف عَنى وَلم أعرفهُ وَلَا وقفت عَلَيْهِ
وَقَالَ كنت جَالِسا فى مَسْجِد الشونيزية أنْتَظر جَنَازَة أصلى عَلَيْهَا وَأهل بَغْدَاد على طبقاتهم جُلُوس ينتظرون الْجِنَازَة فَرَأَيْت فَقِيرا عَلَيْهِ أثر النّسك يسْأَل النَّاس فَقلت فى نفسى لَو عمل هَذَا عملا يصون بِهِ نَفسه كَانَ أجمل بِهِ فَلَمَّا انصرفت إِلَى منزلى وَكَانَ لى شئ من الْورْد بِاللَّيْلِ من الصَّلَاة وَالْقِرَاءَة والبكاء فَثقلَتْ على جَمِيع أورادى فسهرت وَأَنا قَاعد فغلبتنى عيناى فَرَأَيْت ذَلِك الْفَقِير وَقد جَاءُوا بِهِ ممدودا على خوان وَقَالُوا لى كل لَحْمه فقد اغْتَبْته
فكشف لى عَن الْحَال وَقلت مَا اغْتَبْته إِنَّمَا قلت شَيْئا فى نفسى
فَقيل لى مَا أَنْت مِمَّن يرضى مِنْك بِمثل هَذَا اذْهَبْ إِلَيْهِ واستحله
فَأَصْبَحت وَلم أزل أتردد حَتَّى رَأَيْته فى مَوضِع يلتقط من أوراق البقل فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ تعود يَا أَبَا الْقَاسِم فَقلت لَا
فَقَالَ غفر الله لنا وَلَك
وَمن كَلَام الْجُنَيْد رحمه الله
الطَّرِيق إِلَى الله عز وجل مسدود على خلقه إِلَّا على المقتفين آثَار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ الله عز وجل {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} وَقَالَ لَوْلَا أَنه يرْوى أَنه يكون فى آخر الزَّمَان زعيم الْقَوْم أرذلهم مَا تَكَلَّمت عَلَيْكُم
وَقَالَ أضرّ مَا على أهل الديانَات الدَّعَاوَى
وَقَالَ الْمُرُوءَة احْتِمَال زلل الإخوان
وَقيل لَهُ كَيفَ الطَّرِيق إِلَى الله فَقَالَ تَوْبَة تحل الْإِصْرَار وَخَوف يزِيل الْغرَّة ورجاء مزعج إِلَى طَرِيق الْخيرَات ومراقبة الله فى خواطر الْقُلُوب
وَقَالَ لَيْسَ بشنيع مَا يرد على من الْعَالم لأنى قد أصلت أصلا وَهُوَ أَن الدَّار دَار غم وهم وبلاء وفتنة وَأَن الْعَالم كُله شَرّ وَمن حكمه أَن يتلقانى بِكُل مَا أكره وَإِن تلقانى بِمَا أحب فَهُوَ فضل وَإِلَّا فَالْأَصْل الأول
وَقَالَ الزّهْد خلو الْقلب عَمَّا خلت مِنْهُ الْيَد واستصغار الدُّنْيَا ومحو آثارها من الْقلب
وَقَالَ الْخَوْف توقع الْعقُوبَة مَعَ مجارى الأنفاس
وَقَالَ الْخُشُوع تذلل الْقُلُوب لعلام الغيوب
وَقَالَ التَّوَاضُع خفض الْجنَاح ولين الْجَانِب
وَقَالَ وَسَأَلَهُ جمَاعَة أنطلب الرزق فَقَالَ إِن علمْتُم أى مَوضِع هُوَ فاطلبوه
قَالُوا نسْأَل الله فِيهِ قَالَ إِن علمْتُم أَنه ينساكم فذكروه فَقَالُوا أندخل الْبَيْت ونتوكل فَقَالَ التجربة شكّ فَقَالُوا فَمَا الْحِيلَة قَالَ ترك الْحِيلَة
وفى بعض الْكتب نِسْبَة هَذِه الْحِكَايَة إِلَى الْخَواص
وَقَالَ الْيَقِين اسْتِقْرَار الْعلم الذى لَا يتقلب وَلَا يحول وَلَا يتَغَيَّر فى الْقلب
وَقَالَ أَيْضا الْيَقِين ارْتِفَاع الريب فى مشْهد الْغَيْب فَعرف الْيَقِين بتعريفين وسيأتى عَنهُ أَيْضا للشكر تعريفان وَالْكل حق صَحِيح
وَقَالَ الْمسير من الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة سهل هَين على الْمُؤمن وهجران الْخلق فى جنب الْحق شَدِيد والمسير من النَّفس إِلَى الله صَعب شَدِيد وَالصَّبْر مَعَ الله تَعَالَى أَشد
وَقَالَ الصَّبْر تجرع المرارة من غير تعبيس
وَقَالَ من تحقق فى المراقبة خَافَ على فَوت حَظه من الله تَعَالَى
وَقَالَ وَقد قَالَ الشبلى يَوْمًا بَين يَدَيْهِ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَوْلك ذَا ضيق صدر وَهُوَ ترك للرضا بِالْقضَاءِ وَالرِّضَا رفع الِاخْتِيَار
