الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذهب حَرْمَلَة فِيمَن رهن عينا عِنْد من هى عِنْده بوديعة أَو نَحْوهَا أَنه لَا حَاجَة إِلَى مضى زمَان يَتَأَتَّى فِيهِ صُورَة الْقَبْض
وَقَضِيَّة كَلَام الْمُهَذّب والتتمة أَنه قَالَ نقلا عَن الشافعى لَا مذهبا لنَفسِهِ لَكِن صرح الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَجَمَاعَة كَمَا ذكر النووى أَنه إِنَّمَا قَالَ مذهبا لنَفسِهِ لَا نقلا
ثمَّ جعل النووى الْمَسْأَلَة ذَات وَجْهَيْن كَقَوْل حَرْمَلَة فَإِنَّهُ وَإِن لم يَنْقُلهُ فَهُوَ صَاحب وَجه هَذَا بعد قَوْله نبهت على كَونه إِنَّمَا قَالَه مذهبا لنَفسِهِ لِئَلَّا يُغير بِهِ
وَلَك أَن تَقول إِثْبَات كَونه وَجها يستدعى أَن يكون قَالَه تخريجا على أصل الشافعى وَإِلَّا فقد ينْفَرد حَرْمَلَة فى بعض الْمسَائِل وَيخرج عَن الْمَذْهَب تأصيلا وتفريعا كَمَا قد يفعل ذَلِك المزنى وَغَيره فى بعض الْأَحَايِين
قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد فى الرونق والمحاملى فى اللّبَاب كِلَاهُمَا فى كتاب الْأَشْرِبَة قَالَ فى حَرْمَلَة إِذا وجد مَاء طَاهِرا أَو مَاء نجسا وَاحْتَاجَ إِلَى الطَّهَارَة تَوَضَّأ بالطاهر وَشرب النَّجس
قلت وَهُوَ مَا ذكره أَبُو على الزجاجى والماوردى وَغَيرهمَا لَكِن أنكرهُ الشاشى وَاخْتَارَ أَنه يشرب الطَّاهِر وَتيَمّم وَصَححهُ النووى لكنى مَا أَظُنهُ اطلع على مَا فِي حَرْمَلَة فَلَعَلَّهُ لَو اطلع عَلَيْهِ لوقف عَن تَصْحِيح شرب الطَّاهِر على أَن مَا صَححهُ هُوَ الذى يظْهر إِن كَانَ النَّجس مِمَّا يعاف اسْتِعْمَاله 132
28 - الرّبيع بن سُلَيْمَان بن دَاوُد الجيزى أَبُو مُحَمَّد الأزدى مَوْلَاهُم المصرى الْأَعْرَج وَقيل ابْن الْأَعْرَج
كَانَ رجلا فَقِيها صَالحا
روى عَن الشافعى وَعبد الله بن وهب وَإِسْحَاق بن وهب وَعبد الله بن يُوسُف وَغَيرهم
روى عَنهُ أَبُو دَاوُد والنسائى وَأَبُو بكر بن أَبى دَاوُد وَأَبُو جَعْفَر الطحاوى وَغَيرهم
توفى فى ذى الْحجَّة سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة سبع وَخمسين
وَهُوَ الذى روى عَن الشافعى أَن قِرَاءَة الْقُرْآن بالألحان مَكْرُوهَة
وَأَن الشّعْر بعد الْمَمَات يتبع الذَّات قِيَاسا على حَال الْحَيَاة يعْنى أَنه يطهر بالدباغ
29 - الرّبيع بن سُلَيْمَان بن عبد الْجَبَّار بن كَامِل المرادى مَوْلَاهُم الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْمُؤَذّن
صَاحب الشافعى وراوية كتبه والثقة الثبت فِيمَا يرويهِ حَتَّى لقد تعَارض هُوَ وَأَبُو إِبْرَاهِيم المزنى فى رِوَايَة فَقدم الْأَصْحَاب رِوَايَته مَعَ علو قدر أَبى إِبْرَاهِيم علما ودينا وجلالة وموافقة مَا رَوَاهُ للقواعد
أَلا ترى أَن أَبَا إِبْرَاهِيم روى لفظا أَن الشافعى رضى الله عَنهُ قَالَ وَلَو كَانَ العَبْد مَجْنُونا عتق بأَدَاء الْكِتَابَة وَلَا يرجع أَحدهمَا على صَاحبه بشئ وَهَذَا هُوَ الْقيَاس فَإِن الْمَجْنُون وَقت العقد لَا يَصح عقد الْكِتَابَة مَعَه وَمَا هُوَ إِلَّا تَعْلِيق مَحْض فَيعتق بِوُجُود الصّفة وَلَا يُرَاجع بِالْقيمَةِ وَهَذَا هُوَ الذى يُفْتى بِهِ مذهبا
وروى الرّبيع هَذِه الصُّورَة بِهَذِهِ اللَّفْظَة وَقَالَ يتراجعان بِالْقيمَةِ وَهَذَا يتَضَمَّن كَون الْكِتَابَة الْجَارِيَة مَعَ الْمَجْنُون كِتَابَة فَاسِدَة يتَعَلَّق بهَا التراجع عِنْد حُصُول الْعتْق وَهَذَا على نِهَايَة الْإِشْكَال فَإِن الْمَجْنُون وَهُوَ الْمَجْنُون لَا عبارَة لَهُ
