الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتمت الْهوى حَتَّى أضرّ بك الكتم
…
ولامك أَقوام ولومهم ظلم)
(ونم عَلَيْك الكاشحون وَقَبله
…
عَلَيْك الْهوى قد نم لَو ينفع النم)
(وزادك إغراء بهَا طول هجرها
…
عَلَيْك وأبلى لحم أعظمك الْهم)
(أَلا مَا لنَفس لَا تَمُوت فينقضى
…
عناها وَلَا تحيى حَيَاة لَهَا طعم)
(تجنبت إتْيَان الحبيب تأثما
…
أَلا إِن هجران الحبيب هُوَ الْإِثْم)
(فذق هجرها قد كنت تزْعم أَنه
…
رشاد أَلا يَا رُبمَا كذب الزَّعْم)
قَالَ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذر سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول رَأَيْت سُفْيَان بْن عُيَيْنَة قَائِما عَلَى بَاب كتاب فَقلت مَا تعْمل قَالَ أحب أَن أسمع كَلَام رَبِّي من فِي هَذَا الْغُلَام
19 - إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مخلد بْن إِبْرَاهِيم بْن مطر الْحَنْظَلِي أَبُو يَعْقُوب المروزى ابْن رَاهَوَيْه
أحد أَئِمَّة الدّين وأعلام الْمُسلمين وَهُدَاة الْمُؤمنِينَ الْجَامِع بَين الْفِقْه والْحَدِيث والورع وَالتَّقوى نزيل نَيْسَابُورَ وعالمها
ولد سنة إِحْدَى وَقيل سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَة
وَسمع من عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارك سنة بضع وَسبعين فَترك الرِّوَايَة عَنهُ لكَونه لم يتَيَقَّن الْأَخْذ عَنهُ
وارتحل فِي طلب الْعلم سنة أَربع وَثَمَانِينَ
وَسمع قبل الرحلة من ابْن الْمُبَارك كَمَا عرفت وَمن الْفضل الشَّيْبَانِيّ وَالنضْر بْن شُمَيْل وَأبي نميلَة يَحْيَى بْن وَاضح وَعمر بْن هَارُون
وَسمع فِي الرحلة من جرير بْن عَبْد الحميد وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة وَعبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي وفضيل بْن عِيَاض ومعتمر بْن سُلَيْمَان وَابْن علية وَبَقِيَّة بْن الْوَلِيد وَحَفْص بْن غياث وَعبد الرَّحْمَن بْن مهْدي وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ والْوَلِيد بْن مُسلم وَعبد الْعَزِيز بْن عَبْد الصَّمد الْعمي وأسباط بْن مُحَمَّد وحاتم ابْن إِسْمَاعِيل وعتاب بْن بشير الْجَزرِي وغندر وَعبد الرَّزَّاق وَأبي بكر بْن عَيَّاش وَخلق سواهُم
رَوَى عَنهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وأَحْمَد بْن حَنْبَل وَيحيى بْن معِين ومُحَمَّد بْن يَحْيَى الذهلي وَإِسْحَاق الكوسج والْحَسَن بْن سُفْيَان ومُحَمَّد بْن نصر الْمروزِي وَيحيى بْن آدم وَهُوَ من شُيُوخه وأَحْمَد بْن سَلمَة وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالب ومُوسَى بْن هَارُون وجعفر الْفرْيَابِيّ وَإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم النَّيْسَابُورِي البشتي وَعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن شيرويه وَابْنه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه وَخلق آخِرهم أَبُو الْعَبَّاس السراج