وَقيل لَهُ مَا للمريد فى مجاراة الحكايات فَقَالَ الحكايات جند من جنود الله يقوى بهَا قُلُوب المريدين فَسئلَ على ذَلِك شَاهدا فَقَالَ قَوْله تَعَالَى {وكلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك}
وَقيل لَهُ مَا الْفرق بَين المريد وَالْمرَاد فَقَالَ المريد تتولاه سياسة الْعلم وَالْمرَاد تتولاه رِعَايَة الْحق لِأَن المريد يسير وَالْمرَاد يطير وَأَيْنَ السائر من الطَّائِر
وَقَالَ الْإِخْلَاص سر بَين الله وَعَبده وَلَا يُعلمهُ ملك فيكتبه وَلَا شَيْطَان فيفسده وَلَا هوى فيميله
وَقَالَ الصَّادِق يتقلب فى الْيَوْم أَرْبَعِينَ مرّة والمرائى يثبت على حَالَة وَاحِدَة أَرْبَعِينَ سنة
وَسُئِلَ عَن الْحيَاء فَقَالَ رُؤْيَة الآلاء ورؤية التَّقْصِير يتَوَلَّد مِنْهُمَا حَالَة تسمى الْحيَاء
وَقَالَ الفتوة كف الْأَذَى وبذل الندى
وَقَالَ لَو أقبل صَادِق على الله ألف ألف سنة ثمَّ أعرض عَنهُ لَحْظَة كَانَ مَا فَاتَهُ أَكثر مِمَّا ناله
قلت وَالنَّاس يستشكلون هَذِه الْكَلِمَة ويتطلبون تقريرها وَسَأَلت عَنْهَا بعض العارفين بالتصوف فَقَالَ مَعْنَاهَا يظْهر بِضَرْب مثل وَهُوَ أَن الغواص إِذا غاص فى الْبَحْر منقبا على نَفِيس الْجَوَاهِر إِلَى أَن قَارب قراره وَكَاد يحظى بمراده أعرض وَترك كَانَ مَا فَاتَهُ أَكثر مِمَّا ناله وَكَذَلِكَ من أقبل على الْحق ألف ألف سنة ثمَّ أعرض فَتلك
اللحظة الَّتِى أعرض فِيهَا لَو لم يعرض نتيجة عمل ألف ألف سنة فَلَمَّا أعرض فَاتَتْهُ تِلْكَ النتيجة الَّتِى هى غَايَة عمل ألف ألف سنة فَظهر أَن مَا فَاتَهُ أَكثر مِمَّا ناله
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السلمى سَمِعت جدى إِسْمَاعِيل بن نجيد يَقُول دخل أَبُو الْعَبَّاس بن عَطاء على الْجُنَيْد وَهُوَ فى النزع فَسلم فَلم يرد عَلَيْهِ ثمَّ رد عَلَيْهِ بعد سَاعَة وَقَالَ اعذرنى فإنى كنت فى وردى ثمَّ حول وَجهه إِلَى الْقبْلَة وَكبر وَمَات
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الجريرى كنت وَاقِفًا على رَأس الْجُنَيْد فى وَقت وَفَاته وَكَانَ يَوْم جُمُعَة وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن فَقلت يَا أَبَا الْقَاسِم ارْفُقْ بِنَفْسِك فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّد مَا رَأَيْت أحدا أحْوج إِلَيْهِ منى فى هَذَا الْوَقْت وَهُوَ ذَا تطوى صحيفتى
وَيُقَال كَانَ نقش خَاتم الْجُنَيْد إِذا كنت تَأمله فَلَا تأمنه
وَكَانَ يَقُول مَا أَخذنَا التصوف من القال والقيل وَلَكِن عَن الْجُوع وَترك الدُّنْيَا وَقطع المألوفات
قَالَ أَبُو سهل الصعلوكى سَمِعت أَبَا مُحَمَّد المرتعش يَقُول قَالَ الْجُنَيْد كنت بَين يدى السرى السقطى أَلعَب وَأَنا ابْن سبع سِنِين وَبَين يَدَيْهِ جمَاعَة يَتَكَلَّمُونَ فى الشُّكْر فَقَالَ يَا غُلَام مَا الشُّكْر
فَقلت أَن لَا تعصى الله بنعمه
فَقَالَ أخْشَى أَن يكون حظك من الله لسَانك
قَالَ الْجُنَيْد فَلَا أَزَال أبكى على هَذِه الْكَلِمَة الَّتِى قَالَهَا لى
وَعَن الْجُنَيْد الشُّكْر أَن لَا ترى نَفسك أَهلا للنعمة
وَعَن الْجُنَيْد أَعلَى دَرَجَة الْكبر أَن ترى نَفسك وَأَدْنَاهَا أَن تخطر ببالك يعْنى نَفسك
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السلمى سَمِعت عبد الْوَاحِد بن بكر الورثانى قَالَ سَمِعت مُحَمَّد