ثمَّ قَالَ ابْن سُرَيج فِيمَا نَقله الصيدلانى وجماعات الصَّحِيح مَا نَقله الرّبيع قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَقد ظهر عندنَا أَن ابْن سُرَيج لم يصحح مَا رَوَاهُ الرّبيع فقها وَلكنه رَآهُ أوثق فى النَّقْل
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الصَّحِيح مَا نقل المزنى
قَالَ الْمُحَقِّقُونَ من أَئِمَّتنَا وَمرَاده أَن رِوَايَة المزنى هى الصَّحِيحَة فقها لَا نقلا فَلَا تعَارض بَين مَا صَححهُ أَبُو إِسْحَاق وَمَا صَححهُ ابْن سُرَيج
وَقد خرج من هَذَا مَا هُوَ مَوضِع حاجتنا من علو قدر الرّبيع فِيمَا يرويهِ
ولد الرّبيع سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة
واتصل بِخِدْمَة الشافعى وَحمل عَنهُ الْكثير وَحدث عَنهُ بِهِ وَعَن عبد الله بن وهب وَعبد الله بن يُوسُف التنيسى وَأَيوب بن سُوَيْد الرملى وَيحيى بن حسان وَأسد بن مُوسَى وَجَمَاعَة
روى عَنهُ أَبُو دَاوُد والنسائى وَابْن ماجة وَأَبُو زرْعَة الرازى وَأَبُو حَاتِم وَابْنه عبد الرَّحْمَن وزَكَرِيا الساجى وَأَبُو جَعْفَر الطحاوى وَأَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد
ابْن زِيَاد النيسابورى وَالْحسن بن حبيب الحصائرى وَابْن صاعد وَأَبُو الْعَبَّاس الْأَصَم وَآخَرُونَ آخِرهم أَبُو الفوارس السندى وروى عَنهُ الترمذى بِالْإِجَازَةِ
ولد سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة
وَكَانَ مُؤذنًا بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع بفسطاط مصر الْمَعْرُوف الْيَوْم بِجَامِع عَمْرو بن الْعَاصِ
وَكَانَ يقْرَأ بالألحان وَكَانَ الشافعى يُحِبهُ وَقَالَ لَهُ يَوْمًا مَا أحبك إِلَى وَقَالَ مَا خدمنى أحد قطّ مَا خدمنى الرّبيع بن سُلَيْمَان
وَقَالَ لَهُ يَوْمًا يَا ربيع لَو أمكننى أَن أطعمك الْعلم لأطعمتك
وَقَالَ الْقفال فى فَتَاوِيهِ كَانَ الرّبيع بطئ الْفَهم فكرر الشافعى عَلَيْهِ مَسْأَلَة وَاحِدَة أَرْبَعِينَ مرّة فَلم يفهم وَقَامَ من الْمجْلس حَيَاء فَدَعَاهُ الشافعى فى خلْوَة وَكرر عَلَيْهِ حَتَّى فهم
وَكَانَت الرحلة فى كتب الشافعى إِلَيْهِ من الْآفَاق نَحْو مائتى رجل وَقد كاشفه الشافعى بذلك حَيْثُ يَقُول لَهُ فِيمَا روى عَنهُ أَنْت راوية كتبى
وَمن شعر الرّبيع
(صبرا جميلا مَا أسْرع الفرجا
…
من صدق الله فى الْأُمُور نجا)
(من خشى الله لم ينله أَذَى
…
وَمن رجا الله كَانَ حَيْثُ رجا)
وَقيل كَانَت فِيهِ سَلامَة صدر وغفلة
قلت إِلَّا أَنَّهَا باتفاقهم لم تَنْتَهِ بِهِ إِلَى التَّوَقُّف فى قبُول رِوَايَته بل هُوَ ثِقَة ثَبت خرج إِمَام الْأَئِمَّة ابْن خُزَيْمَة حَدِيثه فى // صَحِيحه // وَكَذَلِكَ ابْن حبَان وَالْحَاكِم
قَالَ ابْن أَبى حَاتِم سمعنَا مِنْهُ وَهُوَ صَدُوق وَسُئِلَ أَبى عَنهُ فَقَالَ صَدُوق انْتهى
وَقَالَ الْخَلِيل فى الْإِرْشَاد ثِقَة // مُتَّفق عَلَيْهِ //
قَالَ الطحاوى مَاتَ الرّبيع بن سُلَيْمَان مُؤذن جَامع الْفسْطَاط يَوْم الِاثْنَيْنِ وَدفن يَوْم الثُّلَاثَاء لإحدى وَعشْرين لَيْلَة خلت من شَوَّال سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وَصلى عَلَيْهِ الْأَمِير خمارويه بن أَحْمد بن طولون