قَالَ عَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه ولد أَبِي من بطن أمه مثقوب الْأُذُنَيْنِ فَمضى جدي رَاهَوَيْه إِلَى الْفضل بْن مُوسَى فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ يكون ابْنك رَأْسا إِمَّا فِي الْخَيْر وَإِمَّا فِي الشَّرّ
وَقَالَ أَحْمَد بْن سَلمَة سَمِعت إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم يَقُول قَالَ لي عَبْد اللَّه بْن طَاهِر
لم قِيلَ لَك ابْن رَاهَوَيْه وَمَا معنى هَذَا وَهل تكره أَن يُقَال لَك هَذَا فَقلت إِن أَبِي ولد بطرِيق مَكَّة وَقَالَت المراوزة رَاهَوَيْه بِأَنَّهُ ولد فِي الطَّرِيق وَكَانَ أَبِي يكره هَذَا وَأما أَنا فلست أكرهه
قَالَ نعيم بْن حَمَّاد إِذا رَأَيْت الْخُرَاسَانِي يتَكَلَّم فِي إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه فاتهمه فِي دينه
قلت إِنَّمَا قيد الْكَلَام بالخراساني لِأَن أهل إقليم الْمَرْء هم الَّذين بِحَيْثُ لَو كَانَ فِيهِ كَلَام لتكلموا فِيهِ فَكَأَنَّهُ يَقُول من تكلم فِيهِ من أهل إقليمه فَهُوَ مُتَّهم بِالْكَذِبِ لِأَنَّهُ لَا يتَكَلَّم بِحَق لبراءته مِمَّا يشينه فِي دينه
وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل لم يعبر الجسر إِلَى خُرَاسَان مثل إِسْحَاق
وَقَالَ ابْن عدي ركب إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه دين فَخرج من مرو وَجَاء نَيْسَابُورَ فَكلم أَصْحَاب الحَدِيث يَحْيَى بْن يحيى فِي أَمر إِسْحَاق فَقَالَ مَا تُرِيدُونَ قَالُوا تكْتب إِلَى عَبْد اللَّه بْن طَاهِر رقْعَة وَكَانَ عَبْد اللَّه أَمِير خُرَاسَان وَكَانَ بِنَيْسَابُورَ فَقَالَ يَحْيَى مَا كتبت إِلَيْهِ قطّ فألحوا عَلَيْهِ فَكتب فِي رقْعَة إِلَى عَبْد اللَّه بْن طَاهِر أَبُو يَعْقُوب إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم رجل من أهل الْعلم وَالصَّلَاح فَحمل إِسْحَاق الرقعة إِلَى عَبْد اللَّه بْن طَاهِر فَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَاب قَالَ للحاجب معي رقْعَة يَحْيَى بْن يَحْيَى إِلَى الْأَمِير فَدخل الْحَاجِب فَقَالَ لَهُ رجل بِالْبَابِ زعم أَن مَعَه رقْعَة يَحْيَى بْن يَحْيَى إِلَى الْأَمِير فَقَالَ يَحْيَى بْن يَحْيَى قَالَ نعم قَالَ أدخلهُ فَدخل إِسْحَاق وناوله الرقعة فَأَخذهَا عَبْد اللَّه وَقبلهَا وأقعد إِسْحَاق بجنبه وَقضى دينه ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وصيره من ندمائه
قلت انْظُر مَا كَانَ أعظم أهل الْعلم عِنْد الْأُمَرَاء وَانْظُر مَا أدنى هَذِهِ الْكَلِمَة وأقصر هَذِهِ الرقعة وَمَا ترَتّب عَلَيْهَا من الْخَيْر وَمَا ذَلِك إِلَّا لحسن اعْتِقَاد ذَلِك الْأَمِير وصيانة أهل الْعلم أَيْضًا وَالنَّاس بزمانهم أشبه مِنْهُم بآبائهم
وَقَالَ مُحَمَّد بْن أسلم الطوسي حِين مَاتَ إِسْحَاق مَا أعلم أحدا كَانَ أخْشَى لله من إِسْحَاق يَقُول اللَّه {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ من عباده الْعلمَاء} وَكَانَ أعلم النَّاس
