الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت وعاش ابْنه أَبُو المضا مُحَمَّد بعده ثَلَاث سِنِين
وَلَهُم شيخ آخر يُقَال لَهُ الرّبيع بن سُلَيْمَان مَاتَ سنة ثَلَاث وَسبعين نبهنا عَلَيْهِ لِئَلَّا يشْتَبه
وَهَذِه نخب وفوائد عَن الرّبيع رحمه الله
قَالَ أَبُو عَاصِم روى الرّبيع عَن الشافعى أَنه قَالَ فى الْأكل أَرْبَعَة أَشْيَاء فرض وَأَرْبَعَة سنة وَأَرْبَعَة أدب أما الْفَرْض فَغسل الْيَدَيْنِ والقصعة والسكين والمغرفة وَالسّنة الْجُلُوس على الرجل الْيُسْرَى وتصغير اللقم والمضغ الشَّديد ولعق الْأَصَابِع وَالْأَدب أَن لَا تمد يدك حَتَّى يمد من هُوَ أكبر مِنْك وتأكل مِمَّا يليك وَقلة النّظر فى وُجُوه النَّاس وَقلة الْكَلَام
قَالَ الرّبيع دخلت على الشافعى وَهُوَ مَرِيض فَقلت قوى الله ضعفك فَقَالَ لَو قوى ضعفى قتلنى قلت وَالله مَا أردْت إِلَّا الْخَيْر قَالَ أعلم أَنَّك لَو شتمتنى لم ترد إِلَّا الْخَيْر
وفى رِوَايَة قل قوى الله قوتك وَضعف ضعفك
قلت أما قد جَاءَ فى أدعية النبى صلى الله عليه وسلم (وقو فى رضاك ضعفى)
وَعَن حُبَيْش بن مُبشر حضرت مَجْلِسا بالعراق فِيهِ الشافعى فَجرى ذكر مَا يحل وَيحرم من حَيَوَان الْبَحْر فتقلد الشافعى مَذْهَب ابْن أَبى ليلى أَنه يحل كل مَا فى الْبَحْر حَتَّى الضفدع والسرطان إِلَّا شَيْئا فِيهِ سم فَتكلم فَحسن كَلَامه
قَالَ الرّبيع فعلقته وعرضته عَلَيْهِ فَاسْتَحْسَنَهُ وَاخْتَارَهُ
قلت هُوَ قَول للشافعى شهير وَقد نسبه الشَّيْخ أَبُو عَاصِم إِلَى رِوَايَة الرّبيع
وروى أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الأسدى فى كِتَابه فى مَنَاقِب الشافعى أَن الرّبيع قَالَ كَانَ الشافعى لَا يرى الْإِجَازَة فى الحَدِيث وَأَنه قَالَ أَنا أُخَالِف الشافعى فى هَذَا
قَالَ الرّبيع سَمِعت الشافعى يَقُول من استغضب فَلم يغْضب فَهُوَ حمَار وَمن اسْترْضى فَلم يرض فَهُوَ لئيم وفى لفظ شَيْطَان وَمن ذكر فَلم ينزجر فَهُوَ محروم وَمن تعرض لما لَا يعنيه فَهُوَ الملوم
قَالَ الرّبيع سَمِعت الشافعى يَقُول مَا حَلَفت بِاللَّه صَادِقا وَلَا كَاذِبًا جادا وَلَا هازلا
قلت روى هَذَا عَن الشافعى جماعات من أَصْحَابه الرّبيع وحرملة وَغَيرهمَا وَقد قَالَ الرّبيع سَمِعت الشافعى يَقُول وَالله الذى لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَو علمت أَنه شرب المَاء الْبَارِد ينقص مروءتى مَا شربته
قَالَ الرّبيع سَمِعت الشافعى يَقُول أَنْفَع الذَّخَائِر التَّقْوَى وأضرها الْعدوان
قَالَ وسمعته يَقُول لَا خير لَك فى صُحْبَة من تحْتَاج إِلَى مداراته
قَالَ الرّبيع قَالَ الشافعى فى قَوْله تَعَالَى {أيحسب الْإِنْسَان أَن يتْرك سدى} لم يخْتَلف أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ فِيمَا علمت أَن السدى الذى لَا يُؤمر وَلَا ينْهَى
قلت وَكَذَلِكَ ذكره رضى الله عَنهُ فى الرسَالَة قرأته على الشَّيْخ الإِمَام كَذَلِك فى درس الغزالية
قَالَ الرّبيع سُئِلَ الشافعى عَن الرّقية فَقَالَ لَا بَأْس أَن يرقى بِكِتَاب الله أَو ذكر الله جلّ ثَنَاؤُهُ
فَقلت أيرقى أهل الْكتاب الْمُسلمين فَقَالَ نعم إِذا رقوا بِمَا يعرف من كتاب الله أَو ذكر الله
فَقلت وَمَا الْحجَّة فى ذَلِك
فَقَالَ غير حجَّة فَأَما رِوَايَة صاحبنا وصاحبكم فَإِن مَالِكًا أخبرنَا عَن يحيى ابْن سعيد عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا بكر دخل على عَائِشَة وهى تشتكى وَيَهُودِيَّة ترقيها فَقَالَ أَبُو بكر ارقيها بِكِتَاب الله
فَقلت للشافعى إِنَّا نكره رقية أهل الْكتاب
