الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ عبد الله بن طَاهِر الْأَئِمَّة للنَّاس أَرْبَعَة ابْن عَبَّاس فى زَمَانه والشعبى فى زَمَانه وَالقَاسِم بن معن فى زَمَانه وَأَبُو عبيد فى زَمَانه
وَقَالَ عَبْدَانِ بن مُحَمَّد المروزى حَدثنَا أَبُو سعيد الضَّرِير قَالَ كنت عِنْد عبد الله بن طَاهِر فورد عَلَيْهِ نعى أَبى عبيد فَأَنْشَأَ يَقُول
(يَا طَالب الْعلم قد مَاتَ ابْن سَلام
…
وَكَانَ فَارس علم غير محجام)
(مَاتَ الذى كَانَ فِينَا ربع أَرْبَعَة
…
لم يلق مثلهم إستار أَحْكَام)
(خير الْبَريَّة عبد الله أَوَّلهمْ
…
وعامر ولنعم التلو يَا عَام)
(هما اللَّذَان أنافا فَوق غَيرهمَا
…
والقاسمان ابْن معن وَابْن سَلام)
وَمن الْفَوَائِد عَنهُ
حكى الأزهرى فى التَّهْذِيب عَن أَبى عبيد الْقَاسِم بن سَلام فى قَوْله صلى الله عليه وسلم (لَا يَمُوت لمُسلم ثَلَاثَة من الْوَلَد فَتَمَسهُ النَّار إِلَّا تَحِلَّة الْقسم) أَن المُرَاد بِهَذَا الْقسم قَوْله تَعَالَى {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} فَإِذا مر بهَا متجاوزا لَهَا فقد أبر الله قسمه
ثمَّ اعْتَرَضَهُ الأزهرى بِأَنَّهُ لَا قسم فى قَوْله {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} فَكيف يكون لَهُ تَحِلَّة قَالَ وَلَكِن معنى قَوْله إِلَّا تَحِلَّة الْقسم إِلَّا التعزيز الذى لَا ينداه مِنْهُ مَكْرُوه وَأَصله من قَول الْعَرَب ضَربته تحليلا وضربته تعزيرا أى لم أبالغ فى ضربه وَأَصله من تَحْلِيل الْيَمين وَهُوَ أَن يحلف الرجل ثمَّ يسْتَثْنى اسْتثِْنَاء مُتَّصِلا بِالْيَمِينِ يُقَال آلى فلَان ألية لم يتَحَلَّل أى لم يسْتَثْن ثمَّ جعل ذَلِك مثلا لكل شىء قل وقته
وَمِنْه قَول الشَّاعِر
(نَجَائِب وقعهن الأَرْض تَحْلِيل
…
)
أى قَلِيل هَين يسير
وَيُقَال للرجل إِذا أمعن فى وَعِيد أَو أفرط فى قَول حلا أَبَا فلَان أى تحلل فى يَمِينك جعله فى وعيده كحالف فَأمره بِالِاسْتِثْنَاءِ
قلت وَهُوَ اعْتِرَاض عَجِيب فَإِن الْقسم مُقَدّر فى قَوْله {وَإِن مِنْكُم} لِأَن الْقسم عِنْد النُّحَاة يتلَقَّى بالنفى وَالْإِثْبَات وَالتَّقْدِير وَالله إِن مِنْكُم إِلَّا واردها أَو أقسم إِن مِنْكُم إِلَّا واردها
يدل عَلَيْهِ شَيْئَانِ
أَحدهمَا قَوْله تَعَالَى بعد ذَلِك {كَانَ على رَبك حتما مقضيا} قَالَ الْحسن وَقَتَادَة قسما وَاجِبا وروى عَن ابْن مَسْعُود
والثانى هَذَا الحَدِيث فقد فهم الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم الْقسم مِنْهُ وَقَول الأزهرى وَأَصله من قَوْلهم ضَربته تحليلا إِلَى قَوْله جعله فى وعيده كحالف مِمَّا يدل على مَا ذَكرْنَاهُ فَإِنَّهُ لَو لم يقدر أَنه حَالف مَا صَحَّ شىء مِمَّا ذكرنَا
ذهب أَبُو عبيد إِلَى أَن من طلقت فى طهر وجامعها فِيهِ زَوجهَا لَا تنقضى عدتهَا إِلَّا بالطعن فى الْحَيْضَة الرَّابِعَة وَجعله الجيلى فى شرح التَّنْبِيه مَذْهَبنَا وَهُوَ خلاف نَص الْمُخْتَصر وتصريح الْأَصْحَاب
قَالَ ابْن الرّفْعَة وَلَعَلَّ الجيلى اعْتقد أَبَا عبيد من أَصْحَابنَا فاقتصر على حِكَايَة مذْهبه
قلت هَذَا كَلَام عَجِيب أَبُو عبيد لَا ريب فى أَنه من أَصْحَابنَا وَلَكِن ذَلِك لَا يسوغ حِكَايَة قَوْله مذهبا لنا مَعَ تَصْرِيح الْمَذْهَب بِخِلَافِهِ
قَالَ أَبُو عبيد فى قَول الشَّاعِر
(فَإِن أدع اللواتى من أنَاس
…
أضاعوهن لَا أدع الذينا)
الذى هُنَا لَا صلَة لَهَا وَالْمعْنَى إِن أدع ذكر النِّسَاء لَا أدع ذكر الرِّجَال
قلت هَذَا الْبَيْت للكميت وَهُوَ شَاهد ذكر الْمَوْصُول بِغَيْر صلَة لقَرِينَة
قَالَ أَبُو عبيد فى معنى قَول الشماخ
(وَمَاء قد وَردت لوصل أروى
…
عَلَيْهِ الطير كالورق اللجين)
(ذعرت بِهِ القطا ونفيت عَنهُ
…
مقَام الذِّئْب كَالرّجلِ اللعين)
إِن فيهمَا تَقْدِيمًا وتأخيرا وَالتَّقْدِير فى الأول وَمَاء كالورق اللجين عَلَيْهِ الطير واللجين الذى قد ضرب حَتَّى تلجن وَالتَّقْدِير فى الثانى مقَام الذِّئْب اللعين كَالرّجلِ انْتهى
ذكره فى كِتَابه فى معانى الشّعْر
قلت فَجعل ورقه كالورق صفة لماء فَيكون قد فصل بَين الْمَوْصُوف وَالصّفة بمتعلق رب المحذوفة وَهُوَ قَوْله وَردت وَعَلِيهِ الطير جملَة وهى صفة ثَانِيَة مؤخرة عَن الصّفة الْوَاقِعَة ظرفا وَهَكَذَا أصل الْكَلَام
وَيجوز أَن يكون المَاء مَوْصُوفا بِثَلَاث صِفَات هَاتين الصفتين وَقَوله قد وَردت وَيكون مُتَعَلق رب إِنَّمَا هُوَ قَوْله ذعرت بِهِ القطا وَلَا يَأْبَى هَذَا الْوَجْه قَول أَبى عبيد وَيكون إِنَّمَا قدر قَوْله كالورق مقدما ليعلمك أَنه من صلَة مَاء لِأَن مَا قبله غير صفة
وَقَوله حَتَّى تلجن أى حَتَّى تلزج وَمِنْه قَوْلهم لجنت الخطمى وَنَحْوه إِذا ضَربته ليثخن وتلجن رَأسه إِذا لم ينق وسخه