قلت كَأَن مُحَمَّد بْن أسلم يركب هَذَا من الضَّرْب الأول من الشكل الأول فِي الْمنطق فَإِنَّهُ ينْحل إِلَى قَوْلك كَانَ ابْن رَاهَوَيْه أعلم النَّاس وكل من كَانَ أعلم النَّاس كَانَ أخْشَى النَّاس ينْتج كَانَ إِسْحَاق أخْشَى النَّاس والمقدمة الصُّغْرَى يَنْبَغِي أَن تكون مُحَققَة بِاتِّفَاق أَو غَيره فَكَأَن كَونه كَانَ أعلم النَّاس أَمر مفروغ مِنْهُ حَتَّى استنتج مِنْهُ أخْشَى النَّاس
قَالَ مُحَمَّد بْن أسلم وَلَو كَانَ الثَّوْريّ فِي الْحَيَاة لاحتاج إِلَى إِسْحَاق
وَقَالَ الدَّارمِيّ سَاد إِسْحَاق أهل الْمشرق وَالْمغْرب بصدقه
وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل وَذكر إِسْحَاق لَا أعرف لَهُ بالعراق نظيرا
وَقَالَ مرّة وَقد سُئِلَ عَنهُ مثل إِسْحَاق يسْأَل عَنهُ إِسْحَاق عندنَا إِمَام
وَقَالَ النَّسَائِيّ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه أحد الْأَئِمَّة ثِقَة مَأْمُون سَمِعت سَعِيد بْن ذُؤَيْب يَقُول مَا أعلم عَلَى وَجه الأَرْض مثل إِسْحَاق
وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة وَالله لَو كَانَ إِسْحَاق فِي التَّابِعين لأقروا لَهُ بحفظه وَعلمه وفقهه
وَقَالَ عَلِيّ بْن خشرم حَدثنَا ابْن فُضَيْل عَن ابْن شبْرمَة عَن الشّعبِيّ قَالَ مَا كتبت سَوْدَاء فِي بَيْضَاء إِلَى يومي هَذَا وَلَا حَدَّثَنِي رجل بِحَدِيث قطّ إِلَّا حفظته فَحدثت بِهَذَا إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه فَقَالَ تعجب من هَذَا قلت نعم قَالَ مَا كنت أسمع شَيْئا إِلَّا حفظته وَكَأَنِّي أنظر إِلَى سبعين ألف حَدِيث أَو قَالَ أَكثر من سبعين ألف حَدِيث فِي كتبي
وَقَالَ أَبُو دَاوُد الْخفاف سَمِعت إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه يَقُول لكَأَنِّي أنظر إِلَى مائَة ألف حَدِيث فِي كتبي وَثَلَاثِينَ ألفا أسردها
قَالَ وأملى علينا إِسْحَاق أحد عشر ألف حَدِيث من حفظه ثمَّ قَرَأَهَا علينا فَمَا زَاد حرفا وَلَا نقص حرفا
وَعَن إِسْحَاق مَا سَمِعت شَيْئا إِلَّا وحفظته وَلَا حفظت شَيْئا قطّ فَنسيته
وَقَالَ أَبُو يزِيد مُحَمَّد بْن يَحْيَى سَمِعت إِسْحَاق يَقُول أحفظ سبعين ألف حَدِيث عَن ظهر قلبِي
وَقَالَ أَحْمَد بْن سَلمَة سَمِعت أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ يَقُول ذكرت لأبي زرْعَة إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه وَحفظه فَقَالَ أَبُو زرْعَة مَا روى أحفظ من إِسْحَاق
قَالَ أَبُو حَاتِم وَالْعجب من إتقانه وسلامته من الْغَلَط مَعَ مَا رزق من الْحِفْظ
قَالَ فَقلت لأبي حَاتِم إِنَّه أمْلى التَّفْسِير عَن ظهر قلبه فَقَالَ أَبُو حَاتِم وَهَذَا أعجب فَإِن ضبط الْأَحَادِيث المسندة أسهل وأهون من ضبط أَسَانِيد التَّفْسِير وألفاظها
وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَهَّاب كنت مَعَ يَحْيَى بْن يَحْيَى وَإِسْحَاق نعود مَرِيضا فَلَمَّا حاذينا الْبَاب تَأَخّر إِسْحَاق وَقَالَ ليحيى تقدم فَقَالَ يَحْيَى لإسحاق بل أَنْت تقدم فَقَالَ يَا أَبَا زَكَرِيَّا أَنْت أكبر مني قَالَ نعم أَنا أكبر مِنْك وَلَكِنَّك أعلم مني قَالَ فَتقدم إِسْحَاق
وَقَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بْن النَّضر الجارودي حَدثنَا شَيخنَا وَكَبِيرنَا وَمن تعلمنا مِنْهُ وتجملنا بِهِ أَبُو يَعْقُوب إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم رضي الله عنه
وَقَالَ الْحَاكِم هُوَ إِمَام عصره فِي الْحِفْظ وَالْفَتْوَى
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ جمع بَين الحَدِيث وَالْفِقْه والورع
وَقَالَ الخليلي فِي الْإِرْشَاد كَانَ يُسمى شهنشاه الحَدِيث
وَقَالَ أَحْمَد بْن سَعِيد الرباطي فِي إِسْحَاق
(قربي إِلَى اللَّه دَعَاني إِلَى
…
حب أَبِي يَعْقُوب إِسْحَاق)
(لم يَجْعَل الْقُرْآن خلقا كَمَا
…
قد قَالَه زنديق فساق)
(يَا حجَّة اللَّه عَلَى خلقه
…
فِي سنة الماضين للْبَاقِي)
(أَبوك إِبْرَاهِيم مَحْض التقى
…
سباق مجد وَابْن سباق)
قَالَ أَبُو يحيى الشعراني إِن إِسْحَاق كَانَ يخضب بالحنا
قَالَ وَمَا رَأَيْت بِيَدِهِ كتابا قطّ إِنَّمَا كَانَ يحدث من حفظه
وَقَالَ وَكنت إِذا ذاكرت إِسْحَاق فِي الْعلم وجدته فَردا فَإِذا جِئْت إِلَى أَمر الدُّنْيَا وجدته لَا رَأْي لَهُ
توفّي إِسْحَاق لَيْلَة نصف شعْبَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
قَالَ البُخَارِيّ وَله سبع وَسَبْعُونَ سنة
قَالَ الْخَطِيب فَهَذَا يدل أَن مولده سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ
وَفِي لَيْلَة مَوته يَقُول الشَّاعِر
(يَا هدة مَا هددنا لَيْلَة الْأَحَد
…
فِي نصف شعْبَان لَا تنسى مدى الْأَبَد)
قَالَ أَبُو عَمْرو الْمُسْتَمْلِي النَّيْسَابُورِي أَخْبرنِي عَلِيّ بْن سَلمَة الْكَرَابِيسِي وَهُوَ من الصَّالِحين قَالَ رَأَيْت لَيْلَة مَاتَ إِسْحَاق الْحَنْظَلِي كَأَن قمرا ارْتَفع من الأَرْض إِلَى السَّمَاء من سكَّة إِسْحَاق ثمَّ نزل فَسقط فِي الْموضع الَّذِي دفن فِيهِ إِسْحَاق قَالَ وَلم أشعر بِمَوْتِهِ فَلَمَّا غَدَوْت إِذا بحفار يحْفر قبر إِسْحَاق فِي الْموضع الَّذِي رَأَيْت الْقَمَر وَقع فِيهِ
قَالَ الْحَاكِم أَبُو عَبْد اللَّه إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه وَابْن الْمُبَارك ومُحَمَّد بْن يَحْيَى هَؤُلَاءِ دفنُوا كتبهمْ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُسْنِدُ إِذْنًا خَاصًّا أَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلانَ أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكِنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا الْخَطِيبُ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ رَامِينَ الإِسْتَرَابَاذِيُّ الْقَاضِي أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارٍ الإِسْتَرَابَاذِيُّ حَدثنَا