الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الزعفرانى سَأَلت يحيى بن معِين عَن الشافعى فَقَالَ لَو كَانَ الْكَذِب لَهُ مُنْطَلقًا لمنعته مِنْهُ مروءته
وروى الْحَافِظ أَبُو الْحسن بن حمكان أَن الزعفرانى قَالَ قَالَ الشافعى فى الرافضى يحضر الْوَقْعَة لَا يعْطى من الفىء شَيْئا لِأَن الله تَعَالَى ذكر آيَة الفىء ثمَّ قَالَ {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} الْآيَة فَمن لم يقل بهَا لم يسْتَحق
25 - الْحُسَيْن بن على بن يزِيد أَبُو على الكرابيسى
كَانَ إِمَامًا جَلِيلًا جَامعا بَين الْفِقْه والْحَدِيث
تفقه أَولا على مَذْهَب أهل الرأى ثمَّ تفقه للشافعى
وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَمن يزِيد بن هَارُون وَإِسْحَاق الْأَزْرَق وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَغَيرهم
روى عَنهُ عبيد بن مُحَمَّد بن خلف الْبَزَّار وَمُحَمّد بن على فستقة
وَله مصنفات كَثِيرَة وَقد أجَازه الشافعى كتب الزعفرانى
وَذَلِكَ فِيمَا أخبرنَا بِهِ يحيى بن يُوسُف بن المصرى قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة عَن عبد الْوَهَّاب بن رواج أَن الْحَافِظ أَبَا طَاهِر السلفى أخبرهُ سَمَاعا عَلَيْهِ قَالَ أخبرنَا الْمُبَارك بن عبد الْجَبَّار أخبرنَا على بن أَحْمد القالى أخبرنَا أَبُو عبد الله أَحْمد بن إِسْحَاق بن خربَان النهاوندى القاضى أخبرنَا الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الرامهرمزى حَدثنَا الساجى حَدثنَا دَاوُد الأصبهانى قَالَ قَالَ لى حُسَيْن الكرابيسى لما قدم الشافعى يعْنى إِلَى بَغْدَاد قَدمته فَقلت لَهُ أتأذن لى أَن أَقرَأ عَلَيْك الْكتب فَأبى وَقَالَ خُذ كتب الزعفرانى فقد أجزتها لَك فأخذتها إجَازَة
قَالَ الْخَطِيب حَدِيث الكرابيسى يعز جدا وَذَلِكَ أَن أَحْمد بن حَنْبَل كَانَ يتَكَلَّم فِيهِ بِسَبَب مَسْأَلَة اللَّفْظ وَهُوَ أَيْضا كَانَ يتَكَلَّم فى أَحْمد فتجنب النَّاس الْأَخْذ عَنهُ لهَذَا السَّبَب
قلت كَانَ أَبُو على الكرابيسى من متكلمى أهل السّنة أستاذا فى علم الْكَلَام كَمَا هُوَ أستاذ فى الحَدِيث وَالْفِقْه وَله كتاب فى المقالات
قَالَ أَيْضا الْخَطِيب وَالِد الإِمَام فَخر الدّين فى كتاب غَايَة المرام على كِتَابه فى المقالات معول الْمُتَكَلِّمين فى معرفَة مَذَاهِب الْخَوَارِج وَسَائِر أهل الْأَهْوَاء
قلت والمروى أَنه قيل للكرابيسى مَا تَقول فى الْقُرْآن قَالَ كَلَام الله غير مَخْلُوق فَقَالَ لَهُ السَّائِل فَمَا تَقول فى لفظى بِالْقُرْآنِ فَقَالَ لفظك بِهِ مَخْلُوق
فَمضى السَّائِل إِلَى أَحْمد بن حَنْبَل فشرح لَهُ مَا جرى فَقَالَ هَذِه بِدعَة
والذى عندنَا أَن أَحْمد رضى الله عَنهُ أَشَارَ بقوله هَذِه بِدعَة إِلَى الْجَواب عَن مَسْأَلَة اللَّفْظ إِذْ لَيست مِمَّا يعْنى الْمَرْء وخوض الْمَرْء فِيمَا لَا يعنيه من علم الْكَلَام بِدعَة فَكَانَ السُّكُوت عَن الْكَلَام فِيهِ أجمل وَأولى وَلَا يظنّ بِأَحْمَد رضى الله عَنهُ أَنه يدعى أَن اللَّفْظ الْخَارِج
من بَين الشفتين قديم ومقالة الْحُسَيْن هَذِه قد نقل مثلهَا عَن البخارى والْحَارث بن أَسد المحاسبى وَمُحَمّد بن نصر المروزى وَغَيرهم وستكون لنا عودة فى تَرْجَمَة البخارى إِلَى الْكَلَام فى ذَلِك
وَنقل أَن أَحْمد لما قَالَ هَذِه بِدعَة رَجَعَ السَّائِل إِلَى الْحُسَيْن فَقَالَ لَهُ تلفظك بِالْقُرْآنِ غير مَخْلُوق فَعَاد إِلَى أَحْمد فَعرفهُ مقَالَة الْحُسَيْن ثَانِيًا فَأنْكر أَحْمد أَيْضا ذَلِك وَقَالَ هَذِه أَيْضا بِدعَة
وَهَذَا يدلك على مَا نقُوله من أَن أَحْمد إِنَّمَا أَشَارَ بقوله هَذِه بِدعَة إِلَى الْكَلَام فى أصل الْمَسْأَلَة وَإِلَّا فَكيف يُنكر إِثْبَات الشئ ونفيه فَافْهَم مَا قُلْنَاهُ فَهُوَ الْحق إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَبِمَا قَالَ أَحْمد نقُول فَنَقُول الصَّوَاب عدم الْكَلَام فى الْمَسْأَلَة رَأْسا مَا لم تدع إِلَى الْكَلَام حَاجَة ماسة وَمِمَّا يدلك أَيْضا على مَا نقُوله وَأَن السّلف لَا يُنكرُونَ أَن لفظنا حَادث وَأَن سكوتهم إِنَّمَا هُوَ عَن الْكَلَام فى ذَلِك لَا عَن اعْتِقَاده أَن الروَاة رووا أَن الْحُسَيْن بلغه كَلَام أَحْمد فِيهِ فَقَالَ لأقولن مقَالَة حَتَّى يَقُول أَحْمد بِخِلَافِهَا فيكفر فَقَالَ لفظى بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق
وَهَذِه الْحِكَايَة قد ذكرهَا كثير من الْحَنَابِلَة وَذكرهَا شَيخنَا الذهبى فى تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد وفى تَرْجَمَة الكرابيسى فَانْظُر إِلَى قَول الكرابيسى فِيهَا إِن مخالفها يكفر وَالْإِمَام أَحْمد فِيمَا نعتقده لم يُخَالِفهَا وَإِنَّمَا أنكر أَن يتَكَلَّم فى ذَلِك
فَإِذا تَأَمَّلت مَا سطرناه وَنظرت قَول شَيخنَا فى غير مَوضِع من تَارِيخه إِن مَسْأَلَة اللَّفْظ مِمَّا يرجع إِلَى قَول جهم عرفت أَن الرجل لَا يدرى فى هَذِه المضايق مَا يَقُول وَقد أَكثر هُوَ وَأَصْحَابه من ذكر جهم بن صَفْوَان وَلَيْسَ قصدهم إِلَّا جعل الأشاعرة الَّذين قدر الله لقدرهم أَن يكون مَرْفُوعا وللزومهم للسّنة أَن يكون مَجْزُومًا بِهِ ومقطوعا فرقة جهمية