فَقَالَ وَلم وَأَنْتُم تروون هَذَا عَن أَبى بكر وَلَا أعلمكُم تروون هَذَا عَن غَيره من أَصْحَاب النبى صلى الله عليه وسلم خِلَافه وَقد أحل الله طَعَام أهل الْكتاب ونساءهم وأحسب الرّقية إِذا رقوا بِكِتَاب الله مثل هَذَا أَو أخف
قلت روى ذَلِك الْحَاكِم فى مَنَاقِب الشافعى عَن الْأَصَم عَن الرّبيع وأظن السَّائِل والمناظر للشافعى فى ذَلِك مُحَمَّد بن الْحسن
وَقد تضمن أَن قَول الصحابى إِذا لم يعرف لَهُ مُخَالف حجَّة عِنْد من لَا يرَاهُ حجَّة إِذا خَالفه غَيره
وَنَظِيره ذكر الرّبيع أَيْضا مناظرة الشافعى مَعَ مُحَمَّد بن الْحسن فى زَكَاة مَال الْيَتِيم وَقَول الشافعى فى أثْنَاء كَلَامه إِلَّا أَن أصل مَذْهَبنَا ومذهبك أَنا لَا نخالف الْوَاحِد من أَصْحَاب النبى صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَن يُخَالِفهُ غَيره مِنْهُم فى مناظرة طَوِيلَة فى الْمَسْأَلَة
وَذكر الرّبيع مناظرته أَيْضا مَعَ مُحَمَّد بن الْحسن فى الْمُدبر وفيهَا قَول الشافعى لمُحَمد بن الْحسن هَل لَك أَن تَقول على غير أصل أَو قِيَاس على أصل قَالَ لَا
قلت فَالْأَصْل كتاب الله أَو سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو قَول بعض أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو إِجْمَاع النَّاس فى مناظرة طَوِيلَة قَالَ الشافعى فى آخرهَا فَرجع مُحَمَّد إِلَى قَوْلنَا فى بيع الْمُدبر
قَالَ الرّبيع قَالَ الشافعى قلت لمُحَمد بن الْحسن لم زعمت أَنه إِذا أَدخل يَده فى الْإِنَاء بنية الْوضُوء ينجس المَاء وأحسب لَو قَالَ هَذَا غَيْركُمْ لقلتم عَنهُ إِنَّه مَجْنُون
فَقَالَ لقد سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول قَول الْحِجَازِيِّينَ فى المَاء أحسن من قَوْلنَا وَقَوْلنَا فِيهِ خطأ
قلت فَأَقَامَ عَلَيْهِ قَالَ قد رَجَعَ إِلَى قَوْلكُم نَحوا من شَهْرَيْن ثمَّ رَجَعَ
قلت مَا زَاد رُجُوعه إِلَى قَوْلنَا قُوَّة وَلَا وهنه رُجُوعه عَنهُ
قَالَ الرّبيع سَمِعت الشافعى يَقُول وَسَأَلَهُ رجل عَن مَسْأَلَة فَقَالَ يرْوى عَن النبى صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ السَّائِل يَا أَبَا عبد الله أَتَقول بِهَذَا فارتعد الشافعى واصفر وَحَال لَونه وَقَالَ وَيحك أى أَرض تقلنى وأى سَمَاء تظلنى إِذا رويت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَيْئا فَلم أقل بِهِ نعم على الرَّأْس وَالْعين
وفى لفظ مَتى رويت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَدِيثا وَلم آخذ بِهِ فأشهدكم أَن عقلى قد ذهب
وفى لفظ آخر رَوَاهُ الزعفرانى سَمِعت الشافعى يَقُول لمن قَالَ لَهُ أتأخذ بِهَذَا الحَدِيث ترانى فى بيعَة ترانى فى كَنِيسَة ترى على زى الْكفَّار هُوَ ذَا ترانى فى مَسْجِد الْمُسلمين على زى الْمُسلمين مُسْتَقْبل قبلتهم أروى حَدِيثا عَن النبى صلى الله عليه وسلم ثمَّ لَا أَقُول بِهِ
وَرَوَاهُ أَيْضا الحميدى وجماعات فَكَأَنَّهُ وَقع لَهُ مَرَّات رضى الله عَنهُ
قَالَ الرّبيع سَمِعت الشافعى يَقُول إِذا ضَاقَتْ الْأَشْيَاء اتسعت وَإِذا اتسعت ضَاقَتْ
قَالَ وسمعته يَقُول من صدق فى أخوة أَخِيه قبل علله وسد خلله وَعَفا عَن زلله
قَالَ وسمعته يَقُول الكيسى الْعَاقِل هُوَ الفطن المتغافل
وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة فِيمَا ذكره البيهقى سَمِعت الرّبيع يَقُول سَمِعت الشافعى يَقُول أكره أَن يَقُول أعظم الله أجرك يعْنى فى الْمُصَاب لِأَن مَعْنَاهُ أَكثر الله مصائبك ليعظم أجرك
قلت لنا فى هَذَا من الْبَحْث كَمَا قدمْنَاهُ فى قوى الله ضعفك فكلاهما فى